المصدر: Adobe Stock / FellowNeko

في أعقابِ انهيار بنوكٍ صديقةٍ للعملات الرقمية في الولايات المتحدة، شرعت شركاتُ الأصول الرقمية بالبحث بصورةٍ متزايدةٍ عن حساباتٍ خارجيّةٍ لتكون بدائل لتحويلِ احتياطاتها النقديّة إليها، وذلك في ظلّ تفاقم الأزمة المصرفيّة في الولايات المتحدة. وفي واحدةٍ من هذه الحالات، قامت Archblock -وهي الشركةُ المُشغّلة لخامسِ أكبرِ عملةٍ مستقرّةٍ في العالم TrueUSD- مؤخّراً بتحويل مليار دولار من احتياطاتها إلى حساب خارجيٍّ في بنك Capital Union Bank في جزر البهاما.

يُذكرُ أنّ المبلغ الذي كانت تحتفظ به Archblock في حسابها الخارجيّ لم يكن يتعدّى 438 مليون دولار في 10 آذار/مارس، لكنّ نقطة التحوّل جاءت بعد الإغلاق المفاجِئ لبنك Signature Bank -أكبرِ شريكٍ مصرفيٍّ لـ Archblock ومقرّه نيويورك- من قبلِ المُشرّعين الماليّين الأمريكيين بعد يومين من ذلك، ولم يعُد لدى الشركة أيّة أموالٍ مع Signature Bank الآن.

الحسابُ الخارجيّ شريانُ الحياة

أدّت سلسلة الإغلاقات السريعة والمفاجئة لثلاثة بنوكٍ -بنك سيلفرغيت (Silvergate Bank) وبنك سيليكون فالي (Silicon Valley Bank) وبنك سيغنيتشر (Signature Bank)- إلى وضعِ العديد من شركاتِ الأصول الرقمية في حالة بحثٍ حرجةٍ لإيجاد حلولٍ جديدةٍ لتأمين أماكن لأموالهم وتسهيلِ التحويلات المالية للعملاء.

وكشفت شهادةٌ مباشرةٌ لشركة محاسبةٍ مستقّلةٍ يوم الأربعاء أنّ Archblock تديرُ ما يقربُ من 2 مليار دولار من احتياطاتها لدعم عملتها المستقرة TrueUSD، أكثرُ من 1.4 مليار دولار منها موجودةٌ الآن في حساب خارجيٍّ مع بنك Capital Union Bank ومقرّه مدينة ناسُو بجزر البهاما.

وقال أليكس دي لورين كبيرُ الإداريّين الماليّين والتنفيذيّين في Archblock: “لقد قمنا بتحويل الأموال إلى Capital Union Bank بشكلٍ أساسيٍّ لتأمين الأموال ولنتفادى التوجّهَ مباشرةً إلى سنداتِ الخزانة الأمريكيّة قصيرة الأجل للغاية، وهو أمرٌ غيرُ مقبولٍ بحدِّ ذاته”. وأضاف: “الأموالُ مع الولايات المتحدة، لكنّنا بحاجةٍ لاستخدام بنكٍ خارجيٍّ لتحقيق ذلك”.

السعيُ لتحقيق الاستقرار: شركات العملات الرقمية تتّجه إلى الحسابات الخارجية

يُعتبرُ Capital Union Bank شريكاً معروفاً لمشاريع العملات الرقمية، فهو يوفّر للعملاء القدرة على إيداع الأصول الرقمية وتحويلها داخل الحساب نفسه، كما هو الحال مع العملاتِ أو الأصول التقليديّة، كما أنّ البنك هو أيضاً أحدُ الشركاء المصرفيين لمُنشئي العملة المستقرة Tether Holdings Ltd.

وقال دي لورين: “إنّ حالات الفشل الأخيرة للبنوك تسلّط الضوء تماماً على مخاطر التركيز التي نجَمَت عن الافتقار إلى قوانين تنظيميّةٍ واضحة”. وتابع: “لا أعتقدُ أنّنا كنّا سنشهد مثل هذه الفوضى التي حصلت في آخرِ 72 ساعة لو كان بإمكانِ شركاتٍ مثل شركتنا التعامل مع بنوكٍ مثل Citi أو JPMorgan”.

ووفقاً لـ دي لورين، فإنّ قرارَ نقل الأموال إلى حسابٍ خارجيٍّ مع Capital Union Bank كان مدفوعاً بتدهورِ الظروف المصرفيّة لمشاريع العملات الرقمية في الولايات المتحدة.

وقال دي لورين في رسالةٍ صدرت في وقتٍ متأخّر من يوم الثلاثاء: “من الصعب جداً إنشاءُ حساباتٍ مصرفيّةٍ لشركاتٍ إن لم يكن الحسابُ تابعاً لمشروعٍ يقدّرُ بمليارات الدولارات، ويصعبُ حتى إنشاءُ حساباتٍ تشغيليّةٍ بهدف دفع الضرائب وإدارة كشوفِ الرواتب والنفقات”.

إلى ذلك، فقد أثّرت الأزمة أيضاً على شركة Circle Internet Financial Ltd -وهي مشغّلُ عملةٍ مستقرّةٍ آخر- حيث شهدت الشركة المذكورة فقدان عملتها الرقمية USD Coin وضعَ الربطِ بالدولار الأمريكيّ مؤقتاً، بعد أن كشفتْ أنّها كانت تملك إيداعاتٍ تبلغ 3.3 مليار دولار في بنك Silicon Valley.

التعاملُ مع الموجات التنظيميّة من خلال الحسابات الخارجية

أدّى صعود الأصول الرقمية وتكنولوجيا البلوكتشين (blockchain) إلى تعزيز نموّ العملات المستقرّة، وهي نوعٌ من العملات الرقمية المُصمَّمةِ للحفاظِ على قيمتها بسعرِ صرفٍ مساوٍ لأصولٍ ذات ثباتٍ نسبيٍّ مثل الدولار الأمريكي من خلال الاحتفاظ باحتياطيّات كبيرةٍ من النقد والأصول المُعادلة للنقد كضمان. وتلعب العملات المستقرة دوراً مهماً في قطاع العملات الرقمية، من حيث توفير السيولة وتقليل التقلبات وتسهيل تحويل الأموال بين منصّات التداول.

ومع ذلك، فإنّ الشعبيّة المتزايدة للعملات المستقرة قد أثارت أيضاً مخاوفَ بشأن وضعها القانوني والنظام المصرفيّ الداعم لها. وجاءت حادثة انهيارِ منصّة FTX في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الفائت لتلقي المزيد من الضوء على هذه القضايا، مع تنفيذ العديد من أنشطة مجموعة FTX من خلالِ حساب خارجيٍّ في جزر الباهاما.

وبناءً على ذلك، أعربت الجهاتُ التنظيميّة الأمريكية عن مخاوفها بشأن نموِّ العملاتِ المستقرّة وتأثيرها المُحتمل على النظام الماليّ، فهذه الأصولُ التي تفتقرُ إلى التنظيم القانونيّ بشكلٍ كبير تعملُ خارج النظام المصرفيّ التقليديّ، ممّا يثيرُ تساؤلاتٍ حول مدى استقرارِها وأمنها.