بلغت إيرادات شركة أوبن إيه آي (OpenAI) مؤخراً أكثرَ من 1.6 مليار دولار بعد شهرين فقط من بلوغها 1.3 مليار دولار، وذلك بحسب موقع The Information الإخباريّ الذي أورد أقوال شخصين مطّلعين على الأمر. وذكرَ الموقع أيضاً أن OpenAI تتطلع لجمع المزيد من التمويلات بهدف رفع قيمتها السوقية إلى 100 مليار دولار على الأقل.
وبدأت هذه الزيادة في المبيعات لدى قيام الشركة بإطلاق ChatGPT Plus -وهو إصدارٌ مميّزٌ من خدمة روبوت المحادثة ChatGPT- في شباط/فبراير من عام 2023. وقبل إطلاق هذا الإصدار، اقتصرت عوائد الشركة على بيع تقنية الذكاء الصنعيّ (AI) الخاصة بها للمطوّرين. وبالرغم من جهودها الكبيرة، خسرت الشركة 540 مليون دولار خلال عام 2022، وبلغت إيراداتها 28 مليون دولار فقط.
شركة OpenAI تفاجئ منتقديها بإيراداتٍ مذهلة
أفادت وكالة رويترز (Reuters) في عام 2022 أن OpenAI تتطلع لزيادة إيراداتها لتصل إلى 200 مليون دولار خلال عام 2023 -كهدفٍ أوليّ- وبلوغ علامة 1 مليار دولار خلال عام 2024، إلا أن الإصدارَ المُطوّر ChatGPT Plus حقّقَ نجاحاً فاق التوقعات، ما تسبَّبَ بازدياد إيرادات الشركة بشكلٍ سريع.
وبحسب تقريرٍ قامت وكالة بلومبيرج (Bloomberg) بنشره مؤخراً، نمَت أرباح الشركة بشكلٍ سريع لتصلَ إلى 1 مليار دولار تقريباً في آب/أغسطس الماضي. وبعد شهرين فقط، أفاد موقع The Information ببلوغ إيرادات OpenAI السنويّة مقدار 1.3 مليار دولار.
ويكشف هذا التحديث الأخير تخطّي إيرادات الشركة السنوية حاجز 1.6 مليار دولار حالياً، ما يمثل زيادةً كبيرةً تجاوزت 20% خلال الشهرين الماضيين فقط. وبالمقارنة مع الإيرادات السنوية المسجّلة في عام 2022 -والتي بلغت 28 مليون دولار- يتضح أن دخل الشركة السنويّ حلّق بنسبة 5,700%، ومن المرجّح أن يجذبَ هذا الارتفاع المفاجئ والمذهل اهتمام المستثمرين.
ووفقاً لوكالة بلومبيرج، تعتزم الشركة إطلاق جولةٍ تمويليةٍ جديدة لرفع قيمتها السوقية لأكثرَ من 100 مليار دولار؛ ولا تتوفر حالياً معلوماتٌ تفصيليةٌ حول الجهات المحتملة التي قد تلحق بركب المستثمرين في الشركة.
تغييراتٌ إدارية كبيرة في شركة OpenAI
تبدو إنجازات أوبن إيه آي المالية الأخيرة مبهرةً أكثرَ بالنظر للتغييرات الإدارية الرئيسية الأخيرة التي شهدتها الشركة، وكان آخرها عودة سام ألتمان (Sam Altman) لمنصبه كمديرٍ تنفيذيٍّ للشركة؛ وجاء هذا القرار عقب فترة اضطراباتٍ غير متوقعةٍ بدأت بإقالة ألتمان بشكلٍ مفاجئٍ، ما تسبّب باحتمال مغادرة الموظفين للشركة بشكلٍ جماعيّ. وقد مثلت عودة ألتمان إلى منصبه خطوةً إستراتيجيةً نحو استقرار قيادات الشركة وتركيزها على تطوير أبحاث الذكاء الصنعيّ وتعزيز الجهود الخاصّة بالأمان.
في سياقٍ متصلٍ، أعلنت OpenAI أسماء أعضاء مجلس إدارتها الجديد، حيث تم تعيين بريت تايلور (Bret Taylor) رئيساً للمجلس، بينما تمّ تكليف كلٍّ من وزير الخزانة الأمريكي السابق لاري سامرز (Larry Summers) وآدم دانجيلو (Adam D’Angelo) كعضوين في المجلس. وتجدر الإشارة إلى أن شركة مايكروسوفت (Microsoft) -وهيَ من أهم شركاء OpenAI- تتمتّع بصفة مراقب لا يحق له التصويت في مجلس الإدارة الجديد، ما يعكس التعاون الوثيق بين الشركتين واهتمامهما المشترك بتطوير تقنية الذكاء الصنعي.
