ما هو تحليل المزاج الاجتماعي العام وما أهميته للمستثمرين؟

يلجأ المستثمرون بشكلٍ متزايد إلى المقاييس الاجتماعية لاتخاذ قرارات تداولٍ مستنيرة، حيث توفّر مجموعة البيانات البديلة هذه فكرةً مسبقةً عن مشاعر السوق ووجهة نظره تجاه شركةٍ أو قطاعٍ معيّن.

تابعوا القراءة معنا للتعرّف على تحليل المزاج الاجتماعي العام ودوره في تمكين المستثمرين من التفوّق في السوق، كما سنناقش أيضاً أفضل المنصات المختصة باستخراج وتحليل المقاييس الاجتماعية لعام 2024.

استخدامات تحليل المزاج الاجتماعي العام

يمكن الاستفادة من تحليلات المزاج الاجتماعي العام من قِبَلِ العديد من الصناعات والأدوار الوظيفية، وسنقوم فيما يلي بمناقشة أكثر الجهات استفادةً.

المستثمرون والمتداولون

يُستخدم تحليل المزاج الاجتماعي على نطاقٍ واسعٍ في مجال الاستثمار المؤسساتيّ الذي يشمل صناديق التحوّط وشركات إدارة الثروات وأصحاب رؤوس الأموال الاستثماريّة، حيث تتطلع هذه المؤسسات إلى التفوّق على السوق لتحقيق الأرباح لعملائِها، ولا توجد طريقةٌ أفضلُ لتحقيق ذلك من القدرة على تحديد اتجاهات السوق قبل أن تصبح سائدة.

• على سبيل المثال، لنقل إنّ مدير صندوق تحوّطٍ يرغب باستكشاف قطاعي الطيران والسفر.
• ويرغب بتقييم شعور المجتمع حيال السفر وسط جائحة كوفيد-19.
• من خلال تحليل المزاج الاجتماعي، يجد مدير صندوق التحوّط زيادةً في عدد الأشخاص الذين يقومون بالحجز لعطلاتهم والتعليق على الصفحات المتعلقة بالسفر و”الإعجاب” بإعلانات شركات الطيران.
• يسلط هذا الضوء على أنّ قطاع السفر على وشك أن يشهَدَ تحوّلاً كبيراً.
• وبالتالي فقد يستثمر صندوق التحوّط هذا في الأسهم وصناديق المؤشرات المتعلقة بالطيران والسفر.

لنقارن المثال أعلاه بالمستثمر العاديّ الذي قد ينتظر إعلان وسائل الإعلام التقليدية عن زيادة في أعداد المسافرين، وقد ينتظر أيضاً صدور تقارير الأرباح ربع السنويّة لأسهم شركات الطيران والسفر.

سيعني هذا الانتظار أنّ الرؤى التي يحصل عليها المستثمر تُعتبر متأخّرةً للغاية وقد تعني ضياع الفرصة، أمّا من يُجري تحليل المزاج الاجتماعي على وسائل التواصل الاجتماعي، فيمكنهم الاستفادة من التحرّك المبكّر والتفوّق على السوق الأوسع، إذ غالباً ما يمكنهم الاستثمار في الأصول بسعرٍ أفضلَ بكثير.

لكن لا داعي للقلق، فتحليل المزاج الاجتماعيّ لم يعد حكراً على مؤسسات الاستثمار الكبيرة وصناديق التحوّط، بل على العكس تماماً، إذ تتوفّر حالياً العديد من المنصات التي تقدّم مؤشرات المزاج الاجتماعي بأسعارٍ معقولةٍ، وبالتالي يمكن حتى للمستثمرين العاديين استخدام مقاييس المزاج الاجتماعي للتفوّق في السوق.

الباحثون والمحللون

يتجه الباحثون والمحللون إلى مصادر البيانات البديلة لاكتشاف الأفكار والاتجاهات الأوسع، ويمكن لتحليل المزاج الاجتماعي العام تحقيق ذلك.

• على سبيل المثال، قد تقوم شركة أبحاثٍ بإجراء دراسةٍ حول الطاقة المتجدّدة.
• تريد الشركة تقييم وجهة نظر المجتمع تجاه الألواح الشمسيّة.
• من خلال معالجة اللغة الطبيعية، يمكن للشركة استخراج البيانات ذات الصلة من شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وريديت.
• يتم -بعد ذلك- تنظيم البيانات وفقاً لمعاييرَ معيّنةٍ لتقديم رؤى شاملة.
• يفيد تحليل البيانات أنّ المجتمع يؤيد الطاقة الشمسية المنزلية بشدّة، غيرَ أنّ هناك مشكلةً تتعلق بالنواحي الجمالية.
• حيث تشير البيانات إلى أنّ جزءاً كبيراً من المجتمع لا يحبّ “مظهر” الألواح الشمسية التقليدية في منازلهم.

يمكن بعد ذلك استخدام نتائج هذا البحث من قبل المستثمرين وشركات الطاقة الشمسية والأطراف المعنية الأخرى لاتخاذ قراراتٍ بناءً على البيانات.

شركات التسويق

تُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي من أفضل الطرق التي يمكن لشركات التسويق استخدامها لتحديد المزاج الاجتماعي والتوجهات الاستهلاكية، حيث أن أكثر من 4.4 مليار شخص يستخدمون شبكة تواصلٍ اجتماعيةٍ واحدة على الأقل، وقد شهد هذا الرقم ارتفاعاً كبيراً عمّا كان عليه في عام 2015 والمقدّر بـ 2.07 مليار مستخدمٍ فقط. كما تمكن شبكات التواصل الاجتماعي المُسوّقين من استخلاص رؤى متخصّصةٍ تشمل العديد من الخصائص الديموغرافية مثل الدخل والنوع الاجتماعي والعرق والعمر والموقع الجغرافيّ، ما يتيح لشركات التسويق تقييم المقاييس وفقاً لجمهورها المستهدف.

• على سبيل المثال، تريد شركة رعايةٍ صحيةٍ إطلاق منتج جديد لعلاج البشرة.
• يستهدف المنتج فئةً عمريةً شابّةً مهتمّةً بالقضايا البيئية.
• يمكن لشركة الرعاية الصحية تحليل وسائل التواصل الاجتماعي لاستخراج المقاييس من جمهورها المستهدف.
• مثلاً، أولئك الذين ينتمون إلى الفئة العمرية من 18-30 عاماً، والذين “أبدوا إعجابهم” أو “علقوا” سابقاً على منشوراتٍ تخصّ القضايا البيئية.

