أثارت شركة طيران الإمارات (Emirates Airline) ضجّةً كبيرةً خلال افتتاح معرض دبي للطيران الثلاثاء الماضي الموافق 13 تشرين الثاني/نوفمبر بإعلانها عن اتفاقيةٍ جديدة ضخمةٍ وصلت قيمتها إلى 52 مليار دولار لشراء طائرات بوينج (Boeing). وبموجب هذه الاتفاقية، ستحصل شركة الطيران المملوكة لدولة الإمارات العربية المتحدة على 50 طائرة بوينج من طراز 777X إضافةً إلى 35 طائرة بوينج 787 “دريملاينر”(Dreamliner).
ومن المتوقع أن توفر هذه الصفقة الضخمة لأحد أكبر عملاء شركة بوينج دعماً كبيراً لشركة تصنيع الطائرات الأمريكية وسط تباطؤ الاقتصاد العالميّ، إذ تعكس طموح شركة طيران الإمارات المتواصل لتوسيع أسطولها الجويّ ورحلاتها.
مبيعات بوينج تدعم طراز 777X وقاعدة ملكيته
تتألف طلبية طيران الإمارات الأساسية من 90 طائرةً من أحدث أجيال طائرات بوينج من طراز 777X، مقسّمةً بين طرازين: الأول 777-8s الذي ستحصل الشركة -بموجب الاتفاق- على 35 طائرةً منه، والآخر 777-9 وستحصل الشركة على 55 طائرةً منه، حيث تتميّز طرازات 777X بحجمٍ أكبرَ وكفاءةٍ أعلى مقارنةً بأسطولها الحاليّ من طراز 777 التابع للشركة.
وإذا ما أضفنا هذه الصفقة الجديدة إلى طلبيات شركة طيران الإمارات السابقة من طائرات طراز 777X، فسيصل إجمالي طلبيات الشركة الإماراتية من شركة بوينج إلى 205 طائرة. ووفقاً لشركة بوينج، فإن هذه الصفقة ستعزّز مكانة طيران الإمارات كأكبر مُشغِّلٍ لطائرات بوينج 777 في العالم.
ومن المتوقع أن تتسلم شركة طيران الإمارات أولى دفعات طائرات 777-9 لعام 2025، ويتيح الطلبُ لشركة الطيران الإماراتية أيضاً استلام المزيد من طائرات طراز 777-9 الجديدة حتى عام 2035، كما أن شركة طيران الإمارات ستصبح من أوائل العملاء الحاصلين على طراز 777-8 المُزمع تسليم النماذج الأولى منه بحلول عام 2030.
يُذكر أن الصفقة توفر دعماً هاماً لبرنامج بوينج من طراز 777X الذي يعاني مؤخراً من تأخيراتٍ وطلباتٍ غير مؤكدة ناجمةٍ عن مشكلاتٍ تعود لمرحلة جائحة كوفيد 19، علاوةً على مشكلاتٍ أخرى تتعلق بإنتاج الطائرات؛ إلا أن قرار شركة طيران الإمارات بإلقاء ثقلها وراء الطراز الجديد من خلال هذه الصفقة الضخمة من شأنه أن يُعيد الثقة بمستقبل طراز طائرات بوينج 777X.
وصرّح سمّو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم -الرئيس التنفيذي لشركة ومجموعة طيران الإمارات- معلقاً حول الحدث: “لقد شاركنا بشكلٍ فعّالٍ في برنامج 777 منذ بدايته وحتى الجيل الأحدث من طرازات 777X، وقد لعبت طائرات 777 دوراً محورياً في إستراتيجية أسطول شركة طيران الإمارات وشبكتها الجوية الهادفة لربط المدن من جميع القارات على مدار الساعة بمدينة دبي، ويسعدنا اليوم المضيّ قُدماً بتطوير علاقتنا مع شركة بوينج الأمريكية عبر ضمِّ أول طائرة من طراز 777-9 لأسطولنا الجوي بحلول عام 2025”.
المزيد من طائرات طراز دريملاينر لتحقيق نموّ مستدام
بالإضافة إلى 90 طائرةً من طراز 777X، اشترت شركة طيران الإمارات أيضاً 5 طائرات من طراز 787 “دريملاينر” في تعزيزٍ منها لالتزامات شركة طيران الإمارات السابقة تجاه النموذج ورفعٍ لقائمة طلباتها إلى 35 طائرة. وقد أشارت شركة طيران الإمارات إلى أن عقد شراء طائرات طراز “دريملاينر” سيشمل أيضاً إحلالاً للطائرات التي سيتم إيقاف تشغيلها، كما سيساعد ذلك شركة الطيران في الحفاظ على خططها طويلة الأجل للنموّ المستقبليّ.
كذلك صرّحت شركة بوينج بأن طائراتها من طراز 787 تتمتع بكفاءة فائقةٍ بالنسبة لمعدل استهلاك الوقود، وتوفر كافة أسباب الراحة لمسافري الرحلات الطويلة. وبالنسبة لطيران الإمارات، تتمتع الطائرات 787 خفيفة الوزن بمرونةٍ إضافيةٍ بحيث تشكّل أسطولاً متكاملاً مع طائراتها من طراز 777 الأكبرَ حجماً.
يمكنكم الاطّلاع من هنا أيضاً على: أفضل 40 شركة طيران: من هو النجم على وسائل التواصل الاجتماعي؟
جديرٌ بالذكر أن شركة طيران الإمارات تعمل بدأب لتعزيز قدراتها على ربط المسافرين عبر شبكة نقلها الجويّ العالمية معتمدةً على تواجدها بمدينة دبي، ومستفيدةً من انتعاشة حركة السفر على مستوى العالم. وهكذا تأتي طائرات 777X و787 لتمنح شركة طيران الإمارات خياراتٍ إضافيةً بتوفير رحلاتٍ للوجهات البعيدة.
