سائق دراجةٍ هوائيةٍ يسير حاملاً على ظهره حقيبة توصيل وجباتٍ باسم شركة Uber Eats وتظهر أمامه مبانٍ وسياراتٌ وأشخاصٌ مع سماء زرقاء وبعض الغيوم في الخلفية

أعلنت شركة أوبر (Uber) -العاملة بقطاع توصيل الطلبيات (الديليفري)- عن عزمها إغلاق تطبيق دريزلي (Drizly) الخاص بتوصيل المشروبات الكحولية إلى منازل المستهلكين، والذي كانت قد استحوذت عليه مقابل 1.1 مليار دولار عام 2021، وذلك بحلول نهاية آذار/مارس 2024. وشهد تطبيق Drizly نموّاً هائلاً خلال جائحة كوفيد-19 عندما دفعت عمليات الإغلاق المستهلكين للاستعانة به لتوصيل طلباتهم من النبيذ والبيرة والمشروبات الروحية إلى منازلهم، إلا أنه ومع تراجع عدد الطلبيات الواردة عبرَ التطبيق، قرّرت شركة أوبر تركيز جهودها على وحدة التوصيل الداخلية الخاصة بها.

وقال بيير-ديمتري جور-كوتي (Pierre-Dimitri Gore-Coty) -نائب رئيس قسم الطلبيات في شركة أوبر- معلقاً على ذلك: “بعد ثلاث سنواتٍ من عمل تطبيق Drizly بشكلٍ مستقلٍ داخل عائلة أوبر، قرّرنا إغلاقه والتركيز على عملنا الأساسيّ في وحدة Uber Eats لمساعدة المستهلكين على توصيل كلِّ ما يريدونه تقريباً إليهم، من الطعام إلى منتجات البقالة إلى المشروبات الكحولية، كلُّ ذلك عبرَ تطبيقٍ واحد”، وأضاف: “نحن ممتنّون لفريق عمل Drizly لمساهماته العديدة في تنامي فئة التوصيل BevAlc باعتباره رائدَ هذا المجال”.

محللون: قرار أوبر غريبٌ ومحكومٌ عليه بالفشل!

انطلق تطبيق Drizly عام 2012 في مدينة بوسطن الأمريكية كمتجرٍ يربط الزبائن بمحلات المشروبات الكحولية القريبة من منازلهم عن طريق توفيره خدمة التوصيل، وما لبثت خدماته أن توسّعت لتشمل أكثر من 1,400 مدينةٍ موزّعةٍ على 36 ولاية. وبلغت مبيعات Drizly ذروتها عندما شهدت زيادةً بنسبةٍ هائلةٍ بلغت 1,000% إبّان جائحة كوفيد-19، حيث اعتمد المستهلكون على التطبيق بشكلٍ كبيرٍ في توصيل المشروبات الكحولية إلى منازلهم.

واستحوذت منصة أوبر على تطبيق Drizly في آذار/مارس 2021 مقابل 1.1 مليار دولار كجزءٍ من إستراتيجيتها لتوفير بدائلَ متنوّعةٍ تتجاوز مجرّد تأمين حجوزات الرحلات المباشرة، والتي انخفضت بشكلٍ كبيرٍ خلال الجائحة.

وكان قرار الاستحواذ الضخم لشركة أوبر على تطبيق دريزلي قد أثار حيرة بعض المحللين، حيث وصفوه بأنه قرارٌ قصيرُ النظر وسيتسبب بهدرٍ للموارد، خاصّةً وأن الشركة تتوفر أصلاً على خدمة توصيل المشروبات الكحولية ضمن وحدتها الخاصة للتوصيل، وتساءلوا عمّا إذا كان تطبيق دريزلي سيتمكن من تحقيق نفس النجاح بمجرّد انتهاء الوباء، معتبرين أنه كان على الأرجح في ذروة قيمته عندما قرّرت الشركة الاستحواذ عليه؛ وسرعان ما ثبتت صحّةُ شكوكهم إثر انتهاء عمليات الإغلاق وانخفاض طلبيات توصيل المشروبات الكحولية بشكلٍ كبير.

ووفقاً لمتحدّثٍ آخر باسم شركة Uber، فإن قرار إغلاق وحدة Drizly جاء على خلفية فائض العمالة لدى الشركة، إضافةً إلى تفضيلات المستهلكين الذين عبّروا عن ارتياحهم للتعامل عبرَ تطبيقٍ واحد فقط للتوصيل. يُذكر أن تطبيق Uber Eats يقدم خدمة توصيل المشروبات الكحولية عبر 35 ولايةً أمريكيةً وأكثر من 25 دولةً عالمياً، كما أن فئة توصيل المشروبات الكحولية لدى Uber Eats تضاعفت عالمياً خلال العام الماضي وحده، رغم تراجع الطلب مع انتهاء الجائحة.

وعادةً ما يمتلك معظم مستخدمي تطبيق Drizly أيضاً حساباتٍ لدى تطبيق أوبر (UBER)، ما يمنحهم انتقالاً سلساً نسبياً بينهما. وحتى الربع الثالث من عام 2023، كان لدى شركة أوبر 142 مليون مستخدم نشطٍ شهرياً، وهكذا فإن منح المستخدمين إمكانية جدولة جميع طلباتهم عبر تطبيقٍ واحدٍ بدا وافياً بالغرض لوحدة Uber Eats، كما أنه يتجاوز أية مشكلاتٍ قد تنجم عن دمج الطلبيات الصادرة عن نظيره Drizly.

