في الوقت الذي يسأل فيه الشخص العادي: “هل نحن نعيش أزمة اقتصادية؟” تكون الأزمة الاقتصادية قد وصلت بالفعل إلى أوجّها وتأثرت بها المؤسسات المالية، والمصارف، والدول ذات الاقتصادات الهشّة، وأخيرًا يتأثر الشخص العادي بكل تبعاتها حينما يرى كل المنتجات يرتفع سعرها يوميًا، وشركته تتفاوض معه في خفض راتبه، ودولته تُقنعه بضرورة دفع المزيد من الضرائب للمُساهمة في تجاوز هذه  الأزمة وتقسام الأعباء. في الواقع، يُشير مُصطلح  الأزمة الاقتصادية (GFC) إلى فترة الإجهاد الشديد التي تعشيها الأسواق المالية العالمية والأنظمة المصرفية كجزء من الدورة الاقتصادية الرأسمالية.

بزغ هذا المفهوم للمرة الأولى – في العصر الحديث – بين مُنتصف عام 2008 وأوائل عام 2009. خلال هذه الفترة، كان الانكماش في سوق الإسكان في الولايات المتحدة عاملاً محفزًا لأزمة مالية ضربت الولايات المتحدة ومنها إلى بقية دول العالم نظرًا للرابط الوثيق الذي يربط العالم أجمع باقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.

في الواقع، تُشكِل الأزمات الاقتصادية تحديًا كبيرًا للاقتصادات دول العالم أجمع حيث أنها تتسبب في تباطؤ مُعدلات النمو الاقتصادي، وزيادة البطالة، وتدهور الظروف المعيشية للطبقات الفقيرة ودون المتوسطة، وتُهدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بالإفلاس. لذلك، فإن فهم مفهوم الأزمة الاقتصادية وأهميته في العالم يُعد أمرًا حاسمًا للمسؤولين السياسيين والمحللين الاقتصاديين والجمهور بشكل عام.

تاريخ مفهوم الأزمة الاقتصادية

تاريخ مفهوم الأزمة الاقتصادية

كما يقول المثال الشهير: “المشاكل هم مدرسون بارعون” وهذا صحيح بشكل خاص في صناعة التمويل حيث تتكرر حالات الفشل وتؤدي إلى عواقب وخيمة في كثير من الأحيان. قامت مُؤسسة International Banker بجمع سلسلة من المقالات التي تركز على العديد من الكوارث المالية والاحتيال والفضائح الأكثر تأثيرًا في القرنين العشرين والحادي والعشرين ووجدت أن مُعظمها نشأ في الولايات المتحدة ولكنه انتشر – فيما بعد – إلى بقية دول العالم. في حين أن بعض هذه الكوارث اُرتُكِب عمدًا، بينما نتج البعض الآخر عن ظروف مُؤسِفة. عندما نقرأ هذه الروايات، من السهل طمأنة أنفسنا بأنها لن تحدث مرة أخرى، ولكن الأزمة تحدث كل مرة بنفس الطريقة، لماذا؟ لأن الطبيعة البشرية تميل لتكرار نفس الأخطاء، لذا فإن معرفة ماهية هذه الأخطاء ونتائجها يمكن أن يحمينا من تكرار حدوثها بشكل كارثي مُحتمل. وتوضح الأحداث الماضية المضطربة الكثير مما هو موجود في الصناعة المالية اليوم خاصة وأن المُكونات التنظيمية لاتزال كما هي دائمًا وأن المُؤسسات المالية والسياسية دائمًا ما تكون بطيئة في اتخاذ القرارات الحاسمة وهو ما يتسبب في استفحال الأزمات الاقتصادية. كما لاحظ الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور، “نحن لسنا صانعي التاريخ، نحن من صُنع التاريخ.”