يضمن تحليل المزاج الاجتماعي العام استهداف المنتجات والخدمات الفئة الديموغرافية الصحيحة، وبالتالي تقلل التكاليف وتزيد المبيعات.

كيف يستخدم المستثمرون مؤشرات المزاج الاجتماعي العام؟

يستخدم المستثمرون مؤشرات المزاج الاجتماعي لكسب أفضليّةٍ في السوق، وسنوضّح فيما يلي كيفية القيام بذلك.

استخراج البيانات

الخطوة الأولى في عملية تحليل المزاج الاجتماعي هي استخراج البيانات التي تغطّي عادةً المنصات الاجتماعية الأكثرَ شهرةً مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر وتيك توك وريديت؛ فكما ذكرنا أعلاه، يستخدِم 4.4 مليار شخص تقريباً وسائل التواصل الاجتماعي مرّةً واحدةً على الأقل يومياً، ما يعني وجود عدد نقاط بيانات كبيرٍ جداً يتركها كلُّ مستخدمٍ يومياً، بدءاً من الإعجاب بالصفحة والتعليقات والنشر وصولاً إلى تحديثات الحالة والمشاركات، وبالتالي يمكن للمستثمرين جمع عدد هائلٍ من المقاييس المأخوذة من مليارات المستخدمين حول العالم.

تحليل البيانات

لا تقدم البيانات المحصّلة أيَّ قيمةٍ في شكلها الحالي، ويحتاج المستثمرون إلى تحليلها لاستخلاص رؤى موثوقةٍ، ويمكن القيام بذلك باستخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية القادرة على مراجعة كمياتٍ هائلةٍ من البيانات وتحويلها إلى مقاييسَ قابلةٍ للقراءة.

على سبيل المثال، ستعمل أدوات معالجة اللغة الطبيعية على تقييم إيجابية أو سلبية التعليقات تجاه شركةٍ أو منتجٍ على فيسبوك، إضافةً إلى تقييم ما إذا كانت الإعجابات بالصفحة والمشاركاتُ تُسفر عن أيِّ اتجاهاتٍ ملحوظة. مثلاً، إذا تلقى مُنتجٌ تم إطلاقه حديثاً عدداً متزايداً من الإعجابات والمشاركات، فقد يعني ذلك وجود مزاجٍ اجتماعيٍّ إيجابيّ.

مناقشة تحليل البيانات

في هذه المرحلة من العملية، يكون المستثمر قد استخرج مليارات نقاط البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي وقام بتحليلها من خلال معالجة اللغة الطبيعية. وبعد تنظيم البيانات، سوف يعمل المستثمر على إنشاء درجةٍ عامةٍ للمزاج الاجتماعي، الأمرُ الذي يتطلب تقنياتٍ متقدمةً لتبسيط العملية.

تستخدم منصات تحليل المزاج الاجتماعي مثل AltIndex تقنيات الذكاء الصنعيّ وتعلم الآلة لهذا الغرض، وذلك لقدرتها على تقييم مدى تمثيل البيانات المنظّمة للمزاج العام للمستهلكين، من خلال مقارنتها مثلاً مع البيانات الخاصة بأكبرِ المنافسين في القطاع أو مع اتجاهات السوق السابقة.

اتخاذ قراراتٍ استثماريةٍ اعتماداً على البيانات

الخطوة الأخيرة هي اتخاذ قرارٍ استثماريٍّ بناءً على البيانات الاجتماعية التي تم جمعها، رغمَ أنّها لن تسفرَ دائماً عن نتائجَ ملحوظةٍ، لكنها حين تقوم بذلك فإنها تعطي المستثمرين إمكانية التفوّق في السوق.

• على سبيل المثال، أظهرت النتائج أنّ شركةً للتقنيات الحيوية ذات قيمةٍ سوقيةٍ صغيرة تحيط بها مشاعر إيجابيةٌ متزايدةٌ على وسائل التواصل الاجتماعي.
• ويتعلق ذلك بدواء جديد يعالج مرضاً خطيراً.
• وتمت ملاحظة الحماس المتزايد تجاه المنتج الذي اجتاز مراحل التجارب السريريّة الأولية.
• كما تُظهر البيانات أيضاً أنّ المشاعر الإيجابية تتركّز على التزام الشركة بالممارسات الأخلاقية.
• ويعطي التحليل الاجتماعي للشركة درجةً للمزاج الاجتماعي تبلغ 85/100.

يمكن للمستثمرين بعد ذلك استخدام هذه الأفكار كي يبدؤوا الاستثمار في أسهم هذه الشركة، وخصوصاً مع تمتعها بقيمةٍ سوقيةٍ صغيرة، إذ يزيد  ذلك من اعتقاد المستثمرين أنّ أمامَها إمكانات نموٍّ كبيرة في السنوات القادمة؛ فحالما يحصل المنتج الدوائيّ الجديد على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ووكالة الأدوية الأوروبية، فمن المتوقّع أن يرتفع سعر أسهم الشركة بسرعةٍ  كبيرة.

ولذا، فمن المهمّ أن يكون المستثمر قد استثمر بالفعل في أسهم الشركة عندما كان سعرها منخفضاً، وذلك بفضل تحليل المزاج الاجتماعي العام الذي قدم لهم رؤى مبكّرةً عن شركة التقنيات الحيوية تلك.

مزايا تحليل المزاج الاجتماعي على وسائل التواصل الاجتماعي

بعد تغطيتنا للمبادئ الأساسية، سننتقل لاستكشاف المزايا العديدة لاستخدام تحليل المزاج الاجتماعي العام على وسائل التواصل الاجتماعي.

إيجاد التوجّهات العامة مبكراً

يُعد تحليل المزاج الاجتماعي طريقةً فعّالةً لاكتشاف وتحليل التوجّهات المجتمعيّة مبكراً، وقد استخدمت صناديق التحوّط هذه الإستراتيجية لسنوات عديدة.

• على سبيل المثال، لنقل إن صندوق تحوّطٍ قد أجرى تحليلاً للمزاج الاجتماعي في عام 2010.
• وقد قام بذلك لغرض تقييم قطاع خدمات البث، ووجد صندوق التحوّط هذا تزايداً في عدد المستخدمين لمنصّات نيتفلكس وغيرها.
• وتم دعم وجهة النظر هذه من خلال عدد التعليقات الإيجابية و “الإعجابات” التي كانت تتلقاها خدمات البث على فيسبوك والمنتديات الإلكترونية.
• بينما أظهر التحليل تزايد المشاعر السلبية تجاه الوسائط الإعلامية التقليدية مثل التلفزيون وأقراص الفيديو الرقمية.

