من المنتظر أن نشهد تنصيف بيتكوين -الذي يُعتبر أهمَّ حدثٍ في عالم العملات الرقمية- يوم الجمعة حوالي الساعة 9 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة. وبمجرّد تعدين الكتلة رقم 840,000 من بلوكتشين بيتكوين، ستنخفض مكافأة تعدين الكتلة إلى النصف من 6.25 عملة BTC إلى 3.125 BTC.
عادةً ما يُنظر إلى تنصيف بيتكوين -بشكلٍ عام- كحدثٍ يدعم ارتفاع سعرها لسبب وجيه، حيث تشير اقتصاديات العرض والطلب البسيطة إلى أن تقليل معدل التضخّم لأصلٍ ما دون تغيير الطلب عليه، من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع قيمته.
وتجدر الإشارة إلى أن الطلب على بيتكوين يُعرَف بأنه متقلبٌ للغاية، لذا قد لا يؤدي التنصيف بالضرورة إلى رفع سعر بيتكوين، على الأقلّ في الأمد القصير.
ما الذي يتوقعه الخبراء؟
لا يمكن لأحد توقّع ما سيحدث لعملة بيتكوين بعد التنصيف بالضبط، ولكن توجد الكثير من البيانات التاريخية التي يمكنها مساعدتنا في وضع توقعاتٍ مدروسة، مثل أنّ جميع أحداث تنصيف بيتكوين السابقة كانت بمثابة بداية اتجاه صاعد ضخم دفع العملة إلى أعلى قيمِها على الإطلاق. وبالرغم من ذلك، فقد أثبتت هذه الدورة بالفعل اختلافها عن سابقاتها بعدّة طرق.
فعلى سبيل المثال، تجاوزت عملة بيتكوين أعلى قيمةٍ سابقةٍ لها على الإطلاق قبل حدوث التنصيف بأكثر من شهر. ويبدو أو معظم المحللين يعتقدون أنّ السبب في حدوث ذلك كان محاولة المستثمرين استباق اتجاه صاعد مدعوم بسنواتٍ من التوجّهات التاريخية.
مخطط بيانيّ لسعر الزوج BTC/USDT – المصدر: TradingView
جي بي مورغان (JPMorgan) يُعبّر عن رأيه
وفقاً لـ The Block، أرسل جي بي مورغان (JPMorgan) تقريراً بحثياً لعملائه يفيد بأن هذه الحركة الاستباقية قد تكون الحركة الصاعدة الوحيدة في هذه الدورة. وجاء في التقرير: “لا نتوقع ارتفاع بيتكوين عقب التنصيف بسبب ارتفاع سعرها بالفعل. في الواقع، نعتقد أن سعر بيتكوين سينخفض بعد التنصيف لعدّة أسباب”.
يُذكر أن نيكولاوس بانيجيرتزوجلو (Nikolaos Panigirtzoglou) -المدير الإداريّ والإستراتيجيّ في جي بي مورغان- هو من قاد الفريق الذي أصدر هذا التقرير الذي يتوقع انخفاض سعر العملة، وقدم عدّة أسباب تدعم هذه التصريحات. فقد أشار إلى الارتفاع المبكر إلى أعلى المستويات على الإطلاق كأحد تلك الأسباب، على الرغم من أن جميع الدورات السابقة امتدّت أكثرَ بكثير من الدورة الحالية لتتجاوز أعلى مستوياتها السابقة على الإطلاق.
كما يشير المحللون أيضاً إلى عدة مقاييسَ مختلفةٍ تتعلق بعقود بيتكوين الآجلة، وتُشير إلى أنها قد تكون في منطقة شراء مفرط. وبطبيعة الحال، يتوقع جي بي مورغان أن يتأثر مُعدّنو بيتكوين بشكلٍ كبير، خاصّةً أولئك الموجودين في الولايات المتحدة حيث يؤثر التنصيف على عملية التعدين ممّا يجعلها غير مربحةٍ على الفور لعدد كبيرٍ منهم. مع ذلك، من المرجّح أن تواجه الشبكة مشكلةً صغيرةً في التوازن خلال تعاملها مع شركات التعدين التي تستخدم طاقةً رخيصةً في بلدانٍ مثل الصين وكازاخستان.
محاربو المخططات البيانية يعبّرون عن رأيهم
لا يمكن لأحد أن يلومكم على عدم ثقتكم بتصريحات جي بي مورغان حول أيّ أمرٍ يتعلق ببيتكوين أو العملات الرقمية. في الواقع، يبدو أن العديد من أشهر خبراء التحليل الفنيّ على يوتيوب وX يختلفون مع تقرير جي بي مورغان الصادر يوم الأربعاء.
