استفادت شركة أرامكو السعوديّة من الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط الخام في عام 2022، وقد انعكس ذلك الارتفاع إيجاباً على أرباح الشركة، حيث ارتفع صافي أرباح الشركة المملوكة للدولة السعودية إلى 161.1 مليار دولار في عام 2022، وهو أعلى ربحٍ سنويٍّ على الإطلاق لأيّ شركةٍ في العالم.
وإذا أردنا استيعاب ضخامة أرباح الشركة، يمكننا مقارنتها مع أرباح شركة آبل (Apple) التي تعدُّ الأعلى قيمةً على مستوى العالم، حيث حقّقت آبل أرباحاً صافية تقلُّ قليلاً عن 100 مليار دولار في عامها الماليّ لسنة 2022 الذي انتهى في أيلول/سبتمبر؛ أمّا بالنظر إلى شركة مايكروسوفت (Microsoft)، فقد بلغ دخلها الصافي 72.7 مليار دولار في عامها الماليّ لسنة 2022 الذي انتهى في حزيران/يونيو.
وبالنظرِ للأسواق الأمريكيّة، فقد حقّقت شركة الطاقة العملاقة إكسون موبيل (ExxonMobil) أرباحاً صافية بلغت 55.7 مليار دولار في عام 2022، علماً بأنّ كلّاً من إكسون موبيل (ExxonMobil) وشيفرون (Chevron) وبريتيش بيتروليوم (BP) وشِل (Shell) وتوتال إنيرجيز (TotalEnergies) قد حقّقت مجتمعةً أرباحاً تقارب 200 مليار دولار في عام 2022.
بالنسبة لأرامكو فقد حقّقت في عام 2022 أكثرَ من ثلاثة أضعاف الأرباح التي حقّقتها إكسون موبيل؛ وعلى الرغم من ارتفاع الطلب على النفط فقد أعلنت كتلة أوبك بلس (+OPEC) عن خفض الإنتاج في أواخر العام الماضي من أجل دعم أسعار الطاقة، علماً بأنّ أوبيك بلس هو تحالفٌ أقامته منظمة أوبك (منظمة الدول المصدّرة للنفط) في عام 2016 مع عدّة بلدانٍ أخرى بهدف خفضِ إنتاج النفط.
وحصد المستثمرون في شركات الطاقة مكاسبَ ضخمةً في عام 2022 رغم الهجوم الذي شنّته جماعات الضغط (ما يعرف باسم اللوبيّ) وإدارة بايدن على عمالقة الطاقة بسبب حصولهم فجأةً على مكاسب هائلةٍ كان اندلاعُ الحرب الروسية الأوكرانية جزءاً من أسبابها.
وقد ارتفع صندوق المؤشرات المتداولة (Energy Select Sector Fund-ETF) بنسبة 64% في عام 2022، وقد شهدت جميع قطاعات مؤشر S&P 500 عوائدَ سلبيّةً في عام 2022 باستثناء قطاع الطاقة.
كما قام رئيس مجلس إدارة بيركشاير هاثاواي (Berkshire Hathaway) وارن بافيت (Warren Buffett) بشراء العديد من أسهم كبرى شركاتِ الطاقة مثل شيفرون وأوكسيدنتال بتروليوم في عام 2022؛ وتُظهرُ الملفات التنظيمية الأخيرة أنّ بيركشاير هاثاواي أضافت المزيد من أسهم أوكسيدنتال في عام 2023.
اقرؤوا دليلنا حول شراء أسهم الطاقة في عام 2023.
أرامكو السعودية تعلن عن أرباح قياسيّة لعام 2022، وإليكم أهمّ النقاط المتعلقة بذلك
بالعودة إلى أرامكو السعودية، فقد أنتجت 13.6 مليون برميلٍ من مكافئات النفط في اليوم الواحد خلال عام 2022، وقد حقّقت الشركة تدفّقاتٍ نقديّةً حرّةً بلغت 148.5 مليار دولار في عام 2022 وصرفت 37.6 مليار دولار على النفقات الرأسمالية.
