تعدّ سبراوت سوشيال (Sprout Social) إحدى الشركات المتخصّصة في زيادة أوجه التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعيّ وتوفير حلولٍ متعلقةٍ بمناحي النموّ عليها، وقد أصدرت هذه الشركة خلال الأسبوع الماضي مجموعةً من الإحصائيات المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعيّ، أظهرت من خلالها التركيبة السكّانية لمُستخدمي هذه الوسائل ومعدّلات استخدامهم لها.

وبحسب التقرير آنف الذكر، فقد حافظت منصة فيسبوك (Facebook) المملوكة من قبل شركة ميتا (Meta) على مركز الصدارة كأكبر منصّةٍ للتواصل الاجتماعيّ، كما لمّح التقرير إلى إمكانية استمرار هيمنة فيسبوك على هذا المجال خلال السنوات القليلة القادمة على الأقل، حيث يتوقع التقريرُ وصول قاعدة مُستخدمي فيسبوك عالمياً إلى 2.22 مليار مستخدمٍ بحلول عام 2025.

في حين أشارت بعض مواد البحث إلى “احتضار” منصّة فيسبوك بين المستخدمين من فئة الشباب، إلا أنّها ما تزال مصدر الربح الأساسيّ بالنسبة لشركة ميتا المالكة للمنصّة، حيث تشكّل أرباح منصة فيسبوك 58% تقريباً من العوائد الكليّة لشركة ميتا.

وفي سياقٍ متصل، أوضحت البيانات الصادرة عن شركة Insider Intelligence للأبحاث إلى تساوي العوائد المحقّقة على منصتي فيسبوك وإنستغرام (Instagram) لقاء كلِّ عملية استخدام، غيرَ أنّه من الواضح سعيُ الأخيرة إلى تطوير هذا المعيار بنسقٍ أسرع، ومن المتوقّع أن يبلغ متوسّط العوائد المتوقّعة لكلِّ مستخدمٍ 43$ خلال السنة القادمة مقارنةً بعوائد تصل إلى 36$ لمنصّة فيسبوك.

وعلى الرّغم من أنّ إنستغرام ليست المنصّة الأكثر إنتاجيّةً حالياً من بين منصات التواصل التابعة لمارك زوكربيرغ (Mark Zuckerberg) -المدير التنفيذي لشركة ميتا- إلّا أنّنا قد نشهد انتزاع منصّة إنستغرام لهذه المكانة في حال أثبتت التوقّعات المذكورة سابقاً صحّتها.

المستخدمون يقضون وقتاً أطول يومياً على تطبيق تيك توك بالمقارنة مع التطبيقات الأخرى

من الأسباب التي تفسّر تفوّق إنستغرام على فيسبوك من ناحية الإيرادات هو قضاء المستخدمين لوقتٍ أطول على الأولى وبشكلٍ متكرّرٍ أكثرَ بالمقارنة مع نظيرتها فيسبوك. وبالنظر إلى المقارنة بينهما من وجهة النظر هذه، تتصدّر منصة إنستغرام المخطّطات البيانيّة المتعلقة بعمليات التثبيت النشطة لمستخدمي التطبيق بشكلٍ يوميٍّ وبنسبةٍ تصل إلى 39%، يليها تطبيق تيك توك (TikTok)بنسبة 29%، وتأتي منصة فيسبوك في المرتبة الثالثة وبنسبةٍ تبلغ 27%.

ومن الطبيعيّ أن يعود معدّل الاستخدام المرتفع لتطبيق إنستغرام بكمٍّ أكبرَ من الزَّخَم، وتحقيقه لإيراداتٍ أكثر للشركة الأم ميتا (Meta).

أمّا من ناحية معدّلات الاستخدام، فيبرز تطبيق تيك توك كقوّة لا يستهان بها في قطّاع تطبيقات التواصل الاجتماعيّ. ولتوضيحٍ هذه المسألة، يحقّق تطبيق إنستغرام معدّلاً أعلى من ناحية عدد المستخدمين الذين يستخدمونه يومياً، إلاّ أنّ الوقت الذي يقضونه في تصفّح جوانب التطبيق أقلُّ بكثيرٍ مقارنةً بالوقت الذي يقضيه المستخدمون على تطبيق تيك توك الشهير الآخر.