المتطلبات الأمنية لهيئة التجارة الفيدرالية (FTC) تلقي بثقلها على Drizly

لم يكن تراجع الطلب وفائض العمالة مشكلة أوبر الوحيدة مع دريزلي؛ ففي العام الماضي أمرت هيئة التجارة الفيدرالية (FTC) مطوّري تطبيق دريزلي بالتخلص من أية بياناتٍ غير ضروريةٍ للمستهلكين كانت بحوزته، وذلك بعد اكتشاف اختراقٍ يعود لعام 2020 تسبّب حينها بكشف المعلومات الشخصية لنحو 2.5 مليون مستخدم، كما طلبت الهيئة ذاتها من الشركة تطبيق بروتوكولات أمانٍ جديدةٍ صارمةٍ، وإجراءاتٍ أكثرَ مراعاةً لعوامل الأمان في إجراءات الاحتفاظ بالبيانات.

وتقول المصادر إن الامتثال لهذه المتطلبات كان من شأنه أن يحدَّ من سبل تحقيق الدخل المحتملة من جمع بيانات مستخدمي Drizly وأن يعوق عمل شركة أوبر التي تُركّز بشكلٍ كبيرٍ على استلهام الأفكار من بيانات المستخدمين لتحقيق الأرباح. وبالتالي، فمن المحتمل أن يكون حذف البيانات الخاصة بـ Drizly أحدَ الأسباب وراء قرار Uber في دمج دريزلي بوحدة Uber Eats.

وتخطط شركة Uber للاستفادة من الخبرة المكتسبة عبر Drizly لتعزيز نموّ خدمات توصيل النبيذ والبيرة والمشروبات الكحولية التي تقدّمها حالياً وحدتُها Uber Eats في أكثر من 30 ولايةً بالإضافة إلى عدد من الدول الأخرى، كما قد تَظهر أيضاً فرصٌ مستقبليةٌ لدمج عناصر متجر المشروبات الكحولية التابع لـ Drizly بوحدة Uber Eats اعتماداً على كيفية تطوّر الأمور التنظيمية الخاصّة بالشركة.

خطوة أوبر قد تلقى استحسان المستثمرين

يبدو أن مستثمري وول ستريت يتفاعلون بشكلٍ سلبيٍّ مع قرار إغلاق شركة Uber لمنصّة دريزلي، حيث انخفضت قيمة السهم بنسبة 1.2% خلال جلسة تداول الأسهم المبكرة أمس الأربعاء. ومع ذلك، فقد يكون المستثمرون قد “ضمّنوا أثرَ القرار مسبقاً” في حساباتهم إلى حدٍّ ما، حيث يعتقد مستثمرون كُثرٌ منذ فترةٍ طويلةٍ أن عملية الاستحواذ كانت فكرةً غير موفقةٍ بالأساس.

ومع ذلك، يمكن النظر إلى هذه الخطوة ببعض الثقة حيث إن شركة أوبر تتخذ نهجاً أكثرَ حزماً تجاه إلغاء المشاريع الثانوية غير المربحة، لتركز في عملها على وحداتها الأعلى إدراراً للأرباح مثل Rides وUber Eats.

مستقبلٌ غامضٌ يحيط بموظفي Drizly

رغم أن إغلاق منصة Drizly سيؤدي بموظفيها إلى مصيرٍ وظيفيٍّ مجهول، إلا أن شركة أوبر تؤكد على أن عمليات التسريح الفوريّ للموظفين ستكون محدودة؛ فوفقاً لمتحدث باسم الشركة، سيتم الاحتفاظ بالموظفين المهمين لدعم إنهاء عمليات Drizly خلال الشهرين المقبلين على أساس عقودٍ مؤقتة.

بالإضافة إلى ذلك، قد يتلقى بعض موظفي Drizly وموظفي Uber ممّن يدعمون Drizly عروضاً للانضمام إلى فرق Uber الأخرى حيث يلزم وجود عددٍ إضافيٍّ من الموظفين. ومع ذلك، فإن هذه العروض ستكون محدودةً بالنهاية.

يمكنكم أن تقرؤوا أيضاً: أفضل تطبيقات الاسترداد النقديّ عبر التسوّق لعام 2024، أعلى 5 منها تمّت مراجعتها ومقارنتها

وفي حين أن ردود أفعال المستهلكين يمكن أن تتراوح بين خيبة الأمل واللامبالاة بفضل البديل المباشر الذي توفره وحدة Uber Eats، إلا أن آلاف الطلاب والعمال -ممّن كانوا يعتمدون على Drizly لكسب بعض الدخل الإضافي- سيفقدون أعمالهم. وأخيراً، فمن المؤكد أن الزجاجات الأخيرة التي سيتم تسليمها أواخر شهر آذار/مارس القادم ستمثل النشوة الأخيرة -وربّما المريرة- لتجربة دريزلي المُثيرة.