مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها التي باتت جزءًا لا يتجزأ مع حياة كل فرد في العالم تقريبًا، إذ إنها تعد بمثابة النافذة التي ننظر من خلالها على العالم وأحداثه وأخباره وكل شيء يتعلق به، وعلى الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تعد وسائل إيجابية إلا أنه تحمل الكثير من السلبيات التي ربما تؤدي إلى مرور الأشخاص بمشاكل صحية منها ما سنتحدث عنه في مقالنا التالي وهو فومو Fomo.
تابع معنا لترى فيما إذا كنت مصابًا بمتلازمة فومو أم لا.
ما هي متلازمة فومو FoMO؟
متلازمة فومو Fear of missing out Fomo الخوف من فوات حدث أو أمر ما أو ضياع شيء ما، وهي حالة عامة يشعر بها الشخص تدفعه إلى الرغبة في أن يكون على اتصال دائم خوفًا من أي يضيع عنه أي حدث ما لا يشارك به، هذه الحالة عادة ما تصيب معظم الأشخاص الذين لديهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يسبب لهم قلقًا قهريًا وخوفًا من فقدان علاقاتهم الاجتماعية، وفقدان الشعور بالارتباط أو الترابط مع الآخرين وهو ما يؤثر على الصحة النفسية للأشخاص.
متلازمة Fomo ترتبط بحالة من المشاعر المختلطة للشخص من الشعور بالقلق من تفويت حدث ما أو الاعتقاد بأن الأشخاص الآخرين يعيشون لحظات سعيدة والشخص ليس معهم، الأمر الذي يتسبب له حالة من اللوم لعدم ذهابه لحضور هذا الحدث حتى وإن كان لديه أي سبب منعه من الحضور.
فومو قد تسبب للشخص مشاكل نفسية تشعره بأنه فقد شيئًا مهمًا كان بإمكانه الحصول عليه لو كان بحدث ما على الرغم من أن لديه أشياء أفضل يمكنه فعله بدلًا من الحضور إلى ذلك الحدث.
بصورة أوضح فإن فومو FOMO تشير إلى الخوف أو القلق بفقدان أشياء معينة مثل المشاركة في الأحداث الاجتماعية أو التجمعات وما إلى ذلك، إذ تظهر هذه المتلازمة عند الشخص الذي لا يذهب إلى حدث ما لأسباب معينة ربما تعرضه لمشكلة ما أو لم تتم دعوته من الأساس.
لا بد من الإشارة إلى أن الدوافع النفسية المؤدية إلى فومو هي شيء قديم كان موجوداً منذ القدم إلا أن فومو كمصطلح يعد مصطلحاً جديداً، لكن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة ساعدت على إعادتها للواجهة، إذ أصبح العديد من الأشخاص يشعرون بالقلق أو الخوف أو الحزن لأنهم مثلًا لم يكونوا في حدث ما أو لم يفعلوا شيئاً ما ولا يعرفون ما الذي جرى في هذه الحدث، الأمر الذي يدفعهم للتفكير والقلق لرغبتهم بالتواجد في ذلك المكان أو القيام بذلك الشيء.
تاريخ مصطلح فوفو Fomo
مصطلح فومو Fear of missing out (FOMO)، صاغه أحد المستثمرين الرأسماليين الذي يُدعى باتريك ج. ماكجيني، وقد ظهر المصطلح لأول مرة في ورقة بحثية عام 1996 من قبل استراتيجي التسويق الدكتور دان هيرمان، الذي كان أول من صاغ مصطلح FOMO، وبعد ذلك تمت إضافته إلى قاموس أوكسفورد الإنجليزي في عام 2013.
الجدير بالذكر إلى أنه منذ ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح مصطلح فومو fomo أكثر وضوحًا وانتشارًا، إذ أصبح من السهل جدًا التعرف على حياة غيرك ومقارنتها بحياتك عن طريق صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الأمر الذي يتسبب بحدوث فومو.
