في قلب المحيط الهادئ وسط الأمواج الزرقاء والشعاب المرجانيّة الملونة، تقع جزيرة بالاو (Palau) المشهورة بمواقع الغوص الرائعة، والآن أصبحت الجزيرة معروفةً بريادتها في اعتماد الويب الثالث (Web3) والعملات الرقمية، فهيَ تقود العالم في تبنّي الاقتصاد الرقميّ.

في 26 تموز/يوليو، بدأت الجزيرة الاستوائيّة التي يبلغ عدد سكّانها أكثرَ من 18,000 نسمةٍ بقليل، مشروعاً تجريبياً لإنشاء عملةٍ مستقرّة تساوي الدولار الأمريكيّ تُسمى عملة بالاو المستقرّة (Palau Stablecoin-PSC) أو Kluk.

وتم إصدار العملة الرقمية على السجل الموزّع لريبل (XRP Ledger)؛ وقد تم توزيعها في البداية على موظّفي الحكومة، حيث تقدم العملة لمحةً جذابةً عن مستقبلٍ تتقاطع فيه العملات الرقمية وعمليات الشراء اليوميّة بكلِّ سلاسة.

وعلى ما يبدو فإنّ العملات الرقمية الخاصة بالبنوك المركزية (CBDCs) تجذب نموّاً هائلاً لبلوكتشين ريبل، مع إطلاق بالاو لعملتها المستقرة الجديدة في أعقاب الأخبار المتعلقة بالعملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC) القائمة على بلوكتشين ريبل في كولومبيا.

التحوّل الرقميّ في بالاو: جزيرة في طليعة التبني الرقميّ

تم بناء عملة بالاو المستقرة (Palau Stablecoin-PSC) على منصة ريبل (Ripple) للعملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC)، وهي تجمع بين التكنولوجيا المالية المبتكرة والهدوء الاستوائيّ.

وقادت هذه الدولة الصغيرة، التي تستخدم الدولار الأمريكيّ كعملةٍ وطنيّةٍ، الطريق إلى الاقتصاد الرقميّ من خلال إنشاء برنامج إقامةٍ رقميٍّ وإصدار هويّاتٍ رقميةٍ بواسطة منصّة Cryptic Labs.

تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الهويات RNS الرقميّة مُتاحة على شكل رموزٍ غير قابلةٍ للاستبدال على بلوكتشين باينانس (Binance-BNB)، علماً بأنّها مُعترفٌ بها لأهداف التحقق من الهوية (KYC) من قِبَلِ كياناتٍ دوليةٍ كبرى.

على صعيد متصل، وكنتيجةٍ لريادة بالاو، أصبحت جزر المحيط الهادئ مركزاً لتطوّر العملات الرقمية؛ حيث تستعدّ جمهورية جزر مارشال (The Republic of the Marshall Islands) لإطلاق CBDC خاصّةٍ بها، كما أنها تعترف بالمنظّمات المستقلة اللامركزيّة (DAOs) قانونياً.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ فانواتو (Vanuatu) هي موطن جزيرة ساتوشي (Satoshi Island) التي تُعتَبَر وطناً حاضناً لمجتمع الكريبتو، كما تستعد مملكة تونغا (Tonga) لاستخدام بيتكوين (Bitcoin-BTC) كعملةٍ قانونية.

عملة بالاو المستقرّة (PSC): قفزةٌ إلى عالم العملات الرقمية مدعومة من قبل ريبل (Ripple)

قام جاي هانتر أنسون (Jay Hunter Anson)، عضو مجلس إدارة وزارة المالية في بالاو، بكلِّ فخرٍ بإجراء أول عملية شراء باستخدام عملة PSC، واستمتعَ بوجبة إفطار ميكرونيزية (Micronesian) من متجرٍ محليّ.

لقد كان من دواعي سروري أن استخدم الإصدار التجريبيّ من #العملة المستقرة #لبالاو لأول مرّة على الإطلاق، وبالطبع استخدمتها في طلب الطعام!!!

قمت بطلب “الإفطار الميكرونيزي” (Micronesian Breakfast) والذي يتضمّن لحماً بقرياً والكانجكوم (Kangkum) مع البيض نصف المطهوّ، إلى جانب القهوة، من فندق ومطعم بينتهاوس (Penthouse Hotel & Restaurant) في كورور (Koror) https://t.co/BAKzmxZaDd

وأكدّ أنسون أنّ عملة بالاو المستقرّة (Palau Stablecoin-PSC) هي “نموذجٌ رقميٌّ تجريبيٌّ من الدولار الأمريكي لا يزال قيد التطوير بالتعاون مع ريبل (Ripple)، وباستخدام بلوكتشين XRPL”. ويهدف هذا الإصدار التجريبيّ إلى إحداث ثورة في تعاملات شعب بالاو، على أمل تقليل تكاليف المُعاملات مثل رسوم الحوالات النقدية والدفع ببطاقة الائتمان، وضمّ المزيد من مواطنيها في برامج الخدمات المالية من خلال الوسائل الرقمية.

الخلافات والمخاطر المُحتملة: الوصول إلى العملات الرقمية والتحقق من الهوية

عبّرَ رئيس جمهورية بالاو سورانجل ويبس جونيور (Surangel S. Whipps Jr.) عن روح الأمة قائلاً: “نأمل في تجهيز اقتصادنا والإجراءات الحكومية لتحسين المعاملات المالية وتمكين مواطنينا من خلال تحويل عملتنا إلى عملةٍ رقمية. وباعتبار بالاو دولةً صغيرة، فإنّها تتمتع بقدرة على الابتكار والسرعة في عملية إطلاق عملتنا المستقرة”.

وفيما تأخذ بالاو خطوةً جريئةً في عالمٍ يزداد فيه تبني الهويات والعملات الرقمية؛ لكنّ الأمرَ لا يتعلق فقط بالعملات الرقمية والبلوكتشين، بل بدمج تلك التقنيات في الحياة اليومية للأشخاص من أجل تسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية وجلب عجائب تقنيات البلوكتشين إلى دول الجزر الصغيرة في المحيط الهادئ.

على الرغم من أنّها تبدو كبقعةٍ صغيرة على الخريطة، إلا أنّ بالاو لديها رؤيا تتجاوز حدودها الجغرافية، ويمثل استكشافها لعالم الاقتصاد الرقميّ قفزةً كبيرةً نحو مستقبلٍ يمكن أن يتعايش فيه الاقتصادان الرقميّ والتقليديّ جنباً إلى جنب. وبينما نتابع رحلة بالاو، لا يمكننا سوى تخيل الاحتمالات الممكنة لباقي العالم؛ وحيث تقوم التكنولوجيا وأساليب التمويل بتغيير العالم بشكلٍ مستمرّ، فإنّ هذه الدولة الصغيرة لا تواكب التطوّرات وحسب بل تساهم في قيادتها أيضاً.