نشرَ إيلون ماسك (Elon Musk) إعلاناً جديداً على حسابه في منصّة إكس (X) في 20 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أعلن فيه عن فئتين جديدتين من فئات الاشتراك المدفوع على منصّة X.

وجاء إعلان ماسك ليؤكد الشائعات التي راجت مؤخراً على منصة التواصل الاجتماعي X خلال الأسابيع القليلة الماضية حول احتمال ظهور ميزاتٍ جديدة على المنصّة، والتي انتشرت بعد العثور على كود برمجيٍّ يشير إلى قرب إطلاق المنصّة لميزات اشتراكٍ جديدة.

ووفقاً لإعلان مالك المنصة -إيلون ماسك- فإن تكلفة إحدى الفئتين ستكون أقلّ، وستحتوي على جميع الميزات التي ستحصل عليها من خلال الاشتراك الممتاز المعتاد، ولكن يبقى الفرق الأكبر في أنها لن تقلل من عدد الإعلانات التي تعرضها منصّة X على المستخدم.

أما فئة الاشتراك الأعلى سعراً فتتضمّن جميع الميزات نفسها مع ميزة الإزالة الكاملة للإعلانات. ويُذكر هنا أن خطة الاشتراك الممتاز الحالية -والتي تتطلب دفع 8$ شهرياً- تزيل 50% فقط من إعلانات المنصة.

ومن المتوقّع أن تمنح فئات الاشتراك الجديدة هذه المستخدمين المزيدَ من الخيارات بما يلبي رغباتهم، حيث ستسمح فئة الاشتراك الأعلى للمستخدمين بإزالة الإعلانات تماماً مقابل دفع المزيد من المال. ومع أن المنشور لم يحدّد رسوم الاشتراك في الفئات الجديدة، إلا أنه من المتوقع أن يتم إصدار هذه التفاصيل قريباً.

إعلان إيلون ماسك يؤكد الشائعات

لم يأتِ هذا الإعلان كمفاجأة حقيقية، فقد سبق أن تواردت بعض الأخبار عن قيام منصّة X بتجربة عددٍ من فئات الاشتراك الجديدة. وظهرت أولى تلك المؤشرات في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر عندما كشف المستخدم @aaronp613 على منصّة X عن إشاراتٍ إلى ثلاثِ فئاتٍ ممتازة من الاشتراك أثناء دراسة كود المنصّة.

وبالتزامن مع ذلك، نشرت بلومبيرج تقريراً يفيد بأن منصة X تختبر عدداً من الخطط الجديدة للاشتراك المدفوع، وذلك بهدف زيادة إيرادات المنصة، مع تقديم تجربةٍ فريدةٍ لمشتركيها.

ويُظهر هذا التأكيد أن ماسك ومنصّة X يبحثان عن طرقٍ جديدةٍ لزيادة أرباحهما من خلال تخصيص تجربة المستخدم بشكلٍ أكبرَ عن طريق إطلاق فئات الاشتراك هذه. وقبل بضعة أيام فقط، بدأت منصة X باختبار نظام حظر التفاعل مع المحتوى عن المستخدمين من غير ذوي الاشتراك المدفوع، ما يعني إنشاء عائقٍ ماديٍّ (Paywall) يشمل حظرَ حتى أبسط ميزات الموقع، مثل الإعجاب والنشر وإعادة النشر، بحيث يتطلب ذلك من المستخدمين دفع دولارٍ واحدٍ سنوياً كاشتراكٍ في المنصة.

وتم الإطلاق التجريبي لهذا المستوى الأولي من الاشتراك في نيوزيلندا والفلبين، وقد ينتشر في النهاية إلى بلدانٍ أخرى إذا ما ثبت نجاحه. ومع أن هذا قد يعني عملياً أن منصّة X لم تعد مجانيةً، إلا أن رسم الاشتراك منخفضٌ جداً، إضافةً إلى أنه سيضمن تقليل عدد الحسابات الآلية الزائفة (البوتات) على المنصّة، والتي شكّلت مصدرَ إزعاجٍ كبيرٍ للمنصة منذ سنوات.

ولا يبدو أن الهدفَ من هذا الاشتراك البالغ دولاراً واحداً سنوياً هو الربح في حدّ ذاته، وإنما تحقيق قدرٍ كبيرٍ من التغيير عاماً بعد عام، وذلك في حال نجحت التجربة وتمّ توسعتها لتشمل بقية مستخدمي منصة X.