مع العلم فإن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت منصاتها في الغالب للتفاخر بأحدث الإنجازات لبعض الأشخاص الأمر الذي ربما يؤثر على الأشخاص الآخرين الذين يشاهدون هذه الإنجازات ويشعرون بالقهر والقلق بأنهم فوتوا فرصة القيام بمثل تلك الإنجازات، أو فوتوا المشاركة في أحداث معينة يقوم بها بعض الأشخاص ويعرضونها على مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما يدفعهم للبقاء متصلين ONLINE من أجل رغبتهم في البقاء في قلب الحدث دون تفويت أي شيء مهما كان تافهًا.
أسباب فومو
لا بد من الإشارة إلى أن فومو تحدث للشخص نتيجة لعدم شعوره بأنه بإمكانه القيام بأشياء أخرى غير تلك التي يعرضها الأشخاص الآخرون على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يؤثر على حالته النفسية ويشعره بالعزلة والقلق والضياع، ويبدأ بالتفكير فقط لو أنه كان مشاركًا في حدث ما ويدفعه ذلك الأمر إلى الرغبة في البقاء متصلًا أكبر وقت ممكن على مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة كل ما يحدث في ذلك الحدث وكل ما يقوم به المشاركون فيه، ويضيع على نفسه فرصة القيام بأشياء أنفع وأفضل له من تضييع الوقت ومتابعة ما يقوم به غيره.
تأثيرات فومو وعلاقتها مع وسائل التواصل الاجتماعي
يمكن أن تحدث الفومو نتيجة لحدوث لمجموعة متنوعة من الأنشطة الاجتماعية كالمحادثات والبرامج التلفزيونية والأحداث المختلفة وما إلى ذلك، إذ يمكن أن تؤدي إلى حدوث ردات فعل بدنية للشخص مثل التوتر أو القلق أو الوحدة وربما يؤدي ذلك إلى الاكتئاب.
لا بد من الإشارة إلى أن هناك دراسة استقصائية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة أشارت إلى أن غالبية البالغين من جيل الألفية (العمر بين 18 و 34 عاماً) ذكروا أنهم يخافون من أن يفوتهم شيء أو حدث ما، فقد قال أكثر من نصف المجيبين للدراسة أنهم بالكاد يستثمرون طاقة كافية أو وقتاً كاف في الخوض في مواضيع أو اهتمامات جديدة.
وكما وضحنا سابقًا فإن فومو ظهرت بقوة مع زيادة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يمكن أن تؤثر على الحياة الطبيعية للناس من التعلم مثلًا أو العمل، وأيضاً يمكن أن تتسبب فومو بتطوير العادات غير الصحية مثل التحقق باستمرار من رسائل البريد الإلكتروني وتحديثات مواقع التواصل الاجتماعي والتحقق من الرسائل التي يمكن استلامها من أحد مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم رغبة الشخص في المشاركة في التفاعلات الاجتماعية الفعلية.
تأثيرات فومو على الصحة العامة
يمكن أن تؤثر فومو Fomo على الصحة العامة للشخص، وبنفس الوقت فإنها ستؤثر على العادات الصحية للشخص وعاداته الغذائية أيضًا، وعليه فإن الشخص ستعرّض للكثير من التأثيرات ألا وهي:
- التعب والمرض
- الصداع
- عدم وجود الحافز للقيام بأي شيء جديد أو حتى روتيني
- مشاكل في الأداء سواء في العمل أو المدرسة
فومو والنقد الذاتي
بما أن فومو FOMO قد تؤدي إلى تعرض الشخص إلى حالة من القلق والشعور بالوحدة والضياع، فإن هذه الأمر سيؤدي بصورة أو بأخرى إلى قيام الشخص بنقده لذاته في أكثر من موضع، مثلًا في أن يقول ماذا سيحدث إذا فاتني هذا الشيء أو لم أكن هناك، أو يبدأ بالتفكير في أنه هل سيتحدث أحد عني بشكل سلبي لأني لم أذهب للحدث، أو هل سيفكر الناس بي كثيرًا لأنني لا أتبع اتجاهًا معينًا؟
كل هذه الأسئلة تعد بمثابة نقد ذاتي للشخص وإذا ما استمر على ذلك ربما يؤدي في النهاية إلى ظهور أعراض الاكتئاب عليه ويتعرض لخطر الإصابة بالمرض.
