أعلنت شركة جوجل (Google) عن قيامها بدمج مجموعةٍ جديدة من نماذج اللغات الكبيرة متعدّدة النماذج (LLMs) -والمعروفة باسم جيميني (Gemini)- بأداة إعلانات Google Ads الخاصّة بمحرّك بحثها، الأمر الذي قد يمثل تحوّلاً هائلاً في مجال الإعلان الإلكترونيّ. يأتي ذلك ضمن مساعي الشركة الرامية إلى تحسين تجربة الاستخدام وتسهيل إعداد المُعلِنين لحملاتهم الإعلانية وتطويرها عبرَ محرّك البحث جوجل.
ووفقاً لهذا الإعلان، فقد أتاحت الشركة رسمياً إمكانية تجربة هذه الميزة الجديدة والمثيرة المدعومة بنموذج Gemini للمُعلنين باللغة الإنجليزية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ومن المتوقّع أن يبدأ قريباً التوسّع بنشر الميزة عالمياً لتشمل جميع المعلنين في الدول الناطقة باللغة الإنجليزية، كما تخطط Google أيضاً لإتاحة هذه الميزة بلغاتٍ إضافيةٍ في المستقبل القريب، مبديةً ترحيبها بتلقي تعليقات المستخدمين حول ميّزتها الجديدة.
كيف يتم دمج ميزة Gemini بأداة Google Ads؟
من الواضح أن دمج نموذج Gemini بأداة إعلانات Google يُمثّل فاتحةً لحقبةٍ جديدة تلعب فيها تقنيات الذكاء الصنعيّ دوراً رئيسياً في مجال الإعلان؛ وألمحت جوجل سابقاً إلى الإمكانات الواعدة لتقنيات الذكاء الصنعيّ في تحسين الحملات الإعلانية، وها هي اليوم تقدّم تجسيداً لهذه الإمكانات عبر نموذجها المطوّر Gemini.
وتتمثّل السِّمة الرئيسيّة لهذا الدمج بـ “التجربة التفاعلية عبرَ المحادثة”، وهي سمةٌ تستمدّ تفرّدها من كونها جامعةً بين مهارات المُعلنين وتقنيات جوجل للذكاء الصنعيّ، ما يمكنه المساعدة في إنشاء حملاتٍ إعلانيةٍ أفضلَ تبعاً لكلمات البحث -ابتداءً من اسم عنوان موقع الويب الخاصّ بالمُعلن- من أجل توفير محتوى إعلانيٍّ مُناسب، بما في ذلك العناصر الإبداعية والكلمات المفتاحية. بعدها، يمكن للمُعلن تعديل أية مقترحاتٍ وإجراء محادثة تفاعلية مع النموذج المطور للخروج بأفضل أداءٍ ممكن، تماماً كما لو كان وظّفه كخبير تسويق يتمتع بحنكةٍ عالية، ولكن مجاناً!
ويمكن ملاحظة روعة هذا الدمج من خلال الطريقة التي تساعد فيها أداة Gemini في تكوين الجوانب المرئية من الإعلان عبر الإنترنت؛ فكما نعلم، تعتمد الإعلانات الرقمية بشكلٍ كبيرٍ على المؤثرات البصرية، وهو ما يجعل من عملية إنشاء الصور اللافتة للنظرِ أمراً أكثرَ تعقيداً.
ولحلّ هذه المشكلة، ستوفّر تجربة المحادثة الخاصّة بأداة إعلانات جوجل (Google Ads) قريباً اقتراحاتٍ بالصور المناسبة لكلِّ حملةٍ من الحملات، وسيتم ذلك باستخدام أداة الذكاء الصنعيّ التي يمكنها تحليل ودمج عناصرَ مرئيةٍ من صفحة الويب الخاصّة بالمُعلِن، ما سيؤدي إلى سلاسة التجربة البصرية وملائمتها لكلِّ حملةٍ إعلانية. ستتم إضافة هذه الميزة خلال الأشهر المقبلة، وسيكون للمعلنين الكلمة الأخيرة بشأن مكوّنات الحملة -بما فيها الصور- قبل إطلاقها.
