شخص يلمس شاشة هاتفه لتظهرَ صورة روبوتٍ يُجيب: هل يمكنني مساعدتك؟

تخيلوا عالماً لا يتطلب تصفّح الويب فيه القيام بالكتابة في شريط البحث أو التنقّل بين صفحات النتائج أو حتى التفكير ملياً في الرابط الذي يجدرُ بكم اختياره! مرحباً بكم في مستقبل تصفّح الإنترنت، حيث ستقوم أداة ذكاء صنعيٍّ (AI) مساعدة مثل Arc Browser أو أداةٌ مدعومةٌ بقدرات الذكاء الصنعيّ المُتطوّرة لخرائط جوجل (Google Maps) بتغيير كيفية عثوركم على المعلومات واكتشاف الأماكن الجديدة.

ولا تسعى هذه التطوّرات إلى تغيير نمط تصفّح الإنترنت وحسب، وإنما تتوسّع أيضاً لتعيد تشكيل معالم التسويق الإلكترونيّ والتفاعل مع العملاء، حيث توفّر دقةً وقدراتِ تخصيصٍ غيرَ مسبوقين؛ فتابعوا القراءة معنا لتتعرّفوا على كيفية قيام تقنيات الذكاء الصنعي بإعداد الساحة لتقديم تجربة ويب أكثرَ ذكاءً وبداهةً، بالإضافة إلى تعرّفكم أيضاً على التحديات الأخلاقية والتشغيليّة التي تُصاحبها.

أداة Arc AI المساعدة: طريقة جديدةٌ للتصفّح

يمثل تطبيق تصفح الإنترنت Arc Browser الذي طوّرته الشركة الأم (The Browser Company)، أداةً تفاعليةً تعمل بتقنية الذكاء الصنعي وتعمل إلى إحداث ثورة في طريقة تصفّح الويب، وستقوم أداة الذكاء الصنعي المساعدة من Arc بالعمل الشاق نيابةً عنكم بدلاً من القيام به بالطريقة التقليدية، إذ تمّ تصميم تطبيق البحث الخاص بالهواتف المحمولة Arc Search لتوفير ما يخطر في بالكم بسرعةٍ وبساطة.

فمع مزايا مثل “تصفّح نيابةً عني”، تقوم أداة Arc Search بالبحث بدلاً منكم وقراءة عدة صفحاتٍ وجمع كافة المعلومات التي تبحثون عنها في صفحة ويب خاصّةٍ به مع الإشارة إلى مصادرها، كما تحظى الأداة بميزة “الروابط الفورية” التي تنقلكم مباشرة أينما أردتم دون الحاجة إلى مطالعة نتائج البحث، وستقدم قريباً ميزة “المجلدات الحية”، والتي تتميّز بتحديث محتواها تلقائياً لتبقيكم على اطّلاعٍ دائمٍ دون بذلّ جهد يُذكر.

كما تركّز أداة Arc على احترام خصوصية مستخدميها والابتعاد عن طرق الكسب التقليدية المُتبعة على الإنترنت والمعتمدة على دخل الإعلانات، بل تَعِد الشركة بالحفاظ على سرية بيانات مستخدميها، كما تستكشف حالياً طرقاً جديدةً للكسب بعيداً عن الإعلانات المزعجة أو بيع بيانات عملائها.

وبالطبع، لن تكون هذه الشركةَ الناشئة الأخيرة التي تُحاول تسهيل طرق تصفّح الإنترنت، فحتى شركة جوجل (Google) نفسها تعمل على تعزيز نموذجها الذكيّ المبتكر الخاصّ بتقنية الذكاء الصنعيّ تحت مُسمّى Search Labs، والقادر على توليد إجاباتٍ ومعلوماتٍ متعلقةٍ بالأسئلة أو المواضيع محلَّ بحثكم.

