تعتمد الطريقة التقليدية لخفض الوزن على حرق السعرات الحراريّة بالطريقة الصعبة، إلّا أنّ موجةً من الأدوية والعلاجات لإنقاص الوزن -مثل حقن أوزمبك (Ozempic)- اكتسحت السوق مؤخراً مع تبنّي الشركات أساليبَ تسويقيةً “إبداعية”.
وتُصنّف البدانة كإحدى الأمراض الكبرى في العالم، وهيَ غالباً ما تؤدي إلى مضاعفاتٍ صحيّةٍ أخرى كمرض السكري وارتفاع ضغط الدم، ما جعل عقار أوزمبك يمثّل خطوةً سهلةً لتخفيف الوزن أمام الراغبين بذلك، لكن المشكلة التي تواجه هذا العقار هي أنه دواءٌ لمرض السكّري من النوع الثاني وغير حاصلٍ على موافقةٍ كي يُستخدم كعقارٍ لخسارة الوزن.
ويأتي دواء أوزمبك كحقنٍ تستوجب وصفةً طبيةً بجرعاتٍ تبلغ 0.5 ملغ أو 1 ملغ وأقصاها 2 ملغ، ومصمّمةٍ لمعالجة مرضى السكري من النوع الثاني أو للحدِّ من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسيّة.
حقن أوزمبك غير مصرَّح باستخدامها لمعالجة البدانة ولكن …..
قامت شركة الأدوية الدنماركيّة Novo Nordisk مع شريكتها ويجوفي (Wegovy) -المُصنِّعة لحقن أوزمبك التي يتم استخدامها لخسارة الوزن والحاصلة على موافقة إدارة الغذاء والدواء (FDA)- بتقديم قائمةٍ بالآثار الجانبية المُحتملة لاستخدام حقن أوزمبك ومنها الإصابة بالسرطان وخسارة الوزن؛ إذ تشير إعلانات الشركة بأن أوزمبك مخصّصٌ لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، مع التأكيد على آثاره الجانبية وبالتحديد قدرته على إنقاص الوزن.
وقد جذبَ نجاح هذا الأسلوب التسويقيّ أنظارَ الشركات الأخرى ودفعها لاعتماد أساليب أكثرَ إبداعاً لترويج منتجات تخفيض الوزن، مثل منتجات شركة Supergut الناشئة في مجال الصحّة، والتي تروّج للخلطات والمشروبات وألواح المأكولات الخاصة بها كبديلٍ عن أوزمبك، إذ تمّ تصنيع هذه المنتجات من خليط ألياف بريبيوتيك (prebiotic) الذي تدعوه الشركة باسم “الأوزمبك الطبيعي”، حيث تحتوي القطعة الواحدة من خلطة ألياف Supergut على 9 غراماتٍ من الكربوهيدرات الإجمالية و8 غراماتٍ من الألياف الغذائيّة التي تنتج 1 غرام فقط من الألياف الصرفة.
ووفقاً لشركة Supergut، فقد تمكنت من بيع ما يزيد على 3 مليون منتج، وصرّح مديرها التنفيذيّ -مارك واشنطن (Marc Washington)- بأنّ مبيعات الشركة سجلت ارتفاعاً بنسبة 50% خلال الشهر الماضي.
وللمصادفة، فقد كانت منتجات شركة Supergut مصمّمةً بالأصل لعلاج مرضى السكري من النوع الثاني، ولكنّها تُباع الآن في العديد من محال البقالة بعد تسويق الشركة لها كعقاقيرَ لإنقاص الوزن.
وفي هجوم واضح على حقن أوزمبك، تروّج شركة Supergut لمنتجاتها عبر منصة إنستغرام بالقول: “هل تعبتم من آلام وخز الإبر؟”
شركة Novo Nordisk تبدأ موجة التوجّه صوب قطّاع إنقاص الوزن
لا ينحصر الترويج لمنتجات خسارة الوزن على شركة Supergut وحسب، إذ قدّمت شركة Noodles and Co العام الماضي نوعاً جديداً من المعكرونة المصنوعة من نوع مميّزٍ من دقيق القمح تحت اسم HealthSense تقدّمه شركة Bay State، حيث يحتوي هذا الدقيق على كميةٍ أكبرَ من ألياف بريبيوتيك مقارنةً بالدقيق التقليديّ.
وتُعَد Bay State شركةً مورّدةً للمواد الغذائيّة مقرّها ولاية ماساتشوستس (Massachusetts)، وبالرغم من أن إيراداتها من دقيق القمح عالي الألياف تُعَد ضئيلةً حالياً، لكنّها تتوقع ارتفاعاً كبيراً في مبيعاتها من الدقيق الغنيّ بألياف بريبيوتيك خلال السنوات القادمة مع ازدياد الوعي بفوائده.
وذكرت شركة BellRing Brands -المختصّة ببيع مشروبات وبودرة البروتين- الشهر الماضي بأنّ بعض منتجاتها تُستخدم في خسارة الوزن، إلّا أنّها تسعى لإنتاج تركيباتٍ جديدة غنيةٍ بالعناصر الغذائية المُكمّلة التي قد يحتاجها الملتزمون بحميةٍ غذائيّةٍ شديدة، حيث تعمل العقاقير -مثل أوزمبك- على تقليل الرغبة في تناول الطعام من خلال منح الشعور بالشبع.
إستراتيجيات التسويق الجديدة تلفت أنظار أسواق الأسهم
تهتم أسواق الأسهم الأمريكيّة بالشركات المختصة بخسارة الوزن، إذ تضاعفَ سعر أسهم شركة BellRing خلال العام الماضي، لكنّ سعر أسهم شركتي كوكاكولا ومنافستها بيبسي تراجع هذا العام وسط مخاوف من انخفاض الطلب على المشروبات الغازيّة مع انتشار ثقافة إنقاص الوزن.
وعلى الرغم من تقديم عملاقي المشروبات الغازية لبدائلَ صحيّةٍ، إلّا أنّهما قد لا يلبيان طموحات الساعين لإنقاص أوزانهم، بينما ما تزال الشركات الغذائية مثل Conagra Brands وCampbell Soups تحاول استكشاف التأثيرات المحتملة لزيادة استخدام عقار أوزمبك وأدوية معالجة البدانة الأخرى على ازدياد حدّة الطلب على منتجاتهم.
وفي سياقٍ متصلٍ، أثار ازدياد الإقبال على عقار أوزمبك وأشباهِهِ مخاوف شركات التأمين، ما دفع بعضهم بالفعل إلى إيقاف تغطيتهم لها خوفاً من تفشّي سوء استخدامها.
ولم يتوقف جنون الشركات في البحث عن علاج “سحريٍّ” للسمنة في ضوء معاناة أكثرَ من 40% من الأمريكيين البالغين من السمنة، ما يجعل من الولايات المتحدة سوقاً ضخمةً تستهدفها شركات الأدوية الكبيرة والناشئة على حدٍّ سواء.
وتعمل شركة Pfizer على إنتاج دواء لخفض الوزن، ولكنّها أوقفت مؤخراً التجارب على حبوب إنقاص الوزن التجريبيّة وذلك بعد رفض ما يقارب من نصف المشاركين في التجارب الاستمرارَ بتناولها نظراً لارتفاع معدل الآثار الضارة التي عانوا منها مثل الإسهال والغثيان والتقيؤ.
وترى الشركة في قطّاع خسارة الوزن سوقاً ضخمةً، حيث توقّع مديرها التنفيذي ألبرت بورلا (Albert Bourla) أن تتخطّى المبيعات السنوية للحبوب التي تنتجها شركته 10 مليار دولار، وأن تصل القيمة السوقية الإجمالية للقطّاع ككلّ إلى 90 مليار دولار.
ختاماً، وفي ظلّ غياب إرشاداتٍ واضحةٍ، إلى جانب استخدامات العقاقير التي لم تتم الموافقة عليها مثل أوزمبك، تستمر الشركات بضخ الأموال في سوق أدوية البدانة الذي ينمو يوماً بعد يوم.