إذا كنتم تظنّون أن جنون عملات الميم كان مجرّد صيحةٍ مؤقتةٍ قد لاقت رَوَاجاً خلال فترة جائحة كورونا، فيجدر بكم تصحيح معلوماتكم إذ تتمثل أحدث صيحات سوق الكريبتو ذات الضجّة الكبيرة في العملات الرقمية التي تحمل سِمَة القطط، وتستضيف بلوكتشين سولانا العديد منها.
وبدءاً من القطط الفرويّة الظريفة مروراً بالهُرَيرَات البدينة، تلقى هذه الفئة الجديدة من عملات الميم رَوَاجاً أكثرَ من العملات التقليدية التي تحمل سِمَة الكلاب، أمثال دوجكوين (Dogecoin-DOGE) وشيبا إينو (Shiba Inu-SHIB).
وقد يبدو الأمر أشبَهَ بصندوق نفاياتٍ للمضاربات التافهة، إلا أن جنون عملات القطط ساعد المستثمرين في كسب عوائد كبيرة من أصولٍ رقميةٍ قوامُها الطرافة والابتكارات الفنية؛ فعلى سبيل المثال، يُقال إن متداولاً نجَحَ بمضاعفة مبلغ استثماريّ قدره 6,000$ إلى أكثر من 530,000$ خلال ساعاتٍ بالمشاركة المبكّرة في عملة Cat in a Dogs World (MEW)، بينما ربح متداولٌ آخرُ 90 مليون دولار في يوم واحد بشراء حوالي 10% من المعروض الإجماليّ من هذه العملة بسعر 9.6 مليون دولار، لكنّ هذه الصفقة الرائعة تستلزم مخاطرَ كبيرة.
ويجدر بكم التنبه إلى أن الاستثمار في هذه العملات الرقمية المستوحاة من القطط محفوفٌ بالمخاطر، وقد تخسرُ قيمتها بالكامل بطرفة عين؛ ويمكنكم قراءة هذا المقال لفهم أسباب هذا الجنون والمخاطر المحتملة للاستثمار في هذه العملات ومعرفةِ ما إذا كانت عملات الميم حديثة الإطلاق التي تحمل سِمَة القطط ما تزال تمتلك إمكانات النموّ.
بلوكتشين سولانا توفر بيئة مناسبة لعملات الميم على شاكلة عملة MEW
بالرغم من اختلاف عملات الميم وتوزّعها على عدّة نظم بلوكتشين، إلا أنّ معظم العملات الرائجة التي تحمل سمة القطط قائمةٌ على شبكة سولانا ذات السرعة الكبيرة والتكلفة المنخفضة؛ وإليكم فيما يلي قائمةً ببعض أبرز هذه العملات:
- MEW: تمّ توزيع 5% من معروض عملة Cat in a Dogs World بشكلٍ مجانيّ على مالكي عملات الميم التي تحمل سِمَة الكلاب، وارتفعَ سعر هذه العملة بنسبةٍ تجاوزت 120% في يوم واحدٍ فقط، ما رفع قيمتها السوقية لوقتٍ قصيرٍ إلى 470 مليون دولار في صدارة عملات الميم التي تحمل سمة القطط. وتبلغ القيمة السوقية لهذه العملة حالياً 400 مليون دولار تقريباً.
- CHONK: ارتفع سعر عملة Chonk The Cat التي تحمل سمة القطط البدينة بنسبة 299% خلال يوم واحد، كما ارتفع سعر هذه العملة بنسبة 168% خلال الأسبوع الماضي وحده.
- WEN: ارتفع سعر هذه العملة التي تصوّر قطاً لجوجاً ينتظر إخراجُه خارج المنزل بنسبةٍ تجاوزت 100% خلال الثلاثين يوماً الماضية، وتقترب قيمتها السوقية من عتبة 300 مليون دولار، لذلك تُصنّف WEN كإحدى أكبر عملات الميم التي تحمل سمة القطط من حيث القيمة السوقية.
- LMEOW: تسعى هذه العملة “لنقل زعامة النظام التقنيّ لعملات الميم من نباح العملات التي تحمل سمة الكلاب إلى خرخرة نظيراتها الحاملةِ سِمة القطط”، وارتفع سعر LMEOW بنسبة 147% خلال الفترة الممتدة بين 29 و31 آذار/مارس، كما حققت مكاسبَ قدرُها 90% خلال الأسبوع الماضي.
