يد تحمل هاتفاً ذكياً يظهر على شاشته شعار متجر تيك توك أمام خلفيّةٍ سوداء

بعد تسجيل أعداد مستخدميها ومستويات تفاعلهم معها نموّاً هائلاً، بدأت منصة تيك توك (TikTok) بفقدان زخمِها السابق مع توجيه أصابع الاتهام صوبَ التدفق الكبير مؤخراً للإعلانات المرتبطة بمتجر تيك توك، حيث تباطأت وتيرة تنامي أعداد مُستخدِميها خلال العام الماضي 2023 على أساسٍ شهريّ، ما أثارَ نقاشاتٍ حول أسباب هذا التراجع.

وكان موقع سينسور تاور (Sensor Tower) -المختصّ بتحليل بيانات السوق- قد أشار إلى استمرار تنامي أعداد مستخدمي منصة تيك توك ولكن بوتيرةٍ أقلّ، حيث ازداد عدد مستخدميها شهرياً خلال عام 2022 بمعدّل 12% على أساسٍ فصليّ (كلَّ ثلاثة أشهر)، إلّا أنّ معدل نموّها تراجعَ إلى 3% فقط في عام 2023.

وبالرغم من محافظة تطبيق منصة تيك توك على هيمنته ثقافيّاً، إلّا أنّ معدلات تفاعل المستخدمين المستمرّ معه بدأت بالانحدار، حيث اعتلى تطبيق تيك توك قائمة أكثر التطبيقات تحميلاً، إلى جانب كونه التطبيق الأول عالمياً من حيث حجم إنفاق المستخدمين للأموال من خلاله عام 2023، إلّا أنّه اتى في المرتبة الخامسة من حيث تزايد أعداد المستخدمين شهريّاً خلف عدد من التطبيقات المملوكة لشركة ميتا (Meta) ومنها فيسبوك (Facebook) وواتساب (WhatsApp) وإنستغرام (Instagram)، إضافةً لتطبيق ميسينجر (Messenger).

ظهور متجر تيك توك

تزامن انخفاض أعداد مستخدمي تطبيق تيك توك مع إطلاق متجر تيك توك الرسميّ، ما دفع بعض النّقاد إلى الاعتقاد بأنّ سيل الإعلانات قد يكون وراء انخفاض أعداد مُستخدميه، حيث تمّت تجربة المتجر الآنفِ ذكره لأول مرّة في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2022، وتدافعت بعض العلامات التجاريّة مثل باكسَن (PacSun) وريفولف (Revolve) وويلو بوتيك (Willow Boutique) وكيمتشي تشك بيوتي (KimChi Chic Beauty) لعرض منتجاتها من خلاله مطلع عام 2023، ليتمَّ إطلاق متجر تيك توك في الولايات المتحدة رسميّاً في أيلول/سبتمبر من عام 2023 كجزءٍ من خطّة التطبيق في زيادة أرباح هذه الشركات من خلال رَوَاج مقاطعها المصوّرة.

يُذكر أن متجر تيك توك يتيح للمستخدمين بيع منتجاتهم مباشرةً عبرَ التطبيق من خلال الإعلانات المنتظمة ضمن الفيديوهات أو عبرَ أنشطة البث المباشر أو من خلال شريطٍ خاصٍّ “بعرض المنتجات”، وتُعَد عوائد صانعي المحتوى على منصّة تيك توك من الإعلانات قليلةً جدّاً بالمقارنة مع منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، ما عزّز شعبيّة إنشاء إعلانات متجر تيك توك لدى صانعي المحتوى على مختلف مستوياتهم.

وكان التطبيق قد اختبر ميزة تسوّقٍ جديدةً في المملكة المتحدة متاحةً ضِمنَه تحت مسمّى Trendy Beat لبيع منتجات الشركة المالكة للتطبيق بايت دانس (ByteDance)، كما طرَحَ التطبيق برنامجاً يتيح لصانعي المحتوى ترويج المنتجات لقاء عمولة.

متجر تيك توك يلقى استياء المستخدمين وظهورُ مخاوفَ متعلقةٍ بالجودة

تعرّض متجر تيك توك لانتقاداتٍ لاذعةٍ عطفاً على تدفّق سيلٍ من الإعلانات عبرَ تطبيق المنصّة وتدنّي جودة المنتجات المعروضة، وفقاً لما ذكره عددٌ من مستخدمي منصة ريديت (Reddit) عبرَ عدد متنوّع من المنشورات.

من جانبهم، يشعر العديد من المستخدمين بعدم الرضى إزاء ازدياد عدد الإعلانات والعروض الترويجيّة التي تظهر خلال مشاهدتهم للفيديوهات، كما يعتقدون بأنّ توجّه تيك توك لزيادة نسب التسوّق عبر التطبيق تجاوزت الحدود وأفسدت تجربة استخدامهم له.

