تتزايد المخاوف من أن يوشك الارتفاع المتواصل لأسواق الأسهم الأمريكية على بلوغ مستوياتٍ لا يمكن الحفاظ عليها، مع إطلاق خبراء كثرٍ تحذيراتٍ بشأن التقييمات المرتفعة للأسهم وسلوك اتباع العامة لموجة الارتفاعات دون حذر (وهو ما يعرف بسلوك القطيع)، وهما العاملان اللذان يمكنهما التعجيل بوقوع تراجعاتٍ حادة تضرب الأسواق. وقد تصاعدت هذه المخاوف -بشكلٍ خاصٍّ- يوم أمس الخميس مع انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز (S&P 500) بنسبة 1.5% خلال ساعتين فقط بعد الافتتاح على ارتفاعٍ بنسبة 1.1%.
والآن، دعونا نلقي نظرةً على ما يقوله كبار المحللين حول الوضع الحالي لسوق الأسهم الأمريكية ونبحث احتمالات حدوث انهيارٍ أو -على الأقلّ- تصحيحٍ كبير.
التقييمات القياسية التاريخية تشير إلى وجود فقاعةٍ سعريةٍ توشك على الانفجار
تحدّث المستثمر المُخضرم جيريمي جرانثام (Jeremy Grantham) عن رأيه بصراحةٍ حينما عبّر عن اعتقاده بأن سوق الأسهم أصبح اليوم عبارةً عن “فقاعةٍ متضخّمةٍ” تُظهر علاماتٍ على قُرب وصولها إلى مرحلة “جنونٍ” تقترب ممّا كان عليه الحال مع أكبر الفقاعات المسجّلة تاريخياً، حيث يتم تداول مؤشر S&P 500 عند قيم ضمن أعلى 1% من المستويات التاريخية بناءً على معدل السعر إلى الربحية (Shiller P/E ratio).
ويدافع جرانثام عن وجهة نظره بقوله إن الظروف الحالية تتعارض تماماً مع الطريقة التي تبدأ بها الأسواق الصاعدة الكبرى عادةً بتقييماتٍ منخفضةٍ للأسهم، وهوامش ربحٍ ضيقةٍ، ومعدلات بطالةٍ مرتفعةٍ، محذّراً من أنّ الأسواق أصبحت معرَضةً “لخطرٍ مزدوج” مع احتمال انخفاض شديد لمعدل الربحية والتقييمات من المستويات المرتفعة الحالية.
واستدلَّ مؤرخ السوق على ذلك بأمثلةٍ سابقةٍ، منها ما حدَث في عامي 1929 و1999 عندما انتهت التقييمات المرتفعة للغاية خلال فترات الازدهار الاقتصادي “بشكلٍ سيّءٍ للغاية”، مشيراً إلى أن شركات التكنولوجيا العملاقة ذات رؤوس الأموال الضخمة اليوم يمكن أن تلاقي مصيراً مماثلاً لانهيار مجموعة “Nifty Fifty” خلال سبعينيات القرن الماضي.
تزاحمُ المتداولين يرفع مخاطر وقوع “انهيار مفاجئ”
يرى كبير خبراء الأسهم لدى مؤسسة جيه بي مورجان (JP Morgan) -دوبرافكو لاكوس بوجاس (Dubravko Lakos-Bujas)- أيضاً علاماتٍ غيرَ مبشّرة في تركيز المستثمرين الشديد على تخصيص معظم استثماراتهم في عددٍ قليلٍ من عمالقة شركات قطاع التكنولوجيا، مُحذّراً من أن سلوك التزاحم هذا يمهّد الطريق لإمكانية حدوث “انهيارٍ مفاجئٍ” لا يكون له سببٌ واضحٌ سوى خسارة قدر كبير من أموالهم بسبب افتتاحهم لصفقاتٍ متداخلة.