أداة الذكاء الصنعيّ الخاصّة بخرائط جوجل: نهجٌ جديدٌ لاستكشاف الأماكن

لا تُعَد أداة Search Lab الخاصّة بشركة جوجل مشروعَها الوحيد الساعي لتسهيل التصفّح عن طريق الاستفادة من تقنيات الذكاء الصنعيّ، حيث تسعى أداة الذكاء الصنعيّ الجديدة الخاصّة بخرائط جوجل (Google Maps) إلى مساعدتكم في استكشافِ وجهاتٍ جديدة، ولكن بطريقةٍ أذكى.

يُذكر أن أداة الذكاء الصنعيّ الخاصّة بـ Google Maps قادرةٌ على التعامل مع كافة أنواع الطلبات، بدءاً من الوجهات المخصّصة للعامّة، وصولاً إلى توفيره توصياتٍ شخصيةً. وقد أصبح هذا ممكناً بفضل قدرته على الوصول إلى بيانات أكثرَ من 250 مليون وجهةٍ وسجلاتِ بيانات مجتمع مستخدميها الذي يتجاوز قوامه 300 مليون مستخدم.

علاوةً على ذلك، تجعل ميزة الذكاء الصنعي التحدّث إلى تطبيق Google Maps تفاعلياً بحيث يبدو وكأنه محادثةٌ عاديةٌ، بحيث يمكنكم الحصول على اقتراحاتٍ تتعلق بكافة الوجهات بدءاً من المطاعم ذات الطابع العتيق إلى أماكن مزاولة أنشطةٍ داخليةٍ في يومٍ ممطر. كذلك ستقوم أداة خرائط جوجل بتنظيم هذه الاقتراحات بشكلٍ جيد، مع إضافة صورٍ وملخصاتٍ لمساعدتكم على اتخاذ قرارٍ بشأن الوجهات التي تودّون زيارتها.

على سبيل المثال، إذا كنتم تبحثون عن مكانٍ هادئٍ للعمل فيمكن لأداة Google Maps أن تقترح عليكم عدداً من المقاهي الهادئة. وتتميز الأداة أيضاً بخدمة Wi-Fi جيدة وتظهر لكم العديد من الأماكن التي يمكنكم شحن أجهزة الكمبيوتر المحمول الخاص بكم فيها، وكلّ ذلك عبر الاستفادة من ملاحظات المستخدمين الآخرين وفهم ما تبحثون عنه.

تطوير تصفح الإنترنت وما وراءه: تأثيرات الذكاء الصنعيّ

تُغيّر تقنيات الذكاء الصنعي (AI) -مثل Arc AI Agent وGoogle Maps AI- طريقة تجاوب الشركات مع العملاء. فالآن، ستتمكّن المشروعات التجارية من توفير خدماتها ومنتجاتها للباحثين عنها بالفعل، ممّا يجعل التسويق لديها أكثرَ كفاءةً من ذي قبل.

فمع وجود أدوات الذكاء الاصطناعي (AI) هذه، أصبحَ من الضروريّ أن تظهر أسماء الشركات التجارية ضمن الاقتراحات المُعدّة بواسطة الذكاء الصنعيّ؛ فنظراً لقدرتها على فحص كميةٍ ضخمةٍ من البيانات وتفضيلات المستخدمين، يمكن لأدوات الذكاء الصنعيّ اقتراح المشروعات التجارية وفقاً لرغبات المستخدمين، ما سيؤدي إلى تسليط الضوء عليها بشكلٍ أكثرَ تخصيصاً، حيث تظهر أسماء هذه الشركات التجارية كاقتراحاتٍ في اللحظة التي يُعبّر فيها المستهلك عن حاجته.

كما أنه من المنتظر أن تساعد أدوات الذكاء الصنعيّ هذه الشركات الصغيرة على الانتشار والوصول إلى العملاء المُحتملين بطريقةٍ وديةٍ وشخصيةٍ أكثرَ، على العكس من النهج التقليديّ للإعلانات، ما يمكنه تعزيز تجربة العملاء وإزكاء مشاعر الثقة والولاء.

