تراجعت معظم مؤشرات الأسهم الأمريكية خلال الأسبوع الماضي ليُنهي مؤشر ناسداك (Nasdaq) سلسلة المكاسب التي حقّقها على مدى خمسةِ أسابيعَ متواصلة. ومع تراجع تلك المكاسب، فمن الممكن أن تتحكّم معدلات التضخم والبيانات الاقتصادية الأخرى بحركةِ الأسواق خلال فترة الأسبوع المقبل.
وبالعودة إلى تداولات الأسبوع الماضي، فقد انخفض مؤشر داو جونز (Dow Jones) بشكلٍ طفيف، بينما سجّل مؤشر S&P 500خسائرَ بنسبةِ 1.1%، وتراجع مؤشر ناسداك المركّب -الذي حقق في شهر كانون الثاني/يناير أفضل أداءٍ له خلال عقدين من الزمن- بنسبة 2.4% مسجلاً بذلك أسوأ أسبوعٍ له منذ شهر كانون الأول/ديسمبر الفائت.
واشتدّت خلال الأسبوع الماضي حدّة المعركة القائمة لفرض هيمنة الذكاء الاصطناعيّ مع إعلان شركة مايكروسوفت (Microsoft) عن قيام روبوت المحادثةِ تشات جي بي تي (ChatGPT) بالمساعدة في تشغيلِ محرك البحث بينغ (Bing) الخاص بها، بينما أصدرت شركة جوجل (Google) برنامجها للمحادثة باستخدام الذكاء الاصطناعيّ الذي حمل اسم بارد (Bard AI)، كما تعمل أيضاً شركات الإنترنت الصينية العملاقة على توظيفِ روبوتات المحادثة في محركات البحث الخاصة بهم. وقد انخفضَ سهم شركة ألفابت (Alphabet) -الشركة الأم لشركة جوجل- الأسبوع الماضي بعد فشلِ العرضِ التقديميّ لروبوت المحادثة بالذكاء الاصطناعيّ في إرضاء المُستثمرين والمُساهمين في الأسواق.
وبالمقابل حققت عددٌ من الشركات مكاسبَ ملحوظةً في الأسبوع ذاته؛ فقد أبهرت شركة أوبر (Uber) الأسواق بالإعلان عن المكاسب التي حققتها في الربع الرابع، لكنّ أبرزَ مُنافسيها شركةُ ليفت (Lyft) منيت بخسائرَ في سعر سهمها بما يزيد عن 36% يوم الجمعة بعد الإعلان عن الخطةِ التوجيهيّة للشركة التي جاءت دون التوقعات.
وخيّبت مكاسبُ شركة أفيرم (Affirm) آمال الأسواق أيضاً، حيث فشلت الشركة الرائدة في مجال “الشراء الآن والدفع لاحقاً” (BNPL) في تحقيق كلّ التقديراتِ للربع الماليّ من العام.
وأعلنت الشركة في خطتها التوجيهيّة للعام المالي 2023 أنها ستخفّض من قوّتها العاملة بنسبة 19%؛ ومن المرجح أن يؤثر هذا القرار على حوالي 500 من موظفيّ الشركة.
في نفسِ السياق، تواصلت خلال الأسبوع الماضي عمليات تسريح العمال في الشركات العاملة ضمن مجال التكنولوجيا، فقد أعلنت شركة ديل (Dell) عن تسريح 6,500 موظف؛ ويعزى ذلك إلى كون شركاتِ تصنيع الحواسيب التي أصيبت بالشلل بسبب سلاسلِ الإمداد منذ ظهور جائحةِ كورونا (COVID-19) ما تزال تجدُ نفسها مثقلةً بعددٍ كبيرٍ من أجهزة الكمبيوتر غير المُباعة.
شركة ديزني تتفوّق على التوقعات
أعلنت شركة ديزني (Disney) عن إيراداتها التي فاقت التوقعات للربع الأخير في شهر كانون الأول/ ديسمبر. وخلال جلسة الإعلان عن الأرباح، قدّم الرئيس التنفيذي بوب إيجر (Bob Iger) أيضاً مزيداً من التفاصيل حول خطة التحوّل بما في ذلك إعادة تنظيم عملِ الشركة وترشيد القوى العاملة.
وقد تمكّن إيجر من منح المستثمرين ما تشوّقوا لسماعِهِ بالضبط في الإعلان الأول للأرباح منذ عودته كرئيسٍ تنفيذيٍّ في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي. حيث بات العديدُ من المحللين متفائلين بعمل ديزني على المدى الطويل وينصحون بشراء أسهم الشركة.
في غضون ذلك، جاءت إيرادات شركة روبن هود (Robinhood) دون تقديرات المحللين وانخفض عدد المستخدمين النشطين لدى الشركة للربع السادس على التوالي؛ كما انخفضت عائدات الشركة من تداول العملات الرقمية إلى 21 مليون دولار فقط وسط فترةِ انخفاضِ أسعار العملات الرقمية التي تسمّى عادةً “شتاء الكريبتو”.