وأكد خبير السوق على ذلك بقوله: “قد لا يحتاج [الانهيار] إلى سببٍ مباشر، وربّما يحدث هذا يوماً ما فجأةً، لقد حدَث هذا في الماضي، وقد شهدنا انهياراتٍ مفاجئة”؛ فمن المحتمل أنه حتى الانخفاض الطفيف في نموّ الذكاء الصنعي التوليدي أو الحوسبة السحابية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى انهيار تقييمات كبريات الشركات.
وأضاف بوجاس أن التصحيحات الحادّة للأسواق تبعت الحالات الثلاث السابقة منذ عام 2008، عندما وصل التزاحم على الاستثمار إلى هذه المستويات القصوى، حين تترافق انعكاسات الزخم ذاتية الاندفاع مع اتجاه رؤوس الأموال للخروج بشكلٍ متزايد، وأضاف خبير الاستثمار محذراً: “… ونعرف ما يعقب ذلك، إذ يتزايد زخم التراجعات بشكلٍ متواصل” مثل كرة الثلج.
وحثّ الخبيرُ المستثمرين على تنويع أصولهم الاستثمارية بعيداً عن أسهم الشركات “السبعة الكبار” التي حققت لهم عوائد مجزيةً، وإلا فقد ينتهي بهم الأمر إلى تكبد خسائرَ عندما يحدث الانعكاس المحتوم للاتجاه الصاعد الحالي.
بالتوازي مع ذلك، يشير بول ديتريش (Paul Dietrich) -كبير خبراء الاستثمار لدى صندوق إدارة الثروات B. Riley Wealth- إلى ما يسميه حركة “الأموال الذكية”، ومنها قيام الملياردير جيف بيزوس ووارن بافيت ببيع ممتلكاتهم من الأسهم، في مؤشرٍ واضحٍ على أن ارتفاعات السوق تقترب من ذروتها.
ورغمَ أن بعض عمليات البيع تتم جدولتها مسبقاً، إلا أنه يرى أن هؤلاء المستثمرين -على الأرجح- “يعلمون أن قيمة أسهمهم مبالغٌ فيها تماماً، وأنهم إذا باعوا الآن، يمكنهم إعادة شرائها بسعرٍ أقلَّ كثيراً لاحقاً”.
ويضيف ديتريش بأن الوصول إلى التقييمات المبالغ فيها تاريخياً لأسعار الأسهم وفق مقاييسَ متعددةٍ وخروج خبراء الاستثمار بأموالهم من الاستثمارات وتحويلها إلى نقدٍ يشكلان دليلاً واضحاً على تكوّن “فقاعةٍ تاريخيةٍ هائلةٍ” تسبق “تصحيحاً سعرياً ضخماً”، محذراً من أن الوقت الحالي ليس مناسباً للمستثمرين لاستثمار أموالٍ جديدةٍ في السوق المحمومة.
كذلك صرّح ديتريش حول ذلك لموقع Yahoo Finance خلال مقابلةٍ أجريت معه مؤخراً بقوله: “من الصعب أن ننظر إلى كلّ ما يحدث ونقول إننا لا نرى تصحيحاً كبيراً قادماً، فالفترة الحالية ليست الوقت المناسب لاستثمار أموالٍ جديدة في السوق”.
الديون المفرطة والمخاطر المالية تلوح في الأفق
لا يركّز جميعُ المحللين على التقييمات المبالغ فيها وسلوك تزاحم المستثمرين باعتبارها مقدّمةً للانهيار. فعلى سبيل المثال، يزعم رون سورز (Ron Surz) -رئيس شركة PPCA- أن الزيادة البالغة 3.5 تريليون دولار في المعروض النقديّ للولايات المتحدة قد تتسبّب بتجدّد التضخم الناتج عن ارتفاع التكاليف بالإضافة إلى ضغوط الأسعار الحالية الناتجة عن زيادة الطلب، ومن المرجّح أن تُجبر حالةُ التضخم الخارج عن السيطرة الاحتياطيَّ الفيدراليَّ على الاستمرار بتأجيل خفض معدلات الفائدة، ما سيُلقي بظلاله السلبية على السوق لأشهر عديدة.