وعليه، يُمكننا القول أن أدوات الذكاء الصنعيّ لا تُسهّل وصول أصحاب المشروعات التجارية إلى العملاء المُستهدفين وحسب، وإنما تضمَن أيضاً إثراء التواصل مع العملاء ورفع قيمة ذلك التواصل، ممّا يزيد من كفاءة الجهد التسويقيّ المبذول.

تحديات المستقبل: الحدود الأخلاقية لتكامل الذكاء الاصطناعي

نظراً لتنامي أدوات تقنية الذكاء الصنعيّ المُساعدة كالأداتين الخاصتين بشركتي Arc وGoogle Maps، يجدر بنا التفكير بتبعاتها الأخلاقية والتشغيلية. وتكمن المشكلة الرئيسية بكيفية تلخيص قدرات الذكاء الصنعيّ للمحتوى مع ضمان تعويض مُنشِئيه الأصليين بشكلٍ عادل. ففي عالمٍ مثاليّ، يجب على الذكاء الصنعي تلخيص المحتوى دون أن يفقد رسالته الأساسية أو يؤدي إلى عزوف المستخدمين عن زيارة موقع المصدر الأصليّ للمعلومات.

ويقودنا هذا إلى تساؤلاتٍ حول كيفية قيام هذه المنصّات بردّ الفضل إلى مُنشِئي المحتوى ومكافأتهم على النحوِ الأمثل دون فقدان الموازنة بين راحة المستخدم وحقوق مبتكري المحتوى.

فضلاً عن ذلك، يُمثّل التأكد من أن أدوات الذكاء الصنعيّ المُساعدة هذه توفّر نتائجَ صحيحةً ومحايدةً ونزيهة تحدياً آخرَ مهماً. فهذه الأدوات تتعلم عن طريق تحليل سجلاتٍ ضخمةٍ من البيانات، وفي حال كانت هذه البيانات متحيزةً أو تشوبها الأخطاء، فقد يُظهر الذكاء الصنعي هذه المشكلات في اقتراحاته. ومن أجل تفادي هذا، يجب اختيار موفّري البيانات بحذرٍ وفحص خوارزميات الذكاء الصنعي وتعديلها بصورة دوريةٍ لتجنّب التحيز.

ويُعتبر هذا الجهد ضرورياً من أجل اكتساب ثقة المستخدمين وضمان خدمة أدوات الذكاء الصنعيّ للجميع بشكلٍ متساوِ بغضّ النظر عن خلفيتهم، كما يتطلب التعاملُ مع هذه الأمور شفافيةً من الشركات بشأن استخدامها لهذه الأدوات من أجل توفير اقتراحاتٍ تشمل هذه الشركات، والتعاون مع الناشرين لتطوير نماذجَ نزيهةٍ لاستخدام المحتوى وتعويض مُبتكري المحتوى، إلى جانب التزام قويٍّ بممارسات الذكاء الصنعيّ الأخلاقية.

خلاصة القول

يمثل تنامي استخدام أدوات المساعدة المُعتمِدة على تقنيات الذكاء الصنعي كتلك المستخدمة في تصفّح الويب واستكشاف الوجهات الخاصّة بشركتي Arc وGoogle Maps -كمثال- قفزةً كبيرةً إيجابيةً في كيفية تعاملنا مع واقعنا الرقميّ، إذ توفر هذه الابتكارات تجاربَ مخصّصةً لكلِّ مستخدم، كما تُسهّل عملية الوصول إلى المعلومات، ما يمكنه تغيير أنماط تعامل المستهلكين والشركات -مع المعلومة- على حدٍّ سواء.

ومع ذلك، لا يمكننا التغاضي عن أهمية مناقشة الأبعاد الأخلاقية لتقنيات الذكاء الاصطناعيّ، إضافةً لضمان استخدام التكنولوجيا بطريقةٍ عادلةٍ وشفافةٍ بينما نرسم هذا المستقبل المثير؛ ففي النهاية، يُعتبر اعتماد إمكانات الذكاء الصنعيّ -بينما نقوم بمعالجة تحدياته- ضرورياً لبناء نظام تقنيٍّ يعود على الجميع بالفائدة.