تيم كوك -الرئيس التنفيذي لشركة Apple- على منصة قاعة مؤتمرات للتعريف بميزة Apple Intelligence

بدأت شركة آبل (Apple) مؤتمرها العالمي للمطوّرين (WWDC) بالأمس وسط أجواء ترقب أحاطت بدورته السنوية لهذا العام انتظاراً لإعلان الشركة عن توجهاتها في قطاع الذكاء الاصطناعي (AI). وكانت شركة تصنيع هواتف الآيفون (iPhone) قد أعلنت عن بعض ميزات أجهزتها الجديدة بما فيها ميزة الذكاء الاصطناعي الذي أطلقت عليه اسم “ذكاء آبل” (Apple Intelligence)؛ لكنّ الإعلان عن هذه الميزة الجديدة لم ينجح بإثارة حماسة المستثمرين، ليُغلق سهم شركة آبل (NYSE:AAPL) على تراجع بالأمس رغم إغلاق مؤشر بورصة داو جونز على ارتفاع. والآن، إليكم أبرز ما تم الإعلان عنه حول ميزة ذكاء آبل في مؤتمر WWDC وكيفية تجاوب المحللين مع الخصائص الجديدة.

ميزة Apple Intelligence مقارنة بنظم الذكاء الاصطناعي

تستعد شركة آبل لطرح نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها عبر ميزة ذكاء آبل (Apple Intelligence) والتي ستقوم بعملها وفق نماذج ذكاء اصطناعي توليديةٍ قويةٍ مُضمّنةٍ داخل بنية أنظمة تشغيل منتجاتها من أجهزة الآيفون والآيباد (iPad) وحواسيبها العاملة بنظام ماك Mac)). يأتي ذلك وفقاً لتصريحات تيم كوك (Tim Cook) -الرئيس التنفيذي لشركة آبل(AAPL) ـ الذي أكد أنّها “تضيف أبعاداً جديدةً لقدرات الذكاء الاصطناعي؛ فهي بمثابة ذكاء اصطناعي مخصّص على نحو شخصيّ، ويُعَد ذلك النقلة النوعية التالية لشركة آبل”، وفق تعبيره.

يُذكر أن ميزة ذكاء آبل ستضيف خصائص عديدةً لأجهزتها؛ فمثلاً، ستأتي مُضمّنةً بميزات تحسين للكتابة يمكنها المساعدة على كتابة رسائل البريد الإلكتروني والمستندات الأخرى نظراً لتمتعها بميزات التدقيق اللغويّ وإعادة الصياغة، كما ستضيف شركة آبل إليها خاصية تلخيص محتوى رسائل البريد الإلكتروني وخيار الرد الذكيّ.

من جانب آخر، ستتم إضافة ميزة ابتكار الصور إلى نظام التشغيل Apple iOS كما هو متوقع، إذ يمكن لميزة ذكاء آبل إنشاء صور إبداعيةٍ باستخدام معرض صور هاتف المستخدم متضمّنةً ثلاثة أنماط، وهي: الرسومات التوضيحية واليدوية إضافةً للرسوم المتحرّكة، حيث تركّز على توفير إعداداتٍ مخصّصةٍ بحسب كوك الذي أوضَح أنّ: “الأهمَّ هو أن تتمتع هذه الميزة بالقدرة على فهمكم وفق نهجكم الشخصيّ، كأنشطتكم الاعتيادية وعلاقاتكم ومحادثاتكم وغيرها.”

قدرات الذكاء الاصطناعيّ تشوبها مخاوفُ تتعلق بالخصوصية

هنالك مخاوفُ متعلقةٌ بالذكاء الاصطناعي مرتبطةٌ بالخصوصيّة، إذ يشعر الكثيرون بالتخوّف من التضحية بخصوصيتهم الشخصية للاستمتاع بميزات الذكاء الاصطناعي، وظهرت هذه المخاوف جليةً للعيان عندما كشفت شركة مايكروسوفت (Microsoft) عن خاصيّة “الاستعادة” الجديدة ضمن إصدار حواسيبها المُسمّى Copilot+ خلال مؤتمر Build الشهر الماضي، والتي تمكنها من استرداد سجلات الأنشطة التي تمت على الكمبيوتر الشخصي، ما يُمثل إشارةً تحذيريةً للكثيرين، لتعلن الشركة لاحقاً -بعد صخب هائلٍ على الإنترنت- أن هذه الخاصيّة لن تكون مضمّنةً تلقائياً على الحاسوب.

