الرئيس التنفيذيّ لشركة جوجل (Google)

الرئيس التنفيذيّ لشركة Alphabet وGoogle ساندر بيتشاي (Sundar Pichai). تصوير جريج بيدل، الصورة منشورةٌ بإذنٍ من المنتدى الاقتصادي العالمي. (CC BY-NC-SA 2.0)

وجّه الرئيس التنفيذيّ لشركة جوجل -ساندر بيتشاي (Sundar Pichai)- يومَ أمس الإثنين انتقاداتٍ لمتصفّح مايكروسوفت(Microsoft) في إطار دفاعِهِ عن متصفّح ومحرّك بحث الشركة التي يعمل لصالحها ضمن قضيةٍ قانونيةٍ كبيرة رفعتها الحكومة الأمريكية.

وجاء حديثه هذا خلال دعوى مكافحة الاحتكار التي رفعتها وزارة العدل الأمريكية ضد شركة جوجل (Google) بخصوص هيمنتها على مجال البحث على الإنترنت والإعلانات المرافقة لعمليات البحث.

وأشار بيتشاي خلال جلسة المحاكمة يوم الإثنين -في سياق دفاعِهِ عن شركته- إلى بعض العيوب في متصفّح مايكروسوفت، إنترنت إكسبلورر (Internet Explorer). وقال إنه قبلَ طرح جوجل (Google) لمتصفح Chrome الخاص بها، لم تكن هناك جهودٌ ملحوظةٌ لتحسين المتصفّحات، ما يدل على ركود المنافسة آنذاك. وأضافَ بأنّ مايكروسوفت لم تبدُ مهتمةً بتحسين متصفّح إنترنت إكسبلورر، واصفاً متصفّح Chrome بأنه شكَّلَ نقلةً نوعيةً إبّان إصداره عام 2008.

وذكر بيتشاي (Pichai) أيضاً أن جوجل (Google) أتاحت للمستخدمين إمكانية تغيير محرك البحث الافتراضيّ بسهولةٍ في متصفّح Chrome في حال رغبتهم بذلك.

ويمتلك بيتشاي (Pichai) سجلاً حافلاً في شركة جوجل. وكانت الحكومة الأمريكية قد كشفت عن رسائل بريد إلكتروني تشير إلى قلق بيتشاي بشأن وجود محرك بحثِ جوجل كخيار محرك البحث الوحيد في منتجات شركة أبل (Apple). وكان بيتشاي قد اقترح -حتى قبل أن يصبح رئيساً تنفيذياً في جوجل- أن تتيح شركة Apple خدمة محرّك بحث ياهو (Yahoo) كبديلٍ لمحرك Chrome، مستنداً إلى مشاكلَ تتعلق بكلٍّ من تجربة المستخدم والرأي العام، حيث أن وجود متصفّح واحد فقط متاح على أجهزة Apple قد يقدّم أسباباً وجيهةً لهيئة التجارة الفيدراليّة (FTC) لرفع دعوى مكافحة الاحتكار ضد جوجل.

المشهد القانونيّ: تحليل الاتهامات بالاحتكار

في كانون الثاني/يناير 2020، رفعت وزارة العدل الأمريكية دعوى مكافحة احتكارٍ ضدَّ شركة جوجل زاعمةً أن الشركة انتهكت بنوداً محدّدةً من قانون شيرمان، وهو قانونٌ يختص بضمان المنافسة العادلة في السوق. وينقسم قانون شيرمان إلى قسمين رئيسيين:

  • القسم الأول يتناول القيود غير القانونية المفروضة على التجارة، والتي تظهَر غالباً من خلال العقود أو الاتفاقيات التي تمنع المنافسة. وفي حالة جوجل، إذا ما ثبَتَ أن الشركة أبرمت عقوداً حصريةً مع الشركات المصنِّعة للهواتف الذكية أو مطوّري المتصفحات لجعل جوجل محرّك البحث الافتراضيّ، فيمكن اعتبار ذلك انتهاكاً للقسم الأول.
  • القسم الثاني يتناول إساءة استخدام السلطة الاحتكارية، حيث تُعتَبر الشركة منتهكةً للقانون إذا حصلت على الاحتكار أو حافظت عليه من خلال ممارساتٍ ملتويةٍ وليس من خلال المهارات أو الابتكار. وهنا يُخشى أن تكون جوجل قد استغلت مركزها المهيمن على سوق محركات البحث لقمع المنافسة. ولإثبات الانتهاك، يتعيّن على الحكومة أن تثبت أن جوجل لا تمارس الاحتكار فحسب، بل إنها متورطةٌ أيضاً في سلوكٍ يهدف إلى منع المنافسة للحفاظ على هذا الاحتكار.

