كشفت شركة ميتا (Meta) عن عزمها إطلاق أداتين إبداعيتين جديدتين تعملان بالذكاء الاصطناعيّ قريباً على منصتي فيسبوك وإنستغرام تحت مسمّى Emu Video وEmu Edit. وستستفيد الأداتان من نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي من Meta’s Emu لتمكين تحرير الفيديو والصور بسهولةٍ باستخدام الأوامر النصّية.

وستسمح الأداتان الجديدتان للمستخدمين بتصميم وتخصيص وتعديل محتوى الوسائط الاجتماعية المرئية من خلال عمليات تعديلٍ برمجيّةٍ يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعيّ. وتقدّم شركة ميتا إمكانات التحرير الجديدة هذه باعتبارها أحدث ثمار جهودها في مجال الذكاء الاصطناعيّ التوليدي.

أداة Emu Video: تحويل النص إلى حركة

تمثّل أداة Emu Video لتحرير المرئيات ثمرة جهود ميتا في إنشاء مقاطع فيديو تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ويمكن للأداة إنتاجُ مقاطع فيديو بطول بضع ثوانٍ وفق الوصف المقدَّم من قبل المستخدمين عن طريق كتابة نصٍّ ما، وهو ما يشكل تطوّراً ملحوظاً عن أدوات توليد الصور المعتادة، طبعاً على افتراض أن أداءَ هذه الأداة كان مثالياً.

ووفقاً لشركة ميتا (Meta)، تستخدم أداة Emu Video عمليةً من مرحلتين للحصول على الفيديو المطلوب. أولاً، يقوم النظام بإنشاء صورة ثابتةٍ موافِقةٍ للمواصفات التي يتم إدخالها عن طريق الكتابة، لتقوم الأداة بعد ذلك بإنشاء فيديو رسوم متحركةٍ قصيرٍ بناءً على النص والصورة التي تمّ إنشاؤها.

وترى ميتا أن تقسيم عملية إنتاج الفيديو إلى مرحلتي إنشاء الصور الثابتة ثمّ الرسوم المتحركة يسمح لأداة Emu Video بتحسين كفاءة النتائج -الفيديوهات- المولّدة عن طريق نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعتمد عليها الأداة؛ وقد اعتمدت الشركة هذه الطريقة باستخدام نموذج دمج واحدٍ مُحسَّنٍ لإنتاج فيديو عالي الدقة.

ويظهَرُ من خلال العروض التوضيحيّة أن أداة Emu Video أنشأت مقاطعَ فيديو سلسةً ومتجانسةً نسبياً، ومتوافقةً مع مدخلات المستخدمين من الأوامر النصيّة. ومع ذلك، تظل جودة الفيديو الأصليّ أقلَّ بكثيرٍ من المعايير الاحترافية، وهو ما يكشف الإمكانات التكنولوجية التي ما تزال محدودةً في هذه المرحلة. ومع ذلك، ترى ميتا في أداة Emu Video إمكانيةً واضحةً لتمكين المستخدمين من التعبير العفويّ عن الذات.

وتعتقد الشركة أن هذه المقاطع التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعيّ يمكن أن تكون مفيدةً لإنشاء ملصقاتٍ متحركةٍ وصور GIF مخصّصةٍ، وتعديلاتٍ للصور الثابتة، إلى جانب تأثيراتٍ أخرى لتحسين المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. وهكذا، فإن أداة Emu Video تمثل حلاً وسطاً عملياً بين الصور الثابتة وتطبيقات تحرير الفيديو الاحترافيّة المعقّدة.

اقرأ أيضاً: استخدام الذكاء الاصطناعي في التسويق لزيادة العائدات في عام 2023

سهولة تحرير الصور عن طريق الأوامر النصية باستخدام أداة Emu

يمكن اعتبار Emu Edit لإنشاء الصور أداةً مُكمِّلةً لأداة Emu Video، فهي تستفيد أيضاً من نموذج Emu كي تتيح للمستخدمين إجراء تعديلاتٍ دقيقةٍ على الصور من خلال التعليمات النصّية.

فعلى سبيل المثال، يؤدي إدخال أوامرَ نصّيةٍ مثل “ضع صديقي على الشاطئ” أو “اجعل هذه التفاحة زرقاء” إلى تمكين إجراء تغييراتٍ دقيقةٍ دون الحاجة إلى تحديد أجزاء الصورة أو معالجتها يدوياً، ويتم ذلك من خلال تركيز أداة Emu Edit فقط على تعديل وحدات البيكسل التي تُفيد الأوامرُ النصيّة بتغييرها.

ويكمن تميّزُ هذه الأداة عن غيرها من أدوات تحرير الصور بالذكاء الاصطناعيّ في أن الأدوات السابقة كانت غالباً ما تغيّر الصور بشكلٍ غير متوقّع بناءً على تعليماتٍ نصيةٍ يمكن أن تُفسَّر عشوائياً، في حين تحافظ أداة Emu Edit على الدقة في التعديلات التي يريدها المستخدم دون المساس بالأجزاء غير المطلوب تعديلها في الصورة.

ولتدريب أداة Emu Edit قامت منصّات ميتا (Meta Platforms-META) بتجميع حزمة بياناتٍ مكوّنةٍ من 10 ملايين صورة نموذجيةٍ تحمل كلٌّ منها تعليمات التحرير والمُخرجات اللازمة. وتهدف عملية التدريب الهائلة هذه إلى تعزيز قدرات Emu Edit، والتي تتراوح بين عمليات إزالة بعض مكوّنات الصورة، وتغييرات اللون والأشكال الهندسية، وصولاً إلى تغييرات الخلفية، وغير ذلك من التعديلات.

