خاض الإنسان على مدار العصور الكثير من التطورات في مجالات عديدة مثل الصناعة والتعليم والمواصلات والسفر وما إلى ذلك، لكن التطور الكبير الذي أحدث نقلة نوعية في كافة المجالات في العالم هو الإنترنت وما رافقه من تكنولوجيا وتقنيات حديثة قدمت الكثير للبشر وما زالت.
وبالحديث عن التكنولوجيا هناك حدث سرّع من عملية التطور في كافة المجالات تقريبًا، بل إنه حلّ محل البشر في تأدية أمور معقدّة جدًا وتتطلب الكثير من الوقت والجهد والتكفير، نحن نتحدث عن آخر ما وصلت إليه التكنولوجيا الحديثة وهو الذكاء الاصطناعي.
فما هو الذكاء الاصطناعي؟ وما أهميته في مجال الرعاية الصحيّة بشكل خاص؟
هذا ما سنزودكم به في تفاصيل المقال التالي.
تعريف الذكاء الاصطناعي
يُعرف الذكاء الاصطناعي (artificial intelligence) AI بأنه محاكاة الذكاء البشري، أي أنه يتمثل بقدرة جهاز الحاسوب الرقمي أو الروبوت الذي يتحكم بجهاز رقمي ما على أداء المهام التي يعرف بأن من يؤديها البشر، وأبرز ما يميز الأجهزة التي تتحكم بها تقنيات الذكاء الاصطناعي القدرة على التفكير والوصول إلى المعنى والتعلم من التجارب السابقة وعدم تكرار الأخطاء.
يمكن القول بأن هناك برامج حققت مستويات أداء عالية تفوق الخبراء والمهنيين البشر في أداء مهام معينة.
أهم ما يميز الذكاء الاصطناعي يكمن في قدرته على اتخاذ القرارات والإجراءات التي تحقق أفضل النتائج للهدف المطلوب، إذ إن الأجهزة التي تتمتع بالذكاء الاصطناعي يمكنها التعلم تلقائيًا من البيانات والمعلومات الجديدة التي تحصل عليها من خلال البيانات غير المهيكلة مثل النصوص والصور والفيديوهات، ثم تتكيف معها دون أن تحتاج إلى أي مساعدة أو تدّخل بشري، من خ
الهدف من وجود الذكاء الاصطناعي يكمن في التعلم المعزز بالكمبيوتر والقدرة على التفكير والإدراك تلقائيًا دون أي مساعدة بشرية.
تجدر الإشارة إلى أن تم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بالكثير من المجالات في الوقت الراهن مثل الرعاية الصحية والمهام الصناعية والبرمجة والتعليم وأكثر من ذلك بكثير.
أهمية الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية
لا بد من الإشارة إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي AI باتت تغزو الكثير من القطاعات غير المتوقعة مثل الرعاية الصحية والقطاع الطبي، والسبب في ذلك إلى أن جزءاً من مجال الرعاية الصحية تحول إلى بيئة سحابية تضم كافة البيانات ذات الصلة، وبالتالي فقد أصبحت كافة البيانات المتعلقة بالرعاية الصحية متاحة على نطاق واسع، ويمكن لأجهزة الذكاء الاصطناعي الوصول إلى هذه البيانات بكل سهولة وترتيبها وترجمتها وتحويلها إلى ما هو مفيد بكفاءة وفعالية عالية جدًا تصل إلى القدرات البشرية.
وعليه فإن الذكاء الاصطناعي زادت إمكاناته بشكل كبير جدًا وبدأ يدخل في الكثير من العمليات الداخلية والسجلات الطبية والتقارير وما إلى ذلك.
تجدر الإشارة إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتعلقة بالرعاية الصحية تعمل بشكل رئيسي على تحليل العلاقة بين أساليب الوقاية أو العلاج والنتائج التي تهم المرضى، كما تساعد في عملية التشخيص وتساهم في تحسين الخطط العلاجية وتطوير الأدوية ومراقبة المريض ورعايته أيضًا.
الجدير بالذكر أن قطاع المستشفيات يتطلع إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في الأمور التي تساعد على توفير الكثير من التكاليف وتزيد رضا المرضى وتلبي احتياجاتهم.
التاريخ والتطور
بالحديث عن التطور الرهيب الذي وصل إليه الذكاء الاصطناعي حتى اللحظة، فلا بد من الإشارة إلى أن عام 2022 يعد نقطة التحوّل في هذا التطور خاصة مع انتشار شعبية تطبيق الذكاء الاصطناعي الأهم والأضخم والأكثر شعبية في العالم وهو شات جي بي تي ChatGPT الذي تم إطلاقه من قبل شركة OpenAI، إلا أنه لا يمثل إلا جزءاً بسيطاً من الذكاء الاصطناعي المستخدم في كثير من القطاعات في الوقت الراهن.