منصة X تشهد انخفاضاً متواصلاً في إيرادات الإعلانات

في تقريرٍ نُشر في تشرين الأول/أكتوبر الجاري، ذكرت رويترز أن منصة X تعاني انخفاضاً كبيراً في عائدات الإعلانات. وكانت هذه المشكلة قد بدأت منذ أن اشترى إيلون ماسك المنصّة واتخذ إجراءاتٍ أدّت إلى نفور المُعلنين. وبالنظر إلى مشكلة ضعف الإيرادات، يُضاف إليها التزامات المنصة بدفع قروضٍ ضخمةٍ ناتجةٍ عن استحواذ ماسك عليها، فليس من المستغرب أن تبحث الشركة عن طرقٍ جديدةٍ لزيادة أرباحها؛ فما تبقّى من إيرادات المعلنين لا يكفي لدعم المنصّة لفترةٍ طويلةٍ، وهذا ما أجبرَ الشركة على محاولة تحصيل الإيرادات من مستخدميها.

ومع ذلك، فإن منصة X ما تزال تحاول جذب المزيد من المعلنين، وتقوم المنصة بمحاولة لفت الاهتمام إليها من خلال نشر مؤشراتٍ تبدو جذابةً ومشجّعة. إضافةً إلى ذلك، فقد عيّنت المنصّة أيضاً ليندا ياكارينو (Linda Yaccarino) -وهي المديرة التنفيذية السابقة في NBCU- كرئيسةٍ تنفيذيةٍ للمنصّة، ويُقال أنها نجحت بإعادة عددٍ كبيرٍ من المعلنين الذين تركوا المنصّة بعد استحواذ ماسك عليها.

منصّاتٌ أخرى تفكر أيضاً باعتماد الاشتراكات الممتازة

بالرغم من أن منصّة X هي أوّل من بدأ باعتماد الاشتراكات الممتازة، إلا أنها ليست الوحيدة في ذلك. فالأحاديث تدور أيضاً عن عزم شركة ميتا (Meta) توفيرَ فئة اشتراكٍ خالٍ من الإعلانات، والذي قد يتعيّن على الشركة تقديمه بسبب حكم المحكمة الألمانية الذي قضى بعدم قانونية سياستها في جمع بيانات المستخدمين وأنها تخالف النظام العام لحماية البيانات.

وجاء قرار المحكمة على خلفية مخاوف تتعلق بقيام منصات التواصل الاجتماعي بجمع بيانات المستخدمين دون موافقتهم، بالإضافة إلى إساءة استخدام السمعة المعنوية لشركة Meta في السوق لجمع بيانات المستخدم واستخدامها. وفي حال رفضَ عددٌ كبيرٌ من المستخدمين خيارَ مشاركة بيانات المستخدم، فسوف تصبح الإعلانات أقلَّ استهدافاً للمستخدمين المناسبين، وبالتالي أقلَّ فعالية، وهكذا فلن يرغب المُعلنون بدفع رسوم مرتفعةٍ مقابل إعلاناتهم على المنصّة، ما سيؤدي إلى خسارة Meta جزءاً كبيراً من إيراداتها. وإذا حدث هذا الأمر، فمن المحتمل أن تبدأ الشركة بإدخال ميزة الاشتراك الخالي من الإعلانات على فيسبوك وإنستغرام في محاولةٍ منها لاستعادة بعض هذه الإيرادات التي خسرتها.

ويبدو أن الأمر نفسَه ينطبق على منصة تيك توك (TikTok)، والتي أكدت مؤخراً أيضاً أنها في المرحلة التجريبية لفئة اشتراكٍ جديدٍ يخلو من الإعلانات. وبالعودة إلى منصّة X، فقد يكون قرار محكمة الاتحاد الأوروبي أحدَ الأسباب وراء إعلان المنصة عن فئات الاشتراك الممتاز، على الرغم من أن الشركة لم توضّح أسبابها الحقيقية لإصدار هذا الإعلان بعد.

التطوّرات الأخيرة لا تروق لمستخدمي منصّة X

أثار إعلان “ماسك” المتعلق بفئات الاشتراك الممتاز بعض ردود الفعل السلبية مباشرةً من مجتمع المنصة، حيث وصف الكثيرون المنصة بأنها أصبحت موقعاً يطلب “الدفع مقابل التحدّث”، في حين أبدى عددٌ آخر من المستخدمين امتعاضهم حيال منصة X التي لا تبذل ما يكفي من الجهد للتخلّص من الرقابة أو تحسين خدمة دعم العملاء، حسب وصفهم.

وفي المقابل، جاءت بعض الردود مؤيدةً للفكرة، ومثال ذلك ما ورد في أحد التعليقات التي قالت إن الإعلانات مضيَعةٌ للوقت المحدود، وهذا ما يجعل المستخدم مستعداً للدفع مقابل تجنّبها؛ حتى أن أحد المستخدمين أشار إلى أن الدفع مقابل إزالة الإعلانات أمرٌ مُتعارفٌ عليه لدى العديد من المنصات، في إشارةٍ إلى أن قرارَ منصة X ليس خارجاً عن المألوف كما يعتقد البعض.