وتُظهر الاختبارات الأولية تفوّقَ أداة Emu Edit على غيرها من الأدوات في الاستجابة لأوامر التحرير بدقةٍ، ما سيجعلها -وفقاً لـ ميتا- أداةً تقنيةً يمكن أن تسمح للمستخدمين المبتدئين بإجراء تعديلاتٍ معقّدةٍ ترتقي إلى مستوى منتجات المحترفين، رغمَ عدم امتلاكهم لمهاراتٍ إبداعيةٍ عميقة.

تمكين الإبداع لدى عموم المستخدمين باستخدام الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي

يتلخّص الهدف من أداتي Emu Video وEmu Edit بمساعدة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في التعبير عن مشاعرهم بطريقةٍ إبداعيةٍ من خلال وضع ميزات التأثيرات البصرية المتقدمة التي توفرها هذه الأدوات بين يدي المستخدمين العاديين من خلال الذكاء الاصطناعيّ البديهي.

وترى شركة ميتا أن أدوات التحرير باستخدام الذكاء الاصطناعيّ التوليدي مثل Emu Video وEmu Edit باتت تشكّل مساحةً مفتوحةً أمام إبداع عامّة الجمهور، حيث تنطلق الشركة من اعتقادها بأن الذكاء الاصطناعي يمكنه -إذا ما تمّ تطبيقه بشكلٍ مدروسٍ- تعزيز الإبداع البشريّ بدلاً من إلغائه.

وبالرغم من أن الأداتين ما تزالان في المراحل الأولى من تطويرهما، فقد حدّدت شركة ميتا بعض حالات الاستخدام لهما، مثل إمكانية تحويل الصور الشخصية للمستخدمين إلى صورٍ متحركةٍ، أو تعديل الصور الثابتة لإضفاء الحيويّة على منشوراتهم في وسائل التواصل الاجتماعيّ؛ وهكذا فإن أداتي Emu Video وEmu Edit توفران طرقاً جديدةً للتواصل الشخصيّ وإظهار البراعة الفنية العفوية عن طريق الذكاء الاصطناعيّ.

وتمثل وظائف التحرير المدعومة بنموذج Emu أحدثَ منتجات Meta في مجال الذكاء الاصطناعيّ التوليدي؛ فمن خلال أداتي Emu Video وEmu Edit تسعى ميتا إلى تحسين مجموعة أدواتها الإبداعية وتعزيز دور نموذج Emu كنواةٍ أساسيةٍ للمنتجات القائمة على الذكاء الاصطناعيّ فيها. وتنظر الشركة إلى النماذج التوليدية مثل Emu على أنها تقنياتٌ تمكّن من تعزيز مساحة إبداع المستخدمين عبر منصّاتها المختلفة.

وبإدخالها هذه الأدوات، تنضمّ ميتا إلى شركاتٍ منافسةٍ من أمثال جوجل (Google) وأمازونAmazon (AMZN) وغيرهما في تقديم المنتجات الإبداعية المدعومة بالذكاء الاصطناعيّ للمستخدمين. ومن المتوقّع أن يوفر الوصول الفريد إلى البيانات من قِبَل مليارات مستخدمي منصات ميتا أفضليةً للشركة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعيّ، والتحسين المستمرّ لخوارزمياتها.

ويعود الفضل في ظهور الأدوات الإبداعية من أمثال Emu Video وEmu Edit إلى الاستثمارات الواسعة للشركة في الأبحاث الأولى والبنية التحتية التقنية باعتبارهما حجر الأساس لهذه الأدوات، فتحويل الأبحاث إلى منتجاتٍ استهلاكيةٍ في متناول المستخدم يُعتَبر حصيلةً مشتركةً لتطبيقاتِ أحدث نماذج الذكاء الاصطناعيّ وأنظمة النشر الصناعية.

ما هو مستقبل منتجات الذكاء الاصطناعيّ لشركة ميتا؟

قالت شركة ميتا (Meta) إن أداتي Emu Video وEmu Edit تشكلان نموذجاً أولياً لمنتجاتٍ قابلةٍ للتطوير في الوقت الحاليّ، وذلك دون أن تقدم الشركةُ الرائدةُ في مجال وسائل التواصل الاجتماعي أيّة تفاصيلَ حول ما إذا كان سيتم إطلاق الأداتين رسمياً أم لا، أو تحديد موعدٍ معيّنٍ لهذا الإطلاق.

بكلّ الأحوال، فإن الكشف عن هذه التقنيات يُشير إلى حرص ميتا على ريادة التطبيقات العملية الجديدة للذكاء الاصطناعيّ التوليدي، إذ تدرك الشركة أن التعبير الإبداعيّ هو حالة استخدامٍ واعدةٌ لتعزيز مشاركة المستخدمين ورضاهم.

وفي النهاية، فإن العمل الدؤوب الذي تبذله ميتا (Meta) لتعزيز نموذج Emu ونظامه التقنيّ في مجال الذكاء الاصطناعيّ التوليدي، يَعِدُ المستخدمين بقرب رؤية أدوات التحرير المتطوّرة جاهزةً لإضفاء لمساتهم الإبداعية الخاصة في منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي التابعة لشركة ميتا. وبالرغم من ضرورة الاعتراف بالتحديات الأخلاقية التي قد تفرضها هذه المنتجات، فإن ميتا تبقى طموحةً في وضع مزايا هذه التكنولوجيا بين أصابعِ مستخدميها.