يتساءل المقبلون على عالم التداول على الأحكام الشرعية المتعلقة بمختلف أنواع العملات الرقمية، خاصة في أوساط الخليج العربي والمملكة العربية السعودية بالتحديد. ولأن هذه الظاهرة معاصرة فيخضع الحكم الشرعي المتعلق بها إلى أراء المتخصصين من الجهات الإفتائية الرسمية.
وتبعا لذلك، سنستعرض في هذا المقال أبرز ملامح العملات الرقمية من النواحي الرقمية والمالية الشرعية.
تعرفوا على عالم العملات الرقمية من هنا
تعريف العملات الرقمية:
يُطلق اسم “العملات الرقمية” على مجموعة من العملات التي يُمكن يتداولها على شبكة الإنترنت. وعلى الرغم من كونها غير ملموسة، إلّا إنّها تتمتع بقابلية كبيرة من المستخدمين والمتداولين في جميع دول العالم بفضل سهولة استخدامها وأمانه وسرعته. ونتيجة لذلك، بدأ العديد من التجار والمؤسسات باستخدامها بدلاً من الأموال التقليدية. وأصبح بالإمكان الآن تسديد فواتير الشراء والخدمات المتنوعة بها، كما أصبح العديد من الأشخاص يستخدمونها لاستغلال قيمتها على المدى الطويل بشكل فردي.
ليتم تداول هذه العملات الرقمية بشكل ناجع، توجد مجموعة من عمليات التشفير المُعقّدة التي يتم استخدامها لحماية المتداولين من التعرّض لأيّ عملية نصب أو تزوير. أمّا عملية تعدين العملات فهي عبارة عن معاملات خوارزمية مُعقّدة إذ تحتاج إلى أجهزة مُتخصّصة ملائمة ومعرفة تقنية كافية. ويهدف ذلك للحفاظ على القيمة السعرية لها بمنحنى متصاعد لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح. كما ينبغي التنويه إلى أنه لا يجب أن يتم إنتاج كميات كبيرة منها لحمايتها من التضخم؛ إذ تساهم زيادة عدد العملات الرقمية المعروضة في الأسواق في انخفاض أسعار العملات الرقمية.
لذلك، يتم تحجيم القدر المعروض منها في كلّ فترة من مراحل البيع المسبق ثم الاستثمار.
اكتشفوا تفاصيل عالم العملات الرقمية من هنا
العملات الرقمية في ميزان الشريعة الإسلامية:
لقد كان للتكييف الفقهي للعملات الافتراضية الأثر الكبير في تنزيل الحكم الشرعي لها. إذ يتوقف الخلاف الفقهي حول حكمها على تفاصيل تكييفها الشرعي، فمن عدّها نقودا أجازها، ومن لم يعدّها نقودا حرّمها. وهناك من توقّف فيها حيث لم تتضح لهم شرعبة اعتبارها نقودا من عدمها، ويرون أنّها تحتاج إلى مزيد من البحث والنظر جراء تسارع المستجدات التقنية والمالية التي تتطلب جهدا دؤوبا من قبل القائمين على دوائر الاجتهاد الفقهي. وفيما يلي تفصيل الأقوال الثلاثة المتعلقة بالعملات الرقمية:
القول الأول: حرمة التعامل بالعملات الرقمية:
وهو ما صدرت به فتوى الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في دولة الإمارات العربية المتحدة وفتوى دار الإفتاء المصرية وفتوى دار الإفتاء الفلسطينية، وهو رأي كثير من الفقهاء المعاصرين منهم؛ د. أحمد الحجي الكردي وغيره.
أدلتهم:
أ- لا تتحقق فيها وظائف النقود وشروطها.
ب- شبهة الجهالة والغرر الفاحش.
ت- شبهة القمار.
ث- إن العملات الرقمية تصدر عن جهات غير حكومية.
ج- إن العملات الرقمية بصورتها الحالية تسهل جرائم كبرى مثل غسيل الأموال وتجارة المخدرات.
القول الثاني: جواز التعامل بالعملات الرقمية
أدلته:
أ- إن الأصل في المعاملات الإباحة، والعقلاء يختارون ما ينفعهم من المعاملات بشرط ألا يتعارض اختيارهم مع المصلحة العامة.
ب- إن العملات الرقمية سلعة ذات قيمة.
ت- إن العملات الرقمية تؤدي وظائف النقود كاملة. وبالتالي، لا ضرر منها مادام فيها منفعة للناس
القول الثالث: التوقف وهو رأي جمع من المعاصرين منهم؛ د. أحمد الحداد و د. يوسف الشبيلي ودليلهم:
أن موضوع العملات الافتراضية يعتمد على التقنية ولا تزال العملات الافتراضية يحفها كثير من الغموض من حيث كيفيات الحصول عليها وآليات تداولها. ولم يثبت في كل هذا من المعطيات ما يٌمكن أن يستند إليه كآلية عمل واضحة لحكم فقهي قاطع بحيث يتأكد من انتفاء الغرر ومن غياب أي تعامل محرم.