وربّما أخذت شركة آبل العبرة من هذا الصخب لتصرّح بأن الأمان سيمثل جوهر ميزتها الجديدة، حتى وإن كانت توفر تجاربَ استخدامٍ مخصّصةً، حيث ستعمل ميزة ذكاء آبل وفق العديد من نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) المتوفرة على الجهاز نفسه؛ فعند الحاجة لإرسال بياناتٍ إلى خادم سحابيّ، سيتم إرسالها بأضيق الحدود “ووفق نظام تشفير” لضمان سلامتها تبعاً لشركة آبل، كما ستستخدم نماذج حوسبةٍ سحابيةٍ خاصةٍ تعمل ضمن خوادمَ مدعومةٍ بمعالجات السيليكون منApple ، ولن يُمكن للشركة الوصول إلى هذه البيانات.

كذلك سيتمتع المستخدمون بخيار التحكم في البيانات المخزّنة سحابياً وسُبل الوصول إليها وفقاً لتصريحات كريج فيديريجي (Craig Federighi) -النائب الأول لرئيس قسم هندسة البرمجيات في شركة آبل- حيث قال: “نريد تعزيز معايير الخصوصية والأمان السحابيّ لهواتف الآيفون الخاصة بكم”.

ما المميّز في ميزة ذكاء آبل؟

تولي شركة آبل أهميةً بالغةً -فيما يبدو- لميزة ذكاء آبل، حيث أكد كوك على أولويات الشركة بقوله: “نعتقد أن ميزة ذكاء آبل لا غنى عنها ضمن منتجاتنا مستقبلاً، وستلعب بالفعل دوراً أساسياً في حياتنا اليومية”، ولعلّه من المؤكد أن ميزة ذكاء آبل قد خطت خُطوةً أبعد وقامت باستخدام نظم الذكاء الاصطناعي ضمن تطبيقاتٍ مختلفةٍ ووفّرت ميزاتٍ إضافيةً مقارنةً بما يطرَحه منافسوها كشركتي سامسونج (Samsung) وجوجل (Google)؛ فبينما يُعَد إنشاء الصور وفقاً للصور المخزّنة على الأجهزة الذكية متاحاً على بعضها على سبيل المثال، فإن ميزة ذكاء آبل تستعد لإثراء باقة ميزاتها كثيراً، إذ توفر ساحةً لإنشاء صور مبتكرة بالاعتماد على صور الأصدقاء وأفراد العائلة، إضافةً لإمكانية إرفاقها بالرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني.

كذلك تتميّز خاصيّة ذكاء آبل بقدرتها على حماية الخصوصيّة، نظراً للإمكانيات المتوفرة لديها في معالجة كثير من مخاوف المستخدمين بشأن أمان بياناتهم أثناء استخدامهم لميزات الذكاء الاصطناعي. من جانب آخر، نجد بعض المراقبين -وتحديداً إيلون ماسك (Elon Musk)- غير مقتنعين بتصريحات شركة آبل، ويُقال إنه يشعر بالقلق إزاء استعداد شركة آبل لمنح شركة OpenAI حق الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكلٍ ما.

شركة Apple تعلن عن شراكةٍ مع OpenAI

أعلنت شركة أبل AAPL أيضاً عن شراكةٍ -تردّدت شائعاتٌ بشأنها كثيراً- مع شركة OpenAI تتيح لمُستخدمي أجهزة الأولى خيارَ الاستفادة من نموذج ChatGPT أثناء استخدامهم لأداة Siri، وفيما قد يجد مستخدمون كُثرُ في ذلك قيمةً إضافيةً، أعرب إيلون ماسك -الرئيس التنفيذيّ لشركة تسلا(Tesla) – عن عدم رضاه عن الشراكة مهدّداً بحظر استخدام أجهزة آبل ضمن شركته إذا تم تضمين أنظمة تشغيلها نموذجَ شركة OpenAI.

يُذكر أن ماسك كان أحد مؤسسي شركة OpenAI، لكنه وجّه إليها انتقاداتٍ لاذعةً بعد تحوّلها من شركةٍ غير ربحيةٍ لأخرى تسعى لتحقيق “أقصى مكاسبَ ممكنة“، وهناك سببٌ آخر وجيهٌ لانزعاجه يتمثل بتبرّعه لها بعشرات ملايين الدولارات قبل تحوّلها إلى مؤسسةٍ هادفةٍ للربحية (ما يعني عدم استفادته مطلقاً من هذه الأموال)، ليتّجه بعدها الملياردير لتأسيس شركته X.ai العاملة في قطاع الذكاء الاصطناعي، والتي نجحت بجمع تمويلٍ بقيمة 6 مليارات دولار أواخر الشهر الماضي، ما وفّر لمنافس شركة OpenAIتقييماً ضخماً بقيمة 24 مليار دولار.

