دونالد ترامب بزيّ سوبرمان ومن ورائه أضواءٌ ترسمُ علم الولايات المتحدة الأمريكية

قد يكون دونالد ترامب (Donald Trump)الرئيس الأمريكيّ الأكثرَ دعماً للعملات الرقمية على الإطلاق، لكن ليس عبرَ المصادقة على قوانين داعمةٍ لها أو إصدار أوامرَ تنفيذيةٍ لصالحها، بل لأنه نجَحَ بجمع ملايين الدولارات من بيع مجموعةٍ من صوره على شكل رموزٍ غير قابلةٍ للاستبدال (NFTs). والأغرب من ذلك أنه أطلق مجموعةً جديدةً من هذه الرموز، ولكنّ إصدارها تم هذه المرّة باستخدام بروتوكول أوردينالز (Ordinals) لدمج تقنيّة الرموزِ غير القابلة للاستبدال (NFTs) في بلوكتشين بيتكوين.

ويمتاز هذا الإصدار الجديد من مجموعة ترامب المعروف باسم “mugshot “ -وهو عبارةٌ عن بطاقاتٍ تداولٍ رقميةٍ- باحتوائه على رسوماتٍ طريفةٍ ومواقفَ عفويةٍ له وهو يرتدي أزياء رائعةً مختلفة؛ كما تتضمّن هذه البطاقات صوراً لترامب كمصارع في اتحاد WWE، ولاعبَ كرة سلة، وحتى رائد فضاء.

صورٌ من بطاقات الـ Ordinals إحداها تُظهر تمثالاً ذهبياً لترامب وفي الأخرى نجده يرتدي بذلةً من الحديد ويحمل درعاً من الذهب

وبلغ سعر كلِّ NFT من هذه المجموعة 99$، ويظهر فيها الرئيس الأمريكي السابق في وضعياتٍ طريفةٍ ومختلفةٍ، بما في ذلك تصويره كبطل مصارعةٍ، كذلك وهو يحمل كرّة سلة، وحتى في الفضاء.

من الجدير بالذكر أن المستثمرين الذين سيجمعون 100 رمزٍ من هذه المجموعة الجديدة سيحصلون على بطاقةٍ رقميةٍ فريدة من نوعها -تُسمّى “ordinal”- على بلوكتشين بيتكوين.

وتنطوي هذه البطاقات -والمئة رمزٍ المطلوبة للحصول عليها- على قيود غير عادية، إذ لا يُسمح لمالكيها بتداولها حتى شهر كانون الأول/ديسمبر 2024؛ ويتناقض هذا الشرط -الذي يهدف على الأرجح إلى تقييد استخدامِها كوسيلةٍ استثماريةٍ- بشكلٍ كبيرٍ مع جاذبيتها باعتبارها رموزاً غير قابلةٍ للاستبدال ((NFTs.

الآلية المالية وراء مشروع ترامب للرموز غير القابلة للاستبدال

اتسَم مشروع ترامب في مجال NFTs بكونه مُربحاً للغاية، إذ حصد عشرات الملايين من الدولارات عن طريق المبيعات المباشرة والعوائد التي أتته من السوق الثانوية.

وقد لاقت سلسلة بطاقات التداول الرقمية الأولى -التي تم إطلاقها في كانون الأول/ديسمبر 2022- روَاجاً هائلاً بين متداولي الرموز غير القابلة للاستبدال ((NFTs، حيث تم بيع الـ 40,000 رمزٍ جميعَهم في 24 ساعةً فقط. وعلى الرغم من أن هذه البطاقات شهدت حالةً من التأرجح صعوداً وهبوطاً منذ إصدارها، إلا أنها نجَحَت بجمع أكثرَ من 26 مليون دولار وفقاً لأحجام التداول على OpenSea، بل إنه لا توجد بطاقةٌ من هذه البطاقات يقلّ سعرها عن 690$ في وقتِ كتابة هذا الخبر.

