صورة من منتدى سامسونج للذكاء الصنعي
كشفت شركة سامسونج رسمياً عن نموذجها الجديد للذكاء الصنعي التوليدي (generative AI) تحت اسم سامسونج غاوس (Samsung Gauss)، ليكون بذلك منافساً قوياً لـ شات جي بي تي (ChatGPT) وأدوات الذكاء الصنعي الأخرى، وقد أزاحت سامسونج الستار عن نموذجها ضمن فعاليات منتدى سامسونج للذكاء الصنعي لعام 2023، ويُعَدّ نموذج غاوس الخطوة الرئيسية الأولى لعملاق صناعة الأجهزة الإلكترونيّة -شركة سامسونج- في مجال الذكاء الصنعي التوليدي سريع التطوّر.
وقد كان نموذج غاوس نتاجاً لمجهودات قسم الأبحاث في شركة سامسونج، إذ يشتمل هذا النموذج على ثلاثة نماذج أساسيّة وهي: نموذج اللغة التوليدي (Gauss Language)، وآخرَ لإنشاء الأكواد البرمجيّة (Gauss Code)، إلى جانب نموذج لتوليد الصور (Gauss Image)، حيث تسخّر هذه النماذج جوانبَ مختلفةً من تقنيات الذكاء الصنعي التوليدي بهدف إتاحة آفاقٍ جديدة أمام المستهلكين والعاملين لرفع سويّة إنتاجيتهم وتعزيز قدراتهم الإبداعيّة.
ووفقاً لما ذكرته شركة سامسونج، فإنّ استخدامات نموذج غاوس تنحصر حالياً ضمن نطاق الشركة لتحسين طرق عمل موظفيها، ولكن من المقرّر أن تقوم سامسونج بدمج نموذجها الخاص بالذكاء الصنعي مع منتجاتها في المستقبل القريب لنقل تجربة المستخدم إلى مستوياتٍ جديدة.
آلية عمل نموذج غاوس وقدراته
إليكم الآن موجزاً لأفضل الميزات والمواصفات التقنية لنموذج غاوس والذي تمّ إطلاقه اليوم خلال فعاليات منتدى سامسونج.
نموذج اللغة التوليدي غاوس القادر على توليد النصوص وفهمها
يتولى نموذج اللغة التوليدي غاوس مهام معالجة اللغة الطبيعيّة (NLP) ممّا يمكّنه من فهم اللغة المحكيّة والمكتوبة وتوليدها. من جانبها، أشارت شركة سامسونج إلى دور نموذج اللغة التوليدي غاوس في المساعدة على إنشاء المحتوى المكتوب مثل رسائل البريد الإلكتروني وتلخيص المستندات وترجمة النصوص من لغةٍ لأخرى، بالإضافة إلى قدرته على التفاعل مع التعليمات المدخلة باللغة الطبيعيّة.
كما يهدف نموذج اللغة التوليدي غاوس -عبر دمجه بمنتجات سامسونج- إلى رفع سويّة التحكم الصوتيّ بالأجهزة والتوصيات الشخصية المقترحة، فضلاً عن تحسين التجارب الشخصية الأخرى للمستخدمين عبرَ تصميمها بطريقةٍ تلائم احتياجاتهم الخاصة.
ويُذكر بأنّ نموذج اللغة التوليدي يحتوي سلسلةً من النماذج الفرعيّة، ما يمكنه من العمل بسلاسةٍ عبر مختلف الأجهزة والمخدّمات، وبذلك ستتمكن شركة سامسونج من تشغيل نموذجها الآنف ذكره عبر مجموعةٍ واسعةٍ من المنتجات المتصلة ببعضها البعض بفضل المرونة الكبيرة لهذا النموذج.
نموذج الذكاء الصنعي لإنشاء الأكواد البرمجية غاوس
يهدف نموذج إنشاء الأكواد البرمجيّة غاوس (Gauss Code) إلى مساعدة مطوّري البرمجيات، وذلك عبر تسهيل عملية كتابة الأكواد البرمجيّة، كما يقدم هذا النموذج أداةً مُساعدةً للبرمجة تدعى code.i تعزّز قدرة المبرمجين على إنشاء الأكواد البرمجيّة وتعديلها بسرعةٍ فائقة.