وتُعد هذه العملات من الأمثلة القليلة على عشرات العملات القائمة على بلوكتشين سولانا والتي لقيت اهتماماً ونشاطاً تداولياً كبيراً خلال الأيام الماضية.
يُشار إلى أن كافة أزواج العملات حديثة الإطلاق الأكثرَ رَوَاجاً على سولانا تقريباً هي العملات التي تحمل سمة القطط بحسب بيانات DEX Screener، ويُظهر موقع التحليلات القائم على البلوكتشين هذا أنّ عملات CATINO وVolt وSnapcat وBillcates قد حققت مكاسبَ نسبتها 138,000% و25,810% و24,158% و22,675% على الترتيب خلال الأربع وعشرين ساعةً الماضية.
وإذا أردنا فهم أسباب جنون العملات التي تحمل سمة القطط على سولانا، علينا أن نذكر نجاحات عملات الميم التي تحمل سمة الكلاب -أمثال BONK وwif وBOME- على هذه البلوكتشين، ويُرجّح المتحمّسون للكريبتو أن الولع بهذه العملات يُعزى بشكلٍ جزئيّ إلى الفرص المُربحَةِ للاستثمار المبكّر في نظيرتها التي تحمل سمة الكلاب.
كيف يجد المتداولون هذه العملات بشكلٍ مبكّر؟ قصة عملة Ansem’s Cat
ربّما سمعتم قصصاً عديدةً عن متداولين قاموا بكسب عوائدَ قدرُها 100 أو 1000 ضعفٍ بالاستثمار في أتفه العملات، إلا أن قلةً من هؤلاء يشرحون كيف اكتشفوا هذه العملات، ويبدو أن الأمر بسيط جداً، فهو أشبهُ ما يكون بالمقامرة، حيث يقوم المتداولون بالبحث عن أسماءٍ وأفكارٍ مضحكةٍ ذات طابع ثقافيّ لأنّها تُوفّر فرصاً لكسب الربح أكثرَ من غيرها.
كما يقوم متداولو عملات الميم المتمرّسون باستخدام أدواتٍ مثل Photon وUnibot لتحديد العملات الجديدة قبل ظهورها على واجهات المستخدم الخاصّة بمنصات التداول اللامركزية (DEX). وهكذا يتمكن المتداولون من مضاعفة استثماراتهم 1000 مرّة، لكن تجدر الإشارة إلى أن معظم هذه العملات تفقد قيمتها خلال ساعاتٍ أو حتى دقائق، ولا تتمكّن من البقاء والنجاح سوى قلةٌ قليلةٌ من هذه العملات، وبالتالي يخسرُ معظم متداولو عملات الميم أموالهم.
ومن أفضل الأمثلة الحديثة على عملةٍ حقّقت أرباحاً لافتةً هي قصّة تغريدة للمؤثر الشهير Ansem الذي يُعنى بعملات الميم؛ فقد ارتبط اسم Ansem بعدة عملات ميم ناجحةٍ، ما يفسّر رَوَاج أي شيءٍ مسلٍّ أو ممتع يقوم بنشره.
وقام Ansem مؤخراً بنشر صورة لقطة عائلته على تويتر، وطلب من متابعيه أن يَحزروا اسمها، ما دفع مطوّري عملات الميم لتصميم عملاتٍ مستوحاة من هذه القطة مع إعطاء أفضل التخمينات المقترحة.
who can guess my cat's name pic.twitter.com/reDjiA5Wvl
— Ansem 🐂🀄️ (@blknoiz06) April 1, 2024
وخلص مجتمع عملات الميم إلى أن هذه الفرصة قد توفر لهم أرباحاً كبيرة، ما دفعهم للتوجه لفيسبوك والبحث عن اسم القطة في حسابات أفراد عائلته. أخيراً، قام أحدهم بنشر بضع رسائل في فيسبوك يشير فيها إلى أنّ اسم القطة هو Steph، ما دفع أحد المطوّرين لإطلاق عملة Ansem’s Cat بالرمز Steph.