وجاءت أنباء صفقة شراء الطائرات الضخمة في أول أيام معرض دبي للطيران الذي يُقام كلَّ عامين، حيث شهد المؤتمر الصحفي الافتتاحي للمعرض توقيعَ مسؤولي شركة طيران الإمارات على الصفقة المُشار إليها، ويبدو أن شركة طيران الإمارات قد اختارت توقيت الإعلان عنها لإحداث ضجةٍ كبيرةٍ تزامناً مع تواجد أبرز شركات قطاع الطيران على أراضيها. ومن خلال استعراض قوَّتها الشرائية على أرض الوطن، تعرض طيران الإمارات وشركتها الأم فلاي دبي (Fly Dubai) طموحهما المشترك لمواصلة تحويل دبي إلى مركز تقاطع للعبور العالميّ.
وبالنسبة لشركة بوينج، توفر الاتفاقية إضافةً قيّمةً إلى سجلّ طلبياتها بعد فترة من الصعوبات، ويأتي ذلك وسط فترات معاناة كبيرة لحقت بسمعة الشركة إثرَ حوادث التحطم الخطيرة لعدد من طائراتها من طراز 737 ماكس ومشاكلها الإنتاجية المعروفة، إضافةً إلى تأثير جائحة كوفيد 19على برنامج عملها وسجّل الطلب عليها. لهذا، فمن المتوقع أن تساعد الصفقات الضخمة -كما هو الحال مع صفقة طيران الإمارات- على إعادة بناء الثقة بمكانة هذه الشركة المُصنِّعة الرائدة في هذا القطاع شديد التنافسية.
طيران الإمارات تسعى لتعزيز هيمنتها في الشرق الأوسط
تشير آخر توقعات شركة بوينج لتصنيع الطائرات إلى أن حوالي نصف الطائرات الجديدة المستخدمة لأغراض تجاريةٍ من التي سيتم تسليمها لشركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات العشرين المقبلة ستكون من طراز الطائرات الضخمة، في إشارة للدور المحوريّ الذي تلعبه شركات الطيران المحلية كشركة طيران الإمارات.
ونظراً لأن مدينة دبي تُعَد مركزاً لمفترق طرق أسفارٍ عالميةٍ، فإن شركة طيران الإمارات تعتمد بشكلٍ كبير على طائراتٍ واسعةٍ يمكنها الطيران لمسافاتٍ بعيدة كطائرات طرازي 777 و787، حيث تتيح هذه الطائرات الضخمة إمكانية نقل حشود المسافرين بين المراكز السكانية المتباعدة بأقلِّ قدرٍ من التوقّفات (الترانزيت).
وأشار ستان ديل (Stan Deal) -المدير التنفيذيّ ورئيس شركة بوينج للطائرات التجارية- إلى أن “هذا الطلب يُعَد دليلاً على مدى الثقة الكبيرة بطرازات طائرات بوينج ذات الأبعاد الهائلة والكفاءة الأعلى فضلاً عن الاستخدامات المتعدّدة لطرازات طائراتنا 777X و787 التي يمكنها تلبية احتياجات الأسفار الدولية بعيدة المدى لشركة طيران الإمارات”.
يمكنكم أيضاً قراءة مقالنا: مراجعة إستراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي – قطاع الطيران من هنا
وعبر نهجها القائم على توسيع أسطول نقلها الجويّ من الطائرات ذات الممرّين، تُضاعف طيران الإمارات إمكانية نقل المسافرين عبر مركز دبيّ المزدحم، حيث يُنتظر أن يساعد التعافي المستدام لقطاع الطيران وانتعاش السياحة العالمية بعد جائحة كورونا في زيادة الطلب المتوقع على الوصل بين القارات بشكلٍ مباشر.
وفي الوقت نفسه، فإن ارتفاع تكاليف الوقود يعزّز من جاذبية أحدث طائرات بوينج، نظراً لحاجة شركات الطيران -كشركة طيران الإمارات- إلى طائراتٍ يمكنها تقليل حرق الوقود وسط ارتفاع أسعار النفط، وذلك مع تصميم طرازي طائرات 777X و787 بشكلٍ يوفر ترشيد استهلاك وقود الطيران بنسبة 25% مقارنةً بالجيل الأقدم من طائراتها الضخمة.
وتقول شركة طيران الإمارات أنه فور دخول الطائرة الجديدة إلى الخدمة، سيبلغ حجم أسطولها الجوي 350 طائرةً قيد التشغيل بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحالي، علماً بأن أسطولها الحاليّ يضم حوالي 250 طائرةً، كما تهدف الشركة لامتلاك قرابة 200 طائرة إضافيةٍ أخرى يتم التفاوض عليها ولا علاقة لها بالصفقة الضخمة الأخيرة؛ وأيضاً قامت الشركة خلال عملية الشراء التي تمّت هذا الأسبوع بتحديد مواعيد استلام طائرات طراز 777X و”دريملاينر” الجديدة لتعزيز توسّعها المستقبليّ.
وكانت طيران الإمارات وغيرها من شركات الطيران الخليجية المنافسة قد واجهت انتقاداتٍ خلال السنوات الأخيرة بسبب خططها التوسعية الجامحة، إلا أن التعافي المتسارع للطلب العالميّ على السفر في أعقاب انتهاء العوائق المرتبطة بجائحة كورونا قد يوفر الفرصة للشركة لاستيعاب حركة حشود المسافرين من المنطقة وإليها.