أما عن تاريخ استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي، فهو يستخدم خوارزميات التعلم الآلي وبرامجه بهدف محاكاة الإدراك والذكاء البشري من أجل تحليل البيانات الطبية والصحية المعقدة، وتقديمها وفهمها حسب الحاجة.
يمكن القول بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تتميز عن التقنيات التقليدية المستخدمة في مجال الرعاية الصحية بقدرتها على جمع البيانات وتحليلها ومعالجتها ومن ثم إعطاء النتائج النهائية بشكل واضح ودقيق للمستخدم النهائي، كما أنه يعتمد على خوارزميات التعلم الآلي والعميق للوصول إلى النتائج، علمًا بأن هذه الخوارزميات بالتعرف على أنماط السلوك وإنشاء معلومات منطقية يمكن الاعتماد عليها.
بداية استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب
في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، تم إنتاج أو برنامج لحل المسائل والنظم الخبيرة، وقد تم تصميم أيضًا تطبيقات الكيمياء الحيوية عن طريق ديندرال، الذي قدّم أساسيات هذه النظم، التي تعد من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الطب.
أما في الثمانينات والتسعينات فقد استطاعت الحواسيب الصغيرة أن تقدم مستوى جديد من اتصالات الشبكة، وفي هذا الوقت أشار الباحثون والمطورون بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي من المهم أن تكون مصممة لتعويض غياب البيانات الدقيقة والمساعدة في تطوير خبرات الأطباء.
تجدر الإشارة إلى أن التطور الطبي والتقني الذي بدأ منذ منتصف القرن الماضي قدم العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المجال الطبي، ومن ضمن هذه التطبيقات:
- تطبيقات أنظمة السجلات الصحية الإلكترونية.
- تطوير قدرة الحواسيب على تجميع وتحليل البيانات بشكل أسرع.
- زيادة قدرة قواعد البيانات.
- تحسين دقة العمليات الجراحية.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية
هناك استخدامات متعددة للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، وقد بات الذكاء الاصطناعي يعتمد عليه بصورة كبيرة وملحوظة في أمور متعددة كالتشخيص وصرف الأدوية ومتابعة العمل في المستشفيات والأقسام الطبية وما إلى ذلك، فهو يقوم بإجراء الكثير من المهام ولديه القدرة على التعلم وإدخال كميات كبيرة وضخمة من البيانات تطوير العمل والمعالجة وزد إلى ذلك قائمة طويلة قد تطول أكثر وأكثر.
اليوم، نشهد انتشاراً كبيراً في الروبوتات الجراحية وتلك التي تقدم رعاية كاملة إلى المريض، كما أن هناك روبوتات لطرد العدوى وتعقيم الغرف وأخذ العينات إلى المختبرات وتحليلها وصرف العقاقير المناسبة بل وتحضيرها أيضًا.
نقدم لكم في الفقرات التالية، كيف تم تطبيق الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية في الوقت الراهن.
تشخيص الأمراض
دخل الذكاء الاصطناعي في مجال تشخيص الأمراض فقد تمكّن من فحص أعداد كبيرة من المرضى خلال وقت قصير، وعليه استطاع أن يحقق تقدمًا ملحوظًا في مجال تشخيص الأمراض المكبر واكتشاف المرض في مراحله الأولى ومدى خطورتها والأدوية التي تحتاجها وما إلى ذلك.
يعتمد الذكاء الاصطناعي في مجال تشخيص الأمراض على قراءة حالة المريض وصور الأشعة والفحوصات ومنه يستطيع أن يشخص المرض ويتنبأ به وبمخاطره وإمكانية تفشيّه خاصة أمراض السرطان، وعليه يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الطبيب في هذه الحالة ويلغي دوره، كما يمكن أن يقدم نهج علمياً غير مسبوق في مجال الأدلة الطبية.
هناك أجهزة تعتمد على الذكاء الاصطناعي تستخدم ذكاء يشبه ذكاء الإنسان، تقوم بأداء المهام الطبية الدقيقة وتكشف العديد من الأمراض التي ربما تهدد حياة البشر والأمراض المعدية، وذلك عن طريق استخدام خوارزميات معقدّة تحلل الصور الطبية والمعلومات وتقوم بتصنيفها وتشخيصها.
الجراحات المساعدة بواسطة الروبوتات
هناك روبوتات ذكاء اصطناعي تستخدم في غرف العمليات وهي قادرة على أداء العملية للمريض والوصول إلى أماكن لا يمكن أن تصل إليها يد الجراح، وعليه فإن هناك شركات كبرى في العالم تتنافس بين بعضها البعض تسعى إلى التوصل إلى روبوتات متطورة يمكنها أن تقدم خدمات طبية تساعد في غرف العمليات.
التحليلات الطبية والبيانات الصحية
يستخدم الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الطبية كم هائل من البيانات المخزنة فيه، وتعتمد عليها من أجل تحليل الحالات الطبية وتشخيصها.
