يتصدّر روبوت شات جي بي تي (ChatGPT) الخاص بشركة أوبن إيه آي (OpenAI) قطاع روبوتات المحادثة القائمة على الذكاء الصنعيّ (AI) بفضل تكاملهِ الأخير مع محرك البحث بينج (Bing)، ما وفّر له إمكانات تصفّح غير مسبوقةٍ، فضلاً عن إطلاق DALL-E 3 -وهي أداةٌ ثوريةٌ تتيح إنشاء الصور باستخدام الأوامر النصية- وكان المستخدمون يتطلعون لعملية الدمج المهمّة هذه بفارغ الصبر؛ وبعد الإطلاق الرسمي لهذه الميزة، يشهد القطاع الرقميّ عملية دمج جديدة بين تقنية الذكاء الصنعيّ وتجربة تصفّح سلسٍ للإنترنت.
قفزةٌ نوعية في عمليات البحث الفوريّة عبر الإنترنت
حقق روبوت ChatGPT انطلاقةً صاروخيةً على مدار العام الماضي، وبالرغم من إمكاناته المذهلة كانت تعيبُه نقطة قصورٍ واحدة تتمثل باقتصار معارفهِ على البيانات التي تمَّ تدريبه عليها حتى شهر أيلول/سبتمبر من عام 2021. لكن، وبما أن التغيير يُمثل أحد ثوابت قطاع التكنولوجيا، فقد شهد شهر آذار/مارس الماضي بوادر تدعيم هذا الروبوت بإمكانات تصفّح الويب، كإشارة للميّزات الجديدة التي سيتمّ طرحها في المستقبل.
ولا يتيح دمج ChatGPT بمحرك البحث Bing الخاص بشركة مايكروسوفت وصوله للبيانات المتاحة عبر الإنترنت بشكلٍ فوريٍّ فقط، بل يمنحه ميزةً تنافسيةً بفضل سدّ الفجوة بين معارف الذكاء الصنعيّ الثابتة والمحتوى المرن والمُحدَّث المتاح عبر الإنترنت. علاوةً على ذلك، أتاح هذا التحديث الجديد، توسيع إمكانات روبوت المحادثة بشكلٍ كبير.
أخلاقيات تصفح الويب: إيجاد حلولٍ للمشاكل السابقة
واجهت بعض التحديات الإطلاق الأولي لروبوت ChatGPT في عالم تصفح الويب، إذ تسبّبت محاولات الدمج السابقة بعواقبَ غير مقصودة -مثل الوصول المجانيّ للمحتوى المدفوع- ولطالما حرصت شركة OpenAI على دراسة التداعيات الأخلاقية لمنتجاتها بعنايةٍ تامةٍ، ما دفعها للتراجع عن هذه الميزة لمعالجة هذه المخاوف الأخلاقيّة.
وقامت الشركة بإعادة إطلاق هذه الميزة في ChatGPT بعد التحقق من امتثالها لأخلاقيات تصفّح الويب، إذ يلتزم الروبوت بشكلٍ صارمٍ بمبادئ “robots.txt” التوجيهيّة لضمان عدم تخطّيه أيَّ نظمٍ لحماية المحتوى موضوع الإنترنت.
وبالتالي، فقد أصبحَ بإمكان المستخدمين الآن الاطمئنان إلى أن عمليات التصفّح المدعومة بالذكاء الصنعيّ متوافقةٌ مع المعايير الأخلاقية للقطاع الرقميّ -بحسب شركة OpenAI على أقلِّ تقدير.
ميزة DALL-E 3 وروبوت ChatGPT: توافقٌ مثاليّ
If you are using the free ChatGPT-3.5, you are probably not getting a good sense of what AI can do, not only is GPT-4 much, much smarter, but it also has extra capabilities.
But they are all confusingly labelled and separate modes. Here is my attempt to annotate (& include Bing) pic.twitter.com/eGFBR6DcPE
— Ethan Mollick (@emollick) October 16, 2023
تواصل تقنية الذكاء الصنعيّ توسيعَ إمكاناتها بشكلٍ مطّرد، ولم تقتصر شركة OpenAI على دمج ميزة تصفّح الويب بروبوت المحادثة الخاص بها، بل قامت بإطلاق ميزة DALL-E 3 -وهيَ الإصدار الأحدث لأداة إنشاء الصور باستخدام الأوامر النصيّة والمتطوّرة للغاية- لتلحق بركب ميزاتها العديدة؛ ويتمثل عنصر الجذب الأكثرَ أهميّةً في أن هذه الأداة متوافقةٌ مع روبوت المحادثة بشكلٍ متناغمٍ، ما يتيح للمستخدمين ابتكارَ الصور باستخدام الأوامر النصيّة بسهولةٍ تامةٍ، إذ تقوم تقنية الذكاء الصنعيّ بتفسير هذه الأوامر وتقديم المؤثرات البصريّة المرجوّة.
ومرّةً أخرى، تعكس هذه الميزة حرص OpenAI على تعزيز تجربة المستخدمين وتحسينها، فضلاً عن إثراء تفاعلاتهم مع الذكاء الصنعيّ وتيسيرها أكثرَ فأكثرَ.
تجربة رقميّة غنيّةٌ وشاملة
يشير التطوّر المستمرّ لروبوت ChatGPT إلى ما هو أكثرُ من عمليات تحديثٍ تقنية، بل تتيح له ميزات التعرف على الأصوات والصور وتفسيرها ابتكار اتجاه جديدٍ يجعل منه مساعداً آلياً متعدّد الوسائط ومدعوماً بتقنية الذكاء الصنعيّ؛ تخيّلوا أن تطلبوا من ChatGPT ابتكار حكاياتِ ما قبل النوم باستخدام الأوامر الصوتية، أو تعرضوا عليه صورةً وتطلبوا منه تزويدكم بمعلوماتٍ تفصيليةٍ عنها!
ولا تقتصر تقنية الذكاء الصنعيّ هذه على الاستجابة للأوامر الصوتية والنصية، بل إنها تفهمها وتتفاعل معها، ما يضفي على العالم الرقميّ طابعاً شخصياً وجذاباً بشكلٍ كبير.
دمج ميزة تصفح الويب بروبوت ChatGPT: الحصيلة النهائية
بفضل إمكانات التصفح المعززة الجديدة، يعكس روبوت ChatGPT الخاص بشركة OpenAI الوتيرة السريعة لابتكارات الذكاء الصنعي، ولا تقتصر أهمية دمج روبوت المحادثة مع محرك البحث Bing على توسيع إمكاناته وميزاته فقط، بل إنه يضع معياراً جديداً لروبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الصنعي.
وبالنظر لمواصلة هذه التقنية تخطي الحواجز والعقبات التي كانت تعترضها، فمن المؤكّد أن مستقبل هذه الروبوتات لا يقتصر على الإجابة عن أسئلة المستخدمين، بل يتعداها لفهم أوامرهم والتفاعل معها وتحسين تجربة الاستخدام بشكلٍ مطّرد.