وعلى هذا النحو، تمكن صندوق التحوّط من الاستثمار في أسهم عدد من الشركات اعتماداً على البيانات، فلربّما قام بشراء أسهم من نيتفلكس بانتظار ارتفاع الطلب على خدمات البث في السنوات القادمة، كما قد يقوم ببيع أسهمه التي تنتمي لشركات الوسائط الإعلامية التقليدية لتوقعه انخفاضاً في سعرها.

في نهاية المطاف، يعطي تحليل المزاج الاجتماعي المستثمرين تنبيهاتٍ عن التوجّهات العامة بشكلٍ مبكرٍ قبل اتضاح الصورة في السوق.

اكتشاف الأسهم الممتازة ذات القيمة السوقية المنخفضة

يُعدّ تحليل المزاج الاجتماعي العام من أكثر الطرق فعاليةً للعثور على أفضل الأسهم ذات القيمة السوقية المنخفضة، والتي غالباً ما تخصّ شركاتٍ جديدةً لم يُثبت نموذج عملها جدارته بعد، ما ينعكس على قيمتها السوقية المنخفضة التي تقلّ غالباً عن مليار دولار. وفي حين يزيد هذا من مخاطر الاستثمار، فإن الأسهم الصغيرة تمتلك إمكاناتٍ أكبرَ بكثيرٍ للنموّ من الشركات الكبرى الراسخة.

ولكن بالمقابل، نادراً ما تتحدث وسائل الإعلام التقليدية عن أسهم الشركات الصغيرة، ما يجعل العثورَ على شركة تسلا أو أبل التالية أمراً صعباً على المستثمرين. ولكن يمكن للمستثمرين استخدام مؤشرات المزاج الاجتماعي العام للحصول على رؤى مبكرة للأسهم التي لا يعكس سعرها الحاليّ قيمتها الحقيقة والتي ستتمتّع بمستقبلٍ مشرق.

لنأخذ مثلاً أسهم شركةٍ صغيرة متخصّصةٍ بمحطات شحن المركبات الكهربائية المتنقلة التي تتيح لسائقي المركبات الكهربائية شحن سيّاراتهم في حالة الطوارئ، ويمكن للمستثمرين الحصول على رؤى مبكرة عن هذه الشركة من خلال إجراء تحليل المزاج الاجتماعي العام؛ فإذا أشار التحليل إلى تلقّي الشركة عدداً متزايداً من “الإشارات” على منصتي تويتر وريديت، فيستخدِمُ التحليل معالجة اللغة الطبيعية لتقييم ما إذا كانت الإشارات إيجابيةً أم سلبيةً، وتشير النتائج إلى حماس المجتمع تجاه المنتج والقيمة والخدمة الشاملة لهذه الشركة.

وتمكن بيانات المزاج الاجتماعي هذه المستثمرين من شراء أسهمٍ في الشركة ذات القيمة السوقية الصغيرة بسعر دخولٍ مناسب مع توقعاتٍ بنموّها على المدى الطويل.

تنبيهات إدارة المخاطر

يستخدِم المستثمرون أيضاً تحليل المزاج الاجتماعي لتقييم مخاطر السوق، وذلك لحماية الحقيبة الاستثمارية من أيِّ انخفاضٍ مفاجئٍ في النموّ الاقتصاديّ.

• على فرض أن مستثمراً ما يمتلك حالياً أسهماً في شركة طيران توفيريّة.
• ويقوم هذا المستثمر بإجراء تحليلٍ للمزاج الاجتماعي العام بحثاً عن أيّ اتجاهاتٍ حاليةٍ قد تؤثر على قيمة السهم.
• وقد وَجَد بعض النتائج الهامة وتحديداً عن شركة الطيران التي استثمر في أسهمها.
• حيث تتزايد سلبية المزاج الاجتماعي العام تجاه شركة الطيران.
• ليس فقط من حيث تأخر إقلاع الطائرات باستمرارٍ ولكن أيضاً من ناحية إلغاء الرحلات.
• وتحيط السلبية أيضاً بخدمة دعم العملاء.
• كما يتضمّن ذلك فترات انتظارٍ طويلةً عند تسجيل الوصول، إضافةً إلى عدم القدرة على الاتصال بخط خدمة العملاء.

بشكلٍ عام، تمنح هذه البيانات المستثمرين ميزةً كبيرةً على السوق الأوسع بما يخص الوقت، فبإمكانهم الآن بيع حِصَصِهم من أسهم الشركة التي تعاني من مشاكلَ تشغيليةٍ وزيادة في شكاوى العملاء، كما يمكنهم بيع أسهمهم انتظاراً لانخفاض السعر على المدى الطويل في السوق.

يمكن أيضاً استخدام تحليل المزاج الاجتماعي لتقييم مخاطر القطاع بشكلٍ عام، فقد يُظهر التحليل مثلاً انخفاض عدد الأشخاص الذين ينفقون الأموال على المنتجات والخدمات الكمالية، ما يعني اتخاذ المستهلكين طريقاً أكثرَ اقتصاديةً، ما يُعدّ دلالةً واضحةً على تراجع الاقتصاد؛ وبالتالي يمكن للمستثمر إعادة تقييم حقيبته الاستثمارية الحالية وإجراء إعادة موازنةٍ في حال الحاجة لذلك.

تقييم أداء الشركات الموجودة فقط على الإنترنت

يوفر تحليل المزاج الاجتماعي العام رؤى عن الشركات الموجودة فقط على الإنترنت، حيث تعد تحليلات مواقع الويب من أفضل نقاط البيانات لهذا التحليل، إذ توضّح للمستثمرين عدد زوّار موقعٍ إلكترونيٍّ معيّن، وتسلط الضوء على جودة أدائه مقارِنةً ذلك باتجاهات القطاع الأوسع.

وفي حال أراد أحدهم الاستثمار بمنصات تداول الأسهم، سيقوم بإجراء تحليل المزاج العام لتقييم الاتجاهات الأوسع، مثل عدد زوار منصات تداول الأسهم والمدة التي يقضونها على موقع المنصّة المعنيّة، وبعدها يقوم بتحليل البيانات لإيجاد أيّ اتجاهاتٍ خاصةٍ بمنصةٍ معيّنة.

توضح التحليلات مثلاً أن منصّةً واحدةً على وجه الخصوص -هي Interactive Brokers- تحيط بها السلبية، أي أنّ عدد زوار هذه المنصة آخذٌ بالانخفاض وسط ازدهار القطاع الأوسع، وبما أن غالبية دخل منصة Interactive Brokers يأتي من عمولات التداول، فقد يعني هذا أن أدائها غير مرضٍ على الإطلاق.