وبمقدور نموذج إنشاء الأكواد البرمجيّة غاوس -عبر واجهة استخدامه البسيطة وغير المعقدة- تحليلُ الأكواد مباشرةً وتقديم اقتراحاتٍ لتحسينها وإجراء اختباراتٍ مؤتمتةٍ لضمان دقة عملها، ما سيسرّع من وتيرة عمل المبرمجين ويعزّز إنتاجيتهم في برمجة تطبيقاتٍ جديدة أو حتّى تحسين جودة التطبيقات القديمة.
وفي سياقٍ متصلٍ، تسعى شركة سامسونج -عبر دمجها لنموذج إنشاء الأكواد غاوس بأدواتها الداخلية- إلى تبنّي آليةٍ مدعومةٍ بالذكاء الصنعي لإنشاء الأكواد البرمجية، ما سيجنّبها التكراريّة في العمل وتسخير قدرات المبرمجين بشكلٍ كاملٍ في حلّ المسائل الأكثر تعقيداً.
وبفضل قدرتها على تسريع حدّة تطوير البرمجيات ضمن الشركة، ستتمتّع سامسونج بأفضليةٍ تمكنها من تقديم حلولٍ مبتكرة ومدعومةٍ بنموذج غاوس للمستهلكين الأفراد منهم والمؤسسات.
نموذج الذكاء الصنعي لتوليد الصور غاوس
إلى جانب النماذج الخاصّة بإنشاء النصوص والأكواد، طرحت سامسونج نموذج توليد الصور غاوس (Gauss Image) المختص بتوليد الوسائط المرئيّة وتعديلها باستخدام تقنيات الذكاء الصنعي، وبمقدور هذا النموذج إنشاءُ صورٍ أصليةٍ وفقاً للمدخلات النصيّة وتعديل الصور القديمة عبر إضافة عناصرَ جديدة أو حتّى تعديل أنماطها، فضلاً عن رفع جودة الصور منخفضة الدقة.
وقد أشارت شركة سامسونج إلى قدرة نموذج توليد الصور غاوس على مساعدة صانعي المحتوى عبر توليد نماذج محاكيةٍ لمنتجاتهم تلقائياً، فضلاً عن تقديمه للتصاميم والمساعدة على إنشاء المحتوى المرئيّ، كما يشتمل هذا النموذج على تطبيقاتٍ ترفيهيّةٍ منها نسخةٌ مشابهةٌ لنموذج شركة OpenAI والذي يحمل اسم “DALL-E” والمخصّص لتحويل المدخلات النصيّة إلى صور.
وفي المحصّلة، يسعى نموذج توليد الصور غاوس إلى تحسين الأدوات الإبداعيّة وإتاحة تأثيراتٍ جديدة في الواقع المعزّز (AR)، وإثراء تجربة التواصل عبر النظام التقنيّ لمنتجات شركة سامسونج.
الخصوصيّة وأخلاقيات العمل: محور اهتمام شركة سامسونج
أكدت شركة سامسونج على التزام نموذج غاوس بالمبادئ الأساسيّة كالثقة والأمان والتطوير المسؤول لتقنيات الذكاء الصنعي، إذ تُركّز نماذج غاوس على العمليات ضمن الأجهزة للمحافظة على سريّة بيانات المستخدمين عوضاً عن الاعتماد بشكلٍ كاملٍ على تخزين البيانات عبر الحوسبة السحابيّة، كما قامت شركة سامسونج بتشكيل فريقٍ تحت اسم AI Red Team مهمته التقييم الدائم للمخاطر المحتملة على خصوصية البيانات وانتهاك أخلاقيات العمل عبرَ جميع مراحل عمل نماذج الذكاء الصنعيّ الخاصّة بها ابتداءً بجمع البيانات وتدريب النماذج وانتهاءً بتطبيقها على أرض الواقع.
