عددٌ من سيارات تويوتا الجديدة بوجود أشخاص يُعاينونها، وفي خلفية الصورة أشجارٌ ومجموعة مبانٍ ضخمة

أعلنت شركة تويوتا (Toyota) عن سحب مليون سيارة تويوتا وليكزس(Lexus) في الولايات المتحدة بسبب خللٍ محتملٍ في أنظمة الوسائد الهوائية. وشمل السحب طرازاتٍ تم إنتاجها بين عامي 2020 و2022، بما في ذلك تويوتا أفالون (Avalon) وكامري (Camry) وكورولا (Corolla) وهايلاندر (Highlander) وراف 4 (RAV4)وسيينا (Sienna)، كما طالت عملية السحب أيضاً طرازات لكزس مثل ES250 وES350 وCC.

ووفقاً لما أوردته تويوتا، فإن المشكلة تتعلق بأجهزة استشعار نظام تصنيف الركاب (OCS) في مقاعد الركاب الأماميّة، والتي قد تحوي عيباً في تصنيعها قد يؤدي لحدوثِ ماسٍ كهربائيّ يمنع نظام الوسادة الهوائية من تحديد وزن الراكب بشكلٍ صحيح، ما قد يمنع الوسائد الهوائية من الانتفاخ كما يجب عند وقوع بعض الحوادث، وبالتالي يزيد من مخاطر حدوث الإصابات.

ولعلاج هذه المشكلة، سيقوم وكلاء تويوتا ولكزس بفحص أجهزة الاستشعار واستبدالها إذا لزم الأمر، ودون أية تكاليف تترتب على مالكي المركبات. ومن المتوقع أن تبدأ الشركة بإرسال الإخطارات للمالكين لتسليم مركباتهم لفحصها لدى الوكلاء بحلول منتصف شباط/فبراير 2024 بمجرّد توفّر قطع الغيار.

ويأتي هذا السحب الضخم للمركبات في أعقاب حالتي سحب مماثلتين هذا العام لتويوتا، ولكن لأسبابٍ مختلفةٍ. ففي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، سحبَت تويوتا 1.9 مليون سيارة من طراز RAV4 في الولايات المتحدة بسبب مشكلةٍ في تغيير حِزَم البطاريات واحتمال تسبّبها بحرائق. وسبق ذلك -في تشرين الأول/أكتوبر- سحبُ 751.000 سيارة تويوتا هايلاندر SUV لمعالجة مشاكل تتعلق بانفصال أغطية المَصدِّ الأماميّ إثرَ تعرّضها لصدماتٍ خفيفة.

ويبدو أن عمليات السحب المتتالية خلال الشهرين الماضيين تشير إلى مشكلاتٍ تتعلق بمراقبة الجودة، الأمر الذي يتطلب من شركة تويوتا (Toyota) المبادرة إلى معالجته بالسرعة اللازمة. ومن المعروف أن تويوتا -الرائدة في صناعة السيارات- بَنَت شهرتها إلى حدٍّ كبيرٍ على السلامة والموثوقية، لذا فإن المشكلات التي ظهرت مؤخراً تُعرِّض سمعتها للخطر إذا تبيَّن أنها عيوبٌ في التصميم، وليست مجرّد حالاتٍ فردية.

تطوّرات فضيحة السلامة تهزّ شركة دايهاتسو(Daihatsu) التابعة لشركة تويوتا

في خِضمّ معاناة شركة تويوتا من مشكلة عمليات السحب، برَزت تطوّرات فضيحة الامتثال للسلامة في شركة دايهاتسو التابعة لها، ما أجبرَ الشركة على اتخاذ قرارٍ بوقف الشحنات العالمية لجميع طرازات دايهاتسو.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن توصَّل تحقيقٌ أجرته لجنةٌ مستقلةٌ إلى وجود مشكلاتٍ كبيرةٍ تتعلق باختبارات سلامة المركبات. وحتى الآن، تم الكشف عن مشكلاتٍ تتعلق بـ 64 طرازاً، بما في ذلك 22 طرازاً تُنتجها شركة دايهاتسو (Daihatsu) وتحمل علامة تويوتا.

وجرى تداول ادعاءاتٍ -في شهر نيسان/أبريل من هذا العام- مفادها أن مهندسي دايهاتسو قاموا بتزوير اختبارات السلامة لنحو 88 ألف سيّارة تم بيع معظمها في أسواق جنوب شرق آسيا، لكنّ عمليات التدقيق الأخيرة كشفت عن عددٍ أكبرَ بكثيرٍ من مشكلات الامتثال التي يعود تاريخها إلى ما يزيد عن 30 عاماً.

يمكنكم أيضاً قراءة: تويوتا كامري (Camry) تعتمد المحرّكات الهجينة حصراً في نماذجها الخاصّة بالولايات المتحدة لعام 2025

وفي ذات السياق، فإن الأمرَ الأكثرَ إثارةً للقلق هو إقرار شركة دايهاتسو بالتلاعب ببيانات اختبار الاصطدام الجانبيّ لعشرات الطرازات قيد الإنتاج حالياً. ووفقاً لما ورَد في تقرير اللجنة، فقد تم تخطّي إجراءات اختبار السلامة بالكامل لبعض المركبات، مشيراً إلى الضغوط الداخلية الشديدة وضعف الرقابة كعواملَ مساهمةٍ في هذه ظهور المشكلات.

