غوغل وميتا

يعمل مكتب الاتصالات (Ofcom) –جهة الرقابة الإعلامية في المملكة المتحدة- على تدعيم فريق الأمان الإلكترونيّ الخاص به عن طريق استقطاب خبراء من شركاتٍ تقنيةٍ كبيرة كشركات ميتا (Meta) ومايكروسوفت (Microsoft) وجوجل (Google)، وتأتي هذه الخطوة كجزء من استعداداته لتطبيق مشروع قانون جديد للأمان السيبراني والذي تم إقراره كقانونٍ رسميٍّ في تشرين الأول/أكتوبر. وذكرت صحيفة الفاينانشال تايمز (The Financial Times) أن الجهة التنظيميّة بادرت بتأسيس فريقٍ جديد قوامه 350 فرداً تقريباً للتركيز على الأمان السيبرانيّ، ويشمل ذلك استقدام موظفين جددٍ من شركات ميتا ومايكروسوفت وجوجل، إضافةً إلى 100 فردٍ جديد يخطط Ofcom لتوظيفهم خلال العام الحالي.

انتقاء موظفين لدى كبريات شركات التكنولوجيا كي يعملوا لصالح Ofcom

في شهر حزيران/يونيو لعام 2022، انضمّت جيسيكا زوكر (Jessica Zucker) -الموظفة السابقة لدى شركتي ميتا ومايكروسوفت- إلى Ofcom كرئيسٍ لسياسات الأمان الإلكترونيّ، وقد لاحظت زوكر اهتماماً متزايداً بالحصول على وظيفةٍ لدى Ofcom، وعَزَت هذا الإقبال إلى تسريح موظفين كُثُرٍ من القطاع التقني خلال العامين الماضيين، معلقةً بقولها:

“يُشكّل Ofcom بديلاً مناسباً لمن حافظوا على حماستهم تجاه الأمان الإلكترونيّ والعمل على نطاقٍ أوسع، حيث يمكنهم إنجاز المهام المنوطة بهم لقطاعٍ بأكمله بدلاً من الاقتصار على شركةٍ واحدة”.

كما شاركت ألمودينا لارا (Almudena Lara) حماسها بالانضمام للفريق حيث أصبحت الآن مديرة سياسات الأمان المتعلقة بالأطفال لدى Ofcom، إذ تستمرّ بالتركيز على أمان الأطفال لدى تصفّحهم الإنترنت قائلةً:

“يملك معظم العاملين بالقطاع التقنيّ الحافز المناسب، ولكن من الصعب واقعياً وضع أمان المستخدمين كأولويةٍ بشكلٍ دائم”.

وقد شملت الإضافات الأخرى المُستقدَمة من شركات التقنية الكبرى إلى Ofcom:

نظرةٌ عامة على نص مشروع قانون الأمان الالكترونيّ وتأثيراته

تميّز مشروع قانون الأمان الالكترونيّ بكونه محط الاهتمام في البرلمان البريطاني خصوصاً بعد الالتماسات التي قدمتها أسَرٌ فقدت أبناءَها المراهقين انتحاراً بسبب المحتوى المؤذي عبر الإنترنت. وقد طالبت هذه الأسر بتصرّفٍ سريع تجاه هذه القضية مع حثّ الشركات على تحمّل المسؤولية، ويضع القانون قواعد للشركات العاملة عبر الإنترنت ومزوّدي الخدمات في المملكة المتحدة للحفاظ على أمان المستخدمين وبالأخص الأطفال منهم، حيث ينص على الآتي:

  • من المتأثر بالقانون: ينطبق القانون على العديد من مزوّدي الخدمات الإلكترونية مثل المواقع والتطبيقات والمنصات التي تمكن المستخدمين من إنشاء ومشاركة المحتوى عليها والتفاعل معه إلى جانب موفّري خدمات البحث، كما يشمل القانون جميع الأفراد والشركات مهما كان حجمها وموقعها حالَ امتلاكها للعديد من المستخدمين البريطانيين أو تركيزهم على سوق المملكة المتحدة.
  • الاستعداد لتطبيق بنود القانون واتباعها: يجب على موفّري هذه الخدمات تحديد المخاطر المتعلقة بالمحتوى المؤذي وغير القانونيّ -خصوصاً ما يمسّ الاطفال- والتعامل معها، وسيبدأ تطبيق القواعد على مراحل أولها بحلول نهاية عام 2024؛ ويجب على مزوّدي هذه الخدمات تقييم المخاطر وإدارتها وتحديد قواعد الأمان المتعلقة بها والسماح للمستخدمين بالإبلاغ عن المحتوى غير القانونيّ وموازنة عوامل الأمان مع حقوق حرية التعبير والخصوصية.
  • المساعدة والإرشادات: يوفر القانون إرشاداتٍ وقواعد لمساعدة موفري الخدمات على فهم المخاطر الإلكترونية وتقليصها، شاملةً كيفية تقييم المخاطر وتطبيق خطوات الأمان والامتثال للمسؤوليات القانونية.
  • القواعد والغرامات: سيُشرف Ofcom على اتباع هذه القوانين موفراً المشورة إلى جانب فرض غراماتٍ إذا لم يتم اتباع القوانين، ويمكن أن تصل العقوبات إلى 18 مليون جنيه استرليني أو 10% من الدخل العالميّ للشركة، وقد يصدر في الحالات الجادة أمرٌ قضائيٌّ بإيقاف هذا النشاط.
  • المحتوى غير القانونيّ وأمان الأطفال: يُركّز القانون على نطاق المحتوى غير القانونيّ ويُشدّد على حماية الأطفال من المحتوى المؤذي كالمواد الإباحية والمواد المتعلقة بالعنف والتنمّر وتعاطي المخدرات، حيث سيُطلب من موفري الخدمات تقييم المخاطر ووضع إجراءات الأمان المناسبة لحماية الأطفال.
  • قواعد مختلفة لبعض الخدمات: سيتم وضع بعض الخدمات ضمن فئاتٍ خاصة حسب ميزاتها وعدد مستخدميها، وسيُحمَّل موفرو هذه الخدمات مسؤولياتٍ إضافيةً مثل تقديم تقارير حول ممارساتها الأمنية ومنح المستخدمين المزيد من التحكم وحماية المحتوى الإخباريّ.
  • موازنة الحقوق: يجب على مزوّدي الخدمات احترام خصوصية المستخدمين وحرية التعبير عند وضع إجراءات الأمان، وسيضمّن Ofcom هذه العناصر ضمن الإرشادات وقواعد الممارسة.

تحدياتٌ مالية وقانونية لتطبيق القانون

يتوقع Ofcom أن يكلف تطبيق مشروع القانون الدولة حوالي 166 مليون جنيه إسترلينيّ بحلول نيسان/أبريل 2025، وسيتم إنفاق مبلغ 56 مليوناً بالفعل بحلول نيسان/أبريل القادم، ويخطط المكتب لفرض رسومٍ على الشركاتِ للمساعدة في تغطية هذه النفقات. ويتوقع Ofcom اضطرارَه للدفاع عن العديد من قراراته في ساحات القضاء مع احتمالية اعتراض الشركات على الجوانب الغامضة من القانون بهدف الوصول إلى الوضوح القانونيّ، وسيتحدّى هذا الموقف قدرة Ofcom على مواجهة فرقٍ قانونيةٍ كبيرة تتبع لشركاتٍ تقنيةٍ عالمية.

وصرّحت سوزان كارتر (Suzanne Carter) مديرة إنفاذ القوانين لدى Ofcom قائلةً:

“إننا مستعدّون بالكامل لتولّي قضايا حساسةٍ تبنياً لموقفنا القانوني، وسنواجه العديد من كبريات الشركات، ونتوقع الانخراط في ساحةٍ عدائيةٍ إلى حدٍّ كبير”.