أقدم أزمة اقتصادية مُسجلة حدثت عام 1907 وهي معروفة على نطاقٍ واسع باسم “أزمة نيكربوكر”. تسبب فقد ثقة المودعين في شركة  Knickerbocker Trust- إحدى أكبر الشركات الاستئمانية في الولايات المتحدة – تأثير الدومينو على الاقتصاد الأمريكي والعالمي بصفةٍ عامة. لقد تسبب هذا الأمر في إطلاق سلسلة من عمليات التصفية المصرفية التي دمرت العديد من البنوك حيث قام المودعون اليائسون بسحب أموالهم بشكل جماعي. أدى الاضطراب إلى تفاقم الهبوط الحاد في بورصة نيويورك التي فقدت بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) ما يقرب من 50% من قيمتها مقارنة بالعام السابق مما أضاف الوقود إلى الركود القمعي بالفعل. أدّت الجهود المُتضافرة من جانب المصرفيين البارزين مثل جي بي مورجان إلى وقف الكارثة. استجابة لحاجة البنك مركزي لمواجهة هذه التهديدات للاستقرار المالي للدولة وُلِد نظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي) في عام 1913.

تعريف الأزمة الاقتصادية

تعريف الأزمة الاقتصادية

الأزمة الاقتصادية هي حالة تحدث عندما يواجه الاقتصاد صعوبات وتحديات تؤثر سلبًا على نموه واستقراره. يمكن أن تكون الأزمة الاقتصادية محلية (مثل أزمة اقتصاد فنزويلا)، أو دولية (مثل الأزمة المالية العالمية 2008 – 2009). على الأرجح، تكون الأزمات الاقتصادية مُرتبطة بتراجع في النشاط الاقتصادي، وزيادة في مُعدلات البطالة، وانخفاض في الإنتاجية، وتدهور في السوق المالية، وكذلك تحديات جسيمة تواجه كل من النظام المالي والمصرفي. بالنسبة للدول الفقيرة وكذلك الدول ذات الاقتصادات الريعية فإن الأمر يأخذ منعطفًا خطيرًا حيث يكون الاستقرار الأمني والنظام السياسي لهذه الدول في مهب الريح وهو ما يُعرضها للتدخلات الخارجية من الدول المُجاورة لها أو الدول الكُبرى.

الجهات المنوط بها التعامل مع الأزمات الاقتصادية بالمقام الأول هُم الحكومات والمؤسسات المالية العالمية والذين يتعين عليهم تبني سياسات اقتصادية ومالية فعالة مثل التحفيز الاقتصادي، وإجراء إصلاحات هيكلية، ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، وتعزيز الثقة في النظام المالي، وتنشيط المجالات الإنتاجية المُختلفة، وخلق المزيد من فرص العمل، ومكافحة التضخم. بشكلٍ عام، يتطلب تجاوز الأزمات الاقتصادية جهودًا مُشتركة من جانب الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات المُجتمع المالي لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وتعزيز الاستقرار المالي ولكنها دائمة ما تترك آثارًا جسيمة وتتسبب في إنخفاض مُدخرات الأفراد، وزيادة مُعدلات الفقر، وارتفاع مُخصصات الحماية الاجتماعية التي تُنفقها الدولة، وكذلك زيادة طلبات اللجوء للدول الأكثر استقرارًا وازدهارًا.

ما هو الفرق بين الركود الاقتصادي والأزمة الاقتصادية؟

الركود الاقتصادي والأزمة الاقتصادية هما حالتان مرتبطتان بتدهور الوضع الاقتصادي، لكنهما يشيران إلى أمور مختلفة. إليك الفروق بينهما:

الأزمة الاقتصادية الركود الاقتصادي
الأزمة الاقتصادية هي حالة تُزعزع أُسس الاقتصاد وتستمر لفترة أطول من الركود الاقتصادي. يُشير الركود الاقتصادي إلى تراجع النمو الاقتصادي لفترة طويلة، ويتميز بانخفاض الإنتاج والطلب والاستثمار ومُعدلات إدخار الأفراد.
عادة ماتكون مصحوبة بتدهور حاد في النظام المالي والمصرفي، مما يؤثر على ثقة المُستثمرين في النظام المالي والمصرفي. على الأرجح يأتي الركود الاقتصادي مصحوبًا بارتفاع معدلات البطالة وتراجع الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري من قبل الأفراد والشركات. بكلماتٍ أخرى، لا يُمكن لأي طرف أو أي نشاط اقتصادي النجاة بنسبة 100%من فترات الركود الاقتصادي.
قد تنشأ نتيجة أزمة في أسواق محددة مثل السوق العقارية أو النظام المصرفي. من الممكن أن يتسبب الركود الاقتصادي في تراجع الإيرادات الحكومية وتجاوز الميزانية وهو ما قد يدفع الدول إلى الاقتراض في محاولة لسداد الديون السابقة.
تتسبب في تباطؤ شامل في النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وتراجع الإنتاج ومُعدلات الاستثمار. بشكلٍ عام، يُمكن لتأثير الركود الاقتصادي أن يكون أقلّ حدّة مقارنة بالأزمة الاقتصادية.
قد تتطلب تدخلاً حكوميًا أو دوليًا وجهودًا مُنسَّقة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي وتلافي الآثار السلبية طويلة الأمد.

مؤشرات وأعراض الأزمة الاقتصادية

  1. انخفاض حادّ في النمو الاقتصادي وتباطؤ في الأداء الاقتصادي بشكل عام.
  2. تراجع كبير في الإنتاج وارتفاع مُعدلات البطالة.
  3. انخفاض قيمة الأموال وارتفاع قيمة الأصول مثل المعادن النفيسة، والعملات الرقمية، والعقارات.
  4. انخفاض الثقة في النظام المصرفي وانخفاض مُعدلات الإدخار
  5. تدهور السوق المالي مع انهيار قيمة الأصول وتراجع قيمة الأسهم والسندات.
  6. زيادة الديون الحكومية وديون الشركات والأفراد.
  7. ارتفاع الفائدة المصرفية على الإيداع والإقراض
  8. ركود في القطاعات الرئيسية للاقتصاد مثل العقارات والسياحة والصناعة والتجارة.
  9. انخفاض الإستثمار والإنفاق الاستهلاكي.
  10. ارتفاع حالة السخط الاجتماعي تجاه الحكومة

هذه المؤشرات والأعراض قد تشير إلى احتمالية حدوث أزمة اقتصادية، ولكن يجب أخذ كل الظروف المحلية والدولية بعين الإعتبار لتحديد أسباب الأزمة الاقتصادية. قد يكون من الأفضل الاعتماد على تقييمات وتحليلات الخبراء الاقتصاديين والمؤسسات المالية المُعترف بها لتقييم حالة الاقتصاد واحتمالية حدوث الأزمة الاقتصادية.

انتبهوا للخطرِ المحيطِ بأموالكم، حيث تتعرّضُ 68% من حساباتِ المُستثمِرين الأفرادِ لخسارة الأموال عند تداولِ عقود الفروقاتِ

أسباب الأزمات الاقتصادية

أسباب الأزمات الاقتصادية

يُمكن أن تحدث الأزمات الاقتصادية بسبب الأخطاء المُؤسسية (كما هو الحال في الأزمة الاقتصادية 2008)، وقد تحدث نتيجة للأحداث القدرية (مثلما تسبب فيروس كورونا في أزمة التضخم والركود الاقتصادي 2020). من ناحيةٍ أخرى، قد تكون أسباب الأزمات الاقتصادية مُتعددة ومترابطة وتختلف من بلد لآخر ومن فترة لأخرى، وفيما يلي بعض الأسباب الشائعة لحدوث الأزمات الاقتصادية:

  1. الأزمات المالية: يُمكن أن يتسبب الإقراض دون حسيب في أزمات اقتصادية كبيرة خاصةً حينما يُصبح النظام المصرفي غير قادر على تلبية الالتزامات المالية تجاه عملائه. يمكن أيضًا أن تتسبب المصارف في أنواع أخرى من الأزمات الاقتصادية مثل الأزمات النقدية، وأزمات السيولة، وحرمان المودعين من الوصول إلى أموالهم.
  2. مُعدلات الديون العالية: عندما تكون هناك ديون كبيرة وغير مستدامة للحكومات أو الشركات أو الأفراد، يزداد خطر حدوث أزمة اقتصادية. إذا لم تكن قادرة على سداد الديون أو تمديد آجال استحقاقها فإن ذلك يؤثر سلبًا على الاقتصاد بشكل عام.
  3. تدهور السوق المالية: عندما يشهد السوق المالية انخفاضًا حادًا في الأسهم والسندات والعملات، فإن ذلك يؤدي إلى تراجع الثقة والاستثمارات، وبالتالي قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية.
  4. الركود الاقتصادي العالمي: عندما يتراجع النمو الاقتصادي على المستوى العالمي، يمكن أن يؤثر ذلك على الاقتصادات الوطنية ويؤدي إلى حدوث أزمة اقتصادية.
  5. التضخم العالي: عندما يزيد معدل التضخم بشكل مفرط، تقل قيمة مُدخرات الأفراد والقوى الشرائية لرواتبهم، وبالتالي تقلّ أرباح الشركا وهو ما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني والدولي
  6. عدم توازن الميزانية الحكومية: عندما تكون هناك عجز كبير في الميزانية الحكومية وتزايد الديون العامة، يزداد خطر حدوث أزمة اقتصادية.
  7. أزمات سياسية واضطرابات: النزاعات السياسية والحروب والثورات والاضطرابات الاجتماعية يمكن أن تؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي وتفاقم الأزمات الاقتصادية.

هذه مجرد بعض الأسباب الشائعة لحدوث الأزمات الاقتصادية. قد تكون هناك أسباب أخرى محددة لكل حالة اقتصادية، وهو موضوع يتطلب تحليلًا عميقًا للأسباب الأزمات الاقتصادية تشمل عدة عوامل مترابطة، ومن أبرز الأسباب الشائعة يمكن ذكرها:

  1. انهيار الثقة في النظام المصرفي: يحدث عندما يتعرض النظام المالي لاضطرابات وأزمات تؤثر على البنوك والمؤسسات المالية. قد يكون سبباً في ذلك الاحتيال المالي، تكديس الديون، سوء الإدارة المالية أو التشريعات الضعيفة.
  2. انهيار سوق العقارات: يحدث عندما ينخفض قيمة العقارات بشكل حاد، مما يؤدي إلى انخفاض ثروة الأفراد والشركات ويؤثر على القروض العقارية والقطاع المالي بشكل عام.
  3. تدهور الصناعات الرئيسية: قد يشهد قطاع صناعي محدد أزمة تؤثر على الاقتصاد بشكل كبير، مثل انهيار سوق السيارات أو الطيران أو الطاقة. على سبيل المثال، تسبب انتشار فيروس كورونا في إنخفاض سعر برميل النفط إلى 0 في عام 2020 وهو ما تسبب في لجوء المملكة العربية السعودية والكثير من دول الخليج للاقتراض من الدائنين الأجانب لسدّ العجز في الميزان التُجاري.
  4. سوء التوزيع الدخلي: عندما يكون هناك تفاوت كبير في توزيع الثروة والدخل، حيث يرتفع مستوى الفقر والعدالة الاقتصادية، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى احتجاجات واضطرابات اجتماعية واقتصادية.
  5. تقلبات أسعار السلع والعملات: ارتفاع أسعار السلع الأساسية – مثل النفط والغذاء بشكلٍ أساسي – يُمكن أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم وتراجع القدرة الشرائية للأفراد وهو ما يُؤدي إلى ظاهرة الدولرة وهو ما يعني لجوء الأفراد إلى ترك العملات المحلية وتمسكهم بالدولار وغيره من العملات القوية المُستقرة للادخار وشراء السلع الغالية مثل السيارات والعقارات. يمكن أيضًا أن تتسبب تقلبات أسعار العملات في تدهور الميزان التجاري وتأثير سلبي على الاقتصاد الوطني.
  6. الأزمات السياسية والاضطرابات الاجتماعية: النزاعات السياسية والحروب والاضطرابات الاجتماعية تؤثر سلبًا على الثقة والاستثمار والنشاط الاقتصادي، وتطيح بالإنتاج والزراعة والسياحة والصناعة، وقد تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الوطني.
  7. الأزمات العالمية: الأحداث العالمية مثل الكوارث الطبيعية، الأزمات البيئية، الصراعات الجيوسياسية والأزمات الصحية العالمية يُمكن أن تتسبب في أزمات اقتصادية على المستوى العالمي والوطني على حدٍ سواء.