وتتّبع أرامكو سياسة توزيع حصص أرباح الأسهم (Dividend) بشكلٍ تدريجيٍّ، حيث دفعت في الربع الرابع من عام 2022 مبلغ 19.5 مليار دولار كحصص أرباحٍ لحملة أسهمها، وهو أعلى بنسبة 4% من الربع السابق؛ والجديرُ بالذكر أنّ معظم شركات الطاقة تدفعُ للمستثمرين حصص أرباحٍ سخيّةً عند ارتفاع مكاسبها؛ فمثلاً نجد أنّ للمستثمرين في شركة إكسون عوائدَ من حصص أرباح الأسهم بنسبة 3.4%، أي قُرابة ضعفِ عوائد حصص أرباح مؤشر S&P 500.
ومن الجدير بالذكر أنّ العديد من شركات الطاقة علّقت توزيع حصص أرباح الأسهم في عام 2020 وسط انخفاض أسعار النفط، حيث كانت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط في ذلك العام تباعُ بأسعارٍ سلبيّةٍ لفترة وجيزة، بيد أنّ أسعار النفط عادت إلى التعافي في عام 2021، واستمرّت في الارتفاع مع النصف الأول من عام 2022 لتصل إلى أعلى مستوًى لها منذ عام 2008.
وقد جَنَت أرامكو فوائدَ جمّةً من ارتفاع أسعار النفط كونَها أكبرُ شركة طاقةٍ في العالم، كما أنّها تستثمر أيضاً في الطاقة المستدامة مثل عمالقة الطاقة الآخرين، وفي تشرين الأول/أكتوبر أنشأت أرامكو صندوقاً للاستدامة بقيمة 1.5 مليار دولار، وذلك “للاستثمار في التكنولوجيا اللازمة لدعم انتقالٍ مُستقرٍّ وشاملٍ للطاقة”.
السعوديّة تتّجه نحو الطاقة الصديقة للبيئة
تملكُ السعودية أغلبية أسهم شركة أرامكو، كما تركّز المملكة على الطاقة الصديقة للبيئة، وتراهن بشكلٍ خاص على السيّارات الكهربائية (EVs)؛ إذ أعلنت المملكة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عن إنشاء مشروعٍ استثماريٍّ بالشراكة مع شركة فوكسكون (Foxconn) لإنتاج السيارات الكهربائية؛ وكجزءٍ من الاتفاقية سيشكّل صندوق الثروة السياديّة السعوديّ (صندوق استثمارٍ عام) وشركة فوكسكون مشروعاً استثمارياً مُشتركاً يحمل اسم “سير” (Ceer)، حيث سيتمّ بيع مركباتٍ كهربائيّةٍ تحمل نفس العلامة التجارية.
ومن المفيد ذكرهُ أنّها ليست المرّة الأولى التي تستثمر فيها المملكة العربية السعودية في مشروع مركباتٍ كهربائية، إذ إنّها أكبرُ مساهمٍ في شركة لوسيد موتورز (Lucid Motors)، وهي شركةٌ لصناعة السيارات الكهربائية تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، وقد تمّ طرح أسهمها للاكتتاب العام خلال السنة الفائتة. كما شارك صندوق الاستثمارات العامّة السعودي في صفقة استثمارٍ خاص في الأسهم العمومية (PIPE)، وذلك عندما اندمجت Lucid Motors مع Churchill Capital عام 2021، وقد انتشرت شائعاتٌ حينها أنّ صندوق الاستثمارات العامة يفكّر في تحويل لوسيد موتورز إلى شركةٍ خاصة، وفي حين ارتفع سهم Lucid Motors بسبب تلك التقارير، لم يؤكّد أيٌّ من الأطراف تلك التقارير أو ينفيها.
ختاماً، وبالنسبة لأرامكو، فإنّه يتمُّ تداولُ أسهمها حالياً في بورصة الأسهم السعودية فقط، لذا تفضلوا بقراءة دليلنا حول كيفيّة شراء الأسهم في المملكة العربية السعودية.