وعلى هذا النحو، وبدلاً من انتظار تقرير الأرباح ربع السنويّ لمنصة Interactive Brokers، يمكن للمستثمر التصرّف على الفور، وبيع أسهمه قبل تصريح المنصة عن انخفاض العوائد الإجمالية والأرباح الصافية.

رؤى لحظيّة

سيحصل المستثمرون الذين يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الرؤى في الوقت الآنيّ على ميزةٍ إضافيةٍ عن السوق الأوسع، نظراً لأن الاعتماد على البيانات من مصادر الإعلام التقليدية يتسبّب دوماً في التأخّر -بما يتراوح من بضع دقائق إلى عدة أسابيع- عن التحرّك في الوقت المناسب.

على سبيل المثال، ذكرنا أعلاه أنه يمكن للمستثمرين الاستفادة من تحليلات موقع الويب لتقييم أداء الشركات التي تعمل على الإنترنت فقط. في المقابل، سينتظر معظم المستثمرين صدور مقاييس الأداء في التقارير ربع السنويّة، ما يعني وجود فارقٍ زمنيٍّ كبير عند اتخاذ قرارات الاستثمار.

وبالمثل، لنقل إنّ شركةً تقنيةً أطلقت للتوّ وحدة تحكّم بالألعاب جديدةً تماماً، سيؤثر نجاح الإطلاق بشكلٍ مباشرٍ على قيمة أسهمها، ويمكن لتحليل المزاج الاجتماعي العام تقديم رؤى مبكرة للمستثمرين حول استقبال المشترين لوحدة التحكم بالألعاب الجديدة.

يُظهر التحليل أنّ المزاج العام المحيط بوحدة التحكم بالألعاب هذه سلبيٌّ للغاية، ليس فقط من حيث طريقة اللعب، بل أيضاً بسبب أسعارها المرتفعة وتأخّر شحنها للمشترين، وبناءً على ذلك قد يقرّر مستثمروها بيع أسهمهم توقعاً منهم لانخفاض سعرها قبل أن يتم تناول هذه المشاكل من قبل وسائل الإعلام التقليدية.

الجمع مع مصادر البيانات البديلة الأخرى

يعد تحليل المزاج الاجتماعي مجرّد جزء صغير في مجال البيانات البديلة، حيث توجد العديد من المصادر الأخرى للبيانات البديلة المتاحة للمستثمرين، والتي تتضمّن مصادرَ متنوّعةً بدءاً من معاملات بطاقات الائتمان ومراقبة الرحلات الجوية في الوقت الآنيّ وصولاً إلى صور الأقمار الصناعية وتتبع الموقع الجغرافيّ.

وفي حين توفر تحليلات المزاج الاجتماعي رؤى قيّمة، إلا أنها تكون أكثر فاعليةً عند دمجها مع مصادر البيانات الأخرى. وعلى سبيل المثال، قام أحد المستثمرين بإجراء تحليلٍ للمزاج الاجتماعي العام، وتوصّل لنتيجةٍ مفادها تزايد الاهتمام بالأطعمة النباتية، وذلك من خلال النظر إلى صفحة “الإعجابات” و”المتابعين” للشركات المعنية بالأغذية النباتية واستخراج التعليقات و”الإشارات”.

يرغب المستثمر في تقييم صحّة نتائج تحليل المزاج الاجتماعي.

• أولاً، سيقوم بتحليل بيانات الموقع الجغرافيّ في المدن الأمريكية الكبيرة، ولنفرض أنّه وَجَد تزايداً في عدد مرتادي المطاعم النباتية والصحية.
• بعد ذلك، قام بتحليل صور الأقمار الصناعية لكبرى شركات إنتاج الأغذية النباتية، ووَجَد ارتفاعاً في عدد الشحنات الخارجة من المصنع، ما يعني زيادة الطلب على المنتجات النباتية.

على هذا النحو، قام المستثمر بتأكيد صحة نتائج تحليل المزاج الاجتماعي، ويمكنه الآن اتخاذ قرارٍ استثماريٍّ بناءً على هذه النتائج مثل شراء أسهم في شركات الأغذية النباتية.

تقييم عدد المستخدمين النشطين يومياً قبل صدور التقارير الرسمية

يسلط تحليل المزاج الاجتماعي العام الضوء على أداء منصات التواصل الاجتماعي الرئيسيّة، ويتيح ذلك للمستثمرين تقييم جودة أسهم شركاتٍ مثل Meta Platforms وGoogle، والتي تعتمد قيمة أسهمها إلى حدٍّ كبيرٍ على عدد زوّار المنصّة الذي يُشار إليه بعدد المستخدمين النشطين يومياً (DAUs).

لنفترض أن Meta Platforms أبلغت عن انخفاضٍ بعدد المستخدمين النشطين يومياً على فيسبوك خلال الربع السابق، فإن ذلك سيؤدي بالطبع إلى بيع الأسهم، كما كان الحال في الربع الأول من عام 2022 عندما أبلغ فيسبوك عن انخفاض عدد المستخدمين النشطين يومياً، ما أدى إلى خسارة أسهمها 26% من قيمتها خلال يوم واحد

غالباً ما كان تحليل المزاج الاجتماعي قادراً على التنبؤ بهذا الانخفاض قبل التقرير ربع السنويّ لشركة Meta Platforms من خلال انخفاض مستوى التفاعل والذي يظهر في عدد أقلَّ من التعليقات و”الإعجابات” والمشاركات.

بالإضافة إلى ذلك، ربّما أكدت تحليلات موقع الويب انخفاض عدد زوار موقع فيسبوك وعدد تحميلات التطبيق، والذي بدوره سينبّه المستثمرين إلى تراجع عدد المستخدمين النشطين يومياً (DAUs) قبل تقرير الأرباح ربع السنوية.

التكلفة المعقولة لتحليل المزاج الاجتماعي العام

كما أسلفنا سابقاً فإن صناديق التحوّط استفادت من تحليل المزاج الاجتماعي لسنواتٍ عديدة، ومصدر البيانات البديل هذا متاحٌ اليوم للعامة وبتكلفةٍ يسيرة. على سبيل المثال، يمكن الاشتراك بمنصّة AltIndex ابتداءً من 29$ فقط شهرياً، ما يوفر للمستخدمين رؤى في الوقت الآنيّ من فيسبوك وتويتر وريديت وتيك توك ويوتيوب وبين إنترست بالإضافة إلى بيانات البحث في جوجل وزيارات المواقع، كما تتبّع AltIndex  آلاف الأسهم وحتى أفضل العملات الرقمية مثل بيتكوين (BTC) وإيثيريوم (ETH).

