العملات الرقمية هي عملات عصرية مشفرة لا تخضع لأية رقابة حكومية أو رسوم معاملات إدارية أو تحويلات مالية. وقد تم طرح هذه العملة بقصد استخدامها في عمليات الدفع بشكل حيني وآمن ولامركزي. أما من حيث القيمة المالية، فهو عملة غير مغطاة بأي نوع من أنواع  العملات الحقيقية أو الذهب والفضة. وتبعا لهذه الطبيعة التقنية المعقدة، نجد أن هذه الظاهرة صارت محلّ نقاش في كل مجالات الحياة. ومن بين هذه المجالات، نجد الاجتهادات الفقهية حول الجكم الشرعي لهذه العملات. وسنعرض لكم في هذا المقال أصول النظرة الشرعية للمال بشكل عام ثم نقدّم تفاصيل حكم الشرغ في مسألة تداول العملات الرقمية على وجه الخصوص.

العملات الرقمية
العملات الرقمية

 

تعرفوا على عالم العملات الرقمية من هنا

 

الاجتهاد الفقهي في حكم العملات الرقمية:


يقسّم الشرع المال إلى مال شرعي ومال غير شرعي لعديد الاعتبارات ومن أهمها مدى الاعتراف الرسمي والشعبي بها مما يعطيها، أو يحجب عنها، مصداقية القيمة والتداول بين الأوساط المختلفة. وجريا على هذا التقسيم، نقدّم لكم الصنفين الرئيسين من العملات الرقمية مع تفصيل حكم تداولهما حسب اجتهاد الفقهاء المعاصرين.

العملات الرقمية الرسمية:

يجوز ،حسب جمهور الفقهاء المعاصرين، التعامل بالعملات الرقمية الرسمية إذا ما أصبحت بديلا معترفا به عن العملات الورقية وكانت خاضعة لرقابة البنوك المركزية وإشراف السلط المالية للدولة وتعهّدت الجهات بصرفها أو دفع قيمتها من أنواع البضائع أو الإنتاج المحلي. ويبني أصحاب هذا الرأي بالجواز حكمهم على دليل إمكانية القياس على العملات الورقية التي تصدر من البنوك المركزية والتي يتعامل بها الناس ويقبلونها معيارا للقيمة والأسعار سواء كان لها رصيد من الذهب الفضة أو رصيد من أموال عينية أخرى، أو ليس لها رصيد من الذهب والفضة أو حتى الأموال العينية كما هو الحال بالنسبة للدولار وغالب العملات بعد انفكاك العملة عن قيمتها الحقيقية. وهذا النظام المالي هو المعمول به في غالب الدول الآن. ويعود ذلك إلى أن الناس قبلت بالفعل التعامل بالعملات النقدية التقليدية باعتبارها وسيطا نقديا دون غطاء حقيقي بفضل الاستقرار النسبي لسعرها السوقي. وبنفس الشكل، صارت العملات الرقمية عملات رسمية بفضل الاعتراف بها من قبل عديد الدول.

العملات الرقمية غير الرسمية:

لا يجوز، حسب الفقهاء المعاصرين، التعامل بهذا الصنف من العملات الرقمية. وذلك لما يلي من الشبهات التي تكتنفها:
أولا- قيامهما على عملية التعدين: فالعملات الرقمية غير الرسمية قائمة على عملية “خلق النقود” دون مبررات شرعية مُسبقة. ويعتبر الفقهاء أنّ هذا هو الوجه المقابل للربا. ولذلك، فقد اشترط النبي صلى الله عليه وسلم في عقد الصرف التقابض. وهذه وسيلة ناجعة لمنع عملية خلق النقود؛ كما ورد في الحديث الصحيح: “الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد”.
فشبهة الربا تمنعها المماثلة، وشبهة خلق النقود يمنعها التقابض. وهناك ارتباط وثيق بين الربا وخلق النقود، وكلاهما محرم في الشريعة بنص القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. كما أنه يترتب على الربا وخلق النقود من المفاسد ما يضر بالاقتصاد مما جعلهما من المحرمات في المجال الاقتصادي.
ثانيا-  أنها مال متوهم غير حقيقي: إن عملية خلق النقود التي من أهم صورها الحالية العملات الرقمية يتولّد عنه مال متوهم ليس حقيقيا أي ليس ذا أثر واقعي فعلي. وبهذا تتكوّن الثروة في يد عدد محدود من الذين لهم قدرة على تداول هذه العملات الرقمية مما يعني غنى فاحشا لدى هؤلاء وفقرا لدى غيرهم. وهذه هي نفس علة تحريم الربا، كما قال تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7].
ثالثا- الاحتكار: سيؤدي تخليق العملة الرقمية بلا رقابة لاحتكارها. ومن المعلوم أنّ الاحتكار حراما شرعا لما فيه من ضرر، كما ورد في صحيح مسلم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يحتكر إلا خاطئ”.
رابعا- القمار: أن العملات الرقمية المشفرة تتعرض للتذبذب الكبير والسريع في قيمتها وحجم تداولها مما يجعلها نوعا من أنواع القمار المحرم؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة: 90]، وعلة ذلك أنّه كسب مبني على اللعب بالحظ فقد يرتفع السعر جدا أو ينخفض جدا والأصل في العملة الاستقرار والانضباط ولو نسبيا.

اكتشفوا تفاصيل عالم العملات الرقمية من هنا

تكييف النقود في الإسلام:

ويعود عدم تكييف العملات الرقمية على أنها نقود لأنها ليست وسيطا معتمدا للتبادل، وهذه هي أهم وظائف النقود. ولكن العملات الرقمية لا تتمتع بهذه الخصائص، التي من أهمها:
1  – أن تكون وحدة مقبولة رسميا وشعبيا لقياس السلع والخدمات بقيمة مالية.
2 – أن تكون وسيطا للتبادل، فمن خلالها يسهل الحصول على السلع والخدمات.
3 – أن تكون قابلة للادخار ومحفظة مالية لحفظ القيمة المالية لها.
4 – أن تكون أداة للمدفوعات الآجلة، فلابد لها من ثبات في القوة الشرائية.
5- ألا تكون سلعة: لأن المقصود بها التبادل وليست مقصودة لذاتها كما هو الحال في السلع.
6- أن تكون أصلا ماليا: أي أن تكون معتمدة على موجودات أو أصول عينية أو خدمات ونحو ذلك.
7 – أن تكون صادرة عن السلطات المختصة: فهذه العملات تصدر عن جهات أو أشخاص مجهولين، وليس من قبل الحاكم.
8 – عدم استقرار السعر: فعدم وجود الاستقرار النسبي للعملات الرقمية غير الرسمية، وهذا الاستقرار للعملة يحقق العدل بين البائع والمشتري ويحفظ العقود بين الناس خاصة في الآجال الطويلة.

 

تكييف العملات الرقمية في الإسلام
تكييف العملات الرقمية في الإسلام
تعلموا المزيد عن عالم العملات الرقمية من هنا

حكم تداول العملات الرقمية:

تجاوبا مع الإقبال المتزابد بشكل سريع في الفترة الأخيرة على عالم الكريبتو، بادرت عدة مؤسسات فتوى في عديد من الدول إلى إصدار فتاوى تحرم التداول بهذه العملات لأسباب عدة، وبخاصة العملات غير الرسمية كما فصّلنا أعلاه. ومن هذه الأسباب ما صرّح به عضو هيئة كبار العلماء في السعودية “عبد الله المنيع” أنّ التعامل بالعملات الرقمية يعتبر محرّماً لإنّها لا تملك معنى “الثمنيّة”، أي لا تستوفي شروط الشريعة في النقد الحلال.
إضافة إلى ذلك، بعتبر هذا التداول من قبيل أكل أموال الناس بالباطل لأنه يشبه “صالة قمار” رغم أنها ليست كالقمار الواضح. ويعود ذلك إلى عدة شبهات في العملات الرقمية، خاصة العملات الرقمية غير الرسمية، مثل غموض المصدر وغياب الاستقرار في حجم التداول وهامش الأرباح وعدم التزامن في التداول وإمكانية الاحتكار وسهولة الاستغلال لنشاطات إجرامية غيرها.

وسبقت هذه الفتوى فتوى أخرى صادرة عن أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية اعتبرت أنّ “تداول هذه العملات والتعامل من خلالها بالبيع والشراء والإجارة وغيرها حرام شرعاً لآثارها السلبية على الاقتصاد وإخلالها باتزان السوق ومفهوم العما وفقدان المتعامل فيها للحماية القانونية والرقابة المالية المطلوبة، ولما فيها من الافتيات على ولاة الأمور وسلب بعض اختصاصاتهم في هذا المجال”. كما أستندت دار الافتاء المصرية في فتواها إلى “ما تشتمل عليه العملات الرقمية من الضرر الناشئ عن امكانية الغرر والجهالة والغشّ في مصرفها ومعيارها وقيمتها وغياب الرقابة عليها في كافة مراحل حياتها من التعدين إلى التداول إلى التحويل لعملات رقمية نظراً لكونها وحدات غير مغطاة بأصول ملموسة. وبالتالي، قد تفضي إلى نشوء مخاطر جسيمة قد تصيب الأفراد والدول على الصعيد الأمني والاقتصادي والاجتماعي.

حكم تداول العملات الرقمية
حكم تداول العملات الرقمية
باشروا في تداول العملات الرقمية من هنا

الأسئلة المتداولة:

ماهي العملات الرقمية؟

ماهي أسس الحكم الشرعي للعملات الرقمية؟

هل ثمة حكم شرعي قطعي شامل على العملات الرقمبة؟

 

خاتمة:

إن كانت العملات الرقمية صادرة عن الدول عبر البنوك المركزية وحلّت محل الأوراق المالية بما لها من قوة قانونية واقتصادية، فهي مباحة في التداول بالبيع والشراء. أما العملات الرقمية غير الرسمية فلا يجوز التعامل بها لما فيه من المفاسد الشرعية والأضرار الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.

عصابة "ميتا ماستارز" - اللعبة الكبرى القادمة في عالم كريبتو

تقييمنا

  • تُحظى بدعم من ستوديات الألعاب الرائدة
  • جولة البيع المسبق الأولى تجري الآن
  • استثمار أدنى منخفض مع غياب كل أشكال الاستغلال
  • صور غير قابلة للتبادل يمكن اللعب بها وجوائز ورهانات
  • تم التحقق من مصداقيتها من قبل "Solid Proof" و"CoinSniper"