وتسعى شركة سامسونج -عبرَ تبنّيها لهذا النهج الصارم- إلى معالجة المخاوف المرتبطة باستخدام الذكاء الصنعي التوليدي كتطبيق شات جي بي تي (ChatGPT) والذي نتج عنه تحيّزاتٌ ضارّةٌ وقد يعرّض المعلومات السريّة للخطر؛ ولا توفر شركة سامسونج أيَّ جهد في سبيل ضمان توليد نموذجها الخاص غاوس لنتائجَ مفيدة وغير ضارّة بالمستخدمين.
إتاحة نموذج غاوس في أجهزة الهواتف الذكية غالاكسي الجديدة
يتوقع مراقبو القطاع بشكلٍ غير مؤكد إتاحة سامسونج بعض إمكانيات نموذج غاوس في سلسلة الهواتف الذكية S24 القادمة والتي سيتم إصدارها في عام 2024، وقد تم بناء معالج الـ 4 نانومتر إكزينوس (Exynos) الخاص بأجهزة غالاكسي S24 ليقوم بمعالجة برمجيّات الذكاء الصنعي وسيتم ذلك غالباً عبرَ الاستفادة من معالج مساعد لتشغيل نموذج غاوس، ما سيسمح بإضافة مزايا جديدة في التصوير والإنتاجية والميزات المساعدة لأجهزة سامسونج الرائدة. وستميّز إمكانية توليد صورٍ من النصوص -بشكلٍ كاملٍ على الجهاز- هواتفَ سامسونج عن غيرها من الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة التي تعتمد الذكاء الصنعي والمنتجَة من قِبَل المنافسين أمثال iPhone 14 الذي يعتمد على الاتصال السحابي، ويمكن لسامسونج أن توفّر نسخةً من غاوس مدعومةً بالاتصال السحابي بحيث يمكن الوصول إليها من خلال واجهة برمجة تطبيقات (API).
اسم غاوس يعود لعالم رياضياتٍ من القرن الثامن عشر
صرّح نائب الرئيس التنفيذيّ في قسم أبحاث سامسونج (Daehyun Kim) خلال بيانٍ صحفي قائلاً: “سنستمرّ في دعم الصناعة والمجال الأكاديمي والتعاون معهما في مجال الذكاء الصنعي التوليدي”، ويؤكد هذا على التزام سامسونج بتطوير غاوس مع الزمن وتثبيت نفسها كمنصةٍ رائدة في مجال الذكاء الصنعي المولّد، ويبدو أن سامسونج تمتلك خططاً كبيرة لنشر غاوس ضمن النظام التقنيّ لمنتجاتها (بعد إطلاقه داخلياً في البداية)، وتعمل الشركة في العديد من المجالات مثل الهواتف الذكية والشاشات والأجهزة المنزلية وحلول وخدمات الشركات أيضاً.
وتهدف سامسونج للاستفادة من قدرات الذكاء الصنعي في كلّ المجالات لتطوير طريقة تفاعل المستهلكين والشركات مع منتجاتها، ويُشكل غاوس حجر الأساس لآليات عمل الجيل القادم وتثبيت سامسونج كشركةٍ قائدة في مجال الإلكترونيات الفردية، ويأتي اسم نظام الذكاء الصنعيّ هذا كإشارة لعالم الرياضيات من القرن الثامن عشر كارل فريدريك غاوس (Carl Friedrich Gauss) الذي تُعتبر أعماله العلمية من أهم الأسس المستخدمة في تطوير تقنيات تعلم الآلة في يومنا هذا، وبهذا تستمدّ سامسونج إلهامها من التاريخ في طريقها لقيادة مستقبل واجهات الاستخدام الذكية.
ومع وضع الأخلاقيات والخصوصيّة كأولويةٍ تؤمن سامسونج بأن غاوس سيفتح المجال أمام إمكانياتٍ كبيرة لتحسين الحياة من خلال ابتكار الذكاء الصنعي الذي يُركّز على الإنسان، ومع استمرارها في تحسين وتدريب غاوس تأمل سامسونج بوضع معاييرَ جديدة لنشر الذكاء الصنعي التوليدي بشكلٍ مسؤولٍ على نطاقٍ واسع.