الفرق بين فومو Fomo وجومو Jomo
فومو FOMO كما وضحنا في البداية هو شعور بالخوف من توفيت شيء ما أو المشاركة بحدث معين الأمر الذي يؤدي إلى تعرض الشخص إلى حالة من التوتر والاضطراب والخوف لأنه لا يعلم ما الذي حدث أو لم يتمكن من المشاركة فيه، أما شعور جومو JOMO بالإنجليزية the joy of missing out ومعناه فرحة توفيت الأحداث أو عدم المشاركة في الأحداث، إذ إن الأشخاص الذين يتبعون JOMO يختارون البقاء في المنزل بدلاً من الذهاب إلى حفلة أو المشاركة في حدث ما دون الشعور بالندم أو تأنيب الضمير.
كيفية تجنب التعرض لـ فومو
يمكن للشخص أن يكون على حذر من مخاطر تعرضه لتأثيرات فومو خاصة وإن كان في بدايات تعامله مع كل مسبب من مسببات FOMO، وذلك عن طريق اتباع النصائح التالية:
- الامتنان والتركيز على حياتك وكل الأمور الإيجابية الجيدة التي تمتلكها.
- حاول الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي وقلل من عدد الساعات التي تقضيها على تطبيقات التواصل الاجتماعي، كي تتجنب وقوعك في فخ الإدمان على تصفح هذه التطبيقات.
- تذكر دائمًا بأن الصورة التي يعرضها الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي ليست بالضرورة صادقة أو تمثل الحقيقة، إذ إن كل شخص لديه مشاكل وعدم استقرار في حياته وهذا أمر طبيعي.
- رتب أولوياتك وتعود على عدم قبول بعض الدعوات الموجهة لك إذا لم تكن ضرورية جدًا ومن المهم أن تشارك فيها.
- يمكنك أن تبدل شعور FOMO بشعور آخر وهو JOMO.
- احرص على وضع الأهداف وانضبط على تحقيقها، واهتم بتصفية عقلك.
- احصل على وقت جيد لنفسك واهتم بها.
- ركز على علاقتك الاجتماعية مع أحبائك وجهًا لوجه.
- مارس الرياضة مثل التأمل واليوجا فهي من الرياضات الرائعة لتنمية الشعور بالهدوء والاستمتاع باللحظة.
- ركز على تنفسك وزد وعيك بأن كل ما يسبب الفومو لا يستحق أن تبذل طاقتك أو وقتك فيه.
- قم بجولة لطيفة في الطبيعة إذ يساعدك ذلك على استعادة الشعور بالتوازن.
في النهاية تذكر بأن فومو FOMO ليس مجرد شعور يحدث بسبب إدمانك على مواقع التواصل الاجتماعي أو لأنك لم تشارك بحدث ما ويمكن أن يؤثر بحياتك الطبيعية بشكل كامل، بل يمكن لفومو أن يؤثر على القرارات المتعلقة باستثماراتك وأعمالك.
الخلاصة حول مفهوم متلازمة فومو fear of missing out
متلازمة فومو Fomo الخوف من فوات حدث أو أمر ما وهي حالة عامة يشعر بها الشخص تدفعه إلى الرغبة في أن يكون على اتصال دائم خوفًا من أي يضيع عنه أي حدث ما لا يشارك به، متلازمة Fomo ترتبط بحالة من المشاعر المختلطة للشخص من الشعور بالقلق من تفويت حدث ما أو الاعتقاد بأن الأشخاص الآخرين يعيشون لحظات سعيدة والشخص ليس معهم، الأمر الذي يتسبب له حالة من اللوم لعدم ذهابه لحضور هذا الحدث حتى وإن كان لديه أي سبب منعه من الحضور.