جديرٌ بالذكر أن جميع الصور التي يتم إنشاؤها باستخدام أداة الذكاء الصنعي التوليديّ -بما فيها المتعلقة بالمحادثة- ستكون مُعرَّفةً بوضوح على أنها من ابتكار الذكاء الصنعيّ، وذلك باستخدام تقنية SynthID لوسم هذه الصور بعلامةٍ مائيةٍ خفيّة. إضافةً إلى ذلك، سيتم استخدام البيانات الوصفية القياسية، وهي نوعٌ من الملصقات الرقمية التي تشير إلى أن المحتوى تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الصنعيّ، وذلك لضمان الشفافية حول مصدر الصور المبتكرة بواسطة هذه التقنية.
مزايا استخدام أداة جيميني (Gemini) في إعلانات جوجل
أجرت شركة Google اختباراتٍ ضمّت مُعلنين مختارين للتعرّف على مدى الاستفادة من تجربة المحادثة مع أداة إعلانات Google في تحسين الحملات الإعلانية عبرَ محرّك البحث وتسهيل إدارتها؛ وقد تم قياس نجاح هذه الطريقة من خلال أداة مقياس قوّة الإعلان، والتي تتحقق من مدى ملاءمة محتواه وجودته وتنوّعه، وتوفر الأداة تقييماتٍ تتدرَّج من “ضعيفٍ” إلى “ممتاز”.
وتشير التقارير إلى أن احتمال حصول إعلانات مُعلني المشاريع الصغيرة على درجة “جيد” أو “ممتاز” تزداد بنسبة 42% عند استخدامهم لتجربة المحادثة، ما يُعدُّ أمراً مهماً لأن النتيجة الأفضلَ على مقياس قوة الإعلان تشير عادةً إلى استجابة عددٍ أكبرَ من المتصفّحين للإعلانات. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي تحسين درجة المقياس للإعلانات المتجاوبة عبر محرك البحث من “ضعيف” إلى “ممتاز” إلى زيادة متوسّطها 12% في التحويلات.
ما هي أداة جيميني (Gemini) بالضبط؟
قامت جوجل بتقديم أداة جيميني في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، وهي عبارةٌ عن نموذجٍ لغويٍّ جديد بدأ بالفعل بتغيير مجال الذكاء الصنعي، وتميَّز النموذج بالأداء العالي خلال خضوعه لاختباراتٍ أكاديميةٍ، وباتت إمكاناته تَعِدُ بتحسين منتجات جوجل المتنوّعة.
وتتميز أداة Gemini بتوافر ثلاثِ نسخٍ منها: Ultra وPro وNano حيث تم تصميم كلٍّ منها لملاءمة نوعٍ مختلفٍ من الأجهزة، وأقوى هذه النسخ هي Ultra المصمَّمة لأداء المهام المعقّدة، أما نسخة Nano فقد تم بناؤها بهدف توفير الكفاءة وسهولة الاستخدام عبر الهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة الذكية، في حين أن نسخة Pro توفر حلاً متوازناً يجمع بين قوة الأداء وتوفير استهلاك الموارد، وهو ما يمنحها مرونةً للاستخدام في العديد من التطبيقات.
ولعلّه من المثير للاهتمام أن إصدارَ Gemini 1.0 نجَحَ بتحقيق نتائج ممتازة خلال المرحلة الاختبارية، إذ تفوّق في 30 من أصل 32 معياراً أكاديمياً أساسياً، ما يشير إلى قدراته المتقدمة على فهم اللغة وحلّ المسائل الرياضية والتعرّف على المؤثرات البصرية، ويُعتبر أداء جيميني في اختبار فهم اللغة متعدّد المهام (MMLU) من أهمّ إنجازاتها حيث سجّلت الأداة نتيجة 59.4% في 57 موضوعاً مختلفاً وأبدت مستوى استثنائياً من الإدراك مُشابهاً لمستوى الذكاء البشريّ في العديد من المجالات.