هاتفٌ محمولٌ تعرض شاشته صفحة تطبيق كوينبيس على متجر التطبيقات وتظهَر أسفله عملاتٌ ذهبيةٌ تحمل رمز بيتكوين

تتجه كوينبيس (Coinbase) -منصة تداول الكريبتو الأكبر في الولايات المتحدة- إلى منطقةٍ خَطِرة بعد قرارها بتقديم نسبة ربحٍ سنويةٍ لعملائها تبلغ نسبتها 5.1% تقريباً مقابل امتلاك عملات USDC على منصّتها؛ وقد تؤدي هذه الخطوة -التي ربّما جذبت المستثمرين- إلى صراعٍ مع لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) خصوصاً بعد الحكم القضائي الأخير ضد Terraform Labs وعملاتها المستقرّة.

وقد تسبَّبَ الحكم الأخير للقاضي جيد راكوف (Jed Rakoff) ضد دو كوون (Do Kwon) وTerraform Labs باضطرابٍ في قطاع الكريبتو؛ ونصَّ الحكم على أن عملات Terraform Labs -ومن ضمنها عملة UST المستقرّة- تُعتبر أوراقاً ماليةً غيرَ مرخّصة في سابقةٍ قد تتسبَّب بضررٍ كبيرٍ لكوينبيس وغيرها من منصات التداول. وتم اتخاذ هذا القرار بناءً على اختبار Howey، وهو الاختبار المُستخدم من قبل SEC لتحديد الأصول والاتفاقيات التي يمكن اعتبارها عقوداً استثماريةً -وبالتالي أوراقاً ماليةً- بحسب القانون.

فبالرغم من أن UST عملةٌ مستقرةٌ، إلا أن تقديمها لبروتوكول إقراضٍ وتسليفٍ عالي الربح كان كافياً ليتمَّ نقلها إلى فئة الأوراق المالية.

على الطرف الآخر، فإن شركة Circle -المُصدِرَة لعملة USDC- لا توافق على ذلك، وفي حال تم تصنيف عملات USDC كأوراقٍ ماليةٍ، فسيؤدي تقديم كوينبيس عوائدَ على امتلاكها للشروع بدعاوى قضائيةٍ وغراماتٍ كبيرة وغيرها من العقوبات بسبب عدم تسجيل المنصّة لهذا المنتج كأوراقٍ ماليةٍ كما يتطلب القانون الأمريكي.

إستراتيجية منصة كوينبيس للعملات المستقرة تحت التدقيق

تتعرّض إستراتيجية كوينبيس لتقديم عوائدَ بنسبة 5.1% مقابل امتلاك عملات USDC على منصّتها لتدقيقٍ قانونيٍّ غير مسبوق، وتختلف هذه المقاربة بالتأكيد عن وضع منصة Terra وعملة UST وبرتوكول Anchor الخاص بها، إلا أن خبير القوانين المالية تود فيليبس (Todd Phillips) يرى أنها قد تُعتبر عقداً استثمارياً، ولكنَّ المشكلة الأساسيّة تكمن في إمكانية اعتبار هذه المكافآت مرتبطةً بنجاح الشركة المستقبليّ، رغمَ أن مصدَرَها الحاليّ هو أموال الشركة نفسها.

ويُعتبر وضع عملة USDC فريداً ويختلف عن وضع كبار المُصدِرين للعملات المستقرّة مثل Tether وPaxos الذين تجنّبوا تقديمَ أية عوائد؛ ورغم إدارة عملة USDC سابقاً من قِبَلِ Centre Consortium إلا أنها مدارةٌ الآن من قبل الشريكين Circle وكوينبيس حيث تتولى الأولى مهمّة الحوكمة وتعمل الأخيرة كموزِّع أساسيّ. ويمكن اعتبار تقديم كوينبيس لعوائد على امتلاك عملات USDC مدخلاً إلى عالم الأوراق المالية وفقاً لتفسير القرارات القانونية الأخيرة.

ما هو مستقبل تنظيم الكريبتو؟

تُظهر ملاحقة SEC للأوراق المالية غير المسجّلة -إلى جانب الحكم القضائيّ الأخير- تشديدَ البيئة التنظيمية للعملات الرقمية، وقد تجذب منصة كوينبيس -بتقديمها لعوائد على USDC- المزيد من التدقيق من قِبَل SEC خصوصاً في حال اعتبرت اللجنة هذا الإجراء عقداً استثمارياً؛ وما يزيد الأمر سوءاً هو الادعاءات الأخيرة باستخدام USDC في تمويل الإرهاب، وقد يحمل هذا تداعياتٍ مهمّةً على كوينبيس وقطاع العملات المستقرة الذي يعاني أساساً من المشهد التنظيميّ المعقد.

ويُنظر إلى قرار كوينبيس برفع الأرباح على الممتلكات من عملات USDC إلى 5% بمثابة خطوة جريئةٍ في ظلّ تركيز SEC الكبير على العملات الرقمية، وتُصارع الشركة ومديرها التنفيذيّ برايان أرمسترونغ (Brian Armstrong) قضائياً مع رئيس اللجنة غاري جينسلر (Gary Gensler) لتحديث القوانين بما في ذلك تحديث اختبار Howey أو إصدار قواعد خاصّةٍ للأصول الرقمية، ما قد يجعل من عملة USDC واجهة الحوار الجاري حول قوانين تنظيم الكريبتو.

الخلاصة: موازنة حسّاسة

تطرح إستراتيجية كوينبيس الأخيرة الخاصّة بعملة USDC تحدياً لتحقيق التوازن بين محاولة التطوير واستفادة المستخدم من جهةٍ والامتثالِ القانونيّ والسوابق القضائية من جهةٍ أخرى؛ ويمكن لنتائج هذا السيناريو أن تحدد كيفية التعامل مع العملات الرقمية الأخرى -وخاصّةٍ المستقرّة- ضمن قانون الأوراق المالية للولايات المتحدة، وفي حال عدم انتصار كوينبيس وCircle، فقد يشمل الضرر القطاع بأكمله. ومع ترقّب مجتمع الكريبتو للمزيد من التطوّرات، تتابع كوينبيس مسيرتها ضمن بيئةٍ تنظيميةٍ خطرة وستبقى محط أنظار المشاركين في قطاع الكريبتو ككلّ.