دفعت حركة أسواق العملات الرقمية العديد من المحللين للتوصية بتخصيصٍ جزءٍ من حقائبكم الاستثماريّة للأصول الرقمية. ولهذا نقدم لكم هنا دليلاً توضيحيّاً لكيفية شراء المبتدئين للعملات الرقمية بشكل آمن وبرسوم منخفضة.
جيروم باول يتطرق مرة أخرى لـ “تراجع التضخم”
أعلن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (Jerome Powell) في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر عن رفع معدّل الفائدة بمقدار 25 نقطةِ أساس، ما رفع معدلات الفائدة لتصل إلى نسب تتراوح بين 4.50-4.75%. وقد استخدم باول في ذلك الاجتماع مصطلح “خفضِ التضخّم” لأول مرة في جولةِ التيسير الحالية ضمن سياسةِ الاحتياطي الفيدرالي.
واستخدم باول عباراتٍ مماثلةً الأسبوع الماضي في جلسةٍ عقدت في العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث قال: “إنّ عملية تقليص وخفض التضخم قد بدأت بالفعل، وتمثلت أولى خطواتِها في قطاع السلع، الذي يمثل حوالي ربع اقتصادنا”. لكنه حذّر قائلاً: ” الطريق ما يزال طويلاً، وهذه مجرّد بدايةٍ فقط”.
تقارير أرباح رئيسيّةٍ مرتقبةٍ في الأسبوع المقبل
بإمكاننا القول بأنَّ موسم الإعلان عن الأرباح والمكاسب الكبرى قد انتهى؛ ولكن ما يزالُ هنالك العديد من الإعلانات المرتقبة لإيرادات شركاتٍ كبرى الأسبوع المقبل مثل شركة Coca-Cola وشركة Airbnb وشركة Cisco وشركة Krispy Kreme التي ستعلن عن أرباحِها الأسبوع المقبل.
في غضون ذلك، سنحصل على عددٍ من المؤشرات الاقتصادية الهامة، بما في ذلك بيانات التضخم لشهر كانون الثاني/يناير المهمّة للغاية. فقد قامت وزارة العمل بمراجعةٍ لبيانات التضخم منذ شهر كانون الأول/ديسمبر للتأكيد بأنَّ الأسعارَ قد ارتفعت بنسبة 0.1% في الشهر. وأظهرت القراءة السابقة أنّ مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) قد انخفض بنسبة 0.1% على أساسٍ شهريٍّ في كانون الأول/ديسمبر.
المؤشرات الاقتصاديّة الرئيسيّة التي يجب مراقبتها خلال الأسبوع المقبل
تمّت مراجعة البيانات بسبب منهجيةٍ متغيرةٍ أدّت إلى زيادةٍ في أسعار قطاع الإسكان؛ وستظهر بيانات مؤشر أسعار المستهلكين -المرتقب صدورُها الأسبوع المقبل- مدى قرب الاحتياطيّ الفيدرالي من تحقيقِ هدفه بخفض معدلات التضخم. ولذا صرّح باول بأنّ الاحتياطيّ الفيدراليّ “سيتفاعل مع البيانات” عند اتخاذ أيِّ قرارٍ بخصوصِ رفع معدلات الفائدة.
من ناحيةٍ أخرى، أوضحت شركة مورجان ستانلي (Morgan Stanley) للخدمات المالية في مذكرة تقدمت بها أنّ “معدّل التضخم العام يجب أن يرتفعَ مرّةً أخرى في كانون الثاني/يناير، بحيث يتوقّف انكماش السلع الأساسيّة بشكلٍ مؤقّتٍ وتساعدُ التغييرات المنهجية بارتفاع أسعار العقاراتِ في قطاع الإسكان”؛ بيدَ أنّها أضافت: “من الممكن أن تتسبّب التحديثات المرتقبة في المؤشرات بمزيدٍ من التقلبات في الأسواق، لكنّنا نرجّح أن تسير خطواتُ خفض التضخم بعد شهر كانون الثاني/يناير بطريقةٍ متوازنةٍ وسليمة”.
ويتوقّع مايك ويلسون (Mike Wilson) كبير المحللين الإستراتيجيّين للأسهم في مورجان ستانلي أن تنخفض أرباح الشركات الأمريكية بشكلٍ أكبر، إلى جانب نظرته المتشائمة لأسعار أسهم تلك الشركات.
إلى جانب مؤشر أسعار المستهلكين (CPI)، سنحصلُ أيضاً على مؤشرات سوق الإسكان بالإضافة إلى بياناتِ مبيعات التجزئة خلال الأسبوع المقبل. وتجدر الإشارة هنا إلى تراجع مبيعاتِ التجزئة في الولايات المتحدة في كانون الأول/ديسمبر، حيث أدّى ارتفاع معدلات التضخم وتوقعات الاقتصاد الكلي إلى تراجع إنفاقِ الأفراد في العطلات.