في النهاية، يمكن حتى للمستثمرين العاديين استخدام مؤشرات وسائل التواصل الاجتماعي لصالحهم.

أمثلة على تحليل المزاج الاجتماعي على وسائل التواصل الاجتماعي: تحويل البيانات إلى رؤى استثمارية

فيما يلي سنقدم لكم أمثلةً توضّح إجابةً عن السؤال: “كيف يمكن لتحليل المزاج الاجتماعي على وسائل التواصل الاجتماعي أن يساعد المستثمرين على اتخاذ قراراتٍ أكثرَ ذكاءً؟”.

المثال الأول: إطلاق منتج جديد

يعتبر إطلاق المنتجات الجديدة من قبل كبرى شركات التكنولوجيا أمراً مهماً بالنسبة للمستثمرين، إذ يمكن أن يؤدي النجاح إلى ارتفاع قيمة الأسهم لفتراتٍ طويلة، بينما يمكن أن يكون للفشل تأثيرٌ معاكس.

لنفترض أن مايكروسوفت أطلقت للتوّ هاتفاً ذكياً جديداً لمنافسة أبل وسامسونج، ويقوم المستثمر بإجراء تحليلٍ للمزاج الاجتماعي لتقييم شعور المستهلكين تجاه المنتج بعد الأسبوع الأول من الإطلاق.

• في البداية، يستخدم المستثمر أدوات معالجة اللغة الطبيعية لاستخراج التعليقات من وسائل التواصل الاجتماعي.
• ثم تقوم تقنيات تعلم الآلة بفرز التعليقات لإزالة البيانات غير اللازمة، ويتم تحليل التعليقات ذات الصلة.
• تُظهر البيانات أن إطلاق المنتج قد حقق نجاحاً كبيراً حتى الآن.
• تُظهر التعليقات أن الهاتف الذكيّ الجديد يتمتع بصورٍ عالية الجودة وعمر بطاريةٍ طويلٍ ومساحة تخزينٍ كبيرة.
• تشير التعليقات أيضاً إلى وجود شعورٍ إيجابيٍّ بشأن سعر الهاتف الذكيّ.

وهكذا، يمكن للمستثمر الحصول على رؤى قويةٍ حول المنتج، وقد يقوم بإجراء استثمارٍ كبيرٍ بأسهم مايكروسوفت بالرغم من تبقّي شهرين لإصدار الشركة لبياناتها المالية.

المثال الثاني: تجربة المستخدم

تحدّد تجربة المستخدم نجاحَ أو فشلَ الشركات خصوصاً تلك التي تعتمد على المستهلكين.

• على سبيل المثال، توجد سوقٌ للتجارة الإلكترونية يخدم العملاء في الولايات المتحدة.
• تم إدراج أسهم الشركة مؤخراً في البورصة، لذلك يقوم المستثمر بإجراء تحليلٍ للمزاج الاجتماعي من أجل الحصول على بعض الرؤى في الوقت الآنيّ.
• تُظهر المقاييس الاجتماعية تزايد السلبية تجاه سوق التجارة الإلكترونية هذا.
• وهناك تعليقاتٌ متكرّرةٌ عن تأخّر توصيل المنتجات.
• حيث تُظهر التعليقات أيضاً أن موقع الويب بطيءٌ وأنّ العديد من المنتجات لم تَعُد متاحةً.
• كذلك قام المستثمر أيضاً بالاطلاع على تحليلات موقع الويب ووَجَد انخفاضاً في عدد زوار الموقع.

يتوصل المستثمر إلى إمكانية انخفاض قيمة أسهم الشركة بشكلٍ كبير، غالباً عندما تعلن الشركة عن أرباحها ربع السنويّة، وبناءً عليه قرّر المستثمر بيع حصّته من أسهم الشركة انتظاراً لانخفاض سِعرِها، وذلك قبل إصدار البيان المالي التالي بوقتٍ طويل.

المثال الثالث: القطاعات النامية

يبحث المستثمرون الذين يركّزون على القطاعات النامية عن توجّهاتٍ جديدة في السوق قبل أن تصبحَ سائدة، وأولى خطوات ذلك تكون عادةً من خلال تحليل مقاييس وسائل التواصل الاجتماعي من منصة ريديت التي تضمّ أكثرَ من 100,000 منتدى فرعيٍّ وأكثر من 1.7 مليار مستخدم نشطٍ شهرياً، وبالتالي توفر كميةً كبيرةً من البيانات لتحليلها.

ويستخدم المستثمر معالجة اللغة الطبيعية وتقنيات تعلم الآلة لاستخراج جميع التعليقات على مدار الأشهر الثلاثة السابقة، وبعد تصنيف التعليقات إلى موضوعاتٍ وفئاتٍ، يظهر اتجاهٌ واضحٌ بزيادة الإيجابية تجاه الشركات المنكوبة والتي يقوم مستثمروها ببيع أسهمهم بكثرة لخفض السعر، وتحديداً شركتا AMC وGameStop.

تشير البيانات إلى أن عدداً كبيراً من مستخدمي منتدى ريديت يتواطؤون لشراء هذه الأسهم المتعثرة، وقد يخلق هذا العدد الكبير ضغط شراء قصيرَ المدى، وبالتالي سيتمّ تصفية الأسهم التي باعها مستثمرو وول ستريت وبالتالي سيرتفع السعر سريعاً. لذلك، يمكن للمستثمرين شراء الأسهم دون قلقٍ حول سلامة الاستثمار بشركتي AMC وGameStop.

المثال الرابع: الاستثمار بقطاع الممارسات البيئية والمجالات الاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG)

لنفترض أن مستثمراً متخصّصاً في أسهم ESG (الأسهم البيئية وأسهم المجالات الاجتماعية والحوكمة( يرغب بإيجاد أسهم يمكنها زيادة تقييم ESG الخاصة به، ما قد يشجّع المزيد من الناس على الاستثمار، خاصّةً مديرو الصناديق الذين يركّزون على الاستدامة.

• يلجأ المستثمر إلى أدوات تحليل المزاج على وسائل التواصل الاجتماعي.
• ويقوم بجمع المليارات من نقاط البيانات من منصّات التواصل الاجتماعي، ومن ثم تصنيف الكلمات الرئيسيّة المتعلقة بمجالات الـ ESG باستخدام تقنيات تعلم الآلة.
• يُظهر التحليل أن هناك مزاجاً اجتماعياً إيجابياً متزايداً تجاه شركة طاقة.
• وذلك لأنّ الشركة تخصّص مواردَ هائلةً لتكنولوجيا الطاقة المتجدّدة بهدف تقليل انبعاثات الكربون.