ابدؤوا رحلتكم في عالم العملات الرقمية من هنا
حكم العملات الرقمية حسب “هيئة العملات الرقمية بالمملكة العربية السعودية”:
وقد صرّح فضيلة الشيخ عبد الله المنيع عضو هيئة كبار العلماء ردا على سؤال حول حكم العملات الرقمية: “أبدا لا تملك معنى الثمنية، طيب أنا أسألك الآن لو أنني الآن أملك فيها الآن 10 ملايين ولم أجد من أرجع إليه (من يقبلها مني). ما قيمة هذه الـ10 ملايين؟ القبول والتقابض وما يتعلق به هذا أمر محقق ما تدري لو بكرة جاء ما يبطل هذا كله، فمن ترجع إليه؟ ما ترجع إلى أحد وعليه طالما أنها ليست.. معروف أن بأن النقد لابد أن يشتمل على ثلاث ميزات، الأولى أن يكون معيار تقويم والأمر الثاني أن يكون مستودع للثروة والأمر الثالث أن يكون مبنيا على قبول عام للإبراء العام.” وأضاف: “هذه الخصائص الثلاثة لا يمكن أن تتم إلا بوجود جهة تضمنها، إما أن يكون ورائها دولة أو يكون وراها من يضمنها وهو أهل للضمان، أما الآن مسألة البتكوين هذه الآن هل ورائها من يضمنها؟ هل ورائها أحد يقوم بإصدارها أو على اعتبار أنه ضامن لمحتواها؟ ليس هناك، وهذا أشبه ما يكون بصالة القمار فهي عبارة عن مقامرة وإن كانت ليس كالقمار الواضح لكن تعتبر من أكل أموال الناس بالباطل وأنا أرى أنها محرمة.”
ويستند هذا الحكم إلى ثلاث قواعد فقهية أساسية في مفهوم النقد الحلال، وهي:
أولا: القبول العام:
ويتمثل في وجود جهة رسمية تحتكر سلطة “سك النقود” وإعطاءها الصفة الشرعية من حيث القيمة المعروفة وحجم التداول بين كل الناس. ويوفر هذا مظلة قانونية تضمن حقوق كل المتداولين والحرفاء بفضل اعترافهم جميعا بسلطتها. أما في عالم العملات الرقمية، فلا يُعرف أصلها ولا مسار إنشاءها في أغلب الأجيان مما قد يجعل مهمة التثبت في مصداقيتها وأمانها صعبة. وقد يؤدي هذا إلى تشكيك واسع النطاق في مشروعية هذه العملات من حيث الأصل والآليات والضمانات، خاصة في ظلّ عدم اعتراف عديد الأطراف المحلية والدولية بهذه العملات بشكل رسمي.
ثانيا: معيار التقوبم:
لا يخفى على خبراء الاقتصاد أنّ العملات، التقليدية والرقمية على حد السواء، تخضع لتغيرات متفاوتة في قيمتها بفعل عوامل ذاتية وموضوعية متعددة. ولكن، في حين أن العملات التقليدية تتمتع عادة باستقرار كبير في القيمة وحجم التداول يمكنّ المتداولين من تحقيق مكاسب ثابتة دون معاناة أخطار كبيرة، تتميز العملات الرقميّة بتغيرات متسارعة وذات تأثير كبير يبلغ درجات الضعف ارتفاعا أو النصف انخفاضا في غضون أيام قليلة أو حتى ساعات قليلة، مما يجعلها مجالا عديم الضمان دون آفاق استثمارية واضحة.
ثالثا: مستودع الثروة
يتمثل هذا الشرط في نتيجة مباشرة للشرط السابق وذلك أنّ العملات الرقمية تصبح مقابلا قيميا مُتعارفا عليه لمجموعة من الخدمات والسلع المتاحة للتداول في الأسواق المحليّة والدوليّة طريقا لإنشاء الثروة الفردية والجماعية بإيجاد مستويات مشتركة توافقية يتم الرجوع إليها حال التخالف في القيم التداولية. ولكن، في ظل تذبذب مستوىات قيم العملات الرقمية المتنوعة، يكون الأساس الثابت للثروة غائبا، مما يؤدي إلى غياب حقوق المتداولين في المستقبل القريب والبعيد.
اطلقوا العنان لمغامرتكم مع العملات الرقمية من هنا
الأسئلة المتداولة:
ماهي العملات الرقمية؟
ماهي أسس النظرة الشرعية للعملات الرقمية؟
ماهو حكم هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية على العملات الرقمية؟
انضموا لعالم العملات الرقمية من هنا
خاتمة:
يشهد عالم المال والأعمال اليوم ثورة كبيرة من حيث اعتماد العملات الرقمية من قبل عدد متزايد من الأفراد والجماعات والدول في عديد المجالات. ويستدعي هذا تجديدا متواصلا على المستوى الفقهي لمواكبة آخر التحديثات مع الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية.