على الرغم من معرفة غالبيتنا الجيّدة بمن يكون برنارد أرنو (Bernard Arnault) -قطب الموضة- الذي يترأس مجموعة مُوِي هِينيسِي لويس فيتون (Moët Hennessy Louis Vuitton)، إلا أن قِلَّةً قليلةً تعرف الحجم الحقيقيّ لثروته. ويُذكر أنه في وقتٍ سابقٍ من العام الجاري وتحديداً في شهر نيسان/أبريل، تجاوز صافي قيمة ثروة أرنو علامة 240 مليار دولار، ليصبحَ أغنى شخصٍ في العالم بلا منازع. فيما تراجعت قيمة ثروته -في لحظة كتابة هذه المقالة- إلى حوالي 184.7 مليار دولار، ليحتلَّ المرتبة الثانية مباشرةً بعد أغنى رجلٍ في العالم حالياً وهو الملياردير إيلون ماسك (Elon Musk).
ويُعرف أرنو بأنه قطب الموضة الفرنسية، ويُطلق عليه البعض ألقاباً عديدةً مثل: “بابا الموضة” و”الذئب في معطف الكشمير”، كما أنه يشتهر بمجموعته الفنية الرائعة وحقيبته الاستثمارية المتنوّعة، ودوره الذي دام لعقود كرئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذيّ لأكبر تكتل علاماتٍ تجاريةٍ للأزياء في العالم.
في هذه المقالة، سنستكشف معاً رحلة قطب الموضة الفرنسية بدايةً من دخوله صناعة الأزياء إلى أن أصبح أحد أغنى أغنياء العالم.
توزيع صافي قيمة ثروة برنارد أرنو:
لم يعلن برنارد أرنو عن صافي قيمة ثروته أو يعطي تفاصيل عنها. لذلك، لا يمكننا سوى تقديرها بناءً على حِصَصِه في ملكية الشركات المختلفة والأصول المعروفة.
الأصل | مساهمته في صافي قيمة الثروة |
حصّة في LVMH (عبرَ كريستيان ديور) | 41.4% – 154 مليار دولار |
استثماراتٌ في مشاريع مختلفة | غير محدّدة، ولكنها تتجاوز إجمالاً 3.4 مليار دولار |
الأصول العقارية | أكثر من 200 مليون دولار |
اليُخوت والطائرات الخاصّة | 190 مليون دولار |
المقتنيات الفنية | غير محدّدة، ولكنَّ قيمتها تزيد على الأرجح عن مليار دولار |
صافي قيمة الثروة | 187.7 مليار دولار |
حياته المبكّرة
ولد برنارد جان إتيان أرنو في الخامس من شهر آذار/مارس لعام 1949 في مدينة روبيه بفرنسا لعائلةٍ ميسورة الحال معظم أفرادها من روّاد الأعمال. وكان والده جان ليون أرنو (Jean Leon Arnault) يمتلك شركة هندسةٍ مدنيةٍ تسمّى Ferret-Savinel.
التحق أرنو بمدرسة ماكسنس فان دير ميرش الثانوية (Maxence Van Der Meerch) في مسقط رأسه روبيه، ليحصل لاحقاً على شهادة في الهندسة من جامعة البوليتكنيك المرموقة (Ecole Polytechnique University) عام 1971.
وعقبَ تخرّجه من الجامعة، عمل أرنو في البداية كمهندسٍ في شركة والده، ليصبحَ رئيساً للشركة عام 1978 مُعيداً تسميتها إلى Ferinel Inc. وعندها أدرك أن الهندسة ليست مجال شغفه الحقيقيّ في الحياة، وأن اهتماماته لن تساعده على تطوير الشركة وازدهارها، ليقوم بتغيير مسار الشركة وبيع الجانب الخاص بعمليات الإنشاء محوّلاً تركيزه إلى العقارات، وكانت هذه الخطوة ناجحةً بشكلٍ ملحوظٍ حيث وفّرت له الأموال اللازمة لتوسيع الشركة، لتبدأ بذلك رحلته في عالم الموضة ووضع حجر الأساس لمجموعة LVMH.
واليوم، تتقاسمَ عائلة أرنو الثروة بما في ذلك هيلين ميرسييه (Helene Mercier) -زوجته الثانية- وأطفاله الخمسة العاملين جميعاً في مجموعة LVMH بمناصبَ مختلفة.