قد يساعد هذا شركة الطاقة هذه على زيادة تقييم ESG الخاص بها في المستقبل القريب، وبالتالي يقرّر المستثمر شراء أسهم في الشركة بانتظار ارتفاع تقييمها.

المثال الخامس: الابتكارات التقنية

يفيد تحليل المزاج الاجتماعي في إيجاد الابتكارات التي ستزعزع القطاع التقنيّ؛ وعلى سبيل المثال، لنقل أن مستثمراً متخصصاً في المركبات الكهربائية، ويَعرِف شركة تصنيع مركباتٍ كهربائيةٍ جديدة في أوروبا أكثرَ اقتصاديةً من تسلا، وتدّعي أيضاً أن عمرَ بطارية مركباتها أطول من بطاريات تسلا ويتم شحنها بوقتٍ أقصر.

• يرغب المستثمر في تقييم المزاج الاجتماعي العام لسائقي المركبات الكهربائية.
• يجد المستثمر أن المشاعر إيجابيةٌ للغاية.
• توضّح التعليقات إيجابية المزاج تجاه اقتصادية التكاليف وعمر البطارية الأطول، ما يدعم ادعاءات الشركة المصنّعة.
• تظهر البيانات أيضاً مزاجاً سلبياً تجاه تأخير التسليم، مع فترة انتظار تتراوح بين 2-3 من الأشهر.

وبينما يقرّ المستثمر بأن التأخيرات في سلسلة التوريد ليست مواتيةً أبداً، لكنّه يُعدّه دليلاً على تزايد الطلب على مركباتها، وعليه ينظر إلى هذا المقياس الاجتماعي السلبيّ على أنه مؤشرٌ إيجابيّ، ويبدو مستقبل أسهم هذه الشركة مشرقاً بشكلٍ عام، وبالتالي يبدأ المستثمر بشرائها مبكراً قبل ارتفاع قيمتها السوقية الصغيرة حالياً.

كيفية إنشاء مقاييس المزاج الاجتماعي العام؟

يمكن أن يساعد تحليل المزاج الاجتماعي المستثمرين على اتخاذ قرارات تداولٍ أفضل، ومن المهمّ معرفة كيفية تحديد البيانات، إذ يستخدم كلُّ مزوّد لدرجة المزاج الاجتماعي العام منهجيته وعملياته الخاصة، ولذلك فمن الضروريّ تحديد ما يبحث عنه المستثمر للتأكد من صحة تحليل المزاج الاجتماعي.

فيما يلي سنقوم بشرح العملية بشكلٍ تفصيليٍّ مع التركيز على كيفية إنشاء درجات المزاج الاجتماعي العام.

برمجيات وروبوتات البحث على الإنترنت

قبل تحديد المزاج الاجتماعي، يحتاج المستثمرون إلى استخراج البيانات من مصادرهم المفضّلة، والتي تكون عادةً مزيجاً من شبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات عبر الإنترنت وعمليات البحث على جوجل، والتي قد ينتج عنها مليارات من نقاط البيانات، لذا فمن الضروريّ استخدام برمجيّات وروبوتات البحث على الإنترنت.

وتقوم هذه التقنيات باستخراج النصوص من مواقع الويب وجمعها في قاعدة بياناتٍ مركزيّة، ويجب أن تلتزم عملية جمع البيانات بقوانين حماية الخصوصيّة، وعدم الكشف عن الهويات الشخصيّة، حيث تكون البيانات مجهولة المصدر ومجمّعةً من مصادرَ مختلفةٍ ولا تخصّ مصدراً محدّداً.

معالجة اللغة الطبيعية وتعلم الآلة

بمجرّد أن تقوم برمجيّات وروبوتات البحث باستخراج البيانات، سيتم استخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية وتعلم الآلة.

• تقوم تقنيات معالجة اللغة الطبيعية بتقسيم النص ببساطةٍ إلى فئات مزاجٍ مثل إيجابيّةٍ أو سلبيّةٍ أو محايدة أو غير ذات صلة، بالاعتماد على كلماتٍ ونبرةٍ وعاطفةٍ محدّدة.
• ثم يتم استخدام تقنيات تعلم الآلة لتنسيق فئات المشاعر في نماذجَ منظّمةٍ، ويمكن تقسيم البيانات بشكلٍ أكبرَ بناءً على العوامل الديموغرافية مثل أصول المستخدمين أو فئتهم العمريّة.

بعد ذلك، سيقوم المستثمر بتجميع فئات المزاج من خلال صورٍ توضيحيةٍ -كالمخططات البيانية للمزاج الاجتماعي العام تجاه تركيب الألواح الشمسيّة- توضّح المشاعر الإيجابية والسلبية.

مقياس الذكاء الصنعيّ

لا تُعدّ معرفة عدد الأشخاص ذوي المشاعر الإيجابية أو السلبية تجاه شركةٍ أو موضوعٍ أو مجالٍ معيّنٍ كافياً، إذ يحتاج المستثمرون أيضاً إلى إنشاء درجةٍ عامةٍ للمزاج يمكن قياسها ومقارنتها.

على سبيل المثال، لنفترض أن سوقاً للتجارة الإلكترونية قد شهد انخفاضاً في عدد زوّاره بنسبة 20% مقارنةً بالشهر السابق؛ وقد يبدو هذا للوهلة الأولى علامة خطر، إلا أن قطاع التجارة الإلكترونية بشكلٍ عامٍ انخفضَ بنسبة 30%.

ويجب التنويه هنا أنّ أفضل أداة لتقييم درجة المزاج العام هيَ الذكاء الصنعيّ، فمثلاً تستخدِمُ منصة AltIndex تقنيات الذكاء الصنعيّ لإنشاء درجات مزاجٍ اجتماعيٍّ عام تتراوح بين 0-100؛ وكلما اقتربت درجة المزاج العام لأسهم شركةٍ معينةٍ من 100، زادت احتمالية أدائها الجيّد على المدى القصير، وعلى العكس من ذلك، قد يعني انخفاض درجة التقييم احتمالَ حدوث انخفاضٍ في الأسهم.

وعند إنشاء درجة المزاج الاجتماعي العام لشركةٍ معيّنةٍ، تستخدم منصّة AltIndex مصادرَ البيانات البديلة الأخرى التي تشمل رضا الموظفين والوظائف الشاغرة وعمليات البحث على جوجل وتغطية الأخبار لهذه الشركة.