هذه بعض من الأسباب الشائعة لحدوث الأزمات الاقتصادية. يجب ملاحظة أنها قد تتفاعل مع بعضها البعض وتختلف في تأثيرها حسب قوة الاقتصاد الذي ضربته وطريقة تعامل الدول معها.

ما هي تأثيرات الأزمة الاقتصادية؟

ما هي تأثيرات الأزمة الاقتصادية؟

الأزمة الاقتصادية لها آثار واسعة النطاق وعميقة على كل من الاقتصاد الوطني، الشركات والأعمال، والأُسر، والأفراد. إليك بعض الآثار الشائعة للأزمة الاقتصادية في كل مجال على حِدة:

تأثير الأزمة الاقتصادية على الاقتصادات المحلية

  1. النمو الاقتصادي يتأثر سلبًا، حيث ينخفض معدل النمو وقد يحدث ركود اقتصادي.
  2. ارتفاع معدل البطالة، وبالتالي زيادة معدلات الفقر وانخفاض مستوى المعيشة.
  3. انخفاض الإنفاق الحكومي على الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، مما يتسبب في تدهور مستوى معيشة الأفراد في هذه الدولة.
  4. عدم قدرة الدولة على خلق المزيد من فرص العمل وبالتالي يتعين عليها مواجهة مشاكلمن نوع آخر مثل زيادة مُعدلات الفقر ومُحاولة جذب الاستثمارات الخارجية.

تأثير الأزمة الاقتصادية على الشركات والأعمال

  1. انخفاض مُعدلات الإنتاج والطلب على المنتجات والخدمات، مما يؤدي إلى تراجع إيرادات الشركات، وبالتالي إنخفاض الحصيلة الضريبية وتراجع إنفاق الدولة على الفئات الأكثر احتياجًا.
  2. تراجع مُعدلات السيولة المالية، حيث يصعب على الشركات الحصول على التمويل الضروري لتشغيل أعمالها أو لتوسيعها خاصةً مع ارتفاع الفائدة البنكية على الإقراض نتيجة لزيادة مُعدلات التضخُم.
  3. زيادة معدلات الإفلاس وإغلاق الشركات، مما يؤدي إلى فقدان فرص العمل وتدهور القطاع الخاص.
  4. تراجع الاستثمارات حتى في المجالات سريعة الربحية.

تأثير الأزمة الاقتصادية على الأفراد والأُسر

  1. زيادة معدلات البطالة، مما يؤدي إلى صعوبة إيجاد فرص عمل وتأمين الدخل اللازم للمعيشة.
  2. ارتفاع معدلات الفقر وتدهور مستوى المعيشة حيث يصعب على الأفراد تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء والسكن والرعاية الصحية.
  3. انخفاض القدرة الشرائية حيث يرتفع التضخم ويصبح الأفراد غير قادرين على شراء السلع والخدمات بنفس المستوى السابق.
  4. زيادة معدلات الديون الشخصية والمشاكل المالية، مما يؤدي إلى ضغوط نفسية واجتماعية على الأُسر والأفراد.

هذه بعض الأثار الشائعة للأزمة الاقتصادية على الاقتصاد الوطني، الشركات والأعمال، والأفراد والأسر. قد تختلف هذه الآثار حسب حجم الأزمة وطبيعتها وسياسات الحكومة والإجراءات المتخذة لمواجهتها.

حالات وأمثلة عن الأزمات الاقتصادية

في هذا الجزء من دليلنا حول الأزمة الاقتصادية سنُقدم لك 3 حالات للأزمة الاقتصادية على المستوى الدولي والإقليمي أيضًا.

