أندرو تيت (Andrew Tate)

حاز الملاكم السابق المثير للجدل وشخصية الإنترنت أندرو تيت (Andrew Tate) على اهتمام الجمهور والصحف الشعبية مجدّداً بعد أن زعم أنه سيراهن بمبلغ مليون دولار على عملات الميم المبنية على بلوكتشين سولانا (Solana).

ويركز هذا الفصل الجديد من رحلة تقلبات قطاع الكريبتو المثيرة على تعليقات “تيت” و”يديه الماسيتين” -وهو مصطلحٌ يُستخدم للإشارة إلى رغبة المرء بالشراء والاحتفاظ بأصلٍ ما بغضّ النظر عن حركة سعره على المدى القريب- وأيضاً حول نيّته “تحطيم بلوكتشين سولانا” -وفق تعبيره- من خلال شراء عدد كبير من العملات على هذه البلوكتشين.

إثرَ ذلك، قام تيت بمشاركة عنوان محفظةٍ يمكن للمستخدمين ومحبي الكريبتو استخدامُه لإرسال عملات الميم، ربّما بقصد إحداث ارتفاعٍ كبير في حجم معاملات البلوكتشين، كما زعَمَ أنه أحرَق عدداً كبيراً من هذه العملات وأنه لم يحقق أيَّ أرباح من هذه العمليات.

وقال تيت في منشورٍ له على منصة التواصل الاجتماعي X (تويتر سابقاً): “قمت بتداولاتٍ تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار على بلوكتشين سولانا. لقد حوّلت الناس إلى أصحاب ملايين، دون حصد أيّ مكاسب لنفسي. لقد اشتريت العملات فقط لأحتفظ بها وحسب”.

وطوال يوم أمس، قام تيت أيضاً بالترويج لعملة باسم Real N****r Tate (RNT)، والتي وصلت في النهاية إلى قيمةٍ سوقيةٍ تقدّر بحوالي 60 مليون دولار بفضل ترويجه لها. وخلال الليلة الماضية، ارتفع سعر هذه العملة إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عند حوالي 0.025$، ولكنّه عاد للانخفاض بشكلٍ متواصلٍ منذ ذلك الحين ليصلَ إلى 0.014$، بينما تراجعت قيمتها السوقية حالياً إلى 13.7 مليون دولار فقط.

بالتزامن مع ذلك، شهدت عملةٌ أخرى تسمى TOPG ارتفاعاً في قيمتها السوقية وسعرها بسبب خطوة تيت، حيث خصّص مطوّرو هذه العملة ما يصل إلى 58% من إجمالي معروضها لمحفظة الكريبتو الخاصة بـ “تيت”. وفي النهاية، أحرق تيت العملات، متسبباً بنقص مؤقتٍ في معروضها.

وقد استفاد عددٌ قليلٌ من العملات الأخرى من انخراط تيت على بلوكتشين سولانا أمس، ومنها عملة G، وهيَ عملة ميمٍ مستوحاةٌ من حيوان تيت الأليف GRETA والاسم مرتبط بجدالاته السابقة مع الناشطة في مجال التغيّر المناخي (Greta Thunberg)، وعملة FTRISTAN التي تشير أيضاً إلى خلافات تيت مع شقيقه تريستان تيت.

أحدث صيحات حيل الكريبتو: دعم المشاهير لعملةٍ بهدف رفع سعرها ومن ثمّ خفضِهِ

لم يتضح بعد سبب اتخاذ تيت قرار تحرّكاته الأخيرة، لكن من المؤكد أنها أثارت دهشة الجهات التنظيمية وعشاق العملات الرقمية الذين يعتقدون أنّها مجرّد جزء من مخططٍ متقنٍ لرفع سعر العملة ومن ثم خفضِهِ فجأةً (Pump-and-Dump).