وعلى الرغم من عدم تلقّيها أيّة تقاريرَ عن حوادث ذات صلةٍ بهذه العيوب حتى الآن، إلا أن تويوتا أوقفت شحنات دايهاتسو إلى أجلٍ غير مسمّى، حتى يتم إعادة الاختبار الكامل للمركبات. وتعهّدت الشركة بإجراء مراجعةٍ شاملةٍ لعمليات دايهاتسو وثقافتها لمنع تكرار مثل هذه المشكلات في المستقبل.

يأتي هذا الحدث أيضاً بعد أشهرٍ فقط من اعتراف قسم إنتاج الشاحنات في شركة هينو موتورز (Hino Motors) التابعة أيضاً لتويوتا بتزوير بيانات اختبار الانبعاثات التي تم إجراؤها على محرّكاتها. وتمثّل هذه الفضائح المتتالية نقطةً سوداء في سمعة تويوتا وقدرتها على مراقبة عمل الشركات التابعة لها كما يجب؛ علاوةً على أنها تثير حالةً من عدم اليقين بشأن مدى قدرة شركة دايهاتسو على تلبية أهداف الإنتاج في عام 2023 والموجهة للأسواق الرئيسية مثل اليابان وماليزيا والمكسيك وتايلاند وأوروغواي. وباعتبارها الشركة الرئيسية المصنِّعة للسيارات الصغيرة في تويوتا، فإن التعليق طويل الأمد لإنتاج شركة دايهاتسو السنويّ من السيارات -والذي يتجاوز 1.5 مليون مركبة- قد يؤثر بشكلٍ كبيرٍ على سلسلة التوريد والأرباح.

يُشار إلى أن شركة دايهاتسو تمتلك حوالي 30% من حجم سوق السيارات الخفيفة في اليابان حالياً، وهكذا -وإلى أن يتم حلّ هذه المشكلات- فإن فضيحة اختبارات السلامة قد توفر فرصةً للمنافسين مثل سوزوكي (Suzuki) لاقتناص حصّةٍ سوقيةٍ قيّمةٍ من منافستها دايهاتسو.

ثقافة عملٍ مليئة بالإشكاليات، وعيوبٌ تم اكتشافها في مصانع تويوتا

صورةٌ لإحدى وحدات تصنيع شركة Toyota لصناعة السيارات تضمّ محرّكاتٍ على خط إنتاج وعمالٌ بقبّعاتٍ صفراء

لم تكن المشاكل المتعلقة بالسلامة لدى شركة تويوتا بمعزلٍ عن عمليات السحب أو المخالفات الإجرائية للاختبارات كتلك المكتَشَفة في شركة دايهاتسو (Daihatsu)، حيث تُشير الدلائل إلى قضايا أعمَق قد تكون ناتجةً عن ثقافةٍ مؤسسيةٍ نتجت عنها هذه العيوب.

فتبعاً للجنة تحقيقات دايهاتسو المستقلة، ساهمت الضغوط الداخلية الشديدة، إلى جانب سوء ظروف العمل -إلى درجةٍ كبيرة- بحدوث مخالفاتٍ تتعلق بالامتثال على مرّ السنين، حيث اكتشف المحققون تجاوز المهندسين -في أغلب الأحيان- لاختبارات السلامة بالكامل ليتمكنوا من الوفاء بالمواعيد النهائية الحرجة لإنتاج تصاميم المركبات وطرحِها في الأسواق بشكلٍ أسرع. ولم يتم التلاعب ببيانات الاختبارات وحسب، بل استخدام مكوّناتٍ غير مصرَّحٍ بها في المركبات التي يتم بيعها للمستهلكين أيضاً، حيث أدت هذه القطع غير المصرَّح بها إلى ظهور مشكلاتٍ متعلقة بمراقبة الجودة، ما يمكنه التأثير سلباً على عوامل أمان المركبات وأدائها.

يمكنكم أيضاً قراءة: بياناتٌ مسرّبةٌ لأكثرَ من 2.1 مليوناً من عملاء تويوتا

كما بينت عمليات الفحص الحكومية الروتينية وجود عيوب لم تكتشفها الاختبارات الداخلية للتحقق من معايير الجودة في مصانع تويوتا؛ فبسبب فضيحة دايهاتسو، أجرَت وزارة النقل اليابانية تحقيقاً خاصّاً بها في موقع المصنع الرئيسيّ للشركة في مدينة أوساكا هذا الأسبوع.

ورغم عدم الكشف عن نتائج التحقيق الحكوميّ بعد، إلا أن اكتشاف أية مشكلاتٍ كبرى -قد تكون أغفلتها إجراءات التحقق الخاصة بشركة تويوتا- من شأنه تأكيد وجود ثغراتٍ تطعن بمعايير مراقبة الجودة الداخلية للشركة، وقد يشير أيضاً إلى بيئة عملٍ عالية الضغوط مشابهةٍ لما هوَ عليه الحال في شركة دايهاتسو، حيث أُعطِيت الأولوية للسرعة على حساب اتباع معايير السلامة الصارمة.

أخيراً، فإن عمليات السحب وفضائح الغش واستبدال قطع بأخرى غير مصرَّحٍ باستخدامها إضافةً لأوجه القصور المكتشَفة، تُظهر جميعها مشاكلَ منهجيّةً في أنشطة تويوتا التصنيعيّة، ويمكنها مجتمعةً الإضرار بسمعة الشركة عالمياً فيما يتعلق بمعايير السلامة والتميز التصنيعيّ، ما يتطلب معالجة أوجه القصور بشكلٍ عاجلٍ عبرَ إصلاحاتٍ شاملةٍ للإجراءات الداخلية والعقلية الثقافية.