الأزمة المالية العالمية في 2008

الأزمة المالية العالمية في 2008

تعتبر الأزمة المالية العالمية في عام 2008 من أبرز الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث. بدأت هذه الأزمة في الولايات المتحدة بسبب انهيار سوق الرهن العقاري والذي أدّى بدوره إلى انهيار بنك “ليمان براذرز” وعدة بنوك أخرى. مثل سقوط أحجار الدومينو، انتشرت تبعات هذه الازمة على الأسواق المالية العالمية، وتأثرت اقتصادات دول العالم المُختلفة بها وهو ما تسبب في تراجع للنمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وتدهور الثقة في الأسواق المالية. ومع ذلك، لحسن الحظ، لم تدُم فترة هذه الأزمة طويلًا وتمّ مواجهتها وحلّها تمامًا بحلول عام 2010.

الأزمة الاقتصادية العراقية 2003

الأزمة الاقتصادية العراقية 2003

أحد أبرز الأمثلة على الأزمة الاقتصادية في الشرق الأوسط هي الأزمة الاقتصادية التي واجهتها دولة العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003. أتتّ هذه الأزمة كنتيجة حتمية للتغيُرات السياسية والعسكرية الجذّرية التي شهدتها البلاد بعد الغزو. لقد تسببت هذه الأزمة في انهيار شركات القطاع العام مما أدّى إلى تدهور البنية التحتية وتراجع الإنتاجية في العديد من القطاعات الحكومية. من ناحيةٍ أخرى، أدّت هذه الأزمة إلى ارتفاع مُعدلات البطالة حيث تضررت المصانع وتم قصفها بعد الغزو.

كنتيجة لكلْ ما سبق، تدهورت القوى الشرائية للمواطنين العراقيين وتداعت قيمة عملتهم المحلية ممّا أثّر على قدرة الأفراد على تلبية احتياجاتهم الأساسية، وكذلك أدّت هذه الأزمة إلى زيادة حالات النزوح والهجرة للدول الأخرى.

هذه هي بعض من التأثيرات الرئيسية لأزمة العراق الاقتصادية والتي دامت لفترة طويلة وما زالت تؤثر على البلاد حتى اليوم. بالنظر إلى الشرق الأوسط، نجد أن هذا السيناريو تكرر في كل من سوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان بسبب الحروب والنزاعات الداخلية والثورات.

أزمة الديون السيادية في أوروبا في عام 2011

أزمة الديون السيادية في أوروبا في عام 2011

أزمة الديون السيادية في أوروبا في عام 2011 التي أُطلق عليها أيضًا اسم “أزمة اليورو” تُعدّ واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية التي تأثرت بها منطقة اليورو وبعض دول الاتحاد الأوروبي. أولًا، تراكمت الديون العامة في عدد من الدول الأعضاء في منطقة اليورو على مر السنوات، بسبب الإنفاق الزائد وسوء إدارة المال العام. علاوة على ذلك، فإن تزايد مُعدلات الدين وتدهور التوازن المالي في هذه الدول أدى إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض الحكومي وزيادة القلق بشأن قدرة الدول الأوروبية على سداد الديون.

الدول التي تأثرت بشكل رئيسي من هذه الأزمة هي اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وأيرلندا (وتُعرَف اختصارًا باسم “PIIGS”) حيث كانت هذه الدول تُعاني من مُستويات عالية من الديون السيادية وضعف في النمو الاقتصادي بشكلٍ عام.

تفاقمت الأزمة وتأثرت الأسواق المالية العالمية، مما أدى إلى هبوط حادّ في قيمة عملة اليورو واضطرابات في الأسواق المالية العالمية ككل. جرّاء هذه الأزمة تضاءل النمو الاقتصادي في منطقة اليورو وزادت مُعدلات البطالة وتدهورت الظروف المالية والاقتصادية لمواطني الدول المذكورة سابقًا. لحلّ هذه المُشكلة قام الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي بتقديم حزم إنقاذ مالية للدول المتأثرة، من خلال تقديم قروض وشروط اقتصادية للتحفيز على إجراء إصلاحات هيكلية وتقشف مالي. تم اتخاذ إجراءات لتعزيز التكامل الاقتصادي والمالي بين الدول الأوروبية ، مثل تعزيز قواعد الرقابة المالية وتحسين إدارة الديون العامة لدول منطقة اليورو.