كما ظهرت شكاوى أخرى متعلقةٌ بجودة المنتجات المعروضة في متجر تيك توك، إذ لم تلقَ هذه المنتجات استحسان المستخدمين لتدني جودتها، ما دفعهم لوصفها بـ “الرخيصة”، كما ازدادت حدّة الاستياء نظراً لاختلاف جودة المنتجات التي تلقّاها المستخدمون عن تلك المعروضة في الإعلانات، ناهيك عن انتظارهم طويلاً للحصول عليها.

تجدرُ الإشارة إلى تزايد الاعتقاد بين المستخدمين بأنّ تطبيق تيك توك يسعى لرفع أرباحه المادية أكثر من تحسين تجربة مستخدميه، ويرى الكثيرون بأنّ توجه تيك توك نحو إضافة المزيد من الإعلانات يخالف الجوهر الأساسيّ للتطبيق، حيث أعربَ بعض المستخدمين عن افتقادهم للإصدار الأقدم للتطبيق محدود الإعلانات.

وكانت تقارير صادرةٌ عن تيك توك قد أشارت إلى نجاح نماذج الإعلانات القابلة للتخطّي، مضيفةً بأنّ 73% من المستخدمين أعربوا عن سعادتهم بتجربة التطبيق نظراً لقدرتهم على تخطّي فيديوهات الإعلانات المضمّنة، في حين قال 56% من المستخدمين بأنّهم سيشاهدون على الأرجح الفيديوهات المقدّمة برعاية إحدى العلامات التجاريّة إذا تمّ تفعيل خاصيّة تخطّي الإعلان.

صورةٌ تُظهِرُ نسبة المستخدمين الراغبين بتفعيل ميزة تخطّي الإعلانات

 

استكشاف آفاق نموّ متجر تيك توك وتحدّياته وسط تغيّر توجهات منصات التواصل الاجتماعي

بالرغم من المشاكل العديدة التي يُواجهها متجر تيك توك، إلّا أنّ تطبيق Shop Seller شهِدَ نموّاً كبيراً، حيث تُظهِر بيانات موقع Sensor Tower تناميه بمعدل 230% أواخر عام 2023 مقارنةً بسابقه 2022، إلا أن عدد مستخدمي تطبيق Shop Seller -والبالغ 6 مليون مستخدم- لا يُمكن مقارنته بعدد مستخدمي تطبيق تيك توك الكليّ، والبالغ 1.4 مليار مستخدم.

وقد تكون منصة إنستغرام المستفيد الأكبر من تراجع أعداد مستخدمي منصة تيك توك إذا ما تمكنت من استقطاب المستخدمين المستائين من متجر الأخيرة، حيث أزالت منصة إنستغرام -التابعة لشركة ميتا- مطلع عام 2023 قسم التسوّق من التطبيق وأوقفت ميزة التسوّق المباشر، الأمر الذي قد يجذب الراغبين بتصفّح حساباتهم على منصّات التواصل الاجتماعي دون التعرّض لسيلٍ من إعلانات التسوّق.

ويعكس توجّه شركة ميتا إلى خفض تركيزها على التسوّق عبر منصتها إنستغرام التوجّه العام للقطّاع، حيث تشير الإحصائيات بأنّه وفي عام 2022 بلغت نسبة المبيعات داخل الولايات المتحدة عبرَ منصات التواصل الاجتماعيّ 5% فقط من نسبة المبيعات الإجماليّة عبر الإنترنت، ما يعكس عزوف معظم المستخدمين عن شراء المنتجات مباشرةً إثرَ مشاهدتهم مقاطعَ مصوّرةً على منصات التواصل الاجتماعي رغم تأثرهم بمحتواها.

صورةٌ تُظهِر نسبة مبيعات منصات التواصل الاجتماعي مقارنةً بنسبة المبيعات الكلّية عبر الإنترنت في الولايات المتحدة منذ العام 2021 وحتّى 2027

بالرغم من ذلك، لا يبدو بأنّ متجر تيك توك قد دفع المستخدمين للابتعاد عن التطبيق لصالح مقاطع إنستغرام ريلز (Instagram Reels)، حيث أشارت شركة Sensor Tower إلى ثبات معدّل نموّ عدد المستخدمين النشطين شهرياً في منصة إنستغرام، إذ لم يكن لإطلاق متجر تيك توك أيّ تأثيرٍ يُذكر على ذلك.

في الواقع، صرَّحت منصة تيك توك بأنّ احتمالية تقديمها لتجربةٍ تلقى استحسان المستخدمين تبلغ 58% مقارنةً مع المنصات المشابهة لها، وهذا ما يعلّل قضاء المستخدمين خلال العام 2023 “وقتاً طويلاً يومياً في المنصّة يوازي وقت مشاهدة فيلمٍ كامل”.