ثقة جيم كريمر بمواصلة سهم AAPL أداءه الإيجابيّ تتواصل

أبدى جيم كريمر إعجابه الشديد بهذا الحدث قائلاً: “بالنسبة لي، يمثل مؤتمر شركة آبل هذا نقطة انطلاق لنظم الذكاء الاصطناعي التوليدي الموجّهة للاستخدام الشخصي، وليس المؤسسي”. وأضاف: “لديكم بياناتٌ هائلةٌ على هواتف الآيفون الشخصية يمكنها -إذا سمحتم لشركة آبل باستغلالها- منحكم بعض التوقعات الرائعة ورؤية أنفسكم بشكلٍ مُبتكر، ما يجعل حياتكم أكثر سهولةً ويساعدكم على أن تكونوا أكثرَ إبداعاً وشعوراً بالسعادة.”

وقد اتسمت توقعات محللي وول ستريت -قبل مؤتمرWWDC- بالإيجابية نحو سهمAAPL ، حيث رفع دان آيفيز (Dan Ives) -محلل شركة Wedbush Securities- مؤخراً مُستهدَفه السعريّ للسهم الواحد إلى 275$ نظراً لتوقعه أن يشهد مُنتج الآيفون هذا رَواجاً لافتاً، كما أدرج المحلل وامسي موهان (Wamsi Mohan) الذي يعمل لصالح Bank of America سهم شركة Apple كأفضل خيار استثماريّ، مُبقياً مُستهدفه عند 230$.

مخطط بياني لسعر سهم AAPL

كيف جاءت استجابة محللي وول ستريت حول مؤتمر WWDC؟

برغم استقبال سوق الأسهم لنتائج مؤتمر WWDC بفتور ملحوظ، أبدت شركات الوساطة ترحيبها بما أعلن خلاله، حيث قامت شركة الوساطة DA Davidson بتصنيف سهم AAPL في مرتبة الأسهم المُوصى بشرائها ورفعت مُستهدفه من 200$ إلى 230$، حيث أفاد جيل لوريا- (Gil Luria) محلل الشركة ضمن تقريره- بأنّ “العرض التقديميّ بالأمس يمثل إحدى أبرز النقاط المفصلية في تاريخ شركة آبل، وأبرزها نقل المحتوى الرقمي للموسيقى من تطبيق مستقلٍ مشكوكٍ بوضعه التنظيميّ -كتطبيق نابستر (Napster)- إلى تجربةٍ تفاعليةٍ ضمن تطبيقات المستهلكين الحالية مثل “iTunes.

كما اعترف ساميك تشاترجي -محلل جيه بي مورغان JPMorgan الذي سبق وتوقع مرور منتج الآيفون بدروة رواج شديد- بأنّ غياب الإعلان عن “تطبيق مثير” خلال هذا الحدث أثار نوعاً من الإحباط، لكنه أبقى على تصنيفه الإيجابيّ ومُستهدفه البالغ 225$ لسهم AAPL.

في المقابل، صرّح عاطف مالك (Atif Malik) محلل مؤسسة Citi بأنه يعتقد أن “مؤتمر WWDC الأخير يمثل أفضل دورات انعقاد مؤتمر WWDC لشركة آبل منذ مدة طويلةٍ نظراً للإعلان خلاله عن الرغبة بتوفير الذكاء الاصطناعي للجميع”. أيضاً، جاء تعليق محلل Goldman Sachs مايكل إن جي (Michael Ng) حول ما تم الإعلان عنه في مؤتمر WWDC إيجابياً كذلك بقوله: “تُعَد الآثار المالية المترتبة على ما تم الإعلان عنه اليوم مشجّعةً على العموم، خاصّةً بالنظر إلى ميزات المنتج التي يمكنها الإسهام برفع الطلب على منتجات التطوير المنتظرة”.

أخيراً، وفيما لم تُبدِ الأسواق -بشكلٍ عام- حماسةً ملحوظةً لما تمَّ إعلانه، سيُراقب المستثمرون قُدماً كيف يمكن لهذه الميزات الجديدة رفع أرقام مبيعات أجهزة Apple، خاصّةً أجهزة الآيفون التي تراجعت مبيعاتها خلال الربع الأخير نتيجةً لعوامل ليس أقلها المنافسة المتزايدة من الصين.