وبحسب البيانات الصادرة عن موقع Sensor Tower Consumer Intelligence، يقضي مستخدمو تطبيق تيك توك وقتاً في تصفّح التطبيق بمعدّل 95 دقيقةً يومياً في المتوسط، في حين يبلغ معدّل وقت استخدام تطبيق إنستغرام 51 دقيقةً و49 دقيقةً على نظيرتها فيسبوك، واحتلّت منصة يوتيوب لمشاركة الفيديوهات الخاصّة بصنّاع المحتوى -والمملوكة لشركة ألفابت (Alphabet-GOOG)- مرتبة الوصيف في هذا التحليل وبمعدّل استخدامٍ يوميٍّ بلغ 54 دقيقة.

ويُعدُّ تحوّل إنستغرام إلى تطبيقٍ يُركّز على مشاركة الفيديوهات خطوة مهمّةً في المحافظة على قيمة التطبيق وأهميّته بالنسبة للجمهور المُستهدف، في حين لم تدرك شركة ميتا مباشرةً التغيّرات الجذريّة التي يشهدها قطّاع وسائل التواصل الاجتماعيّ وتوجّهه نحو هذا النوع من المحتوى، ولكنّها تداركت الموقف من خلال إضافة ميّزة المقاطع المُصوّرة القصيرة Reels)) على إنستغرام، وتمكّنت من تخفيف آثار الضرر الذي سبّبه ازدياد شهرة تطبيق تيك توك -والتابع لشركة ByteDance الصينيّة- خلال فترة قياسيّة.

تطبيقا تويتر وتيك توك أمام مستقبلٍ مجهول

تنشغل حالياً خامس أكبر منصّة تواصلٍ اجتماعيٍّ من حيث قاعدة المستخدمين -ألا وهي منصة تويتر- بالتعامل مع قضاياها الداخليّة والمتمثلة باستحواذ إيلون ماسك على المنصّة وإحداثه لتغييراتٍ كبيرة فيها، في حين تهدف تطبيقاتٌ أخرى مثل سناب شات (Snapchat) إلى التميّز عن باقي شبكات التواصل المنافسة وذلك بدمج تقنيات الذكاء الصنعيّ (AI) إلى جانب الواقع المعزّز (AR) المتطوّرة في منصّتها.

وقد يكون لموقف الهيئات التنظيمية والتشريعية المتشدّد تجاه تطبيق تيك توك أثرٌ بالغٌ على منحى أدائه في المستقبل القريب، وممّا يزيد الموقف تعقيداً هو التحاق بلدانٍ أكثر بالركب الهادف إلى حظر عمل التطبيق على الهواتف المحمولة المخصّصة للأشخاص العاملين كموظّفين حكوميّين؛ كما بلغ الأمر تقديم اقتراح فرض حظرٍ على التطبيق بشكلٍ تامّ في وقت الولاية القضائية لهؤلاء، ويُعزى هذا التوجّه إلى المخاوف التي يُشكّلها التطبيق على مناحي الأمن القوميّ، فضلاً عن ترويجه لبعض التوجّهات والممارسات الخطيرة على فئة المراهقين.

ويعتمدُ مؤيّدو فكرة حظر تطبيق تيك توك في مطالباتهم على ادعاء جمع التطبيق لبيانات المستخدمين الخاصّة، والتي قد يتمّ استخدامها لصالح الحزب الشيوعي الصينيّ الحاكم (CCP)، بهدف مراقبة عموم المواطنين داخل الولايات المتحدة إضافةً إلى العديد من البلدان الأخرى.

وقد قابلت الشركة المالكة لتطبيق تيك توك (TikTok) هذه الاتهامات بالرفض والإنكار، وبدأت باتخاذ خطواتٍ تضمنُ أمان بيانات المواطنين الأمريكيين، وذلك عن طريق تخزينها في مراكز بياناتٍ متواجدة ضمن أراضي الولايات المتحدة، بالتزامن مع إنشاء شركةٍ مستقلةٍ يديرها مواطنون أمريكيون بهدف مراقبة عمليات التطبيق داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

وإجمالاً، فإنّه لا يسعنا سوى انتظار ما ستؤول إليه الأمور في منصتي تويتر وتيك توك فيما تبقّى من العام الجاري، لما لهذه التطوّرات -في نهاية المطاف- من تأثيرٍ كبيرٍ على منحى أداء اثنتين من أكبر تطبيقات منصّات التواصل الاجتماعيّ حجماً وأثراً.