أفضل 7 مزوّدين لمقاييس المزاج الاجتماعي

تستمد بيانات المزاج الاجتماعي قيمتها من المنصّة التي توفرها، لذلك يجب على المستثمرين اختيار مصادر بياناتهم البديلة بحكمة؛ وسنقدم لكم أدناه أفضل سبعِ منصّاتٍ لتحليل المزاج الاجتماعيّ لعام 2024.

1. AltIndex: أفضل مزوّد -بشكلٍ عام- لمقاييس المزاج الاجتماعي

لقد ذكرنا منصة AltIndex عدة مرّاتٍ في هذا الدليل لسبب وجيه، فقد وجدنا أن منصة AltIndex هي أفضل مزوّد للمزاج الاجتماعيّ العام بالنسبة لصغار المستثمرين بشكلٍ عام، حيث توفر قاعدة بياناتٍ قيّمةً بتكلفةٍ اقتصاديةٍ معقولةٍ، وتغطي آلاف الأسهم بما في ذلك أسهم الشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة من بورصتي نيويورك وناسداك.

أمّا عن كيفية عمل منصة AltIndex، فتستخرج AltIndex البيانات من أهم مواقع التواصل الاجتماعي التي تتضمّن تويتر وفيسبوك وريديت وتيك توك، بالإضافة إلى جوجل ويوتيوب وحتى فور تشان (4Chan)؛ وبعدها تستخدم AltIndex تقنيات تعلم الآلة ومعالجة اللغة الطبيعية لتصنيف البيانات التي جَمَعتها.

تصنّف AltIndex البيانات إلى إيجابيةٍ أو سلبيةٍ أو محايدة، وتُستخدم تقنيات الذكاء الصنعيّ لتحديد اتجاهات المزاج الاجتماعي العام، ومن ثمّ تتم مقارنة بيانات المزاج الاجتماعيّ العام بالفترات السابقة بالإضافة إلى بيانات المنافسين في القطاع، كما تستخرج AltIndex أيضاً المعلومات من مصادر البيانات البديلة الأخرى لضمان تكامل البيانات.

وتتضمّن المصادر البديلة عدد الوظائف الشاغرة في الشركة المعنية وتقييم موظفيها للبيئة العامة للشركة، وعدد زوار موقع الويب وتحميلات التطبيقات ومقالات الأخبار المالية. وبعد تحليل كلّ هذه البيانات، تعطي AltIndex السّهمَ المعنيَّ درجة مزاجٍ اجتماعيّ عام.

تتراوح درجة المزاج الاجتماعيّ من 0 (سلبيّ للغاية) إلى 100 (إيجابيّ للغاية)، ويمكن للمستثمرين اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بناءً على درجة المزاج الاجتماعي -القائمة على الذكاء الصنعيّ- للأسهم، وتُصنّف منصة AltIndex أفضل الأسهم يومياً وفقاً لدرجة المزاج الاجتماعيّ من أعلى إلى أدنى، كما ترسل إلى المستخدمين المسجّلين اختياراتها لأفضل الأسهم، والتي توضّح أسهم الشركات التي يمكن أن تتفوّق على السوق.

علاوةً على ذلك، وجدنا أنّ AltIndex تناسب المبتدئين، حيث تتمتّع بلوحة تحكّم واضحةٍ تسلط الضوء فقط على البيانات القيّمة وذات الصلة. ويمكن للراغبين بتجربة منصّة AltIndex التسجيل للحصول على اشتراكٍ في مستوى مجانيٍّ يقدّم تنبيهين للأسهم شهرياً، لكن مع 20 زيارةً فقط للموقع الإلكتروني؛ أما الراغبون بالوصول إلى الزيارات غير المحدودة واختيارات المنصة لأفضل الأسهم، فيتوجّب عليهم الاشتراك بالمستويات المدفوعة والتي تتراوح تكلفتها بين 29-99$ شهرياً.

2. StockTwits: الاتجاهات الاجتماعية لأهمّ الأسهم بشكلٍ لحظيّ

تُعدّ منصّة StockTwits كمنصة تويتر بالنسبة لمجتمع الاستثمار، فهي شبكةٌ اجتماعيةٌ تمكن المستثمرين المتشابهين في التفكير من مشاركة أفكار التداول، حيث يمكنهم -على غرار تويتر- النشر على المنصة و”الإعجاب” والتعليق، كما يحتوي كلّ منشورٍ على رمز السهم الذي تتم مناقشته، ما يتيح لخوارزمية StockTwits إنشاء مجموعاتِ بياناتٍ كبيرة وتحليلها، ويمكن للمستثمرين بعد ذلك استخراج البيانات لمعرفة الأسهم الرائجة بين صغار المستثمرين.

بالإضافة إلى ذلك، تحظى StockTwits أيضاً بشعبيةٍ لدى مستثمري الكريبتو، إذ يستخدمها البعض لإيجاد العملة الرقمية التالية التي ستحقق نجاحاتٍ كبيرة. ويجب التنويه هنا أن منصة StockTwits توفر مصادر البيانات الأساسية لكن دون رؤى متقدّمةٍ، ما يعني حاجة المستثمرين إلى استخدام مزوّد بياناتٍ بديلٍ يمكنه تحليل وتصنيف الأسهم الرائجة على منصّة StockTwits.

3. Fidelity: اكتشاف اتجاهات المزاج الاجتماعيّ لأكثرَ من 4,200 سهم

تُعدّ منصة Fidelity واحدةً من أكبر وسطاء الأسهم على مستوى العالم، فقد قامت بتطوير برنامج خاصٍّ بها لتحليل اتجاهات المزاج الاجتماعيّ، حيث يقوم بمسح أكثرَ من 4,200 سهمٍ مُدرجٍ في الولايات المتحدة دقيقةً تلو الأخرى، ما يضمن تحديث درجة المزاج الاجتماعي في الوقت الآنيّ. وتتبع منصة Fidelity نهجاً بسيطاً يتلخص بتقييم إيجابية أو سلبية المزاج الاجتماعي العام، أي تقارن درجة المزاج الاجتماعي الحالية مع الفترات السابقة؛ فعلى سبيل المثال، إذا انخفضت درجة المزاج الاجتماعي تجاه أسهم Nike بنسبة 20% مقارنةً بالأسبوع الماضي، فستقوم Fidelity بتسليط الضوء على ذلك.

يقوم الوسيط بتعيين “درجة S” تتراوح بين -4.25 و4.25، حيث تعتبر الدرجات بين -1 و1 محايدة، بينما تعتبر الدرجات أعلى من 1 وأقلّ من -1 إيجابيةً وسلبيةً على التوالي. ويسهّل نظام التقييم البسيط هذا تقييم اتجاهات المزاج الاجتماعيّ العام حتى للمبتدئين، إلا أنه متاحٌ فقط للمستخدمين المسجّلين.