صافي قيمة ثروة أرنو؛ كيف صنع “بابا الموضة” ثروته؟
يشغل برنارد أرنو -البالغ من العمر 75 عاماً- منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذيّ لشركة مويت هينيسي لويس فيتون (LVMH) منذ 34 عاماً، ولديه حصّةٌ نسبتها 97.5% في شركة كريستيان ديور (Christian Dior). والآن دعونا نستكشف كيف نجَحَ قطب الموضة في صناعة ثروته الضخمة؟
المليارات الأولى من ثروة أرنو
بدأت مسيرة أرنو الناجحة لأن يصبح مليارديراً بعد نجاحه بتحويل شركة عائلته إلى شركة عقاراتٍ قويّة، حيث ظهرَ لأوّلِ مرّة في قائمة فوربس لأصحاب المليارات عام 1997، أي قبل بلوغه سن الخمسين وبعد ثماني سنوات من استحواذه على مجموعة LVMH. وحينها، كان صافي قيمة ثروته يقدّر بنحو 3.6 مليار دولار، والآن هو ثاني أغنى أغنياء العالم، ولعلكم تتساءلون كيف نجَح بتحقيق هذا؟
بدأ كلُّ شيءٍ في سيّارة أجرة داخل الولايات المتحدة، عندما أصيب أرنو بالذهول ما إن سمع سائق سيارة الأجرة يتحدّث عن العلامة التجارية الفاخرة الفرنسية كريستيان ديور، ليقول أن هذه اللحظة كانت الدافع وراء قيامه بعملية الاستحواذ على ديور، حيث اشترى شركة Boussac -الشركة الأم لكريستيان ديور- عام 1984، فيما تعدّدت الأقاويل حول المبلغ الذي أنفقه على عملية الشراء؛ إذ يقول الكثيرون إنه أخذ 15 مليون دولار من شركة Ferinel Inc، بينما يقول آخرون إنه تمكن من شرائها مقابل فرنكٍ فرنسيٍّ واحد.
وأخذ أرنو على الفور بالتخّلص من جميع الفروع غير المفيدة لشركة النسيج المتعثّرة -وهو أمرٌ غير معتاد في ذلك الوقت خاصّةً في أوروبا- وأكسبَه أسلوبه العدوانيّ في إدارة الشركات خلال تلك الفترة -قامَ بتسريح 9,000 موظّفٍ في Boussac خلال عامين فقط- لقبَ “المدمّر”.
بالإضافة إلى ذلك، أخذ أرنو بجمع أسهم LVMH -وهو أمرٌ كان غير شائع آنذاك- إلى أن تمَّ دمج Moët Hennessy وLouis Vuitton في مجموعة LVMH عام 1987.
وكان هنري راكامييه (Henry Racamier) -رئيس لويس فيتون- قد طلبَ من أرنو الاستثمار في شركته والمساعدة في طرد شريكه التجاريّ الجديد ألين شيفيلييه (Alain Chevalier) -الرئيس التنفيذيّ لشركة مويت هينيسي- فيما قرّر أرنو بدلاً من ذلك طرد الاثنين معاً.
وبحلول نهاية عام 1989، أنفق أرنو أكثرَ من 2.6 مليار دولار لشراء ما يكفي من أسهم الشركة ليصبح أكبرَ مساهميها. وبفضل هذه القوى الجديدة، فقد أصبحَ أرنو الرئيس التنفيذيّ ورئيس مجلس إدارة الشركة، لتساعد براعة أرنو في الإدارة وحسمَه في القيادة الشركة لتصبح إحدى كبريات الشركات وأكثرها ربحيّةً عالمياً. وبحلول عام 1997، نما تكتل الموضة الفاخرة لتبلغ إيراداته السنويّة 6 مليارات دولار.
قيادة أرنو وتوسّعه داخل سوق الموضة
بعد انضمام أرنو كرئيسٍ تنفيذيٍّ لمجموعة LVMH، لم يضيّع الرجل وقتاً ليبدأ من فوره بالعمل على تطويرها، ومع كلِّ عملية استحواذٍ ركَّزَ على احتفاظِهِ بالاسم والهويّة الفريدة للعلامات التجارية التي تعمل جميعها تحت مظلة LVMH. والآن، دعونا نلقي نظرةً على الجدول الزمنيّ لانضمام أبرز العلامات التجارية تحت مظلة مجموعة LVMH:
جيفنشي (Givenchy)
بعد مرور عام واحد فقط على الاندماج آنفِ الذكر، انضمّت شركة Givenchy -علامةٌ تجاريةٌ أخرى ذات وزنٍ ثقيلٍ في صناعة الأزياء- إلى مجموعة LVMH عام 1988. وكانت شركة Givenchy قد تأسّست عام 1952 لتحتلَّ مكانةً رائدةً بين شركات الأزياء العالمية وتشتهر بفستانها الأسود الصغير الأيقونيّ الذي ارتدته الممثلة هيبورن في فيلم “Breakfast at Tiffany’s”.
