يُشير التقرير الجديد الصادر عن موقع Insider Intelligence إلى استمرار تراجع الحصة السوقية لشركتي ميتا (Meta Platforms) وجوجل (Google) في سوق الإعلانات الإلكترونيّة العالمي، حيث كانت حصة الشركتين من الإعلانات الإلكترونيّة لهذا العام حوالي 43.9%، وهو ما يُعتبر انخفاضاً عند المقارنة بحصّتيهما عام 2017 والتي بلغت 54.7% آنذاك.
علاوة على ذلك، يُشير التقرير إلى الجهود الطموحة التي تبذلها شركات مثل أمازون (Amazon-AMZN) للاستفادة من هذا السوق الذي تبلغ قيمته 300 مليار دولار. يأتي هذا بعد أن أدركت الشركة -التي أسسها جيف بيزوس (Jeff Bezos)- إمكانيّةَ إنشاء منصّة إعلانات قوية اعتماداً على الكمية الضخمة من البيانات التي تجمعها أمازون عن سلوكيات مستهلكيها وتحتفظ بها.
في الوقت ذاته، تقوم الشركات الكُبرى الأخرى التي تقدّم خدماتٍ عبر الإنترنت -مثل منصة نيتفلكس (Netflix-NFLX)– بأخذ أولى خطواتها في قطاع الإعلانات، وذلك عبر إطلاقها لخدمة اشتراك مدعوم بالإعلانات (اشتراك شهريٍّ بسعرٍ مخفّض مقابل تضمين الإعلانات خلال المشاهدة)، هذا إلى جانب قيام نيتفلكس -خدمة البثّ التي مقرّها لوس غيتوس (Los Gatos)- بعقد اتفاقيةِ شراكةٍ مع شركة مايكروسوفت (Microsoft-MSFT) لبيع إعلاناتِها.
يجب أن لا ننسى شركة آبل (Apple) أيضاً عند الحديث عن قطاع الإعلاناتِ الإلكترونيّة، إذْ تُعدُّ لاعباً مستقبلياً كبيراً في مجال الإعلانات، ولكنها ما تزال حتى الآن غير مشهورة في هذا المجال؛ قد تصل إيرادات الشركة في قطاع الإعلانات إلى 7 مليار دولار هذا العام، وبالرغم من أنّ حصتها السوقية في قطاع الإعلانات الإلكترونيّة العالمي لا تزال ضئيلة، إلا أنّها تُنتج بالفعل أموالاً أكثر من سناب شات (Snapchat) وبنتيرست (Pinterest) مجتمعين، ويعود هذا –بالطبع- للجهود الحثيثة التي تبذلها الشركة.
ميّزةٌ جديدة للحفاظ على الخصوصية في نظام iOS تُعدُّ غير مرغوبةٍ في قطاع الإعلانات الإلكترونيّة
ألقى مارك زوكيربيرغ (Mark Zuckerberg) –رئيس شركة ميتا (Meta Platfrorm-META)– باللوم على ميّزات الخصوصية الجديدة لنظام iOS الخاص بشركة آبل، معتبراً أنّها السببُ في التباطؤ الذي تشهده أعمال META الإعلانية؛ فقد أصبح المستخدمون الآن قادرين على رفضِ السماح لأيِّ طرف ثالث بجمع بياناتهم.
وكان Mark Zuckerberg قد صرح سابقاً في شباط/فبراير الماضي بأن ميّزة “شفافية تتبّع التطبيقات (App Tracking Transparency)” الجديدة الخاصة بـ Apple، ستُكلف الشركة حوالي 10 مليار دولار لهذا العام وحده؛ وقد أشارت بعض التقارير المُبكّرة إلى أنّ ما يقارب 95% من المستخدمين الذين قاموا بتنزيل التطبيق اختاروا رفض إعطاء الإذن بتتبّع وجمع بياناتهم.
سبق وأعلنت شركة آبل في كانون الثاني/يناير 2022 أنّ هناك ما يقرب من 2 مليار هاتف آيفون (iPhone) نشطٍ في أيدي المستخدمين، مما يُشير إلى اختيار عددٍ كبير من الأشخاص الحفاظ على خصوصية بياناتهم أو إمكانية قيامهم بذلك قريباً، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على الأعمال الإعلانية لمعظم وسائل التواصل الاجتماعي وشركات التكنولوجيا، نظراً لأنها تعتمد على الآلاف من نقاط البيانات لتشغيل منصّاتها.
في هذه الأثناء، قامت الجهات التنظيمية في جميع أنحاء العالم بتكثيف جهودها للقضاء على الاحتكار الثنائي الذي تتمتع به شركتا Meta وAlphabet في سوق الإعلانات الرقمية؛ ووفقاً لمجموعة من محامي الولايات المتحدة، يبدو أنّ الشركتين قامتا بالتلاعب بمزادات إعلانيّة، وعملتا بمثابة عِصابةٍ لتحديد الأسعار، إلا أنّ الشركتين تنفيان هذه الاتهامات، وما تزال التحقيقات مستمرّة بهذا الخصوص.
وعلى صعيدٍ منفصل، قدّم الاتحاد الأوروبي إطاراً قانونياً جديداً تحت اسم قانون الخدمات الرقميّة (Digital Services Act)، وهو يهدف إلى تنظيم عمليات منصات الإنترنت الكبيرة جداً (VLOPs) ومحرّكات البحث الكبيرة جداً على الإنترنت (VLOSEs).
موقع Insider يخفّض توقعاته الخاصة بشركات الإعلانات الإلكترونيّة بسبب الظروف الاقتصادية التي تعيق عملها
قام موقع Insider Intelligence في وقتٍ سابق من تشرين الثاني/نوفمبر، بخفض توقعاته الخاصة بالإنفاق العالمي على الإعلانات من 602.25 مليار دولار لتصل إلى 567.49 مليار دولار، مُشيراً إلى انخفاض الطلب من قبل الشركات الصينية بسبب “التشديد في التشريعات القانونيّة والظروف الاقتصادية المُعيقة”، هذا بالإضافة إلى الاضطراب الاقتصادي العالمي الناتج عن عواملَ عدّة، مثل ارتفاع أسعار السلع ونسب الفائدة والتوترات الجيوسياسية.
كما تتوقع الشركة أن تنخفض عائدات إعلانات شركة Meta هذا العام ولأوّل مرة في تاريخها، ويذكرُ التقرير أن ميتا “لم تعد شركة مُبتكرة رائدة” بعد الآن، بالإضافة إلى وصف قرار Zukerberg بتغيير تركيز الشركة نحو تطوير الميتافيرس (Metaverse) الخاص بها كجُهدٍ “عَرَّض أعمال الشركة على المدى القريب للخطر”.
وفي غضون ذلك، كان لاستحواذ إيلون ماسك (Elon Musk) على تويتر (Twitter) أثرٌ سلبيّ على إيرادات منصة التواصل الاجتماعي، ممّا دفع Insider إلى خفض التوقعات الخاصة بإيرادات شركة تويتر بنسبة تصل إلى 39.1%.
نصل –أخيراً- إلى المنصات الأقلّ تضرراً ضمن المجموعة التي يتتبّعها موقع Insider، والتي تشمل Snapchat وPinterest بالإضافة إلى Google؛ ويبدو أنّ الأعمال الإعلانية لجوجل (GOOG) هي الأقل تضرراً في ظلّ الانكماش الاقتصادي المُتوقّع؛ في حين تشير التوقعات إلى أنّ الوحدة الإعلانية المتنامية الخاصة بأمازون (Amazon) ستحقّق عائداتٍ تُقدّر بـ 55.99 مليار دولار، وهو ما يُعتبر تراجعاً بنسبة 12% عند المقارنة مع توقعات Insider للربع الأول من عام 2022.