والذكاء الاصطناعي استفاد من هذه البيانات وجمعها على شكل سجلات صحية إلكترونية كانت في السابق تصرف أموال ضخمة من أجل تنظيمها.
إن تطبيق الذكاء الاصطناعي يساعد في الرعاية الصحية للمرضى الأمر الذي يمكن الأطباء من تحليل البيانات الصادرة من هذا التطبيق ويمكنهم التوصل إلى حلول سريعة وتجهيز العقار المناسب.
الفوائد والتحديات
إن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية والطب، يحمل الكثير من الفوائد التي يمكن الاعتماد عليها بصورة مباشرة، وكما هذه الفوائد فإن هناك العديد من التحديّات التي قد يواجهها البشر عند اعتمادهم على الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية.
فيما يلي سنقدم لكم شرحًا واضحًا لأبرز هذه المزايا والتحديّات:
المزايا المحتملة
استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية يقدم العديد من المزايا، إليك أبرزها:
- الحصول على أبرز التحديثات عن المرضى والسجلات الطبية عن طريق البيانات التي يمكن الاعتماد عليها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.
- تقديم الرعاية الصحية للمرضى مما يخفف العبء على الموظفين في المجال الطبي.
- يساعد على تشخيص الأمراض واكتشافها مبكرًا.
- يساعد في عملية تحضير العقاقير الطبية اعتمادًا على المرض الذي تم تشخيصه.
- تقديم تشخيصات للحالات المرضية أكثر دقة من البشر.
التحديات المواجهة
هناك مجموعة من التحديات التي تؤثر على الفوائد التي يمكن الحصول عليها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، ومنها:
- مخاوف أخلاقية.
- التأثير على فرص العمل في المجال الطبي، ويمكن الاستغناء عن بعض الوظائف والاعتماد على الذكاء الاصطناعي فيها بدلًا من البشر.
- عدم وجود بيانات موثوقة 100% يمكن للذكاء الاصطناعي الاعتماد عليها.
- يحتاج الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية إلى خوارزميات أكثر تعقيدًا من أجل إتمام المهام الطبية المتعلقة بالأمراض وتشخيصها والتنبؤ بها.
- عدم خضوعها للتدريب لذا قد تسبب ضرر للمرضى.
- التأثير على خصوصية بيانات المرضى.
إحصائيات مهمة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية
بحسب إحصائية قام بها الباحث Conor Stewart في دراسة نشرت على موقع statista، فإنه من المتوقع أن ينمو الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية ويصل إلى 20.65 مليار دور أمريكي في عام 2023، ويتوقع أن تبلغ القيمة السوقية الإجمالية للذكاء الاصطناعي في هذا المجال حوالي 187.95 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.
لا بد من الإشارة إلى أنه في عام 2022 شهد سوق الرعاية الصحية نموًا وصل إلى 15.1 مليار دولار أمريكي بعد أن كان في عام 2021 حوالي 11.06 مليار دولار، علمًا بأن معدل النمو السنوي لهذا السوق وصل إل نسبة 37% من عام 2021 إلى عام 2022.
المستقبل
مع التطور الكبير والجديد في علم الذكاء الاصطناعي بشكل عام والذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية بشكل خاص، بات لا بد من مواكبة هذه التطورات والتكيف معها ومعرفة إلى أين ستذهب بنا في المستقبل.
فيما يلي سنقدم لكم نبذة عن التوقعات المستقبلية لأنظمة الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي.
التوقعات المستقبلية للذكاء الاصطناعي في الطب
يتوقع أن يساعد الذكاء الاصطناعي في المستقبل على انتقاء المرضى المناسبين من أجل إجراء التجارب السريرية عليهم، بالإضافة إلى تطوير أجهزة متابعة الحالات المرضية عن بعد واستخدامها على نطاق واسع.
كما يمكن أن يساعد على اكتشاف الأمراض المعدية والحالات الصعبة التي كان من الصعب الكشف عنها في السابق.
الخلاصة
الذكاء الاصطناعي (artificial intelligence) AI هو محاكاة الذكاء البشري وأداء مهام كان يؤديها البشر فقط، إذ يكون لدى الأجهزة التي تتمتع بالذكاء الاصطناعي القدرة على التفكير والوصول إلى المعنى والتعلم من التجارب السابقة وعدم تكرار الأخطاء.
دخل الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، فهناك روبوتات قادرة على تشخيص الأمراض وتحليلها وتحضير العقاقير المناسب، والكشف عن الأمراض المعدية، بل هناك روبوتات يعتمد عليها في إجراء العمليات الجراحية.
الأسئلة الشائعة
ما دور الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؟
ما أبرز التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؟
هل ستحل روبوتات الذكاء الاصطناعي محل البشر في مجال الرعاية الصحية؟