سلين (Céline)
تأسست شركة Celine عام 1494 في باريس، وتشتهر بتقديم مجموعةٍ واسعةٍ من منتجات الأزياء التي تتراوح من الملابس إلى الأحذية والإكسسوارات، ليستحوذ عليها أرنو عام 1996 مقابلَ حوالي 540 مليون دولار.
مارك جايكوب (Marc Jacobs)
في تلك المرحلة، كان عالمُ الموضة قد اعترف بحضور أرنو القويّ داخل قطاع الأزياء من خلال شرائه أسهمَ العلامات التجارية الرائجة. وفي عام 1997، امتلكت مجموعته LVMH بالفعل غالبيّة أسهم العلامة التجارية الشهيرة Marc Jacobs التي تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها.
سيفورا (Sephora)
في تموز/يوليو عام 1997، قامت مجموعة LVMH بصفقة استحواذ ضخمةٍ أخرى، حيث اشترت عملاق مستحضرات التجميل الفرنسي Sephora مقابل 262 مليون دولار، لتصبح Sephora منذ ذلك الحين إحدى أكبر نجاحات LVMH.
فيندي (Fendi)
أثبتت العلامة التجارية الإيطالية Fendi حضورها القويَّ في روما منذ عام 1925. وفي عام 2001، امتلكت شركتا LVMH وPrada حصّةً كبيرةً في أسهم شركة Fendi، وفي كانون الأول/ ديسمبر 2001، اشترت شركة أرنو حصصاً في ملكية شركة Prada، ما زاد حصّتها في تابعتها Fendi إلى 51%.
كريستيان ديور (Christian Dior)
تمتلك شركة LVMH غالبية أسهم شركة Dior منذ شرائها كجزء من صفقة Boussac. وفي عام 2017، قامت LVMH بتوحيد حيازاتها في علامة الأزياء الراقية -التي تتخذ من باريس مقراً لها- في صفقةٍ بقيمة 13.1 مليار دولار، حيث اشترت الأسهم المتبقية من المساهمين.
تيفاني وشركاؤها (Tiffany & Co)
كادت شركة LVMH أن تفشل في الاستحواذ على شركة “”Tiffany & Co -الشركة الأمريكية العملاقة في مجال صناعة المجوهرات- بسبب جائحة كورونا التي تسبَّبت بخسائرَ ضخمةٍ لسوق الأسهم الأمريكية. لكن لحسن الحظ، قامت Tiffany بمقاضاة الشركة الفرنسيّة العملاقة LVMH لإكمال الصفقة.
وفي نهاية المطاف، وافقت LVMH على شراء جميع أسهم نظيرتها Tiffany مقابلَ 15.8 مليار دولار. وتبيّن -فيما بعد- أنها كانت إحدى أفضل القرارات الاستثمارية التي اتخذها أرنو، حيث أصبحت Tiffany على الفور ثانية أكبر علامةٍ تجاريةٍ تحت مظلة مجموعة LVMH لتستمرَّ بتحقيق إيراداتٍ مذهلة. وتُعَد العلامات التجارية المذكورة أعلاه مجرَّدَ نسبةٍ قليلةٍ من كبريات الشركات التي تعمل تحت مظلة LVMH، لكنّها تظهر الذكاء التجاريَّ المذهل لأرنو وعقليته التحليلية الثاقبة.
عمليات الاستحواذ الفاشلة لشركة LVMH
نمت مجموعة LVMH لتتحوّل إلى تكتّلٍ عالميّ، لكنّ الرحلة لم تكن سلسةً على الدوام، فقد أثبتت بعض عمليات الاستحواذ التي شرّعت بها الشركة أنّها صعبةٌ للغاية. وكان الاستحواذان الفاشلان الأبرز لمجموعة LVMH وأرنو هما Gucci وHermes.
ففي عام 2001، شرع رجل الأعمال الفرنسي بشراء أسهمٍ في شركة Gucci. ونظراً لسمعته كرجل أعمال لا يرحم في عالم الموضة، علمت Gucci على الفور بخطته، لتسارع بعرض بيع الشركة إلى مجموعة LVMH مقابلَ 85 مليون دولار حيث رفضَ أرنو العرض، لكنّ هذا أعطى جوتشي (Gucci) الوقت اللازم لاتخاذ إجراء قانونيٍّ والتحالف مع فرانسوا بينو (رئيس مجلس إدارة شركة كيرينغ)، ليشتري بينو حصة أرنو في شركة Gucci على مدى عامين.
وفي نفس العام، بدأ أرنو بشراء أسهم في شركة هيرمس (Hermes)، لكنّه اتخذ خطواتٍ متباطئةً على مدار عقد كامل، ربّما في محاولةٍ منه لإبقاء طموحاته في الاستحواذ طيَّ الكتمان. وفي عام 2010، أعلنت مجموعة LVMH عن تملكها لحصّةٍ نسبتها 14.2% في نظيرتها Hermes، إلا أن هيرميس رأت أن أرنو استخدم ممارساتٍ مشبوهةً للاستحواذ على هذه الأسهم، ما نتج عنه نزاعاتٌ قانونيةٌ وشكاوى جنائيةٌ، وأتى الرد الصادم من باتريك توماس (Patrick Thomas) الرئيس التنفيذيّ لشركة هيرميس وكان مفاده: “إذا كنت تريد إغواء امرأة جميلة، فلا تبدأ باغتصابها”.
وفي عام 2014، انتهت المعركة القانونية الشرسة بين الشركتين عندما تخلى أرنو عن معظم حصّته في شركة هيرميس؛ وأثبتت هاتان المحاولتان الفاشلتان أنه حتى أعظم رجال الأعمال في العالم قد يتعرّض لانتكاساتٍ ولا يحصل على ما يريد في كلِّ مرّة.
قصّة تطوّر ثروة أرنو
حافظ أرنو على مكانته ضمن المراكز الأولى في قائمة أغنى أغنياء العالم على مرّ السنين وخاصّة خلال العقدين 2010 و2020، وسنسرد فيما يلي جدولاً زمنياً لنشأة ثروته وتناميها:
عام 2012:
ارتفع صافي ثروة أرنو إلى حوالي 41 مليار دولار لتجعله رابع أغنى شخصٍ في العالم وأغنى رجلٍ في فرنسا.
عام 2013:
انخفضت ثروة أرنو لتبلغ 29 مليار دولار إثرَ مخاوفَ تتعلق بحصّته من الأسهم، ليتراجعَ مركزه في قائمة أغنى أغنياء العالم وصولاً إلى المرتبة العاشرة؛ وتُعتبر تلك الفترة عصيبةً بالنسبة لأرنو بسبب ردّة الفعل العنيفة لعامّة الشعب إثرَ تقدمه بطلب للحصول على الجنسية البلجيكية، حيث اعتقد المواطنون أنها محاولةٌ منه لتجنب السياسات الضريبيّة الفرنسية، ليقوم في نهاية الأمر بسحب طلبه للحصول على الجنسية البلجيكية.
عام 2018:
بلغ صافي ثروة أرنو 72 مليار دولار لتجعله رابع أغنى شخصٍ في العالم وأغنى شخصٍ في أوروبا.
عام 2019:
في شهر تموز/يوليو من ذلك العام، وصلت ثروة أرنو إلى 107 مليون دولار لتجعله ثاني أغنى شخصٍ في العالم، وأعلن في تلك الفترة عن نيته إنفاق 16 مليون دولار لشراء شركة تيفاني آند كو، وتُعَد عملية الاستحواذ هذه إحدى أكبر عمليات الاستحواذ في تاريخ العلامات التجارية الفاخرة حتى يومنا هذا، لتولّد علامة تيفاني حالياً جزءاً كبيراً من إيرادات شركة LVMH.
عام 2021:
كانت جائحة كوفيد-19 بمثابة نعمةٍ للعلامات التجارية الفاخرة، حيث ارتفع صافي ثروة أرنو بشكلٍ كبيرٍ خلال عام 2021، ما وضعه في المركز الثالث ضمن قائمة فوربس لأغنى أغنياء العالم بصافي ثروة تبلغ قيمتها 150 مليار دولار؛ وبحلول شهر أيار/مايو من نفس العام، أصبح أرنو أغنى شخصٍ في العالم بفضل ارتفاع قيمة أسهم شركة LVMH بنسبة 86% ليبلغ صافي ثروته 186 مليار دولار.
عام 2022:
شهد هذا العام انخفاض سعر أسهم إيلون ماسك -أغنى شخصٍ في العالم اليوم- في شركة تسلا بنسبة 57% ليصل صافي ثروته إلى 185.3 مليار دولار، ما جعل أرنو مجدّداً أغنى رجل في العالم بصافي ثروة يبلغ 185.4 مليار دولار.
عام 2023:
في بداية عام 2023، أعلنت مجموعة LVMH عن أرباح وإيراداتٍ قياسيّةٍ، ليرتفعَ سعر سهمها بنسبة 65% منذ عام 2022، ولتزداد ثروة أرنو الشخصيّة بالمليارات لتبلغ قرابة 211 مليار دولار، ما جعله ثالث شخصٍ في التاريخ تتجاوز ثروته حاجز الـ 200 مليار دولار ويصبحَ بمصافِّ ماسك وبيزوس.
صافي ثروة برنارد أرنو اليوم
احتدمت المنافسة على لقب أغنى شخصٍ في العالم بين أرنو وماسك على مدار غالبية عام 2023، ففي أواخر شهر نيسان/أبريل، احتل أرنو المركز الأول في القائمة بثروة بلغت 241.1 مليار دولار مقارنةً بثروة ماسك البالغة 167.4 مليار دولار.
ونظراً لأن مصدر ثروتيهما يأتي غالباً من حِصَصِهما في أسهم شركاتهما -مثل LVMH وتسلا- فإن صافي ثروتيهما يتقلب بشكلٍ كبير. ففي وقت كتابة هذا التقرير، يحتل إيلون ماسك المركز الأول ويحتل أرنو المركز الثاني، ولكنّ هذا الترتيب قد يتغيّر في أيِّ لحظةٍ بالنظر إلى مجريات السنوات القليلة الماضية.
استثمارات أغنى شخصٍ في العالم
دعونا نلقي نظرةً على الحقيبة الاستثماريّة لعملاق العلامات التجارية الفاخرة:
الاستثمارات في الشركات والمشاريع الأخرى
بالطبع، تشكّل أسهم مجموعة LVMH النسبة الأكبر في استثمارات أرنو، إلا أنه لطالما قامَ بالاستثمار بعدد لا بأسَ به من الشركات والأصول الأخرى، وحالياً يستثمر بعدد من الشركات التي تُدِرُّ له دخلاً، بالإضافة إلى كونِه عضوَ مجلس إدارة في شركة Devialet ومديراً تنفيذياً في Algae Ventures ورئيسَ مجلس الإدارة في شركة Groupe Arnault S.E.
ويجب التنويه هنا أنه يشارك ثروته الصافية مع عائلته نظراً لأن جزءاً منها يعود إلى شركة العائلة Groupe Arnault S.E التي يديرها أرنو شخصياً، وهي شركةٌ استثماريةٌ كبرى تمتلك أسهماً في شركاتٍ مختلفةٍ من أبرزها:
- شركة Medigo: التي تبلغ قيمتها السوقية 8 مليون دولار وفقاً لأحدث البيانات.
- شركة Spotify: بقيمةٍ سوقيةٍ إجماليةٍ تبلغ 1 مليار دولار وفقاً لأحدث البيانات.
- شركة Ledger: التي تبلغ قيمتها السوقية 4 مليار دولار وفقاً لأحدث البيانات.
- شركة ClueApp: التي تبلغ قيمتها السوقية 66 مليون دولار وفقاً لأحدث البيانات.
- شركة Wiz: التي تبلغ قيمتها السوقية 300 مليون دولار وفقاً لأحدث البيانات.
- شركة Netflix: التي تبلغ قيمتها السوقية 168 مليار دولار وفقاً لأحدث البيانات.
الاستثمارات الفنية
يُعرَف أرنو بكونه جامعَ أعمالٍ فنيةٍ مشهوراً، وتتضمّن مقتنياته الفنية الخاصّة باقةً مختلطةً من القطع الفنية التي تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات، بما في ذلك أعمالٌ فنيةٌ من “تاكاشي موراكامي، وإيف كلاين، وكلاود مونيه، وبيكاسو، وكريس بوردو، وريتشارد سيرا، وأندي وارهول”؛ وقادت المجموعة الفنية لهيلين وبرنارد إلى تصنيفِهِ حالياً ضمن أفضل 200 جامع للأعمال الفنية عالمياً.
