كشفت منصّة X – تويتر سابقاً- عن تغييرٍ كبيرٍ في سياسة المصلحة العامة الخاصّة بها، حيث أعادت تعريف معايير الجدارة الإخبارية، وسنتعمّق اليوم بتأثير إيلون ماسك على هذه السياسة ومقارنة سياسات X بسياسات تويتر سابقاً.
لقد ولت الأيام التي كان عدد المتابعين هو المعيارَ الوحيد لحصول المنشورات على علامة “جديرة بالنشر”، فسابقاً فرضت إرشادات منصّة X منح هذه العلامة لجميع الحسابات الموثقة باعتبارها جزءاً من “توقّعات المصلحة العامة”، لكن ومع إمكانية توثيق الحسابات مؤخراً من خلال دفع اشتراكٍ، فقد غيّرت X من سياستها وانتقلت لتقييم المنشورات وفقاً لكونها صادرةً عن “الحسابات عالية المستوى”.
ولا يزال تعريف “الحسابات عالية المستوى” غيرَ واضح حتى الآن، لكنّ القرارَ يمثل خروجاً واضحاً عن السياسات السابقة التي كانت تنصّ على استثناء تغريدات المسؤولين المنتخبين والحكوميين من الخضوع لمعايير المنصّة كدليلٍ على التزامها بتعزيز شفافية تصريحات الشخصيّات العامة. ولكنَّ هذا التجديد في السياسة يوسّع نطاق معايير الجدارة الإخبارية لتغطّي أكثرَ من فئة حساباتٍ معيّنةٍ.
Verifying verification
— Elon Musk (@elonmusk) October 10, 2023
تحديث سياسة منصّة X لعام 2023 وسط اضطراباتٍ جيوسياسية
جاء هذا التحديث في سياسة المنصّة على خلفية الصراع الدائر بين إسرائيل وحماس، حيث تشير البيانات الأخيرة إلى ارتفاع كبيرٍ في نشاط المستخدمين ضمن المنطقة المتضرّرة، مع وجود 50 مليون منشورٍ عن الوضع السائد هناك.
رداً على هذه الأحداث، لعبت منصّة X دوراً فاعلاً في الحدِّ من الروايات الضارّة، فقد اتخذت إجراءاتٍ ضدّ “الحسابات المُنشأة حديثاً التابعة لحماس” بما يتماشى مع سياسة المنصّة المتعلقة بالكيانات العنيفة والقائمة على الكراهية. وتهدف المنصة بالتعاون مع منتدى الإنترنت العالميّ لمكافحة الإرهاب (GIFCT) إلى منع انتشار “المحتوى الإرهابي”.
لكن وبالرغم من هذه الجهود، لم تكن رحلة X لتنظيم المحتوى سلسةً؛ حيث تشير التقارير إلى وجود مشاكلَ تتعلق بالمعلومات المضللة، بدءاً من الأخبار الكاذبة حول قرارات جو بايدن بتمويل الحرب وصولاً إلى انتشار مقاطع فيديو مضللةٍ عن الحرب.
وقامت المنصّة بالاستجابة لهذه المشاكل من خلال الحثّ على استخدام أداة “ملاحظات المجتمع”، إذ تتيح أداة الإشراف الجماعيّ هذه للمستخدمين إضافة سياقٍ إلى المنشورات بشكلٍ مباشر، وتمكن سرعة وكفاءة هذه الخدمة مجتمع المنصّة من التعاون لخلق روايةٍ واضحةٍ، إذ ستظهر هذه الملاحظات للعلن خلال دقائق.
وقامت منصّة X بتعزيز تحكّم المستخدم من خلال طرح ميزة جديدة لتقييد إمكانية الردِّ على المنشورات لتقتصرَ على الحسابات الموثقة، وفي حين تم تصميم هذه الميزة أساساً كإجراء مضادٍّ للحسابات الروبوتيّة الزائفة، فإنّها تساهم أيضاً بمنح الحسابات الموثقة المزيد من الوصول، وبالتالي تؤكد على أهميتها في الحوار الرقميّ.
مقارنة بين سياسَتَي المصلحة العامة لتويتر وX: نهجٌ متوازن
تركّز سياسة X الجديدة على اتباع نهج دقيقٍ لتعريف المصلحة العامة، خصوصاً فيما يتعلق باحتمالية التسبّب بضررٍ في العالم الحقيقيّ، ومدى ملاءمة المنشور والسياق الجيوسياسي لها. على سبيل المثال، قد يتم قبول منشوراتٍ من شخصياتٍ عامةٍ أثناء مناقشةٍ علنيةٍ، لكن من المحتمل أيضاً أن تتمَّ إزالة أيِّ منشوراتٍ تحث على اتخاذ إجراءاتٍ تنطوي على ضررٍ محتملٍ.
ويتجلى هذا التقييم الدقيق في الإرشادات التوجيهيّة التفصيليّة التي وضعتها X بخصوص مسائلَ مختلفةٍ، مثل نزاهة الانتخابات، والإرهاب، وحتى الخصوصيّة الشخصيّة، إلا أن تعريف حدود “المصلحة العامة” ليس بالأمر السهل، حيث أقرَّت X بالتحديات التي تواجهها في هذا المجال، مشيرةً إلى أن كلَّ قرارٍ جديد ينتج عنه وضعٌ غيرُ مسبوق.
وبالعموم، يؤكد تجديد سياسة X على التزام المنصة بتعزيز المحادثات الهادفة مع ضمان الأمان والشفافية، حيث لا تقتصر هذه التغييرات على كونها تعديلاتٍ تنفيذيةً، بل تعكس أيضاً الدور الذي تلعبه منصات التواصل الاجتماعي في تشكيل الخطاب العالميّ.
ويتمثل دور المستخدمين والجهات الفاعلة في فهم تحديثات سياسة منصة X والتكيف معها والمشاركة بشكلٍ فعّالٍ في الحوار الجاري بين مختلف الجهات، والقيام بتوثيق الحسابات!