كذلك في شهر آب/أغسطس الماضي، تم إطلاق المجموعة الثانية التي تضمّ 47,000 رمزٍ بقيمة 99$ لكلٍّ من هذه البطاقات لتُباع جميعها فوراً بمجرّد إصدارها، علماً بأن إيراداتها تتدفق إلى حساب ترامب من خلال اتفاقيةِ ترخيصٍ مع شركة CIC Digital المملوكة من قِبَل ترامب نفسه.

وعلى الرغم من الأرباح المالية الضخمة التي حقّقها، إلا أن هنالك بعض الشكوك حيال ملكية المشروع وجوانبه التشغيلية؛ فقد أوضحت بياناتٌ رسميةٌ صَدَرت عن موقع Trump Trading Cards أنه في حين أن شركة CIC Digital LLC تسمَح باستخدام صورة ترامب بموجب اتفاقية ترخيص، إلا أن الأموال المُحصَّلة من مبيعات هذه الرموز ليست مخصّصةً لحملة ترامب الرئاسية.

ونظراً لأنه لم يقم بإنشاء وإطلاق المشروع بنفسه واستخدم اتفاقية الترخيص هذه، فمن المستحيل معرفة الأرباح التي حصل عليها، ولكنّها على الأرجح كانت ضخمةً جداً.

لماذا تم اختيار Bitcoin Ordinals؟

أذهلت القيود غير التقليدية على التداول المرتبط بمجموعة ترامب الجديدة NFTs Bitcoin Ordinals مجتمع العملات الرقمية، حيث إن حظر تداولها حتى شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الجاري تسبّب بحيرة لدى المتحمّسين للمشروع نظراً لاختلافها عن حرية الاستخدام والسيولة العالية للرموز غير القابلة للاستبدال.

كذلك فإن التكلفة المرتفعة لاقتناء هذه الـ ordinals-والتي تبلغ ما يقربُ من 10,000$ لـ 100 بطاقة تداولٍ رقمية- تجعلها باهظة التكلفة وبعيدةً عن متناول العديد من المستثمرين المحتملين. في الوقت نفسه، ينطوي تسجيل بيانات هذه الرموز على سلسلة بلوكتشين بيتكوين -وهي خاصيّة تمّ التباهي باستدامتها- على عدد من التحديات.

كما أن تصميم بيتكوين لم يتم تطويره بما يكفي للتعامل مع الـ NFTs ذات البيانات الكبيرة ما يجعل إصدار ونقل الـ Ordinals عاليَ الكلفة مقارنةً بطرقٍ أخرى مثل رموز ERC-1155 على Polygon.

ملخصٌ ختاميّ: تطوّراتٌ جديدةٌ في عالم المقتنيات الرقمية

أعادت مغامرات دونالد ترامب في مجال الرموز غير القابلة للاستبدال صياغة نشاطات جمع الأصول الرقمية بتقديمها استخداماً وظيفياً جديداً للعملات الرقمية في المجال السياسي. ورغم أن مجموعاته لا تدعم حملته الانتخابية بشكلٍ مباشرٍ، إلا أن أرباحه منها تتيح له إنفاق أمواله الأخرى على حملته.

بالإضافة إلى ذلك، أزاح ترامب الستار عن مدى قوة جمع التمويلات الأهلية في الانتخابات الرئاسية لعامي 2016 و2020، حيث حصلَ على الكثير من التبرّعات الصغيرة مقارنةً بما جمعَه أيّ مرشّح جمهوريّ في تاريخ الولايات المتحدة. لذلك، إذا استطاع المسؤولون السياسيون إيجاد طريقةٍ لاستغلال قوة العملات الرقمية دون انتهاك القانون مثل: مجموعة الرموز التابعة لترامب -ولكن على نطاقٍ أوسَع- فسيتمكنون من الحصول على ميزة ماليةٍ هائلةٍ على منافسيهم. باختصار، من الممكن أن تكون مجموعة الرموز تلك ساذجةً لكن قد تكون أيضاً إشارةً إلى بداية عصرٍ جديد في تمويل الحملات الانتخابية.