ووجّه ألتمان رسالةً لموظفي الشركة أعرب فيها عن امتنانه لهم وأكّد على التزام OpenAI بالإدارة الشفافة والمسؤولة؛ ويهدف هيكل مجلس الإدارة الجديد للحدّ من النزاعات الداخلية في الشركة وضمان حَوكمَتِها بشكلٍ مسؤول.
تحدياتٌ قانونية تلوح بالأفق: صحيفة نيويورك تايمز تقوم برفع دعوى بالغة الأهمية
بالرغم من النجاحات آنفة الذكر، تتوجّه الأنظار إلى شركة OpenAI حالياً لسبب مختلفٍ تماماً، إذ قامت صحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) برفع دعوى ضدَّ كلٍّ من OpenAI ومايكروسوفت تدّعي فيها استخدامهما مقالاتها لتدريب أنظمة الذكاء الصنعي الخاصة بهما -مثل ChatGPT وCopilot- دون إذنها، وتُعتبر هذه الدعوى بالغة الأهمية لأن تبعاتها قد لا تؤثر على هاتين الشركتين فقط، بل على قطاع الذكاء الصنعيّ برمّته.
وتدّعي الصحيفة قيام كلٍّ من أوبن إيه آي ومايكروسوفت ببناء أعمالٍ تجاريةٍ بقيمة مليارات الدولارات باستخدام المحتوى الخاص بها بشكلٍ مجانيّ، ما تسبَّبَ للصحيفة -حسب زعمها- بخسائرَ ذات صلةٍ برسوم الترخيص والمنافسة على القرّاء وعوائد الإعلانات.
وقامت الصحيفة بتضمين أدلةٍ تفصيليةٍ في الدعوى آنفة الذكر تُثبت قيام خدمات الذكاء الصنعيّ الخاصّة بالشركتين بنسخ أجزاءٍ من مقالاتها، وتزعم نيويورك تايمز أنهما قامتا باستخدام الملايين من مقالاتها دون إذن، وتدعم الصحيفة ادّعاءَها بقيام OpenAI بجمع البيانات من الويب بشكلٍ كبيرٍ ووصول مايكروسوفت إلى المقالات المُؤرشفة.
وفي وقتٍ سابقٍ من العام الماضي، قامت الصحيفة بمنع روبوتات أوبن إيه آي من الوصول لمحتواها الجديد، وقالت الصحيفة إنها حاولت التوصل إلى اتفاق مع الشركتين للحصول على تعويضاتٍ منصفةٍ لقاء استخدام المحتوى الخاص بها، إلا أن المفاوضات مع مايكروسوفت وأوبن إيه آي انتهت بالفشل. وتزعم الصحيفة أن ما قامت به شركتا التقنية يمثل انتهاكاً لقوانين الملكية الفكرية ويتخطى ما هو مسموحٌ به وفق قواعد الاستخدام العادل.
بناءً عليه، تطالب الصحيفة الشركتين بمنحها مليارات الدولارات كتعويضاتٍ عن الضرر الذي لحق بها إلى جانب مطالبتهما بالكفّ عن استخدام مقالاتها في نماذج الذكاء الصنعي الخاصّة بهما. أخيراً، سيكون لقرار المحكمة المرتقب تبعاتٌ بالغة الأهمية على نموذج أعمال OpenAI وكافة النماذج اللغوية الضخمة (LLM) المُدرَّبَة بموادّ محفوظة الحقوق.
تأثير الدعوى القضائية على القيمة السوقية للشركة وإمكاناتها المستقبلية
تقف أوبن إيه آي حالياً عند مفترق طرقٍ بالنظر لازدياد إيراداتها بشكلٍ سريعٍ ومواجهتها لمشاكل قانونيةٍ بشكلٍ متواصلٍ، ما يجعل مستقبل الشركة في وضع بالغ التعقيد؛ وعلى الرغم من النموّ الماليّ والتطوّرات المهمّة المحقّقة في مجال الذكاء الصنعي، إلا أن دعوى نيويورك تايمز تفرض حالةً من عدم اليقين، كما يُثير هذا التحدّي القانونيّ تساؤلاتٍ حول كيفية إدارة الشركة لأعمالها، ما قد يؤثر على قيمتها السوقية ورَوَاجها لدى المستثمرين.
وعليه، تُعتبر نتيجة هذه الدعوى القضائية بالغة الأهمية وحاسمةً لأنّها قد تؤثر على قطاع الذكاء الصنعيّ ككلّ، فقد يتم وضع قواعد لاستخدام البيانات المتاحة للعامّة من قبل شركات الذكاء الصنعيّ بغرض تطوير تقنياتها؛ ونظراً لاضطرار OpenAI للتعامل مع هذه المشكلة، فمن المرجّح أن تتأثر قيمتها السوقية وإمكاناتها المستقبلية بشكلٍ كبير.