استراتيجيات وأساليب مواجهة الأزمات الاقتصادية

لمواجهة الأزمات الاقتصادية يتعين على الدولة تبني مجموعة من الاستراتيجيات والأساليب التي تهدف إلى تحفيز الاقتصاد المحلي وتخفيف التداعيات السلبية على الرغم من أنه لا يُمكن فصل اقتصاد دولة ما عن الاقتصاد العالمي، ولذلك يجب على الدول العمل معًا من خلال المؤسسات المالية مثل صندوق النقد الدولي.

بشكلٍ عام، حينما تُصاب إحدى الدول بأزمة اقتصادية فإنها تعمل على حلّها بالإعتماد على 3 محاور أساسية وهي كالتالي:

السياسات النقدية والمالية

يتعين على الدول إتباع سياسات تقشفية والتشديد النقدي لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وبشكلٍ أكثر تحديدًا يجب عليها إتخاذ الإجراءات التالية:

  • التدخل في السوق المالية: يجب على الدولة اتخاذ إجراءات لتعزيز استقرار الأسواق المالية ومنع حدوث انهيارات كبيرة في الأسعار.
  • مواجهة تُجار الأزمة: لا يُمكننا إنكار أن الأزمة تُشكل كنزًا لبعض التُجار الذين يقومون بالتلاعب في أسعار السلع والخدمات لتكوين ثروات خلال فترة زمنية قصيرة وهو ما يُعرف بـ “السوق الموازي” أو “السوق السوداء”. يتعين على الدول سنّ قوانين لعقاب كل من يقوم بمُمارسات احتكارية من شأنها الأضرار بالفئات الأكثر
  • خفض أسعار الفائدة: يتعين على الحكومة خفض أسعار الفائدة لتشجيع الاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي. على الرغم من أن الدول تلجأ لرفع الفائدة لمواجهة التضخم ولكن هذه الآلية محدودة الفاعلية كما اتضح في الأزمة الاقتصادية 2021.
  • زيادة الإنفاق الحكومي: على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الحكومات وانخفاض الرسوم والضرائب إلا أنه من واجب الحكومة تكثيف الإنفاق على الفئات الأكثر احتياجًا، والمشاريع العامة، والبنية التحتية لتعزيز الطلب الاقتصادي وتهيئة المناخ الاستثماري وخلق فرص العمل.

التحفيز الاقتصادي وبرامج الدعم

  • تقديم حوافز للشركات: يجب على الدول التي تُعاني من أزمة اقتصادية أن تُقدم مزايا ضريبية، وإجراءات سريعة، وتسهيلات للشركات لتشجيعها على الاستثمار وتوسيع أعمالها مما يُساهم في خلق المزيد من فرص العمل وتخفيف حدّة الأزمة على الأفراد.
  • برامج الدعم الاجتماعي: يجب على الحكومات تقديم برامج الدعم الاجتماعي مثل الرعاية الصحية والتعليم للأفراد والأُسر المتضررين من هذه الأزمة الاقتصادية.
  • تحفيز الاستهلاك: يجب أن تقوم الحكومة بتقديم تخفيضات ضريبية أو منح مالية مؤقتة لتشجيع الأفراد على زيادة الإنفاق والاستهلاك.

التعاون الدولي والمساعدات الاقتصادية

  • التعاون الدولي: يُساهم التعاون الدولي في التنسيق بين الدول لتبادل الخبرات والمعلومات وتنسيق السياسات الاقتصادية للتغلب على الأزمة الاقتصادية.
  • المساعدات الاقتصادية: كواجب اقتصادي وأخلاقي، يجب أن يتم تقديم المُساعدات المالية والتقنية من قبل الدول الأغنى إلى الدول المُتضررة للتخفيف من آثار الأزمة ودعم نموها الاقتصادي.

تجدر الإشارة إلى أن الاستراتيجيات المُحددّة لمواجهة الأزمة الاقتصادية تعتمد على طبيعة الأزمة وظروف كل بلد وإمكانياته الاقتصادية.