وارتفع سعر هذه العملة بنسبة 80,000% خلال ساعة قبل أن ينخفض بشكل حاد بنسبة 93% بعد انحسار الضجّة حولها، ولم يقم أحد بتأكيد الاسم الحقيقيّ للقطة، فإذا تبيّن أن اسمها هو Steph فعلاً، فقد تُعاود هذه العملة نموّها مرّةً أخرى، وإذا تبيّن أن هذا الاسم غير صحيح، فمن المرجّح أن تتراجَعَ قيمتها أكثر فأكثر. وبكلا الحالتين، يبدو الأمر كلّه مجرّد مقامرةٍ، وليست عملة STEPH العملة الوحيدة التي تم تصميمها للاستفادة من هذه التغريدة، حيث قام عشراتٌ من المطوّرين بإطلاق سيلٍ من العملات على سولانا بأسماء تخميناتٍ سخيفةٍ لتحقيق الأرباح بشكلٍ سريع، وأبدت بعض هذه العملات أداءً جيداً لبضع دقائقَ أو ساعاتٍ محدودة، إلا أن معظمها فقدت قيمتها بالكامل.
the absolute state of this market pic.twitter.com/PhilfzyKKE
— Ansem 🐂🀄️ (@blknoiz06) April 1, 2024
تحديد الصيحة: BOME وSLERF
كانت عملة The Book of Memes (BOME) رائدةً في تطبيق نموذج البيع المُسبق الناجح للغاية “أرسِل العملات الرقمية إلى المحفظة”، حيث يقوم المستثمرون بسهولةٍ بتحويل عملات سولانا (Solana-SOL) إلى المحفظة الرقمية للمطوّرين من أجل شراء عملة الميم الجديدة.
وقد سمحت هذه الإستراتيجية الرائعة وغير التقليدية للمشروع بإطلاق عملته BOME سريعاً مع رأس مالٍ مبدئيّ قدره 2.4 مليون دولار. وبعد إصدارها، ارتفعت القيمة السوقية لعملات BOME إلى 1.4 مليار دولار عقب إدراجها على منصّة بينانس (Binance).
وعلى صعيد متصلٍ، جمَعَت عملة ميم أخرى قائمةٌ على بلوكتشين سولانا (Solana) تُسمّى SLERF (Sleepy Sloth Relaxing Fund) ما قدره 10 مليون دولار عن طريق استخدام الإستراتيجية ذاتِها وجَعلِ المستخدمين يُرسلون عملات SOL إلى محفظة المطوّرين.
يُذكر أن مطوّري العملة قاموا بحرق تلك الأموال عن طريق الخطأ قبل إطلاق العملة. إلا أن ذلك لم يشكل فارقاً في النهاية، حيث دعَمَ المجتمع عملة SLERF، ما دفع قيمتها السوقية لتجاوز 500 مليون دولار بمجرّد إدراجها في منصّات تداولٍ مثل بينانس.
وشكّلت قصص نجاح BOME وSLERF مصدرَ إلهام كبير لكلٍّ من صنّاع عملات الميم والمستثمرين الانتهازين الذين يسعون إلى تكرار تلك العوائد من خلال ضخّ أموالهم في عملاتٍ جديدة.
شاركوا في عملات القطة وSLOTH
على الرغم من انتشار بعض عملات القطط، إلا أن الجنون المرتبط بها لم يبدأ بشكلٍ فعليّ حتى إطلاق عملة MEW في أواخر آذار/مارس. تجدر الإشارة إلى أن MEW لم تستغلّ روح العصر فحسب من خلال توزيع 5% من المعروض من عملاتها مجاناً على عملات الكلاب الشهيرة الأخرى، بل قامت أيضاً ببيع مُسبقٍ ناجح تبعاً لنموذج “أرسل إلى المحفظة”، على غرار BOME وSLERF.
أيضاً أقرأ: عملات الميم تصبح أكثر حماقة
وأدى زَخَم MEW ومفهوم المرح والدعابة الخاصّ بها والقابل للتداول كـ “قطةٍ في عالم الكلاب” إلى ظهور العديد من العملات المُقلدة لها في غضون أيام قليلةٍ، مع امتلاك كلِّ عملةٍ منها موضوعاً غريباً يتعلق بالقطط. وسرعان ما تجاوزت أنشطة تداول “عملات القطط” (Kitty coins) العملات الخاصّة بالكلاب في القيمة السوقية الإجمالية والضجّة المرافقة.
يُذكر أنّ البيع المُسبق لعملة SLOTH جمَعَ أكثرَ من 5 مليون دولار في 5 أيام فقط من خلال نموذج “أرسل إلى المحفظة” الرائد. والآن، يروّج المؤثرون في عالم الكريبتو لعملة SLOTH وأنها تمتلك القدرة على أن تصبح عملة دوجكوين (Dogecoin-DOGE) أو شيبا إينو (Shiba Inu-SHIB) التالية، وذلك بناءً على خبرتهم في الاستثمار بعملات الميم الناجحة على بلوكتشين سولانا خلال موجة الصعود الحالية.
من جانبهم، أظهرَ المستثمرون شهيةً ضخمةً للمشاركة مبكراً في عملة الميم الرقمية التالية التي قد ترتفع بمقدار 10 أو 100 ضعفٍ، قبل أن يتم إدراجها في منصات التداول. وحالياً، تتمحور الحركة حول عملات القطط اللطيفة.
مخاطر وسلبيات الاستثمار في هوس عملات القطط الرقمية
بالطبع، سيكون من السذاجة تجاهل المخاطر والسلبيات المرتبطة بالاستثمار في عملات القطط وهوس عملات الميم الأخرى، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
عدم وجود قيمةٍ أساسيةٍ: على عكس العملات الرقمية المدعومة بالأصول مثل بيتكوين (Bitcoin-BTC) أو منصّات العقود الذكية مثل إيثيريوم (Ethereum) وعملتها ETH، لا تمتلك عملات الميم أي فائدة أو حالات استخدام أو ابتكارٍ تقنيّ يدعم قيمتها، بل هيَ مجرّد محاولاتٍ للاستفادة من الزخم وفقاً لقدرتها على الانتشار بين محبّي العملات الرقمية.
المضاربة الشديدة: إذا كانت قيمة العملة مدفوعةً بالكامل بمزاج السوق، فهذا يعني أن الارتفاعات الهائلة التي ستشهدها قد تتلاشى بسرعةٍ إذا فقد المستثمرون ذلك الاهتمام، أو جذبت عملة ميم أخرى انتباه السوق.
احتماليّة سحب البساط (الاحتيال): نظراً لأن عملات الميم دائماً ما تبدأ كمشاريعَ مركزيةٍ خاضعةٍ لسيطرة فريقٍ مجهول، يظلّ خطر احتيال سحب البساط حقيقياً، حيث يقوم المطوّرون ببيع ما يملكونه من عملاتٍ لمُستثمرين غير حذرين. وبالنسبة لعملات القطط، فيتم إطلاقها بأعداد كبيرة، مع درجاتٍ مختلفةٍ من الشرعية، كما لا يخضَعُ أغلبها للتدقيق.
عدم وجود أساسيّات: على عكس الأسهم التقليدية أو العملات الرقمية القوية، تفتقر عملات الميم إلى أساسياتٍ مهمةٍ -مثل الأرباح والإيرادات وخطة طريق المشروع والخطط الإستراتيجيّة- لتحقيق نموٍّ مُستدامٍ للنظام التقنيّ.
سيولة أو عمليات إدراج مشكوكٌ بأمرها: يعاني كثيرٌ من عملات القطط هذه انخفاضاً في السيولة وأحجام التداول، ولا يتمّ إدراج سوى بعضها على منصّات تداول عملاتٍ رقميةٍ مركزيةٍ مرموقةٍ. ويضيف كلُّ هذا نسبة مخاطرة إضافيةٍ بالنسبة للمستثمرين الأفراد الذين قد يرغبون في البيع أو الشراء خلال فترات الاضطراب، ليكتشفوا أنه لا يوجد أحدٌ ليتعامَلَ معهم في الجهة الأخرى من الصفقة.
وفيما يجد البعض صعوبةً في تبرير المخاطرة بالاستثمار في أصولٍ عالية المضاربة لا تمتلك قيمةً أساسيةً أو استخداماً معروفاً، يستعدّ البعض الآخر بوضوح لأخذ تلك المخاطرة. فقد قال السوق كلمته حيث حققت المتعة البسيطة والقيمة الترفيهية لعملات القطط ملايين الدولارات يومياً من الربح والخسارة.
وتُعتبر جاذبية الانتقال من الصفر إلى الثراء -عن طريق المشاركة مبكّراً في العملة الرائجة التالية- نوعاً من المحرّك الرئيسيّ لهذا النوع الجديد من محبّي عملات الميم.
لذلك، وبالرغم من المخاطر الجوهرية الواضحة لكازينو عملات القطط، لن نشهَدَ تراجع الهوس المحيط بها في عالم عملات الميم في أيّ وقتٍ قريب. ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه العملة ستُصبح مخاطرَةً تحوّلت نجاحَاً جديراً بالثناء أو فشلاً آخر يُحفر في سجّلات التاريخ.