كما يُعد أرنو راعياً قويّاً للفنون، ويستخدم مجموعة LVMH كوسيلةٍ لدعم الفنانين والمنظمات الفنية. فعلى سبيل المثال، قامَ بتوظيف تاكاشي موراكامي لتصميم حقائب اليد في شركته Louis Vuitton، كما قام بتوظيف جيف كونز لتصميم إصدارٍ مميّزٍ من زجاجات Dom Perignon.
جديرٌ بالذكر أنّ أحداً لا يعرِف القيمة الدقيقة لمجموعة أرنو الفنيّة، إلا أنها تُعَد أكبرَ استثماراتهِ بعد حصّته في أسهم مجموعته LVMH.
العقارات
يمتلك أرنو فنادق وعقاراتٍ مختلفةً حول العالم، وأشهرها القصر الضخم ذو الواجهة البحرية في سان تروبيه بفرنسا، كما يمتلك عقاراتٍ في لوس أنجلوس الأمريكية تزيد قيمتها على 100 مليون دولار.
لكنّ الأمرَ لا يقتصر على البيوت الفاخرة والفنادق فقط، حيث يُقال إن أرنو يمتلك جزيرةً خاصّةً مساحتها 13 هكتاراً في جزر البهاما اسمها إنديجو، ويقوم بتأجيرها كمنتجعٍ بتكلفةٍ أسبوعيةٍ تُقارب الـ 300,000$.
كما تمتلك مجموعة LVMH فنادق فاخرةً مثل مجموعة فنادق Cheval Blanc وBelmond، حيث تمتلك أكثرَ من 46 فندق Belmond حول العالم.
اليخوت والطائرات الخاصّة
يمتلك الملياردير العديد من اليخوت، بما في ذلك يخته الفاخر المسمّى Symphony. وقد امتلك سابقاً يخت Amadeus الذي تم إنشاؤه عام 1969 واستضافَ العديد من الشخصيات البارزة مثل نجم الروك بونو ورئيس وزراء المملكة المتحدة توني بلير، لكنّه قام ببيعه عام 2015؛ وتصل قيمة يخته الفاخرSymphony إلى 150 مليون دولار ويمكنه استضافة 36 شخصاً، كما يمتلك أرنو طائرةً خاصّةً من طراز Dassault Falcon 7X تزيد قيمتها على 40 مليون دولار.
الخمور والمشروبات الروحية
تمتلك مجموعة LVMH ما عدده 23 شركةً لصناعة أفخر أنواع الكونياك والشمبانيا والنبيذ من أبرزها كروج وهينيسي وشاتو ديجويم ومونيه وشوندون.
استثماراتٌ أخرى
علاوةً على كلِّ ما سبق، يُقال إن أرنو يمتلك مجموعةً سريّةً من الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) لم يتم الكشف عن قيمتها، كما يمتلك العديد من العقارات الأخرى وطائرةً خاصّةً يستخدمها للسفر حول العالم.
ماهي الدروس المستخلصة من قصة نجاح برنارد أرنو؟
تقدم رحلة نجاح برنارد أرنو عدداً لا يحصى من اللحظات والموضوعات المُلهمة، وقد يكون حزمه هو الدرس الأعظم، فقد اتخذ قرار شراء شركة “بوساك” بلحظةٍ خلال حديثه مع سائق سيّارة أجرة، ووضعه هذا القرار على الطريق الصحيح ليصبحَ أحد أغنى الشخصيّات عالمياً، ما يعلّمنا ضرورة تحلي أصحاب المشاريع وروّاد الأعمال بالقدرة على اتخاذ قراراتٍ فارقةٍ عند إيمانهم بعظمة الفكرة.
كما تُشير قدرته على رعاية الإبداع إلى إمكانية اتخاذ طريقٍ فريد وتحقيق نجاحٍ هائلٍ رغم ذلك، ولا ينطبق الأمر فقط على السلع الفاخرة أو عالم الفن، إذ يُعَد الإبداع ضرورياً لبناء مشروع ناجح في مختلف المجالات.
وأخيراً، تؤكد قصة أرنو على أهمية المثابرة في مواجهة التحديات الكبيرة، فعندما واجه مشاكل في الاستحواذ على شركتي “هيرميس وغوتشي”، لم يدَع ذلك يقفُ في طريقه، وتابع القيام بعمليات استحواذ هائلة النجاح على مدى سنواتٍ عديدة.