الوقاية من الأزمات الاقتصادية

كما يقول المثل الشهير: “درهم وقاية خير من قنطار علاج”. ينطلق هذا المثال أيضًا على الأزمات الاقتصادية. على الرغم من أن الوقاية قد لا تكون أولوية في أوقات الرخاء الاقتصادي إلا أنها تُقلل من حدّة الأزمات الاقتصادية وتجعل فتراتها أقصر والخروج منها أسهل. بشكلٍ عام، إليك بعض الاستراتيجيات المهمة للوقاية من الأزمات الاقتصادية:

الوقاية من الأزمات الاقتصادية

أهمية التنبؤ بالأزمات

يجب على الدول والمُؤسسات المالية القيام بتحليلات ودراسات دورية للاقتصاد لتحديد المؤشرات والعوامل التي قد تؤدي إلى حدوث أزمة اقتصادية. يمكن استخدام نماذج والنُظُم تنبؤية لتقييم احتمالات التعرُض للأزمات الاقتصادية والتحذير من المخاطر المُحتملة للأزمات الاقتصادية.

الاستثمار في التعليم والأبحاث

يعتبر التعليم والبحث العلمي من الأسس المُهمة لبناء اقتصاد قوي ومُتنوع. يجب توجيه الاستثمارات في تحسين نظام التعليم وتعزيز البحث العلمي وتطوير مهارات العمالة حيث أن ذلك يُساعد على تعزيز الابتكار ورفع مستوى الإنتاجية وتنويع الاقتصاد.

التطوير المُستمر لسوق العمل

يجب تعزيز سوق العمل وتطويره بما يتلاءم مع المُتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية. يجب تعزيز التدريب والتأهيل المهني وتشجيع ريادة الأعمال وتطوير المهارات الجديدة التي تلبي احتياجات سوق العمل المتغيرة وذلك يُساعِد على تعزيز فرص العمل وتحسين إمكانية التوظيف.

إلى جانب هذه الاستراتيجيات، يجب أيضًا تعزيز الشفافية والرقابة على الأنشطة المالية وتنظيم الأسواق المالية للحد من التكهنات والأزمات المالية. كما ينبغي تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات والخبرات لتعزيز الاستقرار الاقتصادي على المستوى العالمي.

الخلاصة

في النهاية، يُمكننا القول أن الاستعداد والتجهيز للأزمات الاقتصادية يلعبان دورًا حاسمًا في تعزيز استقرار الاقتصادات والتقليل من تأثير هذه الأزمات على الفرد والأسرة والشركة والدولة ككل. تُقاس قدرة مواجهة كل دولة للأزمة الاقتصادية بناءً على مدى استعدادها للأزمة بالمقام الأول. لتلافي الأزمات الاقتصادية، يجب تحليل الحالة الاقتصادية بانتظام وتحديد المؤشرات والعوامل التي قد تؤدي إلى حدوث أزمة اقتصادية. توجد حاجة إلى نماذج تنبؤية وتحليلات مستمرة لتحذير من المخاطر المحتملة. من ناحيةٍ أخرى، يجب الاستثمار في التعليم والبحث العلمي حيث يجب توجيه الاستثمارات نحو تعزيز نظام التعليم والبحث العلمي وذلك يُعزز الابتكار والإنتاجية ويساعد في تنويع الاقتصاد وتعزيز المرونة في مواجهة التحديات الاقتصادية. علاوة على ذلك، يجب تعزيز الشفافية وتنظيم الأنشطة المالية والأسواق المالية.

الأسئلة الشائعة حول الأزمة الاقتصادية

ما هي الأزمة الاقتصادية؟

ما هي العوامل التي تُسبب الأزمات الاقتصادية؟

ما هي تداعيات الأزمة الاقتصادية؟

كيف يُمكن التعامل مع الأزمات الاقتصادية؟

كم من الوقت سيستغرق الاقتصاد للتعافي؟

eToro: أفضل وسيطٍ لشراء العملات الرقمية

تقييمنا

  • توفّر أكثرَ من 75 عملة رقمية.
  • تقدّم ميّزاتٍ مبتكرةً لنسخ التداول.
  • تقتطع رسوماً ثابتةً بنسبة 1% إضافةً إلى فروقاتِ سعري العرض والطلب.
  • تدعم وسائل الدفع المناسبة.
  • توفّر تطبيق eToro Money كمحفظة كريبتو آمنةٍ لتخزين العملات الرقمية.