ويستشهد سورز بالخسائر التشغيلية الناتجة عن نهج الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم، ومخاطر إفلاس المزيد من البنوك، والتخلف عن سداد قروض تشييد وتجهيز المكاتب والمتاجر التي توقفت عن العمل. وفي المحصلة، يبدو أن اجتماع ضغوط النظامين الاقتصادي والمصرفيّ هو ما يدفع سورز إلى التحذير من كون المشكلة “عويصةً” بالنسبة للبنك المركزي الأمريكي مع “عدم وجود مخرج مناسب” منها، حسبَ وصفه.
وعلى نحوٍ مماثلٍ، سلطت هيئة الرقابة المالية التابعة لمكتب الموازنة الخاصّة بالكونجرس الأمريكي الضوءَ على الزيادة الهائلة و”غير المسبوقة” لديون الحكومة الأمريكية، والتي ترتفع حالياً بواقع تريليون دولار كلّ 100 يوم في ظلّ تجاهل الساسة لأيّ شكلٍ من أشكال الإصلاح المالي.
من ناحيته، حذّر لاري فينك (Larry Fink) -الرئيس التنفيذيّ لشركة بلاك روك (BlackRock)- من وقوع “سيناريو سيّئ يصبح فيه الاقتصاد الأميركي كنظيره الياباني أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، عندما تجاوز الدينُ العام الناتجَ المحلي الإجماليّ وأدى إلى فتراتٍ ممتدة من التقشّف والركود”.
في الواقع، لا ينبغي لنا بحالٍ من الأحوال أن نتجاهل الإشارة التحذيرية الصادرة عن رئيس الشركة التي تسيطر على جزءٍ كبير من أضخم الشركات الأمريكية من خلال الصناديق المتداوَلة في البورصة (ETFs) وغيرها من المنتجات الاستثمارية المماثلة.
مسؤول صندوق BMO: سوق الأسهم المتضخّمة يُعزى إلى الضجة المحيطة بالذكاء الصنعيّ والمراهنات على خفض الفيدرالي لمعدل الفائدة
يرى مدير إدارة الاستثمار لدى صندوق BMO لإدارة الثروات يونغ يو ما ((Yung-Yu Ma، أن ارتفاعات سوق الأسهم منذ مطلع العام الجاري اتّسمت بحالةٍ من الضبابية والتذبذب بين توقعات خفض الفيدرالي الأمريكي لمعدلات الفائدة والارتفاع المبالغ فيه لقيم أسهم الذكاء الصنعيّ والمرشّح للتراجع.
وذكرَ Yu Ma أن البيانات الأخيرة المتعلقة بأسعار النفط ومعدّل التضخم وزيادة الأجور لا تدعمُ -حتى الآن- توقعات خفض الفيدرالي لمعدلات الفائدة بشكلٍ مكثّفٍ كما تتوقع أسواق المال وتُضمِّنُها في تسعيرها، وأضافَ أنه في حال تمسك الفيدراليّ بسياسة تشديده النقديّ لفترة أطول، فقد يؤدي هذا إلى انهيار السيناريو “المثالي” الذي تُرجّحه الأسواق.
ويرى المحلل الإستراتيجي لدى صندوق BMO أن بيئة “تباين” الربحية في ظلّ تفوّق الشركات الرائدة -في الوقت الذي تُواجهُ فيه العديد من الشركات الأصغرِ حجماً تحدياتٍ تتمثل بارتفاع الأسعار والضغوط الاقتصادية- قد يترتب عليها في نهاية المطاف عوائدُ إجماليةٌ “ربّما لا تُذكر” عند عودة قيم الأسهم إلى مستويات التسعير الطبيعية.
الصدمات الجيوسياسيّة تتسبّب باختلال موازين السوق
سلط محللون آخرون الضوء على إمكانية تعرّض السوق لاضطراباتٍ عديدة كنتيجةٍ لصدماتٍ خارجيةٍ، في إشارة إلى تصاعد الصراعات الجيوسياسيّة كحرب روسيا وأوكرانيا التي اندلعت العام الماضي، والتي كشفت عن الكيفية التي يمكن فيها لشحّ المعروض أن يقلب موازين التوقعات المتعلقة بمعدلات التضخّم.