يُذكر أن بينجامين كاوين (Benjamin Cowen) -أحد أفضل خبراء التحليل الفنيّ في عالم العملات الرقمية- كان متفائلاً في فيديو حديثٍ له، لكنّه لم يتخذ قراراً حاسماً بشأن الاتجاه. وأشار إلى 3 أمثلةٍ منفصلةٍ حيث أغلقت بيتكوين تداولاتها أدنى من متوسط الحركة البسيط لثمانية أسابيع (SMA) بعد ارتفاع حادّ في السعر (على غرار الحركة السعرية لهذه الدورة)، مشيراً في شرحه لعام 2019 وبداية ومنتصف عام 2021.
ويشير كاوين إلى أن انخفاض بيتكوين الأخير عقبَ ارتفاعها لأكثر من 73,700$ يُشبه إلى حدّ ما الارتفاع المؤقت لبيتكوين في نيسان/أبريل 2021، حيث انهارت العملة بنسبة 55% قبل أن ترتفع مجدداً إلى أعلى مستوى جديد لها على الإطلاق بعد 5 أشهر. مع ذلك، لاحظ أن الحركتين مختلفتان تماماً، إذ ارتفعت بيتكوين إلى قمةٍ عاليةٍ في نيسان/أبريل 2021 بعد انخفاضها أسفل متوسط الحركة البسيط لـ 8 أسابيع، بينما وصلت إلى قمّةٍ أقلَّ قليلاً هذا العام بعد انخفاض مشابه.
بمعنى آخر، تختلف الحركتان تماماً من الناحية الهيكلية بالرغم من أنهما تبدوان متشابهتين ظاهرياً، لذلك من المرجّح أن تتطوّر الأمور بطرقٍ مختلفةٍ.
بشكلٍ عام، لا يحب كاوين تقديم توقعاتٍ دقيقةٍ بالدولار الأمريكي، بالرغم من أنه يؤكد على احتمال ارتفاع مؤشر هيمنة بيتكوين خلال الأشهر القادمة لعدّة أسباب. ويقترح كاوين على المستثمرين مراقبة الحركة السعرية لبيتكوين (Bitcoin) بينما نقترب من التنصيف ليروا ما إذا كان بإمكان السعر الارتفاع مرّةً أخرى فوق متوسط الحركة لـ 8 أسابيع قبل الإغلاق الأسبوعي.
وفي حال أغلق السعر أدنى من تلك العلامة، فقد يتطوّر الوضع إلى عملية تصحيح كاملةٍ ستؤدي إلى انخفاض السوق لعدّة أشهر. أما إذا تمكّن من الارتفاع مجدداً أعلى هذه العلامة، فقد نشهد اتجاهاً صاعداً كاملاً كالذي اعتدنا عليه على مرّ السنين.
ماذا عن إيثيريوم والعملات البديلة الأخرى؟
يفضل كاوين والعديد من أكثر المحللين تميزاً -على منصّة X وغيرها- دراسة بيتكوين وسوق العملات الرقمية في سياق الاقتصاد العالميّ. وهم يعترفون بحقيقة أن سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تُعَد من العوامل الأكثر تأثيراً على أسعار بيتكوين وإيثيريوم (Ethereum-ETH) وسوق العملات الرقمية بشكلٍ عام (فضلاً عن كل الاستثمارات الأخرى تقريباً).
ونظراً لأن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال في مرحلة التشدّد الكميّ ولا توجد علاماتٌ على اقتراب نهايتها، يُحذر كاوين من استمرار تراجع إيثيريوم والعملات البديلة الأخرى مقابل بيتكوين. فعلى مرّ التاريخ، كانت العملات الرقمية الأكثر مخاطرة -ومنها إيثيريوم- الأفضل أداءً خلال فترات الفائدة المنخفضة وسياسات التيسير الكميّ.
على أيّ حال، وفي حال حدوث ركودٍ في نهاية المطاف سواءً كان ذلك بسبب كارثةٍ عالميةٍ مثل حرب إقليمية في الشرق الأوسط أو مجرّد نتيجةٍ لعدّة أشهر من تشدّد الاحتياطي الفيدرالي، فمن المتوقع أن تُظهر العملات البديلة أداءً ضعيفاً مقابل بيتكوين، نظراً لتركيز المستثمرين على العوائد المعدّلة بالمَخاطر.