4. LikeFolio: أداةٌ للتوقعات تقوم بتحليل التغيرات في سلوك المستهلك

يستهدف موقع LikeFolio الشهير لتحليل البيانات المستثمرين المحترفين، ويوفّر لهم استعراضاً للاتجاهات اليومية، ويسلط الضوء على التغيّرات في عادات سلوك المستهلك. ويمكن للمستثمرين تتبع أسهم معينةٍ وتلقي التنبيهات عند اكتشاف الموقع للاتجاهات المعنيّة، ويغطي موقع LikeFolio بيانات المزاج الاجتماعيّ العام لأكثرَ من 10,700 علامةٍ تجارية.

ويمكن لتقنيتها المتقدمة مسح وتحليل 2,777 منشوراً على منصات التواصل الاجتماعي كلّ دقيقة. وعلى الرغم من أن LikeFolio تقدم رؤى قيمةً للمستثمرين في الأسهم، إلا أن خططها لا تناسب ذوي الميزانية المحدودة، حيث يكلف الوصول إلى لوحة التحكم الخاصّة بها ما لا يقلّ عن 25,000$ سنوياً، أما الراغبون بالحصول على موجز البيانات اللحظيّ عبر واجهة برمجة التطبيقات، فسيحتاجون لدفع 40,000$.

5. InfoTrie: الجمع بين التحليلات الاجتماعية ومصادر البيانات البديلة الأخرى

تستخدم منصة InfoTrie الذكاء الصنعيّ وخوارزميات التعلم العميق لتقديم رؤى استثماريةٍ قيمةٍ، حيث تختص المنصّة بمجموعةٍ واسعةٍ من مصادر البيانات البديلة التي تشمل تحليل المزاج الاجتماعيّ، ويمكن لموجز البيانات الخاص بها مسح أكثرَ من 100 مليون نقطة بيانات من وسائل التواصل الاجتماعي في أيّ وقت.

تشمل البيانات أكثرَ من 15,000 فئةً تغطّي أكثرَ من 70,000 من الأسهم والصناديق والعملات الرقمية، بالإضافة إلى دعم العملات الأجنبية والسلع. ولا تقتصر المنصّة على التحليلات الاجتماعية، بل تقوم أيضاً باستخراج البيانات من مصادرِ الأخبار المالية.

علاوةً على ذلك، تعتمد منصة InfoTrie الأبحاث الأساسيّة ورؤى سوق العمل، ولا تقتصر خدماتها على تتبع البيانات الواردة من الولايات المتحدة فحسب، بل تشمل أيضاً المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا واليابان. وتستهدف InfoTrie المستثمرين المؤسّساتيين، لذلك يحتاج العملاء المحتملون إلى الاتصال بالمنصّة للحصول على عرض أسعارٍ حسب الطلب.

6. Similarweb: التحليلات الاجتماعية القائمة على عدد زوار الموقع

يختص Similarweb بتحليلات المواقع الإلكترونية للشركات، ويُعدّ الأكثرَ دقّةً في هذا المجال، حيث يتتبّع ملايين مواقع الويب بشكلٍ لحظيّ. ويوفر هذا النمط من تحليل المزاج الاجتماعيّ الكثيرَ من الأفكار للمستثمرين، فمثلاً يمكن للمستثمرين إيجاد اتجاهاتٍ حول تزايد أو تناقص زيارات موقع الشركة، بالإضافة إلى الوقت الذي يقضيه الزائر على الموقع، وهكذا يمكن للمستثمرين إجراء مقارناتٍ مع المنافسين في المجال، كما يمكنهم الحصول على رؤى أكبرَ من خلال تصنيف التحليلات حسب العوامل الديموغرافية.

على سبيل المثال، قد تُظهر البيانات أنّ المستخدمين المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية يقضون وقتاً أطولَ من سواهم في سوق التجارة الإلكترونية، بينما عدد نظرائهم الأوروبيين آخذٌ بالانخفاض. وتشمل العوامل الديموغرافية الأخرى النوع الاجتماعيّ والعمر وحتى أنواع الأجهزة المستخدمة لزيارة المواقع. تبدأ تكلفة الاشتراك من 149$ شهرياً لخطّةٍ مرنة، ويمكن دفع الاشتراك سنوياً بتكلفة 125$ للشهر الواحد.

7. RavenPack: تحويل مجموعات البيانات غير المنظمة إلى رؤى قابلة للتنفيذ

تجذب منصة RavenPack المستثمرين الباحثين عن مجموعات بياناتٍ بديلةٍ متعدّدةٍ تحت سقفٍ واحد، حيث تقوم بجمع وتحليل البيانات غير المنظمة من أكثرَ من 40,000 موقع إلكترونيّ بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعيّ الرائدة، ثم تقوم بتجميع البيانات -التي تغطّي أكثرَ من 80 فئة- وتحويلها إلى معلوماتٍ يمكن العمل على أساسها.

كما تقوم المنصة بتوفير أكثرَ من 20 مؤشراً للمزاج الاجتماعيّ العام لكلِّ سهمٍ تتبعه، كما تستخرج البيانات من مواقع الأخبار المالية.

كما تقوم بجمع البيانات من إعلانات الوظائف والملفات التنظيمية للشركة والمعاملات الداخلية، وتقدم منصة RavenPack أيضاً رؤى حول أهم النتائج من خلال نشرها مقاييسَ سهلة الفهم. وتستهدف RavenPack المستثمرين المؤسّساتيين -على غرار العديد من مزوّدي المزاج الاجتماعي العام- وتوفر نسخةً تجريبيةً مجانية، إلا أنه يتوجّب على المؤسسة التفاوض على عروض الأسعار مع المنصة بشكلٍ مباشر.

ملخص ختامي

باختصار، أوضحنا قيمة وأهمية تحليل وسائل التواصل الاجتماعي للمستثمرين، ليس فقط من حيث توفير فكرة مسبقةٍ والمساعدة في إدارة المخاطر، ولكن أيضاً لإيجاد الاتجاهات الجديدة وعادات المستهلك.

وتقدم AltIndex مؤشرات المزاج الاجتماعي العام لآلاف الأسهم، وتغطي مواقع التواصل الاجتماعيّ الرائدة ومصادر البيانات البديلة الأخرى، كما ترسل تنبيهات الأسهم عند ظهور مقاييس اجتماعيةٍ جديدة.

الأسئلة الشائعة