وعندما يروّج أحد المشاهير لعملةٍ رقميةٍ معينةٍ، فإن دعمه يرفع سعرها مؤقتاً. وبالنظر إلى إمكانية إخفاء الهوية الحقيقية للمُستخدمين على البلوكتشين، فإن ذلك يتيح لهم الاستفادة من ارتفاع الأسعار دون الكشف عن هوية المسؤول عن هذه اللعبة.

في أسواق المال التقليدية، يُشكّل هذا غالباً جريمةً تُعرف باسم “التداول من الداخل”. في المقابل، ونظراً لافتقار قطاع الكريبتو إلى التنظيم في معظم البلدان، فقد تمكنت شخصياتٌ مشبوهةٌ لديها متابعون كُثرٌ مثل تيت من الإفلات من تبعات هذه الأنواع من الأنشطة، مخلّفةً وراءها آلاف المستثمرين الذين يغامرون بأموالهم، وينتهي بهم الأمر بخسارة معظمها في أغلب الحالات.

ويُحذّر الخبراء من أن أحدث البدع المتمثلة بمشاهير يروّجون لعملات الميم المرتبطة بشخوصهم هي سابقةٌ خطيرة، لأن هذه الأصول لا تتمتع بأي وظيفةٍ عمليةٍ أو قيمةٍ حقيقيةٍ، وغالباً ما يتم التلاعب بسعرها بسبب سيولتها المنخفضة، وقد ينتهي الأمر ببيع هذه الشخصيات العامّة لعملاتهم عندما تصل إلى ذروتها السعرية، وترك متابعيهم مع حفنةٍ من العملات عديمة القيمة.

“تيت” يجمع المتابعين من وراء فضائحه

يشكك العديد من المتابعين بدوافع تيت وفقاً لوضعه القانونيّ والمواقف الكثيرة المثيرة للجدل التي تورّط فيها مؤخراً، إذ تم اتهامه وشقيقه تريستان حالياً بالاغتصاب والاتّجار بالبشر وأنشطةٍ إجراميةٍ تشمل استغلال النساء، كما أصدرت السلطات في المملكة المتحدة أوامر اعتقالٍ بحقّ الأخوين بتهمتي الاغتصاب والاعتداء الجنسيّ أيضاً.

وبدأت الشهرة الشخصية لـ أندرو تيت (Andrew Tate) على الإنترنت وحصدُهُ للمتابعين من خلال مسيرته المهنية كلاعب كيك بوكسينج، ثمّ من خلال مشاركته في برنامج Big Brother عام 2016، والذي طُرد منه نتيجة مزاعمَ بمهاجمته لإحدى النساء.

أمّا مؤخراً، فقد ازدادت شهرته بسبب مشاكله القانونية. ويمكن اعتبار مشاركته الأخيرة في مجال الكريبتو محاولةً لتحقيق الأرباح السريعة من عملات الميم العابرة على بلوكتشين سولانا عبر بروتوكولاتٍ تسهّل إصدار هذا النوع من العملات مثل بروتوكول Pump.fun، ويمتلك تيت حالياً 9.4 مليون متابع على منصّة X.

مواجهة بقيمة 10 ملايين دولار مع مؤثّر آخرَ في عالم الكريبتو

تحدى “تيت” مؤخراً أحدَ مشاهير الكريبتو الآخرين يُدعى أنسيم (Ansem) للمشاركة في نِزالٍ مباشر خلال الحدث الذي يُقام في دبي تحت اسم “أسبوع نزالات الكريبتو”، والذي سيقام في كانون الأول/ديسمبر من العام الجاري.

ولإشعال الحماس حول هذا الحدث، تحدى تيت أنسيم كي يراهن بمبلغ 10 ملايين دولار على نتيجة نزالهما. واكتسب أنسيم شعبيةً في مجال الكريبتو على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل نجاحه كمستثمرٍ ومؤثر يركّز على سوق عملات الميم، حيث اشترى أنسيم عملات سولانا (Solana-SOL) عندما كان سعرها لا يتجاوز 1.5$، واحتفظ بها إلى أن وصل سعرها إلى 260$، ليحقق بذلك أرباحاً بلغت 170 ضعفاً. بعد ذلك، قام مستثمرو وعشاق الكريبتو بمتابعته من جميع أنحاء العالم.