باختصار، تتهم حكومةُ الولايات المتحدة شركة جوجل بالسلوك الهادف لمنع المنافسة، مدّعيةً أن جوجل دفعت أموالاً لشركات تصنيع الهواتف والمتصفّحات لإعطاء الأولوية لمحرّك بحث جوجل وتهميش المنافسين. وفي المقابل تدافع شركة جوجل (Google) عن موقفها بالقول إن هذه الاتفاقيات مع شركات التصنيع عادلةٌ ولا تمنع حرية اختيار المستخدم أو حالة المنافسة. ومن الناحية القانونية، يقع على عاتق وزارة العدل مسؤولية إثبات أن هذه الصفقات تُضِرّ بالمنافسة.

وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وصلت القيمة السوقية لشركة Alphabet -الشركة الأم لشركة Google- إلى 1.536 تريليون دولار، ما يجعلها أكبر شركات الإنترنت من حيث القيمة السوقية، كما هيمنت جوجل على سوق محركات البحث بنسبةٍ وصلت إلى 91% في حزيران/يونيو 2023.

شهاداتٌ سابقة من مايكروسوفت وجوجل

في جلسةٍ سابقةٍ، تحدّى ساتيا ناديلا (Satya Nadella) -المدير التنفيذيّ لشركة مايكروسوفت- مزاعم شركة جوجل بسهولة قيام المستخدمين بتبديل محركات البحث على أجهزتهم، وقد بذلت مايكروسوفت قصارى جهدها لجعل محرّك البحث Bing بديلاً فعالاً لنظيره من جوجل، حتى أنها فشلت بتأمين صفقةٍ مع Apple بالرغم من تقديمها لشروطٍ أفضل؛ وقال جوناثان تينتر (Jonathan Tinter) -المدير التنفيذيّ لتطوير المشاريع في مايكروسوفت- خلال المحاكمة أن الشركة قدّمت عرضاً أفضل لـ Apple من أجل اعتماد محرك البحث Bing وهو يتفوّق على عرض جوجل، إلا أنها لم تتمكن من إبرام الصفقة بالرغم من أنها كانت على استعداد لخسارة مبالغ كبيرة لتحقيقها؛ مع العلم أن حصّة محرك البحث Bing من سوق محركات البحث بلغت فقط 3% في شهر حزيران/يونيو 2023.

ودافعت جوجل عن موقفها من خلال التأكيد على جودة خدمات البحث التي تقدمها، وتحدث باندو ناياك (Pandu Nayak) -نائب رئيس قسم البحث في جوجل- خلال المحاكمة عن جهود الشركة المستمرّة لتحسين خدمات البحث الخاصة بها، ونوّه إلى استخدام جوجل تقنيات تعلم الآلة وغيرها من التقنيات المتطوّرة لتقديم نتائج بحثٍ دقيقةٍ ومفيدة.

التدقيق العالمي: اليابان تنضمّ إلى المعركة

في خطوة متّصلةٍ، بدأت لجنة التجارة العادلة اليابانية (JFTC) بتفحّص وتدقيق نشاطات تطبيقات جوجل للهواتف الذكية، ويأتي ذلك نتيجة قلقها إزاء احتمال طلب جوجل غير العادل بالتحميل المسبق لتطبيقات البحث الخاصّة بها على الهواتف الذكية مع وضع الأيقونات بشكلٍ محدّد، بالإضافة إلى وجود شكوك بأن جوجل أبرمت اتفاقياتٍ مع صانعي أجهزة أندرويد تمنعهم من تضمين تطبيقات محركات بحثٍ أخرى لقاء جزء من عائدات إعلانات محرك البحث الذي يخصها.

وقد ردَّ مكتب جوجل في اليابان بقوله إن مستخدمي أندرويد يمكنهم بسهولةٍ تغيير الإعدادات على هواتفهم بما في ذلك كيفية استخدامهم للإنترنت أو تحميل التطبيقات، هذا وتتعاون الشركة أيضاً مع المسؤولين الحكوميين لإثبات قيامِها بتوفير العديد من الخيارات للمستخدمين في اليابان.