ومع استمرار النزاعات في غزة وأوكرانيا، بالإضافة إلى تصاعد أجواء التوتر بين الولايات المتحدة والصين، لا يمكن استبعاد تعرّض السلع لمزيد من الصدمات أو وقوع التجارة الدولية في مخاطرَ جمّة؛ إذ يمكن لأيّ من هذه الاضطرابات أن تجبرَ الاحتياطي الفيدرالي على العدول عن خطوة خفض معدل الفائدة المتوقعة، وبالتالي معاقبة الأسواق التي أخطأت عندما توقعت تباطؤ التضخّم بشكلٍ مستدام.
ولا يزال حدث الانتخابات الرئاسية الأمريكية المرتقب في تشرين الثاني/نوفمبر لعام 2024 ينذر بإثارة اضطراباتٍ غير متوقعةٍ إذا تم التشكيك في نتائجها، وما قد يترتب على ذلك من أزمةٍ داخل النظام السياسي للبلاد.
البيانات الاقتصادية القويّة تشير إلى عدم ترجيح احتمالية حدوث انهيار
بغضّ النظر عن التحذيرات المتكرّرة، لا يدعم جميع المحللين الاقتصاديين سيناريو الانهيار الوشيك لسوق الأسهم، بل يرى بعضهم أن مخزونات النقد الضخمة والميزانية العمومية للمستهلك تُعتبر أدلةً ملموسةً يمكنها التقليل من احتمالية حدوث انهيارٍ مماثلٍ لانهيار فقاعة الإنترنت.
يُذكر أن أرباح الشركات ما زالت مستقرّةً عند مستوياتٍ قياسيةٍ لا سيّما عمالقة شركات قطاع التكنولوجيا، إذ تشير توقعات الإيرادات لعام 2024 إلى نموٍّ قويّ بنسب تزيد على 10%. وعلى الرغم من تباطؤ الاقتصاد، إلا أنه لم يخضع إلى الظروف التي عادةً ما تسبق دورات السوق الهابطة كارتفاع معدّل البطالة.
من جانبه، ألمح هيو جونسون (Hugh Johnson) -الخبير لدى شركة Graypoint LLC- إلى أنه حتى مع تقييم الأسهم المبالغ في أسعارها، نادراً ما يتم تداول أيٍّ منها بقيم “عادلةٍ” ومثاليةٍ لفترة طويلةٍ قبل حدوث موجات ارتفاع أو انخفاض مفاجئة. أي بعبارة أخرى، عادةً ما تميل أسعار أسهم الشركات الكبرى إلى الاستقرار عند مستوياتٍ أعلى أو أدنى من قيمتها العادلة المقدّرة بغض النظر عن الاتجاه العام للسوق.
البقاء في المسار ذاته؟ المستشارون الماليون يحذرون من محاولة توقع موعد تغيّر الاتجاه
عند تقديم النصح للمستثمرين القلقين بشأن احتمالات انهيار السوق، يوصي خبراء الأسواق المُستثمرين -بشكلٍ عام- بالتمسّك بالمسار الممتد ذاته إلى جانب تبنّي إستراتيجية تنويع الأصول الاستثمارية بما يتماشى مع قدراتهم الفردية على تحمّل المخاطر، إذ يقول ميتش بودنميلر (Mitch Bodenmiller) -المستشار الماليّ لدى بوكينغهام أدفايزرز (Buckingham Advisors)- إن أكبر خطأ قد يرتكبه المستثمرون حالياً هو محاولة توقع موعد تغير الاتجاه العام مسبقاً.
وكان بودنميلر قد صرّح لوكالة US News هذا الأسبوع قائلاً: “تُعَد محاولة التنبؤ بموعد انعكاس مسار الأسواق من أعلى أو أدنى مستوياتها إحدى الأخطاء الأكثرَ شيوعاً لدى المستثمرين الأفراد، وقد يؤدي هذا -في معظم الأحيان- إلى عوائد أقلَّ بكثير من تلك التي يحققها المستثمرون الذين قاموا بتنويع أصولهم الاستثمارية على النحو الأمثل وتحلوا بالصبر لمواجهة تقلبات السوق قصيرة الأجل”.
كذلك يوصي آخرون بالإبقاء على اتباع المسار ذاته رغم التحذيرات المتزايدة من انهيار السوق، ويُذكّر Yu Ma المستثمرين بأن ارتفاعات السوق على مدى خمسة أشهر كان “استثناءً وليس القاعدة”، وقد يكون السبيل إلى المضيّ قدماً هو السماح بحدوث توازنٍ بين البيانات الأساسية والقيم المرتفعة بشكلٍ تدريجيّ.
كما لخّص جيم بيرد (Jim Baird) -أحد المستشارين الماليين لدى بلانت موران (Plante Moran Financial Advisors)- الأمر بقوله: “عند النظر إلى وضع السوق ككلّ، لا تبدو البيانات ضعيفةً بما يكفي لدفع صانعي السياسات النقدية لدى الاحتياطي الفيدرالي إلى تغيير موقفهم في المدى المنظور”. وطالما أن الاحتياطي الفيدرالي سيواصل تشديد سياسته النقدية، فإن الأسواق قد تتحرّك للأعلى أو تأخذ مساراً عرضياً للاحتفاظ بمكاسبها الأخيرة.
التاريخ يقدم القليل من الإرشادات لتوقع موعد انهيار السوق
يُشير بريت هاوس (Brett House) من كلية كولومبيا للأعمال إلى أن فقاعات سوق الأسهم تُعَد أمراً نادر الحدوث بخلاف فقاعة الإنترنت التي اجتاحت الأسواق عام 2000. كما حفّزت الصدمات الخارجية بعض الانهيارات الكبرى الأخرى، كتلك التي حدثت عامي 1987 و2008، والتي كان يصعُب جداً -إن لم يكن مستحيلاً- توقع موعد حدوثها.
وفي ضوء استمرار نموّ الاقتصاد وارتفاع الأرباح واحتمال خفض الفيدرالي الأمريكي لمعدلات الفائدة هذا العام، ثمّة القليل من السوابق التاريخية التي يمكنها أن تنذر بقرب وقوع انهيار وشيك، ويقول هاوس إنه إذا كان بإمكان البيانات الأساسية تبرير التقييم المرتفع بشكلٍ مبالغ فيه لقيم الأسهم اليوم “فقد يكون حجم أيّ تصحيح مُرتقب أصغرَ ولمدة زمنيةٍ أقصرَ أيضاً”.
مع ذلك، قد يثبت جيريمي جرانثام (Jeremy Grantham) وآخرون في النهاية أنّنا نشهد ارتفاعاتٍ تاريخيةً تحتاج إلى تصحيح حادّ، ويبقى تحديد العامل المحفّز وتوقيتِهِ أمراً يُعَد اجتهاداً شخصياً أكثرَ منه استنتاجاً مُرتكِزاً على أسسٍ علمية، أي أنّها لُعبة تخمينٍ تستند إلى الحَدس عوضاً عن استنتاجاتٍ مستمدّة من البيانات.
باختصار، يمكن أن يسلط المحللون الاقتصاديون الضوء على ارتفاع مؤشرات المخاطر وسلوك التزاحم والقيم المتضخّمة ونقاط الضعف الأخرى داخل النظام الماليّ. مع ذلك، وإلى أن تحدث صدمةٌ ملموسةٌ -كركود عميقٍ مثلاً، أو أزمةٍ ماليةٍ، أو خطأ على المستوى السياسيّ، أو حدثٍ جيوسياسيّ غير متوقع- يمكن للأسواق البقاء في مسارها ذاته مُغمَضة العينين، مواصلةً تجاهل البيانات الأساسية لفترة أطولَ بكثيرٍ ممّا قد يتوقعه مراقبوها.