وقد وافق أنسيم على دعوة تيت على وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن الوضع القانوني لتيت -والذي يمنعه من مغادرة رومانيا- يجعل حضوره ذلك الحدث أمراً مستحيلاً ما لم يتم إسقاط التُّهم القانونية الموجّهة إليه، ويبدو أن الأمر كله كان لجذب التفاعل والإثارة ليس إلا.

إيجي أزاليا وكايتلين جينر تشاركان في موجة جنون عملات الميم

إضافةً إلى “تيت”، فقد استغل مشاهيرُ آخرون صيحة عملات الميم لإطلاق عملاتهم الخاصة للاستفادة من هذا الاتجاه قبل نهايته.

وكانت كيتلين جينر (Caitlyn Jenner) -الرياضيّة الأولمبية السابقة- من راكبي هذه الموجة، حيث أطلقت عملة الميم الخاصة بها JENNER أواخرَ أيار/مايو بمساعدة مروّجٍ يُدعى ساهيل أرورا (Sahil Arora) والذي تبيّن أنه محتالٌ في نهاية الأمر.

وشهدت عملتها قفزةً كبيرةً في أحجام التداول بمجرّد دخولها السوق، ووصلت قيمتها السوقية إلى 20 مليون دولار في ذروتها، إلا أن قيمتها انخفضت تدريجياً، لتتراجع قيمتها السوقية حالياً إلى 6.15 مليون دولار فقط، بينما انخفض حجم تداولها إلى 23.3 مليون دولار في الـ 24 ساعةً الماضية وفقاً لبيانات موقع CoinMarketCap.

على غرارها، روّجت مغنية الراب الأسترالية الشهيرة إيجي أزاليا (Iggy Azalea) أيضاً لعملة الميم الشخصية الخاصّة بها المسماة Mother Iggy (MOTHER)، وجذبت اهتماماً كبيراً من قِبَل المستثمرين في البداية. ومع ذلك، كان العرض بأكمله مُريباً بسبب تخصيص 20% من إجمالي معروض العملة لمطوّريها قبل طرحها في السوق.

وفي الأيام القليلة الأولى بعد إصدارها، ارتفع سعر هذه العملة من 0.02$ إلى 0.09$، محققة مكاسبَ تجاوزت 350% للمشترين الأوائل، ولا تزال تحتفظ بدرجةٍ معينةٍ من القبول بين محبي الكريبتو حيث تبلغ قيمتها السوقية 212.8 مليون دولار حالياً. ومع ذلك، فإن من قاموا بشرائها عند الذروة السعرية الأخيرة ربّما قد خسروا كلّ شيء، إذ تراجع سعرُها الحالي بشكلٍ كبير عن 0.09$.

وتُعَد التقلبات الكبيرةَ التي غالباً ما تشهدها عملات الميم وافتقارُها إلى الاستخدامات العملية وغياب نموذج عمل يمكنه توفير دخول استثماراتٍ تدعم قيمتها عواملَ تجعلها من الأصول الاستثمارية عالية المخاطر؛ خاصّةً بالنسبة للمستثمرين المبتدئين الذين قد يتجاهلون هذه التحذيرات.

لذلك يوصي الخبراءُ المستثمرين بتوخّي الحذر الشديد بخصوص الاستثمار في هذا الفرع من سوق الكريبتو. وبالإضافة إلى ذلك، تكرّرت المناسبات التي استغلَّ فيها المروّجون عديمو الضمير أسماءَ الشخصيات العامة دون إذنٍ منهم، وتمكنوا من جذب ملايين الدولارات من المستثمرين الغافلين الذين يعتقدون أن هذه العملات يتم الترويج لها من قِبَل المشاهير